Saturday, January 15, 2011

التعاليم الروحانية والاجتماعيّة والثقافيّة


التعاليم الروحانية

والاجتماعيّة والثقافيّة


إن جميع رسل الله يأتون بصنفين من التعاليم: الروحانية والاجتماعية. إن التعاليم الروحانية الإلهية ــ والتي تُعتَبَر رسالة الله الأساسية لخلقه ــ لم تتغير من عصر إلى عصر:

"شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا...". (سورة 42, آية: 13).

جاء في التفسير الميسر وتفسير الجلالين:

شرع الله لكم- أيها الناس- من الدِّين الذي أوحيناه إليك -أيها الرسول، وهو الإسلام- ما وصَّى به نوحاً أن يعمله ويبلُّغه, وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى...

أن أقيموا الدين بالتوحيد وطاعة الله وعبادته دون مَن سواه..

فكما تشير الآية السابقة أن كل ما قد قيل لسيدنا محمد عليه السلام قد قيل للرسل من قبل. لذلك إذا شبَّهنا التعاليم الروحانية الإلهية ( وهي إقامة الدين بالتوحيد والحث على الفضائل الإنسانية ) بجسد الانسان والتعاليم الإجتماعية بالملابس التي تغطي الجسد، نرى أنه بمجيء كل رسول جديد تتبدّل الملابس القديمة البالية بملابس جديدة فتزيد جسد الإنسان رونقًا وجمالاً.

وتشير الآية التاليه على أن سيدنا محمد عليه السلام صدَّق الحقائق الروحانية الأبدية للتوراة وغيّر بعض القوانين المحرّمة السابقة.

" وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ...". سورة 3, آية: 50.

دعونا نقارن كلاً من القرآن الكريم والإنجيل لنرى ما إذا كان الهيكل والنص في كلا الكتابين المقدسين واحد أم لا, فبالنسبة للتعاليم الروحانية إن كلا الكتابين:

• يرشدان إلى معرفة الله سبحانه وتعالى.

• يتحدّثان عن الرسل السابقة.

• يعطيان تعليمات عن القيم الأخلاقية.

• يشجعان الإنسان بتلاوة الأدعية حتى يتقدم روحانياً.

• يُخبران عن الحياة بعد الموت.

• ينبِّئان بظهور الرسل في المستقبل .

• يشجعان الإنسان على تحرّي الحقيقة بذهن غير متحفظ ودون الاعتماد على ما توارثه من آبائه وأجداده.

• يذكِّران العباد بعدل الله – أي المكافأة والعقاب.

وماذا عن فوارق الكتابين؟ إنهما يختلفان فيما يتعلق بالاحتياجات الاجتماعية والثقافية وظروف "الأمّة" التي قد نُزِّل الكتابان من أجلها. وكما أن المجتمعات تتغير فيجب أن تتغير القوانين الإجتماعية التي تحكمها. وحيث أن الطبيعة البشرية ثابتة ولا تتغير فإن التعاليم الروحانية التي تحكمها يجب أن تظل ثابتة.

إن الاختلافات بين الديانات الجليلة العظيمة تكمن في قوانين الزواج والطلاق والدفن وأيام الإجازة والراحة والأيام المقدسة والأطعمة المحرّمة والملابس مثل لبس وشاح أو ( طرحة) لتغطية الشعر(سورة 24: آية 58). هذه الأشياء ليست من التعاليم الأساسية للدين. فهل يرفض الله أعمال أو صلاة عباده إذا كانت عطلتهم الأسبوعية يوم الأحد بدلاً من يوم الجمعة؟ فلنتمعّن في هذه الآية:

" لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ ....وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ". (سورة 5, آية: 93).

وماذا عن القيم الروحانية؟ قارن فرداً مسلماً غير أمينٍ ومخادع بشخص مسيحي أمين وصادق. فمن منهم يكون قريباً من الله وينال رضاه ؟ بالطبع، الشخص المسيحي الأمين لأنه يعمل بما يؤمن به، ولكن الشخص المسلم فهو منافق. ولا يمكن أن يكون مسلماً ومنافقاً في نفس الوقت!.

وماذا عن السيدة المسلمة التي تلبس الحجاب ولكنها غيرعفيفة، والسيدة المسيحية المحتشمة العفيفة، فمن منهن أيضاً تنال رضاء الله؟ إن الجوابَ واضحٌ. فتمسكنا بالدين ليس له أي علاقة بما نلبس ولكن بما نتحلى به من قيم وفضائل أخلاقية التي هي من صلب الدين. فالتحريض على العنف والقسوة والحروب يأتي من قِبَل الأشخاص المتمسكين بشكلية قوانين الدين ويزدرون روح الدين وأموره المعنوية.

ما هو الفرق بين:

• الشخص المؤمن الصالح، سواء كان مسلماً أو مسيحيَّاً أو يهوديَّاً.

• الشخص غير المتمسك بدينه سواء كان مسلماً أو مسيحيَّاً أو يهوديَّاً.

• الشخص سيِّء الخُلُق، سواء كان مسلماً أو مسيحيَّاً أو يهوديَّاً.

هل هناك أي فرق؟ لا، إنهم جميعاً في كل حالة سواء. فلنتمّعن فيما يقوله القرآن الكريم:

" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ". سورة 2, آية: 62.

إن التعاليم الروحانية الأساسية أيضاً –ومنذُ أيّام سيدنا نوح إلى الآن – لم تتغيّر:

" شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ.....". سورة 42, آية: 13.

إذًا فالدين ليس بمشكلة، ولكن البشر أنفسهم لهم صفات غير مرضية منها الأنانية والحسد ويضعون حدود التفرقة بين ديانات الله العظيمة وبعد ذلك كل أمة تدّعي بأنها هي شعب الله المختار التي سوف تشملها رحمة الله كما قال تعالى :

"..... وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ". (سورة 2, آية: 111).

كيف يرد الله سبحانه وتعالى على أولئك المتعصّبين من اليهود والمسيحيين الذين يدّعون أنهم هم المفوّض لهم فقط بدخول الجنّة؟ هذا هو رده:

" بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ". (سورة 2, آية: 112).

ونتابع..........

Powered By Blogger