Wednesday, November 30, 2011

الوعد بمجيء الدين الجديد2-2

الوعد بمجيء الدين الجديد2-2

إن الآيات التالية تدل على هؤلاء الذين ينكرون الدين ويوم الدين.

فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ. سورة 95, آية: 7

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. سورة 107, آية: 1

وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. سورة 74 , آية: 46.

تأملوا الآيات التالية:

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.... فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ. مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ. لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ. سورة 30, آية: 41, 43-45.

ماذا تبين لنا الآيات السابقة؟

· تتنبأ الآية 41 الأوضاع المروِّعة التي نعيشها في وقتنا الحاضر من حروب وفقر وظلم والتفكك الأسري وانحطاط القيم الأخلاقية.

· تصف الآية 43 العلاج وتعطي الحلول لتلك المشاكل التي أحاطت البشرية. فتأمرنا بأن نولِّي وجوهنا شطر الدين القويم والذي أنزله الله لكي ننقذ أنفسنا من الجهل الذي أعمى أعيننا.

· تطلب منا الآية أن نقبل الدين قبل أن يأتي اليوم الذي "لا مرد له". وهو يوم الحساب الذي يُسأل فيه الإنسانُ يومئذٍ بما قدم و أخَّر.

· فمن كفر بذلك اليوم فعليه كفره وتذوق كل نفس عاقبة عدم إيمانها بالدين الجديد.

· ومن يؤمن بالدين القيِّم فأولئك يجزيهم الله ثواباً من عنده ومأواهم جنات النعيم.

· إن المؤمنين الصادقين الذين أحسنوا دينهم يأتون بصالح الأعمال , ومن صالح الأعمال الإيمان بالرسول الجديد.

إن كلمة الدين حين تأتي في آية أخرى لا تزال تكون مرتبطة بوعد في المستقبل:

يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ*. يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ. سورة 51, آية: 12-13

كيف يُمتَحَن الناس حين ظهور الدين الجديد؟ إنهم يُمْتَحنون بمدى استجابتهم للدين الذي يدعوهم الله للإيمان به. فيوم الدين هو يوم الحساب أيضاً. وكلمة النار هي كناية عن كيفية الامتحان.

إن الآية التالية من الإنجيل تربط مجيء ذلك اليوم أي يوم الامتحان بالنار:

فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَنْكَشِفُ عَلَناً إِذْ يُظْهِرُهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي سَيُعْلَنُ فِي نَارٍ، وَسَوْفَ تَمْتَحِنُ النَّارُ قِيمَةَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ. كورينثيانس 3, آية: 13

حين نتأمل في القرآن نجد أن الله سبحانه وتعالى قد بين بكل وضوح بأنه خلقنا كي يمتحننا وأعطانا الفرصة حتى نتحلى بصالح الأعمال ونُظهر فضائل الروح. إن الله تعالى يمتحننا في هذه الدنيا, أما في الآخرة فسوف يجزينا أو يعاقبنا حسب أعمالنا.

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً. سورة 67, آية: 2.

إن الآية القرآنية التي تُنبِئ بمجيء دين جديد من عند الله ( سورة 51, الآيات: 12-13) , تنتهي بالنبوءة التي تخص الرسول الذي سوف يأتي بذلك الدين.

فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ [الرسول] مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ. سورة 51, آية: 23.

تثبت الآية السابقة مرة أخرى أن الناس سوف تشك بمجيء الدين والرسول الجديد. والله يعلم بأن هذه الشكوك الراسخة منذ قرون في أذهان الناس هي بسبب الأوهام والعقائد الباطلة. ولكي يطمئنهم فيقسم في مستهل الآية بنفسه الكريمة أنَّ ما وعدكم به حق, فلا تَشُكُّوا فيه كما لا تَشُكُّون في نطقكم.

تأملوا النبوءة التالية الفريدة في مدلولها. إنها تجمع بين مفهومين مترابطين وفي نفس الوقت حاسمين ليدلنا إلى مفهوم أعمق لما يريده الله.

وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ. لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. سورة 6, آية: 66-67

كما نرى فإن الآية السابقة تؤكد لنا النبوءات التي تُخبِر عن رفض وإنكار الناس وتصرِّح بأن المسلمين سوف ينكرون الرسول الجديد حين يأتي يوم الوعد المذكور في الكتاب وذلك بانتهاء أجل الإسلام.

فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ. سورة 9, آية 24

إن كلمة أمر لها عدة معانٍ منها : إصدار الأوامر, قرار, فَرَمان, والآية تطلب منَّا التربص والانتظار حتى ياتي الله بأمره. فماذا إذاً يبعث الله لنا عن طريق رسله غير الرسالة الجديدة, التي تحمل الآيات لهدايتنا روحانياً. علاوة على ذلك فإن الآية تنتهي بقوله تعالى أنه لا يهدي القوم الفاسقين. فهذا دليل على أن الأمر ليس سوى الدين الذي هو سبب هداية الخلق. بدراستنا لآية أخرى نستطيع أن ندرك معنى كلمة الأمر جيداً.

فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. سورة 23 آية: 53

لقد جاء في تفسير الجلالين والتفسير الميسر في المصحف الرقمي كلمة أمر بمعنى الدين. وهنا نستطيع أن نسأل أنفسنا ما هو الأمر الذي يستطيع أن يفرق بين الناس غير الدين؟

إن عدد الآيات التي تنبئ بظهور دين جديد عديدة ومدعاة للدهشة ولكن لماذا نحتاج إلى كل هذا التأكيد المتكرر؟ لأن الله سبحانه وتعالى على علم بما سيحدث في مستقبل الأيام. إنه يعلم بأن الأغلبية العظمى من المسلمين سوف لا يثقون حتى بكتابهم المنزل القرآن الكريم. فإننا نرى رغم كل الشواهد وتعدد الآيات التي تدل على مجيء دين جديد في المستقبل, أن المسلمين لا يزالون يشكون في الوعود الإلهية.

إن الآية التالية تبين لنا أن المسلمين سوف يتصرفون كما تصرفت سائر الملل السابقة في الماضي.

فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ. سورة 10, آية: 102

إن إحدى الدروس التي نتعلمها من التاريخ هي أن التاريخ يعيد نفسه. فهل تغيرت أطوار الناس منذ زمن نوح؟ هل سوف يتبعون نفس أسلوب الرفض كما فعل قوم نوح؟

لنتأمل النبوءة التالية من عيسى عليه السلام عن الوضع الروحاني والمعنوي للعالم عند مجيئه ثانية:

وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. متى 24, آية: 37

يشير القرآن مراراً إلى طريقة استجابة الناس ( السنة المتّبعة) للرسول الجديد الذي يبعثه الله.

أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ. سورة 2, آية: 87

تأملوا هذه الآيات أيضاً:

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ. وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ. كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ. سورة 15, آية: 10-13 وكذلك سورة 36, آية: 30

تأملوا هذه الفقرة من الآية: 13:

لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ.....

من هو الذي لا يؤمنون به؟ إذا كانت السورة تخاطب الرسول الكريم فالخطاب يجب أن يكون " لا يؤمنون بك" . تأملوا أيضاً هذه الآية:

وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ. سورة 10, آية: 40

أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ؟ سورة 10, آية: 51

لوتأملنا في آيات القرآن الكريم نرى بأن معظم النبوءات التي وردت فيها تشير إلى أن الناس سوف يرفضون أنباء الدين الجديد. هناك آية واحدة فقط تتحدث عن أولئك الذين يعترفون بمجيء الرسالة الجديدة.

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. سورة 83, آية: 11

وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. سورة 70, آية: 26

فبعد دراستنا للآيات العديدة في هذا الباب وغيرها من الآيات تبين لنا أن الناس دائماً يرفضون الرسول الجديد وينكرونه ويضطهدونه أيضاً. وكما نرى فلن تتبدل سنة الله في إرسال الرسل ولا سنة الناس في إنكار الرسول الجديد.

إن كلمة الساعة في الكتب المقدسة دائماً ما تشير إلى زمان ظهور الرسل وبعثتهم. فالمسيحيون على دراية تامة بمعنى كلمة "الساعة".

تأملوا النبوءة التالية من السيد المسيح:

فاذكر كيف أخذت وسمعت واحفظ وتب فاني إن لم تسهر أقدم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أقدم عليك. رؤيا 3, آية: 3

يستخدم الإنجيل كلمة ساعة كالقرآن الكريم ليشير إلى مجيء الرسول الجديد من عند الله. فأفضل طريقة لمعرفة التأويل المقصود من كلمة الساعة هو المقارنة بين نبوءات الإنجيل والقرآن.

فمعظم المسلمين لا يعلمون بأن القرآن الكريم يعزز وعود الكتاب المقدس التي تشير إلى عودة روح الله* إلى العالم الدنيوي.

سوف نقوم بمقارنة الآيات من الكتابين المقدسين:

الآيات من القرآن الكريم:

إنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ.... وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا.... هَلْ يَنظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ..... وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. سورة 43, آية: 59-85

إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ. سورة 43 , آية: 59

الآيات من الإنجيل:

و أما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بهما أحد و لا ملائكة السماوات إلا أبي وحده.....إسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم* ..... لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي إبن الإنسان.. إنجيل متى , الآيات: 36-44

فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار و سكر و هموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة. إنجيل لوقا 21, آية: 34

قارنوا النبوءات القرآنية التالية مع تلك النبوءات السابقة من الإنجيل:

عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ. مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ. يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً....عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ. سورة 7, آية: 185-187

إن التشابه الملحوظ بين كلمات الرسول الكريم والمسيح عليه السلام يقودنا إلى الاستنتاجات التالية:

· يريد الناس معرفة زمان الساعة.

· إن زمان الساعة هو في علم الغيب الإلهي لا يعرفه الرسول الكريم أو عيسى عليه السلام.

