Saturday, December 3, 2016

المقال الرابع من سلسلة مقالات تبيان وبرهان



المقال الرابع من سلسلة مقالات تبيان وبرهان



الروح شئ مستقل عن البدن
اما كون الروح شيئ مستقل بذاته عن البدن فهذا هو مذهب الصحابة والتابعين وسلف الامة. انظر الى ما اورده العلامة تقي الدين ابن تيمية في تفسيره سورة الاخلاص ص62 قال مانصه:
" مذهب الصحابة والتابعين لهم باحسان وسائر سلف الامة وأئمة السنة ان الروح عين قائمة بنفسها تفارق البدن وتنعم وتعذب ليست هي البدن ولا جزء من اجزائه" أ.هـ.
اما البدن فهو آله للروح تتوصل بها الى مرادها ومقاصدها وهذا هو الامر الواقع ويدلك على ان الروح عين قائمة بنفسها الامور الواقعية الاتيه
الاول – قال العلامة فخر الدين ارازي في تفسير قوله تعالى ( والدبرات امراً) النازعات آية 5 ما نصه:
" ثم ان هذه الارواح الشريفة العالية لا يبعد ان يكون فيها ما يكون لقوتها وشرفها يظهر منها آثاره في احوال هذا العالم فهي المدبرات امراً، أليس ان الانسان قد يرى استاذه في المنام فيسأله عن مشكلة فيرشده اليها . أليس ان الابن قد يرى اباه في المنام فيهديه الى كنز مدفون. أليس ان جالينوس قال " كنت مريضاً فعجزت عن علاج نفسي فرأيت في المنام واحداً ارشدني الى كيفية العلاج, أليس ان الغزالي قال " ان الارواح الشريفة اذا فارقت ابدانها ثم اتفق انسان مشابه للانسان الاول في الروح والبدن فانه لا يبعد ان يحصل للنفس المفارقة تعلق بهذا البدن حتى تصير كالمعاونة للنفس المتعلقة بذلك البدن على اعمال الخير فتسمى تلك المعاونة الهاماً أ.هـ .".
ومثل هذه المنامات لا زالت تتكرر في هذا العالم في مختلف الشعوب والاقطار التي يستحيل معها تواطؤ المخبرين بها على الكذب وارشادات هؤلاء الموتى للاحياء فيما كانوا يجهلونه يدل بالبداهة على ان الارواح عين قائمة بنفسها ليست هي البدن ولا جزء من اجزائه وكذلك الالهامات قد تقع لبعض الناس في بعض الامور فتحل له معضلة كان يعجز عن حلها قبل ذلك. ويدل هذا ايضاً على ان الارواح البشرية العالية المفارقة لابدانها تأثيراً على الارواح البشرية التي لا زالت متعلقة بابدانها.
الثاني – ان بنية الانسان في الذوبان والانحلال والتبدل حتى انه بعد مدة من الزمن وقد قيل بعد سبع سنين لا يبقى من بدنه الذي كان قبل تلك المدة شيئ بينما الانسان يجد نفسه انه شيئ واحد باق من اول عمره الى آخره والباقي مغاير للمتبدل. اذن الانسان شيئ مغاير للبدن وعين قائمة بنفسها وما ذاك الا الروح. وهذه امور واقعية تشهد بان الروح عين قائمة بنفسها تفارق البدن تنعم وتعذب ليست هي البدن ولا جزء من اجزائه .
ادلة نيل الانسان الثواب او العقاب بعد موته مباشرة
واما نيل الانسان الثواب او العقاب عقب موته مباشرة فاليك بعض ادلتها:
الدليل الاول – قال تعالى ( قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين وما انزلنا على بنصرة من تخلفوا بعدهم وبنعمة الله وفضله عليهم في حين ان ابدانهم لم تزل مقبورة,
عمار – قد تكون هذه الحياة خاصة بالشهداء فالآية هذه صريحة فيهم والآية التي قبلها نزلت في حبيب النجار الذي قتله قومه بسبب ايمانه وهو شهيد ايضاً.
زيد – الشهداء وغير الشهداء والمؤمنون وغير المؤمنين في حكم واحد في نيلهم الثواب او العقاب بعد تخلي ارواحهم عن ابدانهم مباشرة واليك دليلاً عاماً شاملاً لكافة الموتى :
الدليل الثالث – قال تعالى ( فاما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم واما ان كان من اصحاب اليمين فسلام لك من اصحاب اليمين واما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصليه الجحيم) الواقعة آية 88- 94 وهذه حالة الاموات جميعهم مؤمنهم وكافرهم قد قسموا الى ثلاثة اقسام وقوله ( فاما ان كان من القربين فروح وريحان وجنة نعيم ذكر تعالى هذا الجزاء بفاء التعقيب يعني ان هذا الروح والريحان وجنة نعيم يحصل لهذا الميت عقيب موته مباشرة. ثم تلاها بقوله : ( وان كان من اصحاب اليمين فسلام لك من اصحاب اليمين) والفاء للتعقيب ايضاً فاخبر انهم ارسلوا تحيتهم وسلامهم لمحمد صلى الله عليه وسلم او للمخاطب لما هم فيه من فرح وسرور وغبطة بما نالوا من الثواب والاجر عقب موتهم مباشرة ثم قال: (واما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم) بفاء التعقيب كذلك اي انهم ينالون عقابهم عقيب موتهم مباشرة فينزلون نزلاً من حميم ويصلون تصلية جحيم والآية قد عمت كافة الاموات مؤمنهم وكافرهم .
الدليل الرابع – قال تعالى ( ياايتها النفس المطمئتة ارجعي الى رك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) الفجر آية 27-30 فترى انه سبحانه وتعالى خاطب النفس والنفس ههنا الروح كما قال العلامة الراغب الاصفهاني في مفردات القرآن عند تكلمه عن النفس امرها سبحانه وتعالى بالتخلي عن الجسم والرجوع اليه تعالى وهو كناية عن الموت المعروف ثم امرها بان تدخل في عباده وفي جنته بفاء التعقيب وهذه الحالة حصلت لها عقيب تخليها عن البدن ورجوعها الى ربها وقد حصل لها ثوابها بدخولها الجنة ودخولها في عباده .
الدليل الخامس -  قال تعالى عن قوم نوح ( مما خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا ناراً) نوح آية 25 وفاء التعقيب يدلك على ان دهولهم النار كان عقيب غرقهم مباشرة واما ادلة السنة النبوية فاليك بعضها ايضا :
ادلة السنة على وصول الثواب والعقاب للانسان بعد موته مباشرة
