Friday, February 29, 2008

معانى لؤلئية

الملك وجبرئيل والجن والغول

بخصوص معنى الجن
المراد من الجن في آية القرأن المباركة هم نفوسا تكون ايمانهم وافكارهم مستورة ومخفية ، الجن موجود خفي لذا يتفضل :
" يرونكم من حيث لا ترونهم أي هؤلاء مطلعين على ايمانكم وايقانكم ولكن ايمانهم وايقانهم مخفية عليكم
. الجن من استجن فيه نور الايمان أو نار الطعيان".
( مائدة اسماني ص 34 مجلد2)

"اعلم بأن الله تعالى خلق الانسان من اربع عناصر النار والهواء والماء والتراب وظهر من النار الحرارة ومنها ظهرت الحركة ولما غلب في الانسان طبيعة النار على ساير الطبايع يطلق عليه هذا الاسم وهو في الحقيقة الاولية يطلق على المؤمنين بالله والموقنين بآياته والمجاهدين في سبيله لانهم خلقوا من نار الكلمة الربانية التي تكلم بها لسان العظمة قال وقوله الحق وخلق الجان من مارج من نار وكذلك وصفهم في كتابه المبين بقوله المتين اشداء على الكفار لان في مقام الجهاد مع اهل العناد وتراهم كالبرق اللامع والرمح القامع تعالى من حركهم بتلك النار الموقدة ولما تنظر إلى رحمهم ولطفهم واتباعهم امرالله وتقديسهم عما سواه تسميهم بالملائكة وفي مقام يطلق على الذين يسبقون في الايمان عما دونهم بما يرى منهم سرعة الحركة من النار الموقدة من الكلمة الإلهية لان من قلوبهم ترتفع زفرات المحبة والوداد في بواطنهم تلتهب نيران مودة مالك المبدأ والمعاد.
اذا فاعرف ايها السائل بانا فسرنا لك التفسير الحقيقي في هذا الاسم ولكن فاعلم بانه يطلق على غير المؤمنين مجازا بما يرى منهم من الكبر والاستكبار في امرالله والمحاربة والمجاهدة مع انبياء الله ويدل على هذين التفسيرين ما نزل من جبروت مشية الله رب العالمين في سورة الجن قوله تعالى : قل أوحى إلى انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرأنا عجبا. يهدى إلى الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا احدا.... إلى قوله تعالى وان منا الصالحون ومن دون ذلك كنا طرائق قددا.
فيا ايها العبد المتوجه إلى الله قد نزل في آيات مالك المبدأ والمآل كلما يخطر بالبال فلا تحتاج بالجواب و السؤال ولكن احتياج اهل الوداد هو من تشتت الألواح في البلاد نسئل الله بأن يوفق احبائه على قراءة آياته والواحه ويؤيدهم على عرفانها والاستغناء عما دونها ونسأله تعالى بأن يقدر لك ولاحبائه خير الدنيا والآخره ويسكنكم في ظلال، شجرة عنايته والطافه ويشربكم من معين رحمة وافضاله انهعلى كل شي قدير لا اله الا هو الواحد الفرد العزيز الحكيم."

( مائدة اسماني ص 46 مجلد 2 )