· إن علم الساعة عند الله.

· يسمح لنا الله أن نعرف مجيء الساعة في الوقت المناسب.

· إن الساعة تأتي بغتةً.

· إن معظم المؤمنين سوف يخفقون في معرفة المعنى أو المغزى من تلك النبوءات.

في المقتطف السابق من آيات القرآن الكريم, نجد بأن الآية الأولى فيها عدة مفاهيم ليست موجودة في نبوءات الإنجيل.

· فهي تصرح بأن قيام الساعة يكون حين يأتي أجل هؤلاء "أجلهم". من هم هؤلاء؟ إنهم الأمم أو أتباع الديانات المختلفة, الذين يترقبون مجيء الساعة.

· تصرح الآية بعد ذلك بأن الناس سوف ينكرون إنقضاء الأجل الذي حُدِّد لهم.

تأملوا معنى السؤال البلاغي في النبوءة السابقة من القرآن الكريم , ماهو النبأ الذي سوف يؤمنون به بعد هذا ؟ يسأل الله سبحانه وتعالى عن الأدلة التي يحتاجها الناس لكي يقتنعوا ويطمئنوا بمجيء الساعة في الوقت المحدد. لنفترض أنه يوجد عشرة أضعاف أدلة تؤكد مجيء الساعة عند انتهاء أجل الأمة؟ هل سيكون الفارق كبيراً ويغير من الأمر شيئاً ؟ هل معتقدات الناس تستند على أدلة أم على التقاليد والامتثال للموروث؟ بكل أسف إن أكثر من 9,99 % من المؤمنين تكاد الأدلة تلعب دوراً بسيطاً في تعزيز عقيدتهم. لنفترض أنك وُلِدت في عائلة مسيحية, ألن تكون مسيحياً؟ ألن تؤمن بأن المسيح هو الله؟

إن الحجاب الآخر لإنكار الناس لمجيء الساعة إنما هو الشكوك التي تراودهم وبالفعل هم محقون في ذلك. لقد كذب عليهم كثيرون لذا لا يصدقون أحداً بعد الآن. إنهم لا يثقون حتى بكتبهم المقدسة. لا عجب أن يقول المسيح عليه السلام:

ولكن متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض...... لوقا الاصحاح 18, آية: 8

إن الأدلة التي تزخر بها الآيات القرآنية بشأن مجيء الرسل والدين الجديد لهي مدعاة للحيرة والدهشة. إنها أكثر مما نتوقعه لإقناعنا. لقد كان الناس في جميع العصور مقلدين. إنهم يُفضِّلون إلى يومنا هذا أن يتَّبعوا رمزاً دينياً, وأن يسلكوا سبيله عوضاً من أن يصلوا إلى الجواهر الثمينة من المعرفة والحكمة المخزونة في القرآن الكريم بالتأمل في آياته.

لنتأمل الأدلة مرة أخرى, فالقرآن الكريم يعتبر سيدنا المسيح رسول مثله مثل سيدنا محمد عليه السلام. وقد وعد عيسى بأنه سوف يعود ثانيةً. إن القرآن الكريم يؤكد مصداقية هذا الوعد. ماذا نستخلص من الحقائق السابقة؟ أن رسولاً مثل محمد عليه السلام سوف يعود مرة أخرى. إنه الاستنتاج الوحيد الذي يتوافق مع الحقائق الموجودة في الإنجيل والقرآن. فلماذا إذاً يكون مجيء رسول على الأقل أو حتى رسل آخرين بعد سيدنا محمد صلى الله عيه وسلم مدعاةً للشك.

إن التشابه لعديد من آيات الإنجيل المقدس والقرآن الكريم جديرٌ بالملاحظة. لنقارن ونتأمل في التوافق بين الآيات التالية من الكتابين:

و متى جاء ابن الإنسان في مجده و جميع الملائكة القديسين معه. متى إصحاح 25, آية: 31

يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً. سورة 78, آية: 38.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيميز بعضهم من بعض. متى إصحاح 25, آية: 32

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً. سورة 78, آية: 17

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و يجتمع أمامه جميع الشعوب. متى إصحاح 25, آية: 32

فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً. سورة 78, آية: 18

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرسل ملائكته ببوق عظيم. متى إصحاح 24, آية: 31

يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ. سورة 78, آية: 18

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و قوات السماوات تتزعزع. متى إصحاح 24, آية: 29

يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْراً. سورة 52, آية: 9

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء ابن الانسان في مجده و جميع الملائكة القديسين. متى إصحاح 25, آية: 31

وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً. سورة 78, آية: 38.

فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ. سورة 14,آية: 47

هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ ... وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ. سورة 14, آية: 52

إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ. سورة 14, آية 22

إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ. سورة 6, آية 134

إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ. سورة 77, آية 7

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُون. سورة 51, آية 60

اِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ. وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ. سورة 51, آية 5-6

(من كتاب-خاتم النبيين –د.محمد إبراهيم خان)

ونتابع في مقالنا القادم-الفرق بين النبي والرسول....... فتابعونا



* يوم الدين هو يوم القيامة أي يوم الحساب الذي يحاكم فيه الناس لمعرفة مدى استجابتهم للوعود الإلهية ومنها الإيمان بالدين الجديد.