الدليل الاول -  روى البخاري بسنده عن عائشة " ر ض " قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فانهم قد افضوا الي ما قدموا) قال العلامة العيني في شرحه على هذا الحديث قد افضوا أي قد وصلوا الى جزاء اعمالهم من الخير والشر. ا. هـ ز
فترى ان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول افضوا الي ما قدموا والعلامة العيني يقول " وصلوا الى جزاء اعمالهم من الخير والشر" . وانت خبير انه حينما حدث الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث لم تكن القيامة الموهومة المعروفة بين الناس قد قامت اذ ذاك واما جزاء اعمالهم من الخير والشر فقد وصل اليهم. فلا جرم ان المجازاة والمكافأة تصل الى الارواح خاصة دون الابدان وان وصول ذلك عقيب موتهم دون استبطاء.
الدليل الثاني – قال العلامة السيوطي في كتابه " مبحث المعاد" اخرج البيهقي في البعث والطبراني بسند جسن عن عبد الرحمن بن كعب إبن مالك قال " لما حضرت كعباً الوفاة أتته ام بشر بنت البراء فقالت يا ابا عبد الرحمن ان لقيت كعباً فاقرأه مني السلام فقال لها يغفر الله لك ياام بشر نحن اشغل من ذلك فقالت اما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت ونسمة الكافر في سجين قال بلى قالت فهو ذاك . أ.هـ.
الدليل الثالث – اخرج السيوطي في كتابه " مبحث المعاد " ايضا قال " اخرج البيهقي في الدلائل وابن ابي حاتم وابن مردوبه في تفسيرهما وغيرهم عن طريق ابي محمد الحماني عن ابن هرون العبدي عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( واتيت بالمعراج الذي تعرج عليه ارواح بني آدم فلم تر الخلائق احسن من المعراج ما رأيت الميت جين يشق بصره طامحاً الى السماء فان ذلك اعجبه بالمعراج . فصعدت انا وجبريل فاستفتح باب السماء فاذا انا بآدم تعرض عليه ارواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين ثم تعرض عليه ارواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين أ.هـ ,
الدليل الرابع – روى الامام احمد في مسنده بسنده عن انس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان اعمالكم تعرض على اقاربكم وعشائركم من الاموات فان كان خيراً استبشروا وان كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا) اورده السيوطي في كتابه مبحث المعاد ايضاً.
رؤية الانسان اقاربه واقرانه واجتماعهم به بعد موته
اما الادلة على رؤية الانسان اقرانه وامثاله بعد موته الطبيعي هي:
الدليل الاول – اورد العلامة السيوطي في كتابه مبحث المعاد ما اخرجه البزار بسند صحصح عن ابي هريرة رفعه( ان المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين يود لو خرجت نفسه والله يحب لقاء المؤمن وان المؤمن تصعد روحه الى السماء فتأتيه ارواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفه من اهل الارض فاذا قال تركت فلانا في الدنيا اعجبهم ذلك واذا قال ان فلاناً قد مات قالوا ما جئ به الينا) أ.هـ.
الدليل الثاني – روى السيوطي في كتابه مبحث المعاد ايضا قال: قال ابن ابي الدنيا بسنده قال: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن ابي لبيبة عن جده قال لما مات بشر بن براء بن معرور وجدت عليه امه وجداً شديداً فقالت يارسول الله انه لا زال الهالك يهلك من بني سلمه فهل تتعارف الموتى فارسل الى بشر بالسلام فقال: ( نعم والذي نفسي بيده انهم ليتعارفون كما تتعارف الطير في رؤوس الشجر) أ.هـ.
الدليل الثالث – جاء في كتاب مبحث المعاد ايضاً قال السيوطي اخرج ابن ابي الدنيا في اسانيد عن عبيدة بن عمير قال ( اذا مات الميت تلقته الارواح فيستخبرونه كما يستخبر الراكب ما فعل فلان وفلان) وعن الحسن قال ( اذا احتضر المؤمن حضره خمسماية ملك يقبضون روحه فيعرجون به الى السماء الدنيا فتتلقاه ارواح المؤمنين الماضين فيريدون ان يستخبروه فتقول لهم الملائكة ارفقوا به فانه خرج من كرب عظيم فيسأله الرجل عن اخيه وعن صاحبه) وعن سعيد بن جبير قال ( اذا مات الميت استقبله والده كما يستقبل الغائب) وعن ثابت البناني ( بلغنا ان الميت اذا مات احتوشه اهله واقاربه الذين تقدموه من الموتى فهو افرح بهم وهم افرح به من المسافر اذا قدم على اهله ) أ.هـ.
ارتقاء العبد المؤمن في الدرجات في الجنة
والعبد في ارتقاء وهو في الجنة من درجة الى درجة اعلى منها قال الامام احمد بستده عن ابي هريرة" ر ض " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول ياربي انّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك) حادي الارواح لابن القيم ص285 وليس في هذه الاحاديث ما يوجب شرحاً او توضيحاً فثبن بهذه الادلة ان الانسان ينال ثوابه وعقابه على الفور بعد كوته الطبيعي ويى اقرانه وامثاله هناك ويثبت كذلك ان الروح عين قائمة بنفسها ليست هي البدن ولا جزء من اجزتئه شرعاً. ضرورة ان ابدان الناس بعد موتهم تأخذ بالتغيير ثم تكون رفاة وعظاماً ثم تراباً ونرى ان هؤلاء الناس قد ادخلوا الجنة او النار ونالوا ثوابهم او عقابهم فلو لم تكن الروح عيناً قائمة بنفسها لما امكن وصول ذلك الثواب او العقاب اليهم بعد موتهم مباشرة ولم تجتمع باقرانها وامثالها.
الانسان انما هو الروح فهو المكلف وهو المثاب وهو المعاقب والبدن آله له