يتفضل حضرة بهاء الله في احد الالواح بقوله الأحلى
" واما ما سألت فيما انزله الرحمن في الفرقان على محمد رسول الله قوله تعالى جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع، ان للملائكة مراتب مختلفة وكذلك مقامات عالية بعضهم فوق بعض، وكذلك بعض منهم منشغلين بتربية العالم الانساني ، والبعض مأمورين بكتابة أقوال واعمال وافعال العباد ، الملائكة الاربعة المعروفة كل واحدة منها عينت لخدمة ما ، كما سمع الكل بذلك ويعرفه، وكذلك الملائكة التي هم في عالم من عوالم الحق ، وبعض الملائكة هم متيمين بتجليات الحق جل جلاله ورزقهم لقاءه وعملهم قربه، ذلك الحزب منشغلين بالمكاشفة والمشاهدة ومسرورين من الاول الذي لا اول له ، لم ولن يتوجهوا بغير الحق ، الى اخر الذي لا اخر له . وحزب اخرمن الملائكة معروفين بالعالين لم يطلع بهم الا الله العليم الخبير، وحزب تصدق عليهم تنزل الملائكة والروح ، وللروح ايضا مراتب مذكورة ومشهوره ، مثلا روح القدس المذكوره في الكتب، ويذكره البعض بجبرئيل ، وكذلك روح الامين وروح الايمان وروح الايقان وروح الامر وروح العظمة وروح القدرة وروح الجمال وروح الجلال وامثال ذلك ، وما تفضل جاعل الملائكة رسلا ، المقصود هو ان الملائكة هم وسائط بين الله وبين اصفيائه واوليائه يبلغون اليهم رسالات ربهم بالوحي او بالالهام أو بالرؤيا ويعلمونهم ما امورا به من لدى الله، بالملائكة نصر الله دينه واظهر امره واتم صنعه واتقن آثاره . وما يتفضل اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع ، المقصود هو ذكر مراتب الملائكة كما قيل سابقا، فهم اصحاب الاجنحة المتعددة المتفاوتة بتفاوت مراتبهم ومقاماتهم ، ينزلون بها ويعرجون ، ولبعضهم اجنحة بعدد الاسماء الالهية، كما ان في ليلة المعراج التقى خاتم الانبياء بجبرئيل وقال : له ستمائة جناح ، وكل حزب يذكر شيئا في هذه المقامات ، ويتخذون سبيلا. ذكر هذا المظلوم اقوال بعض النفوس. الحقيقة كان امره عند الله. فقد ذكروا في كل حكم من الاحكام وامر من الامور ، ما لم يذكر في الملا الاعلى وغير مقبول عند اهل جنة العليا. ولو يذكر المقصود يفرون ويقولون ما قال المشركون من قبل ، قرأوا القرآن اكثر من الف وثلاثمائة سنة ، وكتبوا تفاسير عنه ولكن لعمر الله لم يستشموا عَرف حرفا منه.

ومن حضرة عبدالبهاء في خطاب له قوله العزيز:
اما خلق الجان من مارج من نار فهذا العنصر الناري لا يراه الابصار بل خفي عن الانظار وظاهر من حيث الاثار وحيث ان النفوس المستورة تحت الاستار سواء كان من الابرار ام من الاشرار طينتهم من مارج من نار التي هي عنصر مخفي عن الانظار ، أي امرهم مبهم وحقيقتهم مستورة عن اهل الافاق ، واما خلق الانسان من صلصال كالفخار ، اراد به النفوس المنجذبة بنفحات الله المشتعلة بنار محبة الله باطنهم عين ظاهرهم سرهم عين علانيتهم فهم خلاصة الكائنات، فالصلصال الصافي التراب هو خلاصة الحماء المسنون كثير البركات ينبت رياحين معرفة الله وحديقة اوراد محبة الله واما الملائكة اولو اجنحة مثنى وثلاث ورباع المراد من الاجنحة قوادم التأييد والتوفيق لان بها يتعارج الانسان الى اعلى معارج العرفان ويطير الى بحبوحة جنة الرضوان بسرعة لا يخطر ببال الانسان والمراد من الملائكة الحقائق القدوسية التي استنبأت عن مواهب ربها وتنزهت عن النقائص والرذائل، و تقدست عن كل الشوائب واكتسبت جميع الفضائل واطاعت ربها بجميع الوسائل لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون."
(مائده اسماني ص 71 مجلد 2 )


وقوله العزيز ، اما قضية الاجنة والغول والآل، ان كل ما نزل في الكتب السماوية لها معنى، وكل ما في افواه العوام جميعها اوهام محض ، المراد من الاجنة هم النفوس الخفية التي لا يظهر ولا يشهد ايمانهم و انكارهم "

