Tuesday, January 22, 2008

من الرحيق المختوم فى كشف المعانى الإلهية

( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة )

أن تفسير الآية عن ظاهرها معلوم وصحيح حيث أن موسى عليه السلام لما أخرج بني إسرائيل من مصر وسكنوا بالبرية كانوا إذ ذاك على ديانة الصابئة القديمة فوعد موسى قومه أن يصعد إلى الجبل ثلاثين ليلة ليسأل ربه تعالى أن يعطيهم شريعة تكفل لهم الحيوة والعزة وتحفظهم عن الموت والذلة فلما صعد موسى وفارق قومه امتدت أيام مفارقته أربعين ليلة فافتتن بنو إسرائيل ورجعوا إلى عبادة التماثيل وبقية قصصهم محفوظة في التواريخ ولا نحتاج فيها إلى البسط والتطويل ولو فسرناها على الباطن والتأويل فالمراد بالليل هو عبارة عن أيام غيبة شمس الحقيقة واليوم على حسب ما نزل في التوراة المقدس يحسب كل يوم واحد بسنة واحدة * وكان موسى عليه السلام لما فارق أرض مصر وفرَّ عن فرعون وملئه إلى مدين كان ابن ثلاثين سنة وأقام في مدين عشر سنوات يشتغل فيها برعي أغنام شعيب النبي عليه السلام وكان في طي هذه المدة التي كانت كالليالي المظلمة والدياجي الكالحة من ظلم الفرعون وأوهام الصابئة مشتغلا بتهذيب أخلاقه وتطييب أعراقه وتنقية فؤاده والمناجاة مع ربه في وحدته وانفراده فلما طاب خُلقه وتم خَلْقه بعثه الله نبيًا لبني إسرائيل وإنقاذهم من ذاك الوبيل * فالمراد بأربعين ليلة هو أربعون سنة أقام موسى عليه السلام في مصر ومدين ولا تنافي كلمة
( واعدنا ) هذا التفسير حيث ظاهرها يقتضي تكلُّم الرب تعالى مع موسى قبل بعثته فإن أمثال هذه الكلمة كثيرًا ما أطلقت على ما ألقي في الروع وألهم في القلب حتى على الحيوانات كما يدلك عليه قوله تعالى ( وأوحينا إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ) ثم قال تعالى ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين )
ظاهر الآية المباركة يدل على أن موسى عليه السلام أخلف أخاه هارون عندما كان مع الشعب في البرية كما هو مذكور في التواريخ إلا أن التواريخ القديمة مظلمة جدًا حيث أن المؤرخين اعتمدوا في هذه المسائل على ما جاء في التوراة وسائر الكتب العتيقة، فيجوز أن يكون هارون مستخلفًا عن موسى عليهما السلام لحفظ الشعب أيام غياب موسى في مدين وقد كان بنو إسرائيل يحافظون على التوحيد من لدن جدهم إبراهيم عليه السلام * فلما غاب موسى وضع بنو إسرائيل رسم عجل أبيس إحدى معبودات المصريين تذلفًا إلى فرعون وقومه فكأنهم تجنسوا بالجنسية المصرية واعتنقوا الديانة الوثنية فلما رجع موسى عليه السلام ورآهم على هذه الحالة السيئة والعبادة الباطلة أنكر ذلك على هارون كما ذكره المؤرخون إذ لا يعقل أن بني إسرائيل على ما عرفوا بصلابة الرأي يتركون ديانتهم الموروثة بسبب تأخير موسى عن الرجوع إليهم عشر ليالي * ثم قال تعالى ( فلما جاء موسى لميقاتنا وكلَّمة ربه قال ربي أرنى أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربّه للجبل جعله دكا وخرَّ موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك إني تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) اعلم أن علمائنا سامحهم الله اختلفوا في رؤية الله تعالى وعدم جواز رؤيته فالشيعة والمعتزلة انكروا جواز رؤيته حيث يقتضي الجهة والمقابلة وهي من مقتضيات الجسد والتحيز والتحدد وأمثال ذلك وهو منزه عن تلك الألفاظ إذ لم يفهموا من لفظة ( الله ) سوى الذات ولا شك أن الذات منزهة عن تلك الصفات وأهل السنة والجماعة جوّزوا رؤية الله تعالى اعتمادًا على صريح الآيات واستنادًا على صحيح الأحاديث والروايات وكانوا على هذه العقيدة الصالحة إلى أواسط القرون الهجرية فزجوها بالعقائد الوهمية حيث شاعت في تلك القرون بينهم المسائل الكلامية والمعارف الناقصة العقلية فإنهم قالوا إن رؤية الله تعالى جائزة وواقعة في القيامة إلا أنها ليست من قبيل الإحاطة بالنظر فترى ذات الله تعالى من غير مواجهة ومقابلة وكيفية وإحاطة مما يرجع إلى الوهم الصريح وإنكار الرؤية حقيقة * وأهل البهاء المستظلين بظلال الفرع الكريم