فما الانسان الا الروح فهو المكلف وهو المطيع والعاصي وهو المثاب والمعاقب والبدن يجري منه مجرى الآلة لتحصيل رغباته وكمالاته قال الامام الغزالي في كتابه المسمى " بالاحياء" الذي تشهد له طرق الاعتبار وتنطق به الآيات والاخبار ان الموت معناه تغيير حال فقط وان اروح باقية بعد مفارقة الجسد اما معذبة واما منعمة ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طارعتها فان الاعضاء آلات للروح تستعملها حتى انها لتبطش باليد وتسمع بالاذن وتبصر بالعين وتعلم حقيقة الاشياء بالقلب والقلب هنا عبارة عن الروح والروح تعلم الاشياء بنفسها من غير آلة ولذلك قد تتألم بنفسها بانواع الحزن والغم والكمد وتنعم بانواع الفرح والسرور وكل ذلك لا يتعلق بالاعضاء وكل ما هو وصف للروح بنفسها فيبقى معها بعد مفارقة الجسد وما هو لها بواسطة الاعضاء فيتعطل بموت الجسد أ.هـ.
الجسد ليس الا آلة للروح
اما الدليل على ان الجسد آلة للروح قوله تعالى: ( والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون) النحل آية 78 فقوله جل جلاله: ( وجعل لكم السمع والابصار والافئدة) بعد قوله ( اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً) حجة ظاهرة ودليل واضح في ان هذه الاشياء من الاسماع والابصار والافئدة انما هي وسائط يتوصل بها الروح الى تعلم الاشياء التي يحتاجها من الكمالات واللذائذ وحاجة الروح الى البدن كحاجة الجنين في تكونه الى الرحم وحاجة الدجاجة في تكونها الى البيضة. فكما ان الرح يتربى فيه الجنين حتى يستكمل قواه والدجاة تتربى في قشر البيضة حتى تستكمل قواها فكذلك البدن تحتاجه الروح ليحصل به كمالاتها فهي محتاجه اليه اولا كاحتياج الجنين الى الرحم واحتياج الدجاجة الى البيضة واستغنائه عنه ثانية بعد مفارقته كاستغناء الطفل عن الرحم بعد مفارقته واستغناء الدجاجة عن البيضة بعد مفارقتها فكما ان الطفل لا يعود الى الرحم ولا الدجاجة الى قشر البيضة فكذلك الروح لا يرجع الى جسده الذي كان له ثانية ولا الى جسد عنصري اخر فالموت ليس الا ترك الروح للبدن وانقطاع تعلقه به وعلى ذلك ليس لهذا الجسد نصيب من الثواب ولا عليه نصيب من العقاب فالسيف اذا قتل به شخص شخصاً فليس على السيف عقاب وانما العقاب على الشخص نفسه الضارب بذلك السيف والوعاء الذي يعطي به الى فقير ومسكين صدقة ليس للوعاء شيئ من ثواب وانما الثواب للمعطي فأي اقتضاء لعود تلك الاجسام.
قال العلامة ابن رشد في كتابه الكشف عن مناهج الادلة في عقائد الملة عند اكلمه على احوال المعاد ما نصه:
" نجد اهل الاسلام في فهم التمثيل الذي جاء في ملتنا في احوال المعاد ثلاث فرق فرقة رأت ان ذلك الوجود هو بعينه هذا الوجود الذي ههنا من النعيم واللذة اعني انهم رأوا انه واحد بالجنس وانه انما تختلف الوجودان بالدوام والانقطاع اعني ان ذلك دائم وهذا منقطع وطائفة رأت ان الوجود متباين وهذه انقسمت قسمين طائفة رأت ان الوجود الممثل بهذه المحسوسات هو روحاني وانه انما مثل به ارادة البيان ولهؤلاء حجج كثيرة من الشريعة مشهورة فلا معنى لتعديدها وطائفة رأت انه جسماني لكن اعتقدت ان تلك الجسمانية الموجودة هنالك مخالفة لهذه الجسمانية لكون هذه بالية وتلك باقية ولهذه ايضا حجج من الشرع ويشبه ان ابن عباس يكون مما يرى هذا الرأي لانه روى عنه انه قال ليس في الدنيا من الآخرة الا الاسماء ويشبه ان يكون هذا الرأي هو اليق بالخواص وذلك ان امكان هذا الرأي ينبني على امور ليس فيها منازعة عند الجميع احدها ان النفس باقية والثاني انه ليس يلحق عن عودة النفس الى اجسام اخر المحال الذي يلحق عن عودة تلك الاجسام بعينها أ.هـ.".
فهذا الامام يقول ان ملتنا افترقت في احوال المعاد الى ثلاث فرق احدها القائلة بالمشهور وهو عودة هذه الاجسام بعينها وثانيها القائلة بانه روحاني وثالثها القائلة بعود النفس الى اجسام اخرى لا ينالها البلاء تخالف هذه الاجسام وتباينها وقال ليس يلحق من عود النفس الى اجسام اخرى المحال الذي يلحق عن عودة تلك الاجسام بعينها وبهذا صرح بأن عود الاجسام بعينها محال وقال عن القول الثاني اعني المعاد الروحاني ان له حججاً من الشرع مشهورة لا معنى لتعديدها وقال عن القول الثالث ولهذه حجج من الشرع وسكت عن القول الاول بل ذكر انه محال اذن فما يوردون من دليل لاثباته انما هو ضرب من الوهم وجعل القائلين بالقول الثاني والثالث طائفة واحدة ترى ان الوجود هناك مباين لهذا الوجود وهاتان الطائفتان تران ان العذاب والنعيم عائدان على الروح نفسه فقط هذا وان علماء مذهب اهل السنة قد اثبتوا هذه الخياة وقالوا ان الروح لا تفنى بفناء البدن وتعاقب وتنعم قبل يوم القيامة المعروفة.
مذهب اهل السنة ان الانسان ينال ثوابه وعقابه قبل يوم القيامة
قال العلامة الخازن في تفسير قوله تعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً) آل عمران آية169 بعد ان ساق احاديثاً مر ما يشبهها بشأن وصول الثواب والعقاب للميت بعد موته قال " وفيه (1) دليل على ان الارواح باقية لا تفنى بفناء الجسد وان المحسن ينعم ويجازى بالثواب وان المسيئ يعذب ويجازى بالعقاب قبل يوم القيامة وهذا مذهب اهل السنة ايضاً أ.هـ ." على ان هؤلاء العلما اختلفوا في هذه الحياة فذهب القائلون منهم بالمعاد الروحاني الى ان هذه الحياة هي الحياة الابدية كما هو الواقع وذهب الجمهور الى ان هذه الحياة تسمى بحياة البرزخ وتكون ما بين موت الشخص والقيامة المعروفة عندهم وذهب آخرون الى اقوال اخرى لا لزوم لذكرها والبرزخ الوارد ذكره في القرآن ليس بهذا المعنى .