معنى الشيطان
يتفضل حضرة عبدالبهاء لسيد مهدي گلپايگاني في عشق آباد قوله المتين :
المقصود من الشيطان هو عالم الطبيعة البشرية ، التي تشجع الانسان على رذائل الاخلاق ، من ضمنها المنازعة من اجل البقاء ، الوحشية والاخلاق الفاسدة والفسق والفجور وعدم النخوة ومص الدماء مثل السباع الضارية وهي كلها منبعثة من عالم الطبيعة। أي ان الشيطان عبارة عن القوى الطبيعية التي تسمى في عالم الحقيقة بالنفس الامارة। اذا هذا هو المقصود من عبارة الانجيل بان عالم الطبيعة دل حضرة المسيح على الموافقة، لأنه بسبب هذه القوى الطبيعية تمكّن تمكّنا تاما في عالم الطبيعة ، الجبل الشاهق كان اعلى ذروة لعالم الطبيعة ،و في ذلك المقام تجلت زخارف وشؤون عالم الطبيعة في نظر حضرته، ولكن نورانية حضرته وروحانيته قاوم الطبيعة ورفض هواجس الطبيعة.
سجود الملائكة واستكبار ابليس
من حضرة النقطة الاولى في توقيع له قوله الاعلى: " واما ما سألت من قول الله عز وجل في حكم سجود الملائكة واستكبار ابليس حيث قال جل وعلا استكبرت ام كنت من العالين ، فانظر بعين البدء، فان الله قد خلق في كل شئ ثلاثة آيات من نفسه وهي آية كرامية آل الله وانهم لهم العالون وآية من ملائكته وهي شئون العبودية الحقة ، في كل مقام بحقيقته آية من المهيتة المجتثة لحفظ عوالمه بما قبلت لنفسه من دون امر ولا جبر فخذ معنى الآية من المشية الى منتهى مقام الملك ، وان كل الملائكة قد سجدوا لآدم إلا ابليس ففسق وحده... وان اليوم لو انت بنفسك وحده تقر بهذا الامر ومن على الارض كلهم يعرضون من هذا الامر فهذه تصدق في حقك.... فاعرف الاشارة فانها نزلت عن وراء سبعين الف حجاب."

الملائكة
يتفضل حضرة عبدالبهاء : " اما ما سألت يا ايها المتوجه إلى ساحة البقاء والمقتبس من قبسات شجرة طور السيناء من الملائكة والمراد بهذا الاسم في الايات الإلهية فاعلم بان له معان شتى وفي مقام الخلق يطلق على الذين قدست اذيالهم عن الشهوات ويتبعون رب السموات في كل الصفات وهذا الاسم يطلق على باطنهم ويحكي عن سرهم وحقيقتهم ... وفي مقام الحق يطلق على انبياء الله ورسله كما قال تبارك وتعالى في القرآن الكريم " الحمدلله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع وقد أراد رب العزة من الاجنحة في هذه الاية شئون الايات واقسام البينات التي بعثهم بها وجعلها سبب وصول العباد إلى معدن الرشاد وهداية الخلق إلى جنة الحب والوداد لانها هي السبب الأعظم لترقي العالم والجناح الاقوم لطيران القلوب الصافية إلى جنة الاحدية ومقام قدس الواحدية لذا سميت بالاجنحة في الكتب الإلهية.. واني لو اريد ان افصل في هذا المقام ليطول الكلام ومن يريد ان يطلع ويعرف بالتفصيل فليقرأ آيات الله العزيز الجميل ويتفكر في المقامات التي نزلت هذا الاسم اذا يعرف المراد ويقنع عما ذكر في كتب العباد وفي مقام يطلق هذا الاسم على احكام نزلت من سماء مشيئة الرحمن ويجعلها الله السبب الأعظم لحفظ العالم وقدر بها الموت والحياة وانها هي في مقام اخذ الروح عن المشركين وتسمى عزرائيل وفي مقام حفظ عباد الله عن الآفات تسمى ملائكة حافظات وفي كل مقام تسمى في الايات الإلهية باسم مخصوص ولا يقدر العاقل ان يشك ويضطرب من اختلافات الاسماء التي نزلت في كتب الانبياء.....