المنشعب من الدوحة المباركة العلياء لما عرفوا على حسب ما تعلموا من القلم الأعلى أن ذات الله بسبب تجردها وتقديسها الذاتي لا تدرك ولا توصف ولا تسمي باسم ولا تشار بإشارة ولا تتعين بإرجاع ضمير والأسماء والأوصاف وكل ما يسند ويضاف إليها راجعة في الحقيقة إلى مظاهرها ومطالعها ولذلك سهل عليهم فهم معنى أمثال تلك الألفاظ التي نزلت في الكتب المقدسة والصحف المطهرة من قبيل رؤية الله ولقاء الله وظهور الله ومجئ الله وغيرها مما ليس بخاف على أهل التحقيق * ثم اعلم أيها الحبيب اللبيب أن أهل البيان كثيرًا ما أطلقوا في عباراتهم لفظ ( جبل ) على أكابر الرجال استعارة سواء كانوا من صناديد الدولة والملك أو من قروم أهل العلم والفضل كما أطلق أمير المؤمنين عليه السلام على مالك بن الحارث النخعي المعروف بالاشتر لما اشتهر ذكر وفاته وأخبروه بمماته ومقامه عليه السلام معلوم لديك في الفصاحة والبراعة رسائله وخطبه مستغنية عن المدح والإطراء بالطلاوة والنصاعة وعبارته هذه مذكورة في نهج البلاغة وهذه استعارة في غاية المناسبة واللطافة حيث أن أكابر الرجال هم بمنزلة الأوتاد لاستقرار أهل المعارف والديانة أو الأمة والدولة وكثيرًا ما أطلقه داوود عليه السلام في مزاميره وسائر أنبياء بني إسرائيل في كتبهم عن الرب تعالى كما جاء في مزمور (42) ( أقول لله صخرتي لماذا نسيتني ) وجاء في مزمور (71) ( كن لي صخرة وملجأ ادخله دائما أمرت بخلاصي لانك صخرتي وحصني ) إلى كثير من أمثالها فإذا عرفت هذا فاعلم أن موسى عليه السلام إنما طلب رؤية الله تعالى بسبب اقتراح الشعب عليه أن يريهم الله كما يدلك عليه قوله تعالى ( أرنا الله جهرة ) إلا أن الله تعالى أخبره بأن رؤيته موقوفة باستقرار جبال العلم والإيمان في مكانهم من الإذعان واليقين لكنهم بسبب عدم بلوغهم إلى المقام الثابت الراسخ المكين من العلم والمعرفة واليقين فلابد أن تندك جبال وجودهم ويتزعزع بنيان إذعانهم لمعبودهم حين لقائه فيتبدل إيمانهم بالكفر ويقينهم بالشك وإقبالم بالإعراض حيث لم يكمل بعد مراتب عرفانهم ولم يبلغ إلى الدرجة العليا بنيان إيمانهم فلم يبلغوا بعد إلى رتبة استحقاق الرؤية واللقاء ولم يصعدوا إلى درجة الاستقرار والبقاء فلابد من ظهور الأنبياء وقيام الأصفياء لتربية أشجار الوجودات البشرية وتكميل معارفهم الإيمانية على ممر الدهور وطي العصور حتى يبلغوا إلى درجة التمكن والاستقرار حينئذ يتجلى عليهم ربّ الأرض والسماء ويتشرف البالغون منهم إلى درجة المشاهدة واللقاء فخلاصة تفسير الآية الكريمة أن موسى عليه السلام لما قال رب أرني أنظر إليك حيث أن الشعب طلبوا منه رؤية الله تعالى أجابه الله تعالى بأنك لن تراني لأن بني إسرائيل لم يبلغوا بعد إلى درجة كمال وجودهم ولم يستعدوا للقاء معبودهم * فانظر إلى جبال الوجودات ومقادير استقرار الإيقان فإن استقر جبل الوجود في مقام إيمانه وإيقانه حين تجلي المعبود ولم يتزلزل ولم يتزعزع من مقامه حين الشهود حينئذ استعد للقاء الله واستحق الوقوف بين يدي الله والتشرف برؤية الله ثم تجلي الرب لأحد من تلك الأمة ممن كان من رؤساء الشعب ومن جبال الإيمان والإيقان فاندك وجوده وتضعضع إيمانه واضطرب إيقانه فانصعق موسى من ذلك الامتحان وعرف مقدار صعوبة مقام الافتتان فندم على مقدار ما سأل الرؤية للطالبين ورجع في الحين وقال { سبحانك إني تبت إليك وإني أول المؤمنين }
واعلم يا حبيبي أن الخطابات كثيرًا ما وجهت إلى الرسل والمقصود منها كان أمتهم فانظر في الآية الكريمة النازلة في سورة يونس { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين}
فإن الخطاب في هذه الآية المباركة موجه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بحسب الظاهر ولكن المقصود هو الأمة الإسلامية إذ لا يعقل أن النبي يشك في حقيقة القرآن فيحتاج إلى السؤال من اليهود والنصارى حتى يزول شكه ويصدق بحقيقة كلام الله وأمثال ذلك كثيرة في الكتب المقدسة يعرف مقاماته من يعرف فصل الخطاب ويعلم حقائق الكتاب وفي هذه كفاية لأولي الألباب
.