Sunday, November 27, 2016

Saturday, October 29, 2016

Saturday, October 15, 2016

Monday, October 3, 2016

Sunday, September 18, 2016

Saturday, September 10, 2016

راندا شوقى الحمامصى - ازدهار الجنس البشري 4-8

راندا شوقى الحمامصى - ازدهار الجنس البشري 4-8

صدر لي الآن 10/9/2016 مقالي "التعايش بين الأديان"


التعايش بين الأديان 

https://randaelhamamsy.wordpress.com/2016/09/10/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%B4-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86/

المقال الثالث من سلسلة مقالات تبيان وبرهان


المقال الثالث من سلسلة مقالات تبيان وبرهان

معنى القيامة والنفخ في الصور والحياة والموت المعنويين
عمار – اذن ما معنى ذلك؟
زيد – ان القيمة هي قيام رسول بالدعوة والنفخ في الصور دعوته للناس الى اتباعه قال تعالى ( ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون) الزمر-آية68.
ففي النفخة الاولى تموت الامة السابقة وتقوم قيامتها بنسخ دينها وهذا معنى الصعق وهو الهلاك وبالنفخة الثانية تأخذ الناس بالاستجابة للداعي والدخول في طاعته والائتمار بأمره فيخرج الناس عند ذلك من قبورهم التي هي المعتقدات الفاسدة والضلالات والجهالات التي دفنوا فيها انفسهم الى الحياة الايمانية والهداية وهذا معنى قوله فاذا هم قيام ينظرون أي ينظرون نظر المعرفة اذ أنهم وجدوا الحق فاتبعوه . فالقيامة بالنسبة الى الامة السابقة هي موتها فلما جاء عيسى عليه السلام وادعى الرسالة قامت قيامة الامة الموسوية وماتت . وبالنسبة للرسول نفسه هي قيامه بالدعوة فلماء جاء محمد صلى الله عليه وسلم وقام بالدعوة قامت قيامة الامة العيسوية وماتت وبموتها اصبح العالم كله ميتا ومن استجاب لمحمد صلى الله عليه وسلم فقد حلت به الحياة فالموت هنا والحياة امران معنويان فالايمان برسول الوقت حياة وعدمه موت .
ادلة ان معنى الحياة هو الايمان برسول الوقت والموت عدمه
عمار – هل لهذا من دليل؟
زيد – انظر لقوله تعالى: ( او من كان ميتاً فاحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) – انعام – آية 122 فمن كان المقصود بقوله ( او من كان ميتاً فاحييناه ) أليس الحمزة "رض" ؟ ومن المعلوم انه منذ ولد الى ان نزلت هذه الآية لم يزل الرجل حياً سوياً بهذه الحياة المعروفة ولم يكن قد مات ثم حيي وانما كان في ضلالة وجهالة ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصدقه وذاك هو الحياة وهذا امر معروف عند علماء الامة وكبار المفسرين من الصحابة والتابعين وغيرهم قال العلامة ابو الثناء الالوسي في تفسيره روح المعاني عند تكلمه على هذه الآية والتفسير المأثور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما " ان المراد بالميت الكافر الضال وبالاحياء الهداية وبالنور القرآن وبالظلمات الكفر والضلالة الى ان قال عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انها في حمزة وابي جهل وروى روايات اخرى انها نزلت في غيرهما ثم قال واياً ما كان فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيدخل في ذلك كل من انقاد لامر الله تعالى ومن بقى في ضلاله وعتوه .ا.هـ."
وقال العلامة القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( والموتى يبعثهم الله) أنعام آية36 وهم الكفار عن الحسن ومجاهد أي هم بمنزلة الموتى في انهم لا يقبلون ولا يصغون الى حجة وقيل الموتى كل من مات (يبعثهم الله) أي للحساب وعلى الاول بعثهم هدايتهم الى الايمان بالله وبرسوله وعن الحسن هو بعثهم من شركهم حتى يؤمنوا بك يا محمد ا.هـ .
فترى العلامة القرطبي قد فسر الموتى بالكفار وبعثهم هدايتهم للايمان واورد القول المشهور ايضاً وهو بعثهم بعد موتهم الطبيعي جرياً على ماهو المعروف بين الناس وايَّد القول الاول. وقول الحسن " بعثهم من شركهم حتى يؤمنوا بك يامحمد" هو توضيح لمعنى الحياة فهؤلاء كبار المفسرين قد فسروا الحياة بالايمان والهداية . والموت بالكفر والضلال .
عمار – الايمان قد يسمى حياة والكفر قد يسمى موتاً ولكن ليس المقصود بالقيامة هذه الحياة المعنوية بل المقصود من القيامة الحياة الطبيبعية التي تكون بعد الموت الطبيعي المعروف فيكافأ فيه المطيع على اطاعته ويجازي العاصي على عصيانه. واما وضع الصراط والميزان وتبدل الارض غير الارض وطي السموات وغير ذلك مما هو كائن في ذلك اليوم فليست الا اموراً توضع لدقة محاسبة الناس ووضع حالة تليق بذلك اليوم العظيم.
فاذا كانت هذه القيامة لا وجود لها فلا حياة للانسان بعد موته الطبيبعي ولا عقاب ولا ثواب.
القيامات في الشريعة المحمدية ثلاث