العرش
يتفضل حضرة عبدالبهاء جل ثنائه :

" ..فاعلم بان المراد من العرش هو قلب الانسان كما تغرد عندليب البقاء وورقاء العماء قلب المؤمن عرش الرحمن ونطق لسان العظمة في الكلمات المكنونة فؤادك منزلي وروحك منظري طهره لظهوري لانه يقبل تجلي الجمال ويستقر عليه سلطان محبة مالك المبدأ والمآل...

عالم الذر
من حضرة عبدالبهاء قوله العزيز : " عالم الذر هو حقائق وتعينات واستعدادات وقابليات الانسان في مرآة العلم الالهي، وبما ان القابليات والاستعدادات مختلفة ، فكل واحد له اقتضاء ، وهذا الاقتضاء عبارة عن القبول والاستدعاء."

معنى طول عمر القدماء

من حضرة عبدالبهاء قوله الجليل :
" نوحة آدم في سبعين الف سنة ليست عبارة عن السنين المعروفة والاعوام المعدودة بل انها زمن مفروض يستوعب زمانا ممدودا كيوم القيامة كان منصوصا بانه خمسون الف سنة فقضى بدقيقة واحدة كطرفة عين بل اقل من ذلك ، ولكن الامور التي لا تكاد تتم الا في خمسين الف عام قد تمت ووقعت وتحققت في آن واحد وهكذا نوحة نوح كانت كالنياح الذي يمتد في سبعين الف سنة هذا عبارة عن ذلك"

وفي خطاب آخر قوله العزيز : هوالله : يا عبد جمال الابهى ،ان ذكر امتداد حياة السلف هو امر اعتباري وليس بحساب مصطلح هذه الايام ، لان في الازمنة القديمة كانت السنين مختلفة ، البعض كان يحسب الشهر بسنة والبعض دورة الشمس وكذلك دورة كل كوكب من الكواكب السيارة بسنة،مثل السنة القمرية ، السنة الشمسية ، سنة الزهرة وسنة العطارد ، السنة المريخية ، سنة المشتري ، سنة الزحل، وهي عبارة عن مدة دورة هذه الكواكب والا ايام الحياة هي هذه بكل وضوح ، الا ان اجسام القدماء من حيث المعيشة البسيطة كان قوية وبنيتهم شديدة."

Sunday, February 17, 2008

"كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه"- (قرآن كريم-آل عمران-آية93).