Friday, January 11, 2008

كلمات ومعانيها فى القاموس البهائى الإلهى

- يوم القيامة والجحيم والصراط والجنة والملكوت والحياة الابدية والصور:

يتفضل حضرة النقطة الاولى في البيان قوله الاعلى :
" لقد خلق كل الوجود ليوم ظهور الله والذي ذكر ذلك في عرف البيان بالقيامة ،وهو من اول ظهور شجرة الحقيقة الى غروبها ، مثلا في نقطة الفرقان هو 32 سنة "

ومن حضرة بها ءالله في الايقان قوله الاعلى :
"المقصود من الصور هو الصور المحمدي الذي نفخ على كل الممكنات. والمقصود من القيامة قيام حضرته على الامر الالهي. وانه قد خلع على الغافلين الذين كانوا أمواتاً في قبور اجسادهم خلع الايمان الجديدة، وأحياهم بحاية جديدة بديعة.... سبحان الله ، ما ابعد هؤلاء القوم عن سبيل الحق ، إذ ان القيامة كانت قائمة بقيام حضرته، وعلاماته وأنواره كانت محيطة بكل الارض، مع ذلك كانوا يسخرون. وكانوا عاكفين على التماثيل التي اقامها علماء العصر بافكارهم الباطلة العاطلة....القيامة التي هي قيام نفس الله بمظهره الكلي، وهذا هو معنى القيامة المذكورة والمسطورة في كل الكتب والتي بها وعد جميع الناس وبشروا بذلك اليوم...أما سمعوا الرواية المشهورة التي تقول : " اذا قام القائم قامت القيامة" وكذلك فسر أئمة الهدى والانوار التي لا تطفى الاية الكريمة " هل ينظرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام" بانها تشير الى حضرة القائم وظهوره مع ان القوم يعتبرونها من الامورات المحدثة في يوم القيامة والمسلم بها عندهم. فيا ايها الأخ ادرك اذا معنى القيامة واعرفه، وطهر السمع عن كلمات هؤلاء المردودين. فانك لو تسير قليلا في عوالم الانقطاع لتشهد بانه لا يتصور يوم اعظم من هذا اليوم، ولا قيامة اكبر من هذه القيامة...."

ومن حضرته في لوح قوله الاعلى :
" ولكن المقصود الالهي من الحشر والنشر والجنة والنار وامثال هذه الاذكار المذكوره في الالواح الالهية هي خصة بحين الظهور ، مثلا تلاحظ ان حين الظهور يتكلم لسان الله بكلمة وتظهر من هذه الكلمة التي خرجت من فمه الجنة والنار والحشر والنشر والصراط وكل ما انت سألت وما لا سألت ، كل نفس ايقن بكلمة بلى يكون قد مر من الصراط وفاز بجنة الرضا ، وكذلك حشر وثبت في زمرة المقربين والمصطفين ويعتبر عند الله من اهل الجنة والعليين ، وكل نفس اعرض عن كلمة الله يكون في النار و من اهل النفي والسجين ويحشر في ظل المشركين... الجنة والنار في الحياة الظاهرة هي الاقبال والاعراض ... واذا نشهد بان الصراط قد رفع بالحق ، وان الميزان قد نصب بالعدل وان الظهورات حشرت والبروزات بعثت والناقور نقرت والصور نفخ والنار اشتعلت والجنة قد ازلفت والمنادي قد نادى والسموات قد طويت والارض انبسطت ونسمة الله هبت وروح الله ارسلت والحوريات استزينت والغلمان استجملت والقصور حققت والغرف رصعت واهل القبور قد بعثت والاعالي سفلت والاداني رفعت والشمس اظلمت والقمر خسف والنجوم سقطت والمياه سيلت والقطوف دنيت والفواكه جنيت والايات نزلت واعمال المعرضين قد محت وافعال المقبلين قد ثبتت واللوح المحفوظ قد ظهر بالحق ولوح المسطور قد نطق بالفضل ومقصود الابداع ثم محبوب الاختراع ثم معبود من في الارض والسماء قد ظهر على هيكل الغلام اذا ينطق ألسن كلشئ بان تبارك ابدع المبدعين . ثم لاحظوا ان بتنزيل هذه الاية الواحدة المنزلة من سماء المشية كيف حاسب جميع الخلائق، فكل من اقر واقبل زادت حسناته على سيئاته واعفى وغفرله جميع خطاياه كذلك نصدق في شانه بانه سريع الحساب و كذلك يبدل الله السيئات بالحسنات.