* إن أكثر المسيحيين يعتقدون بأن الله تجسَّد في سيدنا المسيح. فمن الواضح إن هذا الاعتقاد خاطئ ومضلِّل. فالقرآن والإنجيل كلاهما استخدما كلمة "الرب" اختصاراً لكلمة "روح القدس". إن كلمة الرب لهي دلالة على روح القدس, وهذا المسمى إنما يطلق على الرسل الإلهية جميعاً. فالله سبحانه وتعالى منزه عن الشبهية والمثلية وإنما الرسل الإلهية كالمرآة يعكسون نور الله. وإن الشمس لا تنزل من علو مقامها لكنها ترسل نورها فقط .

Saturday, November 19, 2011

إصداراتي اليوم

صدر لي منذ لحظات هذا المقال

حوار بين زعماء الدين وأتباعهم وكتاب خاتم النبيين

على الرابط

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=284046

و

Tuesday, November 15, 2011

إصداراتي اليوم


صدر لي الآن المقال التالي

الوصايا العشر لصنع السلام في العالم

إصداراتي اليوم


صدر لي الآن المقال التالي

الوصايا العشر لصنع السلام في العالم

Monday, November 14, 2011

إصدارات جديدة

صدر لي الآن مقالي

الحياة فتنة وإمتحان


على هذا الرابط


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=283421

إصدارات جديدة

صدر لي الآن مقالي

الحياة فتنة وإمتحان


على هذا الرابط


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=283421

Friday, November 11, 2011

ذكرى مولد مظهر إلهي(مُرسل من الحضرة الإلهية) بدين جديد-بهاءالله


ذكرى مولد مظهر إلهي(مُرسل من الحضرة الإلهية) بدين جديد-بهاءالله

على مرّ التاريخ، تجلّى الله على البشرية من خلال سلسلة من الرسل أسس كل واحد منهم دينًا عظيمًا. ومن ضمنهم سيدنا إبراهيم وكريشنا وزردشت وموسى وبوذا وعيسى ومحمد عليهم السلام.

أقرب هولاء الرسل إلينا عهدًا هو حضرة بهاءالله الذي جاء بتعاليم روحانية واجتماعية جديدة تتوافق وعصرنا الحديث. علّمنا بأن هناك إله واحد، أن الأديان جميعًا من عند الله، وأن الوقت قد حان للبشرية لكي تدرك وحدتها وتتآلف.

وُلد حضرة بهاء الله في بلاد فارس في 12 نوفمبر عام 1817 (القرن التاسع عشر) في أسرة عريقة مرموقة الجانب، وكان من البديهي أنْ يجد نفسه في بُحبوحة من العيش وقسط وافر من الثراء. إلاّ أنّه ومنذ زمن مبكّر لم يُبدِ اهتماماً بالسير على خُطى والده والدخول إلى بلاط الشاه، مُؤثِراً أن يصرف جُلّ وقته وإمكاناته في رعاية الفقراء والحدب عليهم. وفيما بعد سُجن حضرة بهاء الله وتم نفيه نتيجة اعترافه بدين حضرة الباب(البابية) الذي قام يبشّر بدعوته عام ١٨٤٤ في بلاد فارس، وهو الذي كان مُقدّراً له أنْ يحقّق ما جاء به الإسلام من الوعود والنبوءات.

أشار حضرة الباب(القائم والمبشر بحضرة بهاءالله القيوم-الموعود المنتظر) في آثاره إلى قرب مجيء الموعود الذي بشّرتْ به الأديان العالمية كلّها، فكان أنْ أعلن حضرة بهاء الله بأنَّه ذلك الموعود المنتظر، فخصّ العصر الذي شهد مجيء رسالته بهذا التمجيد والثناء: ”إن هذا اليوم هو سلطان الأيّام جميعها، إنّه يوم ظهر فيه محبوب العالم، ومقصود العالمين منذ أزل الآزال.” وفي مناسبة أخرى يضيف قائلاً: ”قل إنيّ أنا المذكور بلسان الإشعيا وزُيّنَ باسمي التوراة والإنجيل.” أمّا في حقّ نفسه فقد صرح مؤكدا: ”إنَّ قلم القدس قد كتب على جبيني الأبيض بنور مبين أنْ يا ملأ الأرض وسكان السماء هذا لهو محبوبكم بالحقّ وهو الذي ما رأت عين الإبداع شبهه والذي بجماله قرّت عين الله الآمر المقتدر العزيز.”