زيد – هذا وهم كيف لا حياة بعد الموت الطبيعي ولا ثواب ولا عقاب فان ذلك مما اتفقت عليه كافة الاديان وهذه القيامة التي تعنيها انما هي القيامة الصغرى ففيها المكافأة والمجازات واما ما ذكرت من وضع الصراط والميزان الى آخره فهذه من لوازم القيامة الكبرى. ذلك ان القيامة في الشريعة المحمدية تطلق على عدة حالات فلذا اصطلحوا على تقسيمها لثلاثة اقسام قيامة كبرى وهي التي مر تعريفها وقيامة وسطى وهي موت اهل القرن الواحد ويشمل الموت الطبيعي والمعنوي وسنبحث بكل منهما اذا اتى دوره. وقيامة صغرى وهي التي فيها بحثنا الآن.
القيامة الصغرى
وهي عبارة عن انقطاع الروح ببدنها وهذا مايسمى بحسب العرف بالموت ثم بعد ذلك تحضر بين يدي الله بهيكل لائق بالبقاء ولائق بذاك العالم وينكشف ما كان مستوراً عنها في هذا العالم وترد جنات لا مثيل لها ولا معادل لها وهذه الجنات هي ثمرات اعمالهم في هذه الحياة وترى اقرانها وامثالها ومن هو دونها ومن هو اعلى منها من النفوس وتدرك جميع الاشياء وتتنعم بنعم لا تحصى ولا تحصر فلا يمكن ان يتصور ما ينال اهل الحق من الفرح والسرور عند ذلك كما لا يتصور ما ينال اهل الضلال من الخوف والاضطراب والوحشة ويردون ناراً لا شبه لها وينالون من العذاب الدائم الخالد مالم يسمع له مثيل من قبل. واما خذا الجسد المادي فانه ينتهي بالموت وينحل الى عناصره الاولية ولا تتجسم الروح به ثانية ولا بجسم عنصري آخر. فالثواب والعقاب الذي يظن انه يناله الانسان في القيامة المعروفة عند الناس انما يناله بعد موته مباشرة دون ان ينتظر وقتاً آخر فلا يستبطئ ثواباً ولا عقاباً. وهذه عقيدتنا وهي طبقا لما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية فالاصول في الاديان لا تتغير.
عمار – ان هذه الامور تحتاج الى براهين تثبتها وتثبت ان الروح شيئ مستقل عن البدن قائم بذاته حتى يصح وقوع هذه الامور للشخص بعد موته مباشرة من دون استبطاء.
ادلة القيامة الصغرى
زيد – ما اكثر البراهين على هذا يا عمار انظر الى قول العلامة الراغب الاصفهاني في طتابه " مفردات القرآن " عند تكلمه على الساعة وما تضمنته من ادلة قال " والساعة الصغرى وهي موت الانسان فساعة كل انسان موته وهي المشار اليها بقوله ( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى اذا جاءتهم الساعة بغته) ومعلوم ان هذه الحسرة تنال الانسان عند موته لقوله ( وانفقوا ما رزقناكم من قبل ان يأتي احدكم الموت الآية....) وعلى هذا قوله ( قل أرأيتم ان اتاكم عذاب الله او أتتكم الساعة) وروى انها كان اذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام فقال " تحوفت الساعة وقال ما امد طرفي ولا اغضها الا واظن ان الساعة قد قامت" يعني موته ا. هـ . فالساعة في الآيتين يراد بها الموت الطبيعي كما هي في الحديث ايضاً وهذه هي القيامة الصغرى.
وروى البخاري عن هشام عن عائشة "ر ض" قالت كان رجال من الاعراب حفاة يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه متى الساعة فكان ينظر الى اصغرهم فيقول " ان يعيش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم" قال هشام اعني موتهم ا . هـ .
قال العلامة القسطلاني في شرحه هذا الحديث : لان ساعة كل انسان موته فهي الساعة الصغرى لا الكبرى أ . هـ .
وعن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( اذا مات احدكم فقد قامت قيامته واعبدوا الله كأنكم ترونه واستغفروه ساعة) .
قال الامام الغزالي في كتابه " المضنون به على غير اهله الكبير عند تكلمه على هذا الحديث " الفاء ههنا للتعقيب يعني قامت قيامة الميت عند موته مثال ذلك من سرق نصاباً كاملاً من حرز فقد استحق قطع يده وهذا عقاب لا يتأخر عن هذا الفعل وقال تعالى ايضاً ( ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفاً لقتال او متحيزاً الى فئة فقد باء بغضب من الله) أ . هـ .
والمعنى ان من مات فقيامته قد قامت بمجرد موته .
قال العلامة البروسوي في تفسيره " روح البيان " في اول سورة القيامة قال المغيرة بن شعبة رحمه الله تعالى " يقولون القيامة القيامة وانما قيامة احدهم موته وشهد علقمة جنازة فلما دفن قال اما هذا فقد قامت قيامته أ . هـ ."
واورد هذا غير واحد من المفسرين ومعنى قامت قيامته اي صار الى جنة او نار واعقب العلامة البروسوي هذا الحديث بالبيت الآتي:
خرجت من الدنيا فقامت قيامتي           غداة اقل الحاملون جنازتي
وكثيراً ماجاء في الحديث ذكر القيامة يراد بها القيامة الصغرى من ذلك ما جاء في البخاري في باب المكثرون هم المقلون عن ابي ذر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال ان المكثرين هم المقلون يوم القيامة الا من اعطاه الله خيراً فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا. فهذه القيامة هي القيامة الصغرى التي نحن بصددها.