وفي لوح اخر :

" قل هذه الكلمات لحوريات ما طمثهن احد في الملك وهن باكرات في غرف العز وقد اظهرناهن عن خلف الف الف حجاب لعل انتم عن جمالهن تستفيضون اقل من ان يحصى ومن نغماتهم على افنان سدرة تلك الكلمات لتنجذبون"

وفي لوح اخر قوله الاحلى :
" هل القيامة قامت بل القيوم بملكوت الايات... قال اين الجنة والنار قل الاولى لقائي والاخرى نفسك يا ايها المشرك المرتاب... هل سقطت النجوم قل أي اذ كان القيوم في ارض السر فاعتبروا يا اولي الانظار"

وقوله الاعز" قد اشرقت الشمس وانشق القمر وسقطت النجوم ان انتم تشعرون "

وفي كلمات الحكمة : اصل النار هي انكار آيات الله والمجادلة بما ينزل من عنده والاعراض عنه والاستكبار عليه"

وفي لوح خطاب للزردشتيين قوله الاجمل :
" ان العقل والمعرفة صدقت الجنة والنار ، لان وجودهما لازمة للعقل والمعرفة،ان الجنة في المقام الاول والرتبة الاولى هو رضاء الحق ، كل نفس فاز برضاءه فهومحسوب من اهل الجنة العليا وبعد عروج روحه يفوز بما ذكر والقلم عاجز عن ذكره، ان الصراط والميزان وكذلك الجنة والنار وكل ما هو مذكور ومسطور في الكتب الالهية ، مشهود ومعلوم عند اصحاب البصر وأناس المنظر الاكبر، حين ظهور وبروز انوار شمس المعاني، الكل يقف في مقام واحد ، والحق ينطق بما اراده ، وكل شخص فاز بسماعه وقبل فهو مذكور من اهل الجنة ، وكذلك يكون قد مر من الصراط والميزان ويصل الى كل ما ذكر عن يوم القيام ، يوم الظهور هو يوم القيامة الكبرى ، املي ان تفوز جنابك من رحيق الوحي الالهي وسلسبيل العناية الربانية ،وتفوز بمقام المكاشفة والشهود وان تشاهد ظاهريا وباطنيا كل ما ذكر."

ويتفضل حضرة عبدالبهاء في خطاب قوله العزيز:
" اما مسألة الجنة التي ذكرها حضرة محمد ، هي حقائق روحانية ذكرها في القالب الجسماني، لان في ذلك الوقت ما وجد الاستعداد لادراك المعاني الروحانية ، كما ان حضرة المسيح يتفضل قائلا انني لن اتناول من ذلك العنب الا في ملكوت الاب ، ومن الواضح ان مراد حضرته لم يكن هذا العنب. "

ويتفضل في المفاوضات قوله العزيز :
" واما الحياة فهي على قسمين : حياة الجسم وحياة الروح ، اما الحياة الجسمانية فهي عبارة عن حياة الجسد، واما حياة الروح فهي عبارة عن الحياة الملكوتية، والوجود الملكوتي هو الاستفاضة من الروح الالهي وهو الانتعاش من نفحات روح القدس...والمقصود من الحياة الابدية هو الاستفاضة من فيض الروح القدس كما يستفيض الورد من فصل الربيع الجديد ونسماته ونفحاته. فانظروا ان هذا الورد كان في الاول له حياة وكانت الحياة جمادية ، لكنه نال حياة جديدة حينما قدم موسم الربيع وفاضت سحائبه واشرقت شمسه النورانية بحرارتها فاصبح عطرا في نهاية الطراوة واللطافة ، فحياة هذا الورد الاولى بالنسبة الى الحياة الثانية هي ممات. والمقصد ان الحياة الملكوتية هي حياة الروح وهي حياة ابدية منزهة عن الزمان والمكان كالروح الانسانية التي لا مكان لها...فعالم الملكوت على هذا المنوال مقدس عن كل ما يرى بالعين او يدرك بغيرها من الحواس كالسمع والشم والذوق واللمس... فكذلك الملكوت والمحبة ايضا لا مكان لها بل لها تعلق بالقلب ، وكذلك الملكوت ليس له مكان بل له تعلق بالانسان ، اما الدخول في الملكوت فهو بمحبة الله والانقطاع والتقديس والتنزيه ، ويكون بالصدق والصفاء والوفاء والاستقامة والتضحية". ص 179