قبل نيّف وقرن أضاء الكون وميض إلهي هو أنفس ما في الوجود، سماوي في فيضه، عظيم في جوهره، مثير في ظروف مولده، جليل في مقام صاحبه، مميز في شمولية رسالته، غني بآثاره وفيوضاته التي لا تضاهى، ذلك هو دين حضرة بهاءالله، المظهر الإلهي لهذا العصر. وقد انبثق نور هذا الدين من زنزانة مظلمة نتنة تحت الأرض في سجن سياه ﭽال بطهران، حيث سجن حضرة بهاءالله ومعه بعض البابيين وقد أحاط به مائة وخمسون سجينا من القتلة والمجرمين في الأشهر الأخيرة من عام 1852م.

كان حضرة بهاءالله، واسمه ميرزا حسين علي، نبيلا من نبلاء إقليم نور في بلاد فارس. وقد أكد العلامة البهائي -ميرزا أبو الفضل- في أبحاثه التاريخية الواسعة أن نسبه يرجع إلى زرادشت وملوك بلاد فارس الساسانيين وبذلك يكون مخلّص العالم من عرق فارسي نقي، وفقا لأحاديث معينة. كما يرجع نسبه أيضاً إلى حضرة إبراهيم من ثالث زوجاته -قتورة- فجمع في شخصه فرعي الديانتين الآرية والسامية. ولد حضرة بهاءالله في طهران 12 نوفمبر عام 1817م، وكان والده ميرزا عباس النوري معروفا بميرزا بزرك لدى الدوائر الملكية وأحد الشخصيات المهمة في بلاط الشاه.

قبل تسع سنوات تقريباً من سجنه في سياه ﭽال تسلم حضرة بهاءالله رسالة من مبعوث حضرة الباب يعلن فيها (الباب) أنه المبشر بالمظهر الإلهي الذي وعدت به الأديان السماوية. ولم يمض وقت طويل حتى قام حضرته بنشر دعوة حضرة الباب بين أقاربه وأصدقائه المقربين في إقليم نور ثم إلى الآخرين فيما بعد. اعتنق الكثيرون رسالة حضرة الباب وقاموا على نشرها ومن بينهم أعمام حضرة بهاءالله وعمّاته وإخوانه وأخواته وأبناء عمومته وغيرهم من البارزين والعلماء في إقليم نور حيث استشهد العديد منهم فيما بعد.

تميزت شخصية حضرة بهاءالله، قبل إعلان دعوة حضرة الباب، بخصال نبيلة وفضائل حميدة، تبلورت بعد ذلك متألقة بنور دين جديد ومدعومة بعنفوان ذلك الدين وقوته. وكان لا بد لشخصية مثله أن تجتذب اهتمام الناس جميعا. فعلمه اللدني، وبصيرته وحكمته، وإيمانه الراسخ، ودفاعه العلني عن دعوة حضرة الباب، وفصاحته الغالبة في شرح أصول الدين الجديد لجماعات المجتهدين والعلماء والعامة، بالإضافة إلى حنكته وحكمه النفاذ وقيادته الحكيمة لجماعة البابيين أثناء حبس حضرة الباب وبعد استشهاده، ما جعل منه محور عشق الجامعة البابية ومحط تقديرها، وبلغ من احترام الأتباع له أن أصبحوا يخاطبونه بضمير الجماعة. وفي مؤتمر بدشت لقب بـ”جناب البهاء” وهو لقب عززه حضرة الباب فيما بعد.

إن مظاهر التبجيل التي أحاطت به، مقترنة بدعوته العلنية للدين البابي، أثارت من حوله مقاومة الأعداء الذين طالما اضطهدوه في مناسبات عدة، وباتوا يتربصون به لسجنه فوجدوا فرصتهم سانحة بعد محاولة اغتيال ناصر الدين شاه من قِبل بعض البابيين الطائشين. فاعتقلوه وأجبروه على المشي أمام الخيالة الملكية بخطى سريعة حافي القدمين تقيدهما السلاسل من نياوران إلى طهران مسافة خمسة عشر ميلا تقريباً تحت أشعة الشمس الحارقة، وقد خلعوا عنه عمامته زيادة في الإذلال إذ كانت العمامة رمزا لهيبة الرجل في تلك الأيام.

لم يكن سياه ﭽال -الحفرة السوداء- سجناً عادياً بل حفرة كبيرة استخدمت لتجميع مياه أحد الحمامات العمومية في المدينة. له مدخل واحد ويقع في وسط العاصمة قريباً من مقر الشاه ومجاورا لـ”سبز ميدان”، مكان استشهاد شهداء طهران السبعة. زجّ فيه كثير من السجناء الذين حرم بعضهم من اللباس أو الفراش. إنه زنزانة مظلمة نتنة الهواء، كريهة الرائحة، أرضها رطبة مليئة بالقاذورات، إلى جانب قسوة الحرّاس والمسؤولين ووحشيتهم تجاه الضحايا البابيين الذين قيدوا معاً في ذلك المكان الموحش. طوقت عنق حضرة بهاءالله قيود تعرف باسم “قَره كُهَر”(قره كهر” أثقل من “السلاسل” وتزن نحو 51 كيلوغراما) ثم السلاسل التي اخترقت لحمه وتركت آثاراً على جسده المبارك حتى أواخر أيامه، ومن شدة ثقلها كانت تعطى للسجين شوكة خشبية لمساعدته على حملها.