فى "لوح كل الطعام"-الصادر من يراع حضرة بهاءالله-(المظهر الإلهى للعقيدة والدين البهائى)- تفسير آية "كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه" (قرآن كريم-آل عمران-آية93).يبدو أن الآية القرآنية حول طعام بني إسرائيل قد نزلت ردا على إصرار اليهود بأن أحكام الإسلام بتحريم بعض أنواع الطعام، خلافا لما يدعيه المسلمون، لا تتفق وأحكام اليهودية. وقد شرح حضرة بهاءالله أن لهذه الآية في العوالم الروحانية الإلهية معان لا تحصى ومعظمها فوق إدراك البشر، وأنه قادر على الكشف عن معانيها لسنوات عدة بعلمه الذي أحاط العالمين، وقد فسر حضرة بهاءالله بعضا منها مبيناً المعنى الروحاني للطعام. وهكذا كشف النقاب عن المدى الشاسع لما تتمتع به عوالم الله الروحانية المنزهة عن العد والحد، والمقدسة عن الفهم والإدراك، من عظمة وبهاء وأسرار خفية، وآفاق واسعة.ذكر حضرة بهاءالله في لوحه المبارك("لوح كل الطعام") هذا أربعة من هذه العوالم. وحتى ندرك بعض أسرارها، دعونا نوجه أفكارنا إلى المخلوقات على وجه الأرض. فهناك الممالك المختلفة التي تعيش معا، وكل يسعى إلى تحقيق هدفه. ويمكننا القول بأن الإنسان يعمل في ثلاثة محاور في آن معا. فقياسا بالممالك الأدنى مثل النبات والحيوان فإنه هو المتفوق والمهيمن، بينما في مملكته عليه أن يعيش مع أقرانه في وئام واتحاد، أما بالنسبة إلى المظاهر الإلهية فهو في رتبة أدنى. ففي مثالنا هذا يمكننا ملاحظة ثلاث مراتب من المواهب والصفات التي يمكن للإنسان أن يتبوأها مع الحفاظ على إنسانيته: الوحدة، العبودية، التفوق.وهكذا فإن عوالم الله المذكورة في اللوح المبارك تقع في مراتب متباينة، منها مقام عرش "الهاهوت" وهو "جنة الأحدية" كما وصفه حضرة بهاءالله، وهو أيضا "مقام سر الصمدانية"، و"آنية الأحدانية". وهذا المقام لا تدركه حتى المظاهر الإلهية لسمو قداسته. وقد تفضل حضرة بهاءالله في أحد ألواحه قائلا:"من الأزل الذي لا يعرف، كان الله محتجبا في حقيقة ذاته العليا، وإنه لا يزال مخفياً يكون إلى الأبد في سر جوهره الذي لا يعرف... فقد انصعق عشرات الآلاف من الأنبياء كل كان موسى في سيناء البحث عن صوت الله الناهي (إنك لن تراني) بينما ربوات المرسلين كل كان كالمسيح في عظمته قاموا على عروشهم المقدسة مرتاعين لصوت المنع (إن كينونتي لن تعرفها)."ويلي ذلك عرش "اللاهوت" وهو "مقام جنة الصمدية" و"ساحة القدس". وفي آثار حضرة بهاءالله يبدو أن عالم اللاهوت ربما يكون عالم الله بالنسبة إلى مظاهره وأصفيائه المختارين. وهم في محضره ما ارتأوا لأنفسهم مقاماً لأنهم عدم صرف تلقاء وجهه ولا كينونة إلا كينونته وهم في "مقام هو هو وليس أحد إلا هو".وهناك عالم روحاني آخر وصفه حضرة بهاءالله بـ"طمطام الجبروت"، "جنة الواحدية"، "أرض الصفراء". وهو مقام أنت هو وهو أنت، عباد الذين لا ينطقون إلا بإذن الله ولا يعملون إلا بأمره ولا ينهون إلا بحكمه، كما وصفهم الله بأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. ويبدو أن هذا العالم هو الملكوت الذي يكون فيه المختارون من خلق الله، بالنسبة إلى المخلوقات، مخولين بسلطته.هناك الكثير من البيانات المباركة يبين فيها حضرة بهاءالله طبيعة المقام المزدوج للمظاهر الإلهية وأصفياء الله. ففي نسبتهم إلى الله تبدو هذه النفوس المقدسة وكأنها عدم صرف، أما بنسبتهم إلى عالم الخلق فهم حائزون على سائر الصفات الإلهية ومقربون من الله. وكما تفضل حضرة بهاءالله في إحدى مناجاته:"كلما أنظر إليك أنادي كل الكائنات وأقول إنني أنا الله، وكلما أنظر إلى نفسي أجدها أحقر من الطين."وفي الآثار الإسلامية نجد مثل هذه البيانات المباركة. فالحديث الشريف التالي عن لسان النبي محمد(صلعم) يدلل بوضوح على المقام المزدوج لرسل الله بقوله: "لنا مع الله حالات نحن فيها هو وهو نحن وهو هو ونحن نحن".وعالم آخر من عوالم الله الروحانية هو "قمقام الملكوت" أي "مملكة الله" الذي أشار إليه الأنبياء السابقون مرارا، كما أن حضرة بهاءالله وصفه في "لوح كل الطعام" بـ"جنة العدل".وبمعزل عن هذه العوالم الروحانية الأربعة، أشار حضرته في هذا اللوح إلى عالم "الناسوت" وهو العالم الفاني الذي وصفه بـ"جنة الفضل". وأكد في العديد من ألواحه أن كلا العالمين: عالم المظاهر الإلهية وعالم الإنسان، ظهر في هذا الوجود بالفضل الإلهي وحده، وإذا ما تبدل لحظة ليجري عدله آل الوجود إلى العدم.وفي "لوح كل الطعام" يصف حضرة بهاءالله معان أخرى لكلمة "طعام" التي وردت في الآية الفرقانية المذكورة. ففي مقام تعني "كل العلوم" وفي آخر "معرفة صاحب الأمر"، كما بيّن أنها في الدورة الإسلامية يمكن أن تفهم على أنها ولاية أئمة الهدى الذين خلفوا النبي عليه السلام. أما في ظهوره الذي لم يكشف عنه بعد، فقد وصف الطعام بـ"بحر الغيب الذي هو المكنون في صحائف النور والمخزون في ألواح المسطور".