Sunday, September 4, 2016

Sunday, August 14, 2016

أبدية الشريعة (7-7) – ” عبدالبهـــاء “

أبدية الشريعة  (7-7) – ” عبدالبهـــاء “


https://randaelhamamsy.wordpress.com/2016/08/14/%D8%A3%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9-7-7-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A7%D8%A1/

راندا شوقى الحمامصى - ازدهار الجنس البشري 1-8

راندا شوقى الحمامصى - ازدهار الجنس البشري 1-8

المقال الثاني من سلسلة مقالات "تبيان وبرهان"



سلسلة مقالات تصدر في شكل حوار بين اربعة أشخاص وهم زيد وخالد وعزرا وبطرس وقد آمنوا بالعقيدة البهائية في حوار مع صديق خامس لهم على دين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام...... تابعوا معي هذه المقالات

المقال الثاني
أخطاء الأمة السابقة يظهرها الرسول اللاحق
زيد - لا شك أن أصول الأديان كلها واحد وأن التغيير والنسخ انما يقع في الفروع دون الأصول ولكن التخالف الذي يقع في مثل هذه الأمور إنما يأتي من خطأ العلماء في فهم ما هو المراد من الآية أو الحديث الذي هو مصدر ذلك المعتقد المختلف فيه ولو اتفق علماء أمة جميعهم على ان معنى تلك الآية أو الحديث كذا وجاء رسول آخر بعد ذلك واخبر بخلافه ظهر أن علماء الأمة السابقة كانوا مخطئين في فهم تلك الآية أو الحديث. خذ مثالاً لذلك هذه الأمة الموسوية تعتقد أن بعد موسى عليه السلام لا يأتي مشرع آخر وأن المسيح الموعود الذي تنتظره إنما يأتي ويؤيد التشريع الذي هم عليه.
والنصارى والمسلمون جميعهم يعتقدون بأن اعتقاد اليهود هذا باطل ومنشأ اعتقادهم هذا من خطأ فهمهم معنى الآية التي يزعمون أنها دالة على أبدية شريعتهم.
عمار- ما هى تلك الآية:
زيد - هى التي جاءت في سفر الخروج الإصحاح 31آية 16 و17 قوله تعالى     ( فيحفظ بنو اسرائيل السبت. ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد).
ففسروا (ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً) بأن حرمه الأشتغال في يوم السبت أبدية وعليه أن شريعة موسى أبدية ومنشأ ذلك خطؤهم في فهم الآية فإنهم ذهبوا إلى الأبدية المطلقة والحال أن هذه الأبدية هى أبدية مقيدة لقوله تعالى (ليصنعوا السبت في أجيالهم) فخصص صنع السبت في أجيالهم التي هى لهم اعني التي هى مدة دينهم وهى ما بين ارسال موسى وعيسى عليهما السلام وهذه مثل قوله تعالى (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها)—المائدة آية 27. فالأبدية ههنا مقيدة بمدة دوامهم فيها.
وهكذا الأمة المسيحية تعتقد أن شريعتها أبدية وان عيسى عليه السلام نفسه سيعود لهذا العالم ويؤيد نفس الشريعة مستدلين بما جاء في انجيل متى الإصحاح 24 آية 35 قوله تعالى (السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول) ففسروها على أن شريعة عيسى عليه السلام لا تزول أي لا تنسخ فهى إذاً أبدية وهذا التفسير لا يصح لأن التوراة كلام الله  وإنما معنى الآية أن كلام الله لعباده على ألسن رسله لا ينقطع بل لا يزال ولم يزل يرسل به رسله وينزل به كتبه رحمة من لدنه (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)—الأنبياء آية 107 فخطأ معتقدات الأمة السابقة إنما يظهرها الرسول اللاحق.

اختلاف الأمة في حقيقة القيامة
هذا مع العلم أن علماء الأمة المحمدية لم تتفق على ما هو معروف بين الناس من يوم القيامة بل اختلفوا في حقيقتها فمنهم من قال أنه لا يعلم تلك الحقيقة إلا الله ومنهم من قال أنها ظاهرة ومعروفة، كما أنهم اختلفوا أيضاً في أوصافها وأحوالها التي جاءت في القرآن والحديث فمنهم من أخذها على ظاهرها ومنهم من تأولها وقال أنها ليست على ماهو الظاهر من الآيات والأحاديث فهذا العلامة الراغب الأصفهاني يقول " في كتابه مقدمة التفسير المطبوع مع كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن لعبد الجبار" :
(.... عامة أعيان الصحابة وكثير من المفسرين بعدهم ذهبوا إلى أنه يصح أن يكون في القرآن بعض مالا يعلم تأويله إلا الله.
قال ابن عباس: أُنزل القرآن على اربعة أوجه وجه حلال وحرام لا يسع أحد جهالته ووجه يعرفه العرب ووجه تأويله يعلمه العالمون ووجه لا يعلم تأويله إلا الله ومن انتحل فيه علماً فقد كذب وحمل الآية على أحد وجوه ثلاثة احدها أنه جعل التأويل بمعنى ما تؤول إليه حقائق الأشياء من كيفياتها وازمانها وكثير من أحوالها وقد علمنا أن كثيراً من العبادات والأخبار الإعتقادية كالقيامة والبعث ودابة الأرض لا سبيل لنا إلى الوقوف على حقائقها وازمانها وهذا هو المراد بقوله تعالى" ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ) الآية انتهى.
وقال الكفوي أبو البقاء في كلياته في بحث المحكم والمتشابه ما نصه:
"والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال إلى آخره".
فترى العلامة الأصفهاني يقول: لا سبيل لنا إلا الوقوف على حقيقة القيامة والبعث ولا على ازمانها.
ويقول العلامة الكفوي: ان قيام الساعة مما استأثر الله بعلمه" بينما ترى العلامة الشيخ رادة يرى أن حقيقة الساعة أمر معروف وظاهر وإليك نص عبارته في حاشيته على البضاوي في سورة الأعراف الآية 187 قال: "أنه تعالى قد كشف وأظهر نفس قيام الساعة بدلائل قطعية ونصوص متعاضدة أ.هـ."
أرأيت يا عمار كيف أن العلماء مختلفون في حقيقة القيامة. والقول الذائع المشهور هو القول الأخير فلذا أراك اعتمدته.
اختلاف الأمة في صفات المعاد
وهكذا اختلافهم في احوالها واوصافها فقد قال العلامة الراغب الاصفهاني في كتابه" غريب القرآن" ما نصه :
" والمتشابه من جهة المعنى اوصاف الله تعالى واوصاف يوم القيامة فان تلك الصفات لاتتصور لنا اذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة مالم نحسه او لم يكن من جنس ما نحسه أ.هـ . "
وقال العلامة ابن رشد في كتاب " فصل المقال في مابين الشريعة والحكمة من الاتصال" بعد ان بين ان الشرع منقسم الى ظاهر وباطن وان هناك صنفا ثالثا مترددا بين هذين الصنفين يقع فيد الشك فيلحقه قوم ممن يتعاطى النظر، بالظاهر الذي لا يجوز تأويله ويلحقه آخرون بالباطن الذي لا يجوز حمله على الظاخر قال ما نصه :
( فان قيل فاذا تبين ان الشرع في هذا ثلاث مراتب فمن اي المراتب الثلاثة هو عندكم ما جاء في صفات المعاد واحواله فنقول ان هذه المسألة الامر فيها بيَّن انها من الصنف المختلف فيه وذلك انا نرى قوما ينسبون انفسهم الى البرهان يقولون ان الواجب حملها على ظاهرها اذ كان ليس ههنا برهان يؤدي الى استحالة الظاهر فيها. وهذه طريقة الاشعرية وقوم آخرون ممن يتعاطى البرهان يتأولونها وهؤلاء يختلفون في تأويلها اختلافا كثيرا وفي هذا الصنف ابو حامد معدود. هو وكثير من المتصوفة ومنهم من يجمع فيها المتأويلين كما يفعل ذلك أبو حامد في بعض كتبه ويشبه ان يكون المخطئ في هذه المسألة من العلماء معذوراً والمصيب مشكوراً او مأجوراً وذلك اذا اعترف بالوجود وتأول فيها نحواً من انحاء التأويل اعني في صفة المعاد لا في وجوده اذا كان التأويل لا يؤدي الى نفي الوجود وانما كان جحد الوجود في هذه كفرا لانه اصل من اصول الشريعة).
أرأيت كيف ان علماء الامة كذلك هم مختلفون في ما جاء في احوال القيامة واوصاف المعاد فمنهم من اخذ الآيات والاحاديث على ظاهرها ولم يرى جواز تأويلها ومنهم من تأولها ولم ير جواز اخذها على الظاهر. ومنهم من لم ير تأويلها ولا اخذها على ظاهرها اذا تلك الصفات لا تتصور لنا كما مر من كلام العلامة الاصفهاني علية الرحمة فهو اذن من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه .
وتأمل فيما يقول ابن رشد ترى انه يصف الذين يحملون ما جاء في احوال القيامة على ظاهرها بانهم قوم ينسبون انفسهم الى البرهان اي انهم ليسوا من اهل النظر والتدليل وهذا نص وتصريح منه بخطئهم وتصويب المتأولين واجاز التأويل فيها لدرجة ان لا يكون معه نفي لوجود المعاد نفسه اذ انه اصل من اصول الشريعة وجحده كفر .
وهذا الاختلاف يدلك على ان ما هو المشهور بين الناس من امر القيامة ليس هو كقضية مسلمة يلزم الاخذ بها واعتقادها. ومع  هذا ان ما قررته من ان القيامة هي موت الناس في صيحة واحدة وخروجهم من قبورهم في صيحة اخرى ووضع الصراط وامثاله هو حق ولكن ليس بالمهنى المشهور بين الناس.