في أحد الأيام سُمح لابنه الأرشد حضرة عبدالبهاء، وكان في التاسعة من عمره، أن يزور والده وذلك بفضل طيبة أحد السجانين ومحبته لحضرة بهاءالله. وعندما قطع الطفل نصف الممر أسفل الدرجات رآه والده من بعد فأمر بإبعاده فورا، وسمح له بالانتظار في باحة السجن حتى الظهيرة حينما كانت تعطى للسجناء ساعة واحدة لاستنشاق الهواء النقي. وعندما شاهد حضرة عبدالبهاء والده وهو أشعث الشعر واللحية مقيداً بالسلاسل مع ابن أخيه ميرزا محمود يسير بصعوبة بالغة وقد جرحت عنقه وانتفخت من ثقل السلاسل، وانحنى ظهره، أغمى عليه وحملوه إلى المنزل فاقد الوعي.

لقد كان مصير ميرزا محمود مأساويا، فبالرغم من عنايات حضرة بهاءالله له وشرف مشاركته القيود نفسها إلا أنه خانه بعد بضع سنين وانضم إلى يحيى أزل -الأخ غير الشقيق لحضرة بهاءالله- وعدوه اللدود وناقض عهد حضرة الباب.

في جو سياه ﭽال النتن وبأرجل مكبلة بالأغلال ورأس منحن أثقلته السلاسل الكبيرة تلقى حضرة بهاءالله، كما بيّن في “لوح ابن الذئب”، نداء الحق له مظهرا إلهيا كليا، ذلك المظهر الذي بشر به سائر الأنبياء السابقين كتجسيد كريشنا، وبوذا الخامس، وشاه بهرام، ورب الجنود، وعودة المسيح في مجد الأب، وروح الله، والذي لقّبه حضرة الباب بـ”من يظهره الله”. ووصف حضرته بوادر تجلّي الروح الأعظم على روحه قائلا:

“وبالرغم من أن النوم كان عزيز المنال من وطأة السلاسل والروائح النتنة حين كنت رهين سجن أرض الطاء (طهران) إلا أنني كنت في هجعاتي اليسيرة أحسّ كأن شيئا ما يتدفق من أعلى رأسي وينحدر على صدري كأنه النهر العظيم ينحدر من قلّة جبل باذخ رفيع إلى الأرض فتلتهب جميع الأعضاء لذلك. في ذلك الحين كان اللسان يرتل ما لا يقوى على الإصغاء إليه أحد.”

وبينما كان حضرة بهاءالله مسجوناً في طهران أمر ناصر الدين شاه رئيس وزرائه ميرزا آقا خان أن يرسل جنودا إلى إقليم نور لاعتقال أتباع حضرة الباب في تلك الأنحاء. وحيث أن رئيس الوزراء كان من “نور” وتربطه بحضرة بهاءالله صلة نسب بزواج ابنة أخيه من ميرزا محمد حسن، الأخ غير الشقيق لحضرته، فقد بذل كل جهد لحماية أقارب حضرة بهاءالله في “نور” إلا أنه فشل.

فكان أن صادر الشاه أملاك حضرة بهاءالله وسوي منزله في “نور” بالأرض، وحتى رئيس الوزراء نفسه استغل الموقف وسجل بعض تلك الأملاك باسمه دون أن يدفع أية تعويضات. كما نهب منزل حضرة بهاءالله الفاخر في طهران وأُفرغ من أثاثه الثمين واستولى رئيس الوزراء على بعض المخطوطات القيمة، من بينها جزء من لوح لا يقدر بثمن، مخطوط على الجلد منذ أكثر من ألف عام بخط يد الإمام علي، ومخطوطة نادرة من شِعر “حافظ” كتبها خطاط مشهور.

ومع أن معظم البابيين اقتيدوا من السجن الواحد تلو الآخر ليستشهدوا في “سبز ميدان” المجاور إلا أن حياة حضرة بهاءالله سلمت بفضل العناية الإلهية ثم أُطلق سراحه بعد أربعة أشهر وأمر بمغادرة بلاد فارس خلال شهر واحد.

حضرة بهاءالله في المنفى

غادر حضرة بهاءالله السجن وقد جرد من ممتلكاته واعتلّت صحته وحنت قامته ثقل القيود وأدمت رقبته وورّمتها حدة السلاسل. لم يصرح لأحد عن تجربته مع الوحي الإلهي إلا أن المقربين منه لم يغب عنهم ما طرأ على شخصيته من تألق وقوة وتغيير روحاني لم يشهدوا له مثيلا من قبل.