ومن حضرة النقطة الاولى في رسالة بيان السلوك الى الله قوله الاعلى :
" فان الدنيا والاخرة حالتان ان كان توجهك بالله تعالى فانت في الجنة وان كان نطرك الى نفسك فانت في النار وفي الدنيا".

13- القيامة - خمسين الف سنة:
" في خطاب لحضرة عبدالبهاء قوله الجليل : واما بخصوص آية القران في يوم كان مقداره خمسين الف سنة ، المقصود ان الامور العظيمة والوقائع الكلية والحوادث اللانهائية التي تكون ظهورها وحدوثها منوطه بمدة خمسين الف سنة ، ستحدث في يوم واحد ، لذا يتفضل في مقام اخر ، في لمح بصر ، والمقصود من هذه الاية يوم ظهور جمال الابهى الذي هو بمقدار خمسين الف سنة ، وليس خمسين الف سنه، كما يقال ان ساعة فراق بمقدار الف سنة
".

Saturday, January 5, 2008

من أسرار المعانى الإلهية فى كنز الكلمات المقدسة الربانية

من الأحاديث القدسيّة المشهورة في الإسلام قوله عزّ وجلّ: "كنتُ كنزاً مخفيّاً فأحببتُ أن أُعرف فخلقتُ الخلقَ لكي أُعرف"وقد أشارت الألواح المباركة إلى هذا الحديث في أكثر من موضع، فقد جاء، مثلاً، في مناجاة لحضرة بهاء الله:


"سبحانك اللّهم يا إلهي أشهد أنّك أنت كنت كنزاً مكنوناً في غيب ذاتيّتك ورمزاً مخزوناً في كينونتك. فلمّا أردتَ أن تُعرف فخلقتَ العالم الأكبر والأصغر واخترتَ منهما الإنسان، وجعلتَه حاكياً عنهما يا ربّنا الرّحمن، وأقمته مقام نفسك بين ملأ الأكوان، وجعلتَه مطلع أسرارك ومشرق وحيك وإلهامك، ومظهر أسمائك وصفاتك الّذي به زيّنت ديباج كتاب الإبداع يا مالك الاختراع."
("مناجاة" مجموعة أذكار وأدعية من آثار حضرة بهاء الله).


وأشار حضرة بهاء الله إلى ذات الحديث في الكلمات المكنونة:
"يا ابن الإنسان، أحببتُ خلقك فخلقتك، فأحببني كي أذكرك وفي روح الحياة أثبّتك."

وفي تفسير لهذا الحديث تفضّل حضرة عبد البهاء شارحاً:
"أيّها السّالك سبيل المحبوب، اعلم أنّ المقصود في هذا الحديث القدسيّ هو ذكر مراتب ما ظهر وما بطن من أعراش الحقيقة، مظاهر أمره، ومشارق عزّ هويّته، فمثلاً قبل أن تشتعل نار الأحديّة وتظهر للعيان، فهي قائمة بنفسها لنفسها في غيب المظاهر الكلّيّة، وهذا هو مقام "الكنز المخفيّ"، أمّا عندما تشتعل الشّجرة المباركة بنفسها لنفسها، وتوقد النّار الرّبّانيّة بذاتها لذاتها فهذا هو مقام "فأحببتُ أن أعرف". وعندما تشرق من أفق الإبداع بجميع الأسماء والصّفات الإلهيّة اللاّمتناهية على الإمكان واللاّمكان فإنّ ذلك يبشّر بظهور خلق بديع وصنع جديد، وهو مقام "فخلقتُ الخلق"، وعندما تخرق النّفوس المقدّسة حجبات كلّ العوالم وسبحات كلّ المراتب وتفوز بمقام المشاهدة واللّقاء فسوف تظهر علّة خلق الممكنات ألا وهي عرفان الحقّ والإيمان به."

Powered By Blogger