Friday, July 22, 2016

Thursday, July 21, 2016

صدر لي الآن 21/7/2016 مقالي "أبدية الشريعة (6-7) - " بهـاءاللـه ""


أبدية الشريعة  (6-7) - " بهـاءاللـه " https://randaelhamamsy.wordpress.com/2016/07/21/%D8%A3%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9-6-7-%D8%A8%D9%87%D9%80%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%80%D9%87/


المقال الأول من سلسلة مقالات "تبيان وبرهان"

سلسلة مقالات تصدر تحت عنوان "تبيان وبرهان" في شكل حوار بين اربعة أشخاص وهم زيد وخالد وعزرا وبطرس وقد آمنوا بالعقيدة البهائية في حوار مع صديق خامس لهم على دين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام...... تابعوا معي هذه المقالات
المقال الأول منها.....
يبدأ الحوار بين هؤلاء الأصدقاء الخمس :

عمار (الصديق المسلم)- قد بلغني دخولكم في دين ليس من الحق في شيء وليس الحق منه في شيء كيف لا والله تعالى يقول ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً) النساء 114. أليس سبيل المؤمنين اتباع محمد (ص) والعمل بشريعته او اتباع بهاءالله هو اتباع سبيل المؤمنين؟...
تحري الحقيقة      
 زيد - هون عليك يا عمار إن اتباع كل رسول في زمانه هو اتباع سبيل المؤمنين فمن آمن بموسى عليه السلام في زمن دعوته ودورته وعمل بشريعته فقد كان سبيله هو سبيل المؤمنين وهكذا الأمر في هذا الزمان فمن آمن بحضرة بهاءالله وعمل بشريعته فقد اتبع سبيل المؤمنين ومن شذّ عن هذا الطريق فقد شذّ عن الحق وشذّ في النار.
أليس المعنى بالمؤمنين هم الصدر الأول الذين آمنوا بمحمد (ص) عندما رآوا أنه صادق في دعواه واجب الإتباع وكذلك نحن لما رآينا حضرة بهاءالله صادقاً في دعواه واجب الأتباع اتبعناه وآمنا به وصدقناه فما اتباع سبيل المؤمنين إلا العمل لمثل عملهم. فمن منا يا عمار أحق باللوم أنحن الذين اتبعنا سبيل المؤمنين بإتباع حضرة بهاءالله أم أنتم الذين خالفتموهم وسارعتم بالتكذيب وفعلتم ما فعلت قريش بمحمد (ص) فليتكم اذ شككتم في الأمر لم تلقوه وراء ظهوركم. بل تحريتم الحقيقة فيما جاءكم به من البينات والهدى ولو فعلتم ذلك لوجدتم الحقيقة جلية ناصعة. فإن تحري الحقيقة من أوجب شيء على العقلاء أما سمعت يا عمار ما قد قيل " لا يصلح أواخر هذه الأمة إلا بما صلح به أوائلها" أما كانت أوائل هذه الأمة في ضلالات وجهالات وانحطاط فها صلحت إلا بإيمانها بمحمد (ص) واتباعها تعاليمه وأوامره حتى صارت سيدة الأمم فكذلك الآن لا يصلح أواخرها إلا أن تؤمن بحضرة بهاءالله وتتبع أوامره وتعاليمه. بل ولا يصلح العالم البته ولا يرفع عنه هذا العذاب إلا أن يؤمن بحضرة بهاءالله ويعمل بما جاء به.
أما سمعت يا عمار قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه عمر "رض" أنه قال: قال رسول الله (ص): ( سيصيب أمتي في آخر الزمان بلاء شديد لا ينجو منه إلا رجل عرف دين الله فجاهد عليه بلسانه وبقلبه فذلك الذي سبقت له السوابق ورجل عرف دين الله وصدق به) رواه ابو نصر السجزي وابو نعيم كما جاء في "كتاب الاشاعة في أشراط الساعة" للعلامة السيد محمد بن رسول البرزجي ص130.
وفي هذا الحديث يشير إلى هذا الدين الذي ادعوك إليه يا عمار انظر لقوله " صلى الله عليه وسلم" سيصيب أمتي بلاء شديد ثم يقول لا ينجو منه إلا رجل عرف دين الله والمعرفة ادراك الشيء بعد الجهل به وهذا لايصدق إلا على دين جديد لا تعرفه الأمة المحمدية فمن عرفه منهم وجاهد عليه بلسانه وبقلبه فقد نجا من هذا البلاء الشديد وسبقت له السوابق ويفسر السوابق قوله تعالى (ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهو في ما اشتهت انفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) الأنبياء آية 101-103 وقوله : " جاهد عليه بلسانه وبقلبه": يدلك على أن هذا الدين هو دين بهاءالله الذي لا قتال فيه بل الجهاد فيه باللسان والقلب فقط دون الجهاد بالسيف كما كان في الأمم السابقة.
عمار- "ان هذا الحديث ليس مروياً عن شيء من كتب الصحاح الستة ولا ندري مبلغ صحته فكيف نتخذه دليلاً على أمر مهم كهذا؟"
زيد - قد جاء في القرآن الكريم نفس المعنى والتحريض الذي جاء في هذا الحديث في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم): الصف آية 10-12 فهذا أمر بالإيمان بحضرة بهاءالله والأمر بالجهاد في سبيل الله بالمال والنفس لنشر دعوته لمن أراد أن ينجو من هذا العذاب الأليم.
عمار- ما وجه دلالة هذه الآية على ما تقول؟
زيد - أليس الله جل جلاله خاطب المؤمنين الذين آمنوا بمحمد بقوله؟ ( يا أيها الذين آمنوا) فأثبت لهم إيمانهم ووصفهم به ثم أمرهم بأن يؤمنوا إيمانا آخر بقوله (تؤمنون) وهذا الإيمان طبعاً يكون بالرسالة التالية للرسالة التي هم مؤمنون بها وان يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في أعلاه شأنها والمراد منها رسالة حضرة بهاءالله وحضرة الباب لأن رسالة حضرة الباب جزء من رسالة حضرة بهاءالله وأنه المبشر به. كما بشّر يحيى بعيسى عليهما الصلاة والسلام.
عمار- كيف يجوز أن يخاطب اناس لم يدروا من هو بهاءالله ولم يكن مجيئه إلا بعد مضي قرون عديدة فيأمرهم بالإيمان به والجهاد في سبيله؟....
زيد - أن الخطاب هذا موجه للأمة وهم من آمن بمحمد (ص) فهو يشمل كافة أفراد المؤمنين به فيشمل من كان موجوداً في زمن حضرة بهاءالله وحضرة الباب فلذا خاطب الموجودين من المؤمنين بمحمد(ص) في زمانه عليه الصلاة والسلام ويريد به الموجودين منهم في زمان حضرة بهاءالله أو الباب وأمرهم بالإيمان به والقيام بنصرته بالمال والنفس.
وجاء مثل هذا في قوله تعالى: ( الذين قالوا أن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين) آل عمران آية 183. فانظر كيف أمر الله محمد (ص) أن يجيب اليهود بقوله قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم لما قالوا له (ص) أنهم لايؤمنون لرسول حتى يأتيهم بقربان تأكله النار فاليهود المخاطبون بهذا الخطاب ليسوا هم الذين قتلوا الأنبياء وإنما الذين قتلوا الأنبياء والرسل بينهم وبين هؤلاء نحو من عشرة قرون ولما كان المخاطب الأمة صح أن يكون خطاب البعض منها خطاباً للبعض الآخر.
فتقول مثلاً: الأمة الفلانية ترقت في قرونها الأولى وانحطت في قرونها الأخيرة ومعلوم أن الأفراد الذين كانوا في زمن الترقي غير الأفراد الذي كانوا في زمن الإنحطاط. فعلى هذا صح أن يوجه الخطاب للأمة في اوائلها ويراد به أواخرها إذاً فلانجاة من هذا العذاب الشديد إلا بالإيمان بحضرة بهاءالله. والمراد من الجهاد هنا بذل الجهد في سبيل اعلاء كلمة الله بأموالهم وأنفسهم.
فالرجل الذي يذهب إلى نشر الدعوة من بلد لآخر يحتاج إلى صرف المال وقد يخاطر في نفسه فيتعرض إلى القتل أو النهب والسلب كما هو الواقع فيبذل ذلك في إعلاء كلمة الله ونشر دعوته التي من دان بها نال السعادتين الدنيوية والأخروية، أليست الآية قد طابقت الحديث يا عمار؟....
عمار- إن صح أنه مرسل من الله فلاشك أن أتباعه ينقذنا من هذا التدهور وهذا العذاب الشديد ولكن كيف يكون مرسلاً من الله وهو يقول أن القيامة قيام رسول بالدعوة وهذا مغاير لما تعتقده الأمة من أن القيامة هى موت الناس كافة في صيحة واحدة وقيامهم من قبورهم بصيحة آخرى وما يقع فيها من تبدل الأرض ووضع الصراط والميزان إلى غير ذلك مما هو مشهور ومعروف؟...
زيد - اعلم يا عمار أنه إذا ثبتت دعوة مدعي الرسالة وصدّقه من صدّقه وجب على المصديقين له اطاعته والأخذ بقوله دون الألتفات إلى ما جاء به هل هو موافق لما تعتقده الأمة السابقة أو غير موافق.
عمار- أن الحق لا يكون على طرفي نقيض فكيف يكون في هذا الدين شيء وفي ذاك الذين شيء آخر وليس هذا من الأحكام التي ينالها النسخ والتغيير.


وتابعوا معي حوار هؤلاء الأصدقاء...............................