في الثاني عشر من كانون الثاني عام 1853م غادر حضرة بهاءالله طهران إلى العراق يرافقه ابنه الأكبر عباس، الذي كان في التاسعة من عمره، واتخذ فيما بعد لنفسه لقب “عبدالبهاء”. وبفضل بصيرته الروحانية أدرك مقام والده وما يزال بعد طفلا،واعتاد حضرة بهاءالله في بغداد أن يناديه بالمولى (آقا) رِفعاً لمقامه بالرغم من حداثة سنه، وهو لقب كان حضرة بهاءالله يخاطب به والده في طهران. وأنعم عليه فيما بعد بعدة ألقاب رفيعة منها: “الغصن الأعظم”، و”سر الله”، و”غصن الأمر”، و”من طاف حوله الأسماء”. ويعتبر بعد الرسالة الإلهية أثمن هدية من حضرة بهاءالله للبشرية، وقدر له أن يخلف والده مركزاً لميثاقه وأن يعهد إليه بإدارة كامل شؤون دين الله، وبعد صعود صاحب الأمر أن يكون منبع القوى الروحية التي أطلقها حضرة بهاءالله لإحياء الجنس البشري.

ورافق حضرة بهاءالله من أفراد عائلته المباركة ابنته بهائية خانم ذات السنوات الست والملقّبة بـ”الورقة المباركة العليا” وهي التي تبوأت مرتبة فريدة في الدورة البهائية وتعتبر من أبرز نساء هذا العصر. كانت حياتها مفعمة بالتجارب والمحن قلّما تحمّلها أحد من العائلة بمثل ذلك التسليم والثبات، والى جانب مشاركته الآلام، عاشت تحت نير الحزن والكرب بما أصاب حضرة بهاءالله وحضرة عبدالبهاء من معاملة وحشية قاسية. وتعجز الكلمات عن وصف درجة إخلاص الورقة المباركة العليا -ورقة الفردوس الأبهى- في خدمة حضرة بهاءالله وحضرة عبدالبهاء وتعجز الأقلام عن وصف فضائل حياتها الطاهرة.

لقد تخلت الورقة المباركة العليا عن فكرة الزواج حتى تتفرغ لخدمة والدها، وتمكنت عبر السنين بفضل إيمانها الراسخ ومثابرتها أن تخفف عن حضرة بهاءالله وأفراد عائلتها بعض المعاناة، وعكست في حياتها تلك المواهب والخصال التي تميز بها شقيقها حضرة عبدالبهاء، المثل الأعلى لدين حضرة بهاءالله.

وفي رحلة حضرة بهاءالله هذه رافقته زوجته آسية خانم التي لقَبها بـ”نوّاب” و”الورقة العليا”. وقد كانت آسية خانم، وهي ابنة أحد النبلاء يدعى ميرزا إسماعيل الوزير، صاحبة خلق رفيع وخصال نبيلة تشع عطفا وشفقة. وصفتها ابنتها الورقة المباركة العليا بهذه الكلمات:

“… أستعيد في ذاكرتي أول ذكرياتي فأجدها ملكة في وقارها وجمالها، تراعي مشاعر الجميع، مثالا للرقة واللطافة، مدهشة في إيثارها، وكل عمل تقوم به لا تستطيع إلا أن تجد فيه المحبة من قلبها الصافي الطهور. تشع منها المودة وعلائم السعادة أينما حلّت، وتطوق الزائرين بشذى اللطافة والكياسة.”

كان إيمانها بحضرة بهاءالله -وهو في قلبها مولاها- راسخاً لا يتزعزع، فقاست في سبيل محبته الآلام والصعاب بكل صبر وأناة جراء النفي أربع مرات متتالية. وفي لوح وجهه حضرة بهاءالله إليها بعد صعودها عام 1303ه‍ (حوالي 1886م) أسبغ عليها مقاما مميزا فريدا من نوعه فأشار إلى أنها ستكون “صاحبته الأبدية في كل عوالم الله”.

ولمحبتهما لحضرة بهاءالله، أبدى اثنان من عائلته المباركة رغبتهما في مرافقته إلى منفاه وهما أخوه ميرزا موسى، الذي يصغره سنا، ولقبه “آقاي كليم”، وأخوه الأصغر غير الشقيق،ميرزا محمد قلي الذي كان في العقد الثاني من عمره، فلازماه وشاركاه صعاب النفي المتكرر من بلد إلى آخر.

انجذب قلب آقاي كليم واستيقظت روحه في اللحظة التاريخية التي تسلم فيها حضرة بهاءالله الرسالة من مندوب حضرة الباب، وأصبح أكثر إخوانه إخلاصا له ومحطا للثقة ونصيرا أمينا قويا لا يعرف الكلل أو الضعف في حماية حضرة بهاءالله، إلى أن تسلم حضرة عبدالبهاء تلك المهام لينوب عن حضرة بهاءالله في مقابلة الوزراء والمسؤولين في الحكومة والشّخصيات البارزة ورجال الدين. فحياته المليئة بالخدمات والتضحيات رفعته إلى المقام الأول بين حواريي حضرة بهاءالله.