Wednesday, February 13, 2008

المقصود من كلمة الملائكة فى سورة المدثر

معنى الملائكة في الآية الكريمة النازلة في سورة المدثر
{ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا }
أن لفظ الملك واحد الملائكة والملائكة في اللغة العربية توافق لفظًا ومعنى ما في اللغة العبرانية حيث أنها مأخوذة من الأصل السامي الذ منه اشتقت اللغات السريانية والعبرانية والعربية والآشورية والكلدانية وهو يفيد معنى المالكية والاستيلاء على شيء فكما أنه أطلق لفظ الملك والملائكة في الكلمات النبوية المحفوظة في الكتب السماية على النفوس القدسية والأئمة الهداة لخلعهم ثياب البشرية وتخلقهم بالأخلاق الروحانية الملكوتية فملكوا زمام الهداية وصاروا ملوك ممالك الولاية كأهنم أعطوا سلطة مطلقة في سعادة الناس وشقاوتهم وهدايتهم وضلالتهم وهذا هو معنى الولاية المطلقة التي جاءت في الأخبار ولذا سمي سيد الأبرار وأمير الأبراربقيم الجنة والنار كذلك أطلق هذا اللفظ في الكلمات النبوية على رؤساء الأشرار وأئمة الضلال حيث أنهم قادة الفجّار يقودونهم إلى النار ولذا أطلق عليهم لفظ الملائكة كما أنه أطلق عليهم لفظ الأئمة في قوله تعالى { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } وفي الكتب المقدسة العتيقة أيضًا أطلق لفظ الملاك والملائكة عليهم كما جاء في سفر الرؤية في الإصحاح التاسع بعد إخباره عن ظهور الخلافة الجائرة الأموية والمملكة العضوضية المروانية في الدورة الإسلامية بقوله ( ولها ملاك الهاوية ملكًا عليها اسمه بالعبرانية ابدون وباليونانية ابوليون ) وهذا على حسب الترجمة البروتستانتية * واما على حسب ترجمة اللاتينيين أي الكاثوليك فهكذا ( ولها ملاك وهو ملاك الهاوية اسمه بالعبرانية ابدون وباليونانية ابوليون أي مهلك ) والمقصود هم أئمة الضلال ورؤساء تلك الخلافة الظالمة التي أساءت سياسة الأمة الإسلامية حتى أدت أخرتها إلى الذل والهوان والتهلكة والخسران كما تراه وتعلمه بالمشاهدة والعيان والله تعالى أعلم بما ينتهي إليه عاقبة تلك الأمة الأسيفة والملة الغافلة من غلبة أعداءهم وسوء نية رؤسائهم وجهل أوليائهم وتخاذلهم وخمولهم وغفلتهم وذهولهم مما يبكي العيون ويثير الشجون ويدمي القلوب ويهيج الكروب فلنترك هذا الذكر المحزن والأمر المشجي المشجن ولنرجع إلى ما كنا نتكلم فيه فإن داء هذه الأمة داء أعي كل نبيه وعز دواؤه على كل فطن * وجاء في الآية السابعة من الإصحاح الثاني عشر من هذا السفر أيضًا ( وحدث حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وملائكته ولم يقودوا فلم يوجد بعد ذلك مكانهم في السماء فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته . )
والمقصود بميخائيل هو مظهر أمر الله وبالملائكة أوليائه وأحبائه كما أن المقصود من التنين العظيم والحية القديمة أو الشيطان وملائكته هم رؤساء الظلم وأئمة الضلال وأتباعهم وأشياعهم لأنه روح الضلالة تجلت وظهرت باسم الخلافة الجائرة والملك المعضوض حيث أن رؤساءها قاوموا المظاهر المقدسة وحاربوا العترة النبوية حتى أودت بالأمة الأسيفة إلى الهلاكة الأبدية والذلة الدائمة * أن الديانات كلها أبواب للدخول في جنة رضاء الله تعالى أو أن تشريعها وظهورها كذلك تصير أبوابًا للدخول في جهنم بسخط الله حين نسخها وتغييرها مثلا كما أن الديانة الموسوية وشريعة التوراة كانت بابا للجنة ودخلت منها نفوس كثيرة في حوزة رضاء الله كذلك عين هذه الديانة صارت بابًا لجهنم في ظهور سيدنا عيسى عليه السلام فدخلت منها نفوس كثيرة في نار سخط الله لان اليهود بسبها أنكروا روح الله وخالفوا أمر الله وكذلك الديانة النصرانية كما أن في أول تشريعها دخلت نفوس كثيرة في النار لان النصارى بسببها أنكروا رسول الله وكذّبوا نبي الله ودخلوا في نار سخط الله وهكذا سائر الأديان في سائر الأديان في سائر الأزمان وكما أن الباب صح إطلاقه على الديانات لانها أبواب دخول الخلق في جنة الرضا كذلك أطلق في الكلمات على الأنبياء وكبار الأنبياء بمناسبة المعنى الذي ذكرناه ولذا جاء في زيارة الجامعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام هذه العبارة ( أنتم باب الله المؤتى والمأخوذ عنه )
وإليه أشير في الآية الكريمة { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه رحمة وظاهره من قبله العذاب } فالمراد بملائكة النار في الآية المباركة هو هذه الرجال من أصحاب الدجال وأئمة الضلال. واما في هذا الدور الحميد والكور المجيد فعدوا أبواب النار ثلاثة وهؤلاء أيضًا ملائكة الجحيم وقادة أصحاب الشمال إلى العذاب الأليم وعلو مقامهم وسمو مراكزهم صار سبب افتتان الجهال وإضلال أصحاب الشمال كما يدلك عليه قوله تعالى
{ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب } وفي كل دور وزمان توجد لكلمات الله تعالى مصاديق يعرفها أهل الإيمان وحملة القرآن ومخازن الحكمة ومطالع البيان حيث أن روحي الهداية والضلالة دائمًا ساريتان في الخلق وينبوع الكفر والإيمان تجريان بين نوع الإنسان في طول الأزمان وليس لظهور الله حد محدود وميعاد مخصوص فإنه جلّت قدرته ناظر دائمًا في قلوب عباده وأفئدة خلقه فإذا رأى فيها استعدادًا للقوب والإقبال يظهر الأمر في الحال فلابد أن تكون مصاديق كلماته موجودة في كل الأزمان وأبواب الجنة مفتوحة في جميع الأحيان * ( أبو الفضل كليايكاني الإيراني )
وذلك في 30 من شهر شوال المكرم سنة 1318

Powered By Blogger