Thursday, May 26, 2016

رجوع الرب _ المجيء الثاني للمسيح




رجوع الرب _ المجيء الثاني للمسيح

تفضل المسيح له المجد
 " أنا أمضي لاعد لكم مكانًا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم اليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون انتم أيضًا "   (  يوحنا 14: 3 )                                                
 نقرأ في الفصل الأول من أعمال الرسل ان التلاميذ قيل لهم حين صعود المسيح " ان يسوع هذا نفسه الذي اُخذ من بينكم الى السماء سيرجع بنفس الكيفية التي رأيتموه فيها صاعدًا الى السماء " فمن أجل هذا ينتظر الكثير من المسيحيين ان ابن الانسان حينما سيأتي " على سحاب السماء بقوة ومجد عظيم" سيرون في هيئة جسده نفس يسوع الذي كان يمشي في شوارع أورشليم قبل ألفي سنة. وقد كانت هذه الفكرة نفسها موجودة عند اليهود في عهد المسيح فيما يخص رجعة ايليا لكن يسوع أوضح خطأهم وبيّن أن النبوة القائلة " بأن ايليا يجب أن يأتي أولاً" قد تحققت لا برجوع جسم ايليا الأول بل في شخص يوحنا المعمدان الذي جاء " بنفس روح وقوة ايليا" فرجوع ايليا في زمن المسيح ورجوعه حين مجيئه في العصر الحاضر يعني ظهور شخص آخر مولود من أبوين آخرين لكنه ملهم من الله بنفس الروح وبنفس القوة وهكذا الأمر في رجوع المسيح له المجد اذ سيتحقق رجوعه بظهور شخص آخر بجسم بشري يرى فيه نفس روح الله وترى فيه ذات القوة الربانية دون أدنى تباين أو اختلاف.
يوحنا 10 : 17 : " لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا.
            18 : " ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا. هذه الوصية قبلتها من أبي".
          ويوضح حضرة بهاء الله ان رجوع حضرة المسيح قد تحقق بمجيء ذاته نفسه بعد مجيء مبشره حضرة الباب فتفضل :" مثل ذلك مثل الشمس فاذا قالت شمس اليوم انني أنا شمس الأمس فهي صادقة ولو قالت انني غيرها نظرًا لاختلاف الايام فهي صادقة أيضًا وكذلك لو نظرنا الى الايام وقلنا انها جميعها شيء واحد فان هذا القول يكون صحيحًا وصادقًا واذا قلنا انها غيرها من حيث تحديد الاسم والرسم فان ذلك أيضًا يكون صحيحًا وصادقًا. اذ بينما نلاحظ انها شيء واحد فانه مع ذلك يلاحظ ان كلا منها له اسم خاص وخواص أخرى ورسم معين لا يرى في غيرها. فأدرك بهذا البيان وهذه القاعدة مقامات التفصيل والفرق والاتحاد بين المظاهر القدسية حتى تعرف وتقف على مرامي الاشارات في كلمات مبدع الاسماء والصفات وفي مقامات الجمع والفرق بينها وتطلع تمامًا على جواب سؤالك في سر اتخاذ ذاك الجمال الأزلي لنفسه في كل مقام اسمًا خاصًا ورسمًا مخصوصًا" (من كتاب الإيقان ص 17 :18)
    ولقد وعدتنا النبوات ان ايام فهم النبوات ستبدأ بعد مجيء الرب فيزداد الفهم من ذلك العهد فصاعدًا. والنبوات التي تشير الى " وقت النهاية" و"الأيام الأخيرة" و"مجيء رب الجنود" و
" الأب الأبدي" لا تشير الى مجيء يسوع المسيح بل الى مجيء الآب وفي الأيام الأخيرة يكون المسيح والآب كلاهما شيئًا واحدًا. وقد صرح المسيح له المجد متفضلاً " أنا وأبي كلانا واحد ".
أعمال 3 : 19 : " تأتي أوقات الفرج من وجه الرب
           20 : ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم قبل
           21 : الذي ينبغي ان السماء تقبله الى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر".
  فعبارة " وقت الفرج " تدلنا بكل وضوح على أن تلاميذ حضرة المسيح كانوا عارفين بمجيء مظهر الهي مقتدر غير حضرة المسيح وذلك في الظهور الذي سيعقب العصر المسيحي " ليرد جميع الأشياء" " بعد أن تتم أزمنة الأمم".
أعمال 15: 14: " سمعان قد أخبر كيف افتقد الله أولاً الامم ليأخذ منهم شعبًا على اسمه
15:   وهذا توافقه أقوال الانبياء كما هو مكتوب
            16:   وسأرجع بعذ هذا وأبني أيضًا خيمة داود الساقطة وأبني أيضًا ردمها وأقيمها ثانية.
           17:  لكي يطلب الباقون من الناس الرب وجميع الامم الين دعى إسمي عليهم يقول الرب الصانع هذا كله".
   ومجيء الرب في المرة الثانية هو لتعليمنا كل الاشياء بمقياس أوسع من قبل وليعيد لذاكرتنا تعاليم المسيح وليتبع شتات الخلق ربهم الذين تخلفوا عن عرفانه.
   ولقد تقدمت في الوقت الحاضر طوائف متعددة وفلاسفة كثيرون يحملون بيدهم نظرية ألوهية الانسان واعتباره منبعًا للنور في هذا العالم وهم يؤمنون بأن القوة والمقدرة البشرية كافية لحل المشاكل البشرية ولا حاجة الى ظهور الهي في هيكل بشري. وهذه النظرية القائلة بكفاءة الانسان للوصول الى أسمى مدارج الكمال والحكمة والروحانية والحب بدون الحاجة الى مساعدة نبي الهي قد انتشرت انتشارًا واسعًا. والملحدون وبعض من يدعي التدين ينكرون أن الله قد أرسل رسلاً آلهيين الى البشر كما لا يعتقدون بأنه قادر على تأسيس ملكوت جديد على الأرض وبعث خلق جديد. ولأجل أن لا يكون هناك شك حول مجيء الآب السماوي الى الأرض بسلطة روحانية يحاكم بها الأرض ويؤسس ملكوته قصّ لنا المسيح له المجد هذه القصة مشيرًا الى المقصد الحقيقي من مجيئه نفسه:
متى 21:  33 : " اسمعوا مثلاً آخر : كان انسان رب بيت غرس كرمًا وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجًا وسلمه الى كرامين وسافر.
           34 :   ولما قرب وقت الاثمار ارسل عبيده الى الكرّامين ليأخذ اثماره
           35 :    فأخذ الكرّامون عبيده وجلدوا بعضًا وقتلوا بعضًا ورجموا بعضًا
           36 :    ثم أرسل أيضًا عبيدًا آخرين أكثر من الأولين ففعلوا بهم كذلك
           37 :    فأخيرًا أرسل اليهم ابنه قائلاً : يهابون ابني  
           38 :   وأما الكرّامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه.
           39:    فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه.
           40:    فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفغل باولئك الكرامين.
           41:    قالوا له أولئك الأردياء يهلكهم هلاكًا رَديَّاً ويسلم الكرم الى كرّامين آخرين يعطونه الاثمار في أوقاتها.
           42:    قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب : الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا.       
           43: لذلك أقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره"
    ويلاحظ من الآية الأربعين أنه بعد قتل ابن صاحب الكرم سيأتي الرب نفسه عوضًا عن أن يرسل ابنه ليحاكم الكرامين فيأتي ومعه الثواب والعقاب.
    ولو أن البشر سيرفضون في البدء هذا الاساس المتين باعتباره حجر الزاوية لتشييد السلم وتأسيس ملكوت الله على الأرض لكنه مع هذا سيصبح رأسًا للزاوية.
    وكلمات التسلية والتطمين النازلة من قلم سلطان الكبرياء والبهاء نفسه تعلن بالتأكيد بأن الآب قد ظهر على الأرض كما سبقت بذلك النبوات فيتفضل:
  " يا كرمل ....... قولي أتى المكنون بسلطان غلب العالم وبنور ساطع به أشرقت الأرض وما عليها ...... اسرعي ثم طوفي مدينة الله التي نزلت من السماء وكعبة الله التي كانت مطاف المقربين والمخلصين والملائكة العالين" ويؤكد حضرته في مناسبة أخرى:
   " ان الطور يطوف حول مطلع الظهور والروح ينادي من الملكوت هلموا وتعالوا يا أبناء الغرور هذا يوم فيه سرع كوم الله شوقًا للقائه ........ قد أتى الوعد وظهر ما هو المكتوب في ألواح الله المتعالي العزيز المحبوب" وفي مناسبة أخرى يؤكد حضرته :" أنا الذي نطق لسان أشعيا بذكري وأنا الذي باسمه زينت التوراة والانجيل".
   اما أولئك الذين يؤمنون بأنه سوف يأتي بالروح لا بالجسد فان أرواحهم معارضة للمسيح كما يتفضل :
2 يوحنا : 7: " لأنه قد دخل الى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيًا في الجسد . هذا هو المضل والضد للمسيح".
1 يوحنا 4: 1: " أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله. لأن أنبياء كذبة كثيرون قد أخرجوا الى العالم.
            2:   بهذا تعرفون روح الله. كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله.
            3:   وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله  وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي والآن هو في العالم ".    (ملكوت الآب السماوي) 


Powered By Blogger