أما الأخ الآخر، ميرزا محمد قلي، الذي كان يكبر حضرة عبدالبهاء بسبع سنوات فقط، فقد كانت تربطه بحضرة بهاءالله علاقة قوية منذ الطفولة لأن والدهما توفي بعد فترة قصيرة من ميلاد ميرزا محمد قلي، فتلقّى الرعاية والتربية اللازمة من حضرة بهاءالله. كان هادئا في طبعه محبوباً من أقرانه، وظل أيام حياته مخلصا وفيا لأخيه البارز الشهير، وقد منح شرف نصب خيمة الجمال المبارك أثناء سفره من بغداد إلى الآستانة، كما كان يقدم الشاي للحاضرين في المحضر المبارك في مناسبات أخرى.

أما الأخوة الثمانية الباقون لحضرة بهاءالله، فإن واحدا منهم هو ميرزا محمد حسن الذي يكبره سنا، كان مؤمنا مخلصا حائزا على التقدير. والآخرون عدا ميرزا يحيى، الذي أصبح الناقض الأكبر لميثاق حضرة الباب ومن ألد أعداء حضرة بهاءالله، فمنهم من مات قبل إعلان دعوتي حضرة الباب وحضرة بهاءالله أو ظلوا بعيدين عن أنوار الدين الجديد.

في زمهرير الشتاء والبرد القارس، وعبر جبال بلاد فارس الغربية المغطاة بالثلوج، بدأت الرحلة إلى بغداد. كانت المعاناة شديدة، فأصابت المنفيين بكثير من الأذى والضرر. بقي حضرة بهاءالله في العراق عشر سنوات أمضى منها سنتين وحيداً في جبال كردستان الموحشة، ومعظم السنوات الباقية في بغداد.

ولكن الأعداء، ومن ضمنهم القنصل العام للحكومة الفارسية في بغداد وبعض رجال الدين، نجحوا في مسعاهم لنفيه مرة أخرى. فصدر مرسوم السلطان، بناء على رسالة من الحكومة الفارسية إلى الحكومة العثمانية، باستدعاء حضرة بهاءالله إلى الآستانة. وفي عشية مغادرته العراق عام 1863م، وفي مكان خارج بغداد، كشف عن مقامه لأصحابه على أنه “من يظهره الله” الذي بشر به حضرة الباب، وأنه الموعود المنتظر.

وبعد أن أمضى قرابة خمسة أشهر في العاصمة العثمانية، بدأ أعداؤه سعيهم في نفيه مرة أخرى، فنجحوا في إرساله إلى أدرنة، التي أسماها حضرته بـ”السجن البعيد” وفيها بلغت شمس ظهوره سمتها إذ أعلن دعوته للعالم أجمع. ولمدة خمس سنوات تحمل صنوف البلايا والمحن ثم نفي أخيرا إلى مدينة السجن -عكاء- في الأراضي المقدسة.

أمضى حضرة بهاءالله السنوات الأربع والعشرين الأخيرة من ولايته في عكاء أو في الأرياف المجاورة. فالمحن والآلام التي أحاطت به خلال السنوات التسع الأولى من سجنه داخل أسوار عكاء كانت شديدة القساوة حتى أنه أشار إليها في أحد ألواحه بما يلي: “إن في ورودنا هذا المقام سمّيناه بالسجن الأعظم، ومن قبل كنا في أرض أخرى تحت السلاسل والأغلال (أي طهران)، وما سمي بذلك…”

الصّعود

وهكذا قضى بهاءالله أواخر أيّامه على الأرض بكلّ بساطة وهدوء، وبعد إصابته بالحمّى، صعد في 29 مايو (أيّار) 1892، في الخامسة والسّبعين من العمر.

وكانت وصيّته المعروفة بـ “كتاب عهدي” من الألواح الأخيرة التّي نزلت، وكتبت بخطه، وأمضاها وختمها. وقد فضّ ختمها بعد مضيّ تسعة أيّام من صعوده، بيد نجله الأكبر، بحضور أعضاء أسرته وبعض الأصحاب، فاتّضحت مضامين تلكم الوثيقة الشّهيرة.

وبمقتضى هذه الوصيّة، أصبح عبدالبهاء مركز عهد بهاءالله وميثاقه ومبيّنًا لتعاليمه. وقد أمر بهاءالله أسرته وأقرباءه وجميع المؤمنين بالتوّجه إليه وبإطاعته.

وبهذا التّرتيب امتنع ظهور الانقسامات المذهبيّة في الدّين البهائيّ، وضمنت وحدة الأمر الإلهيّ ضمانًا كاملاً.

Thursday, November 10, 2011

إصداراتي اليوم

صدر لي هذا اليوم مقال تحت عنوان


ذكرى مولد مظهر إلهي(مُرسل من الحضرة الإلهية) بدين جديد-بهاءاللهً

على الرابط التالي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=282945

Wednesday, November 9, 2011

إصداراتي اليوم


صدر لي منذ لحظات الجزء الثاني والأخير من المقال

كيف تم تقسيم العالم بواسطة الدين ولماذا؟-2-2-

على الرابط التالي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=282847

Wednesday, November 2, 2011

Powered By Blogger