Monday, December 31, 2007

من لؤلؤ ومرجان المعانى الإلهية فى الكتابات البهائية


الفجر وليال عشر
في خطاب لحضرة عبدالبهاء قوله العزيز:
طهران جناب آقا محمد علي كاشاني عليه بهاءالله الابهى.
هوالله ... سألت عن آية والفجر وليال عشر، ان هذا العبد ليس لديه فرصة التحرير والتفسير لهذه الآية المباركة، ولكن اذكر باختصار ان المقصود من الفجر في هذه الاية المباركة هو فجر النبوة التي أنارت آفاق العالم بشعاعها الساطع ونورها اللامع، وليال عشر ، يقول البعض انها الليالي العشرة عاشوراء وهي ليالي مأتم واستشهاد حضرة سيد الشهداء روحي له الفداء، والبعض يقول انها الليالي العشرة الاخيرة من شهر رمضان، وآخرون يقولون انها الليالي العشرة من اول ذي القعدة، والبعض يذهب الى ان هذه الليالي العشرة متممة لميقات موسى عليه السلام كما جاءت في الاية المباركة " واتممناه بعشر "، والبعض يقول انها ليالٍ عشر، ليلة النيروز، وليلة عيد الاضحى وليلة عيد رمضان ، وليلة عيد الغدير، وليلة الاسراء ، وليلة مولد حضرة الرسول روحي له الفداء ، وليلة عاشورا ، وليلة التاسع عشر من رمضان، وليلة مولد حضرة الامير وليلة وقد قضى حضرة الرسول قبل اظهار واعلان امره عشرة ليالٍ في غار حراء ، وفي تلك الليالي كان بحر الفيوضات مواج وانوار التجليات ساطعة، ولكن لو تنظر بدقة ، تلاحظ ان الاعداد تنتهي بعشرة، لان المبدأ واحد والمنتهى واحد وهذا العدد يحتوي على باقي الاعداد، لذا فعندما يعود الواحد الاول نحصل على عشرة ، وبعض عشاق الجمال النوراني لحضرة رسول الكبرياء عليه الصلوة والسلام قالوا بان الفجر هو الوجه المضئ النوراني للجمال المحمدي ، وليال عشر الحاجبان والرموش الاربعة والشاربان واللحية وشعر الرأس هذا تفسير العشاق ، فيمكنك انت ان تقبل أي واحد منها ، وعليك التحية والثناء . (حضرة عبد البهاء)

الخضر
يتفضل حضرة بهاءالله في احد الالواح قوله الاعز:
" كان معلم الكليم التأييدات الالهية ، وهي نفس التجليات الأمرية التي تنطق الآن، وهو يذكر في عالم الأسماء باسم من الأسماء، وسمي في الكتاب الالهي بالخضر"

في خطاب يتفضل حضرة عبدالبهاء لاقا ميرزا حسن نوشابادي قوله العزيز: " ان حقيقة مسألة عزيز عليه السلام ، أن ملة حضرة موسى اللذين هوجموا من قبل بختنصر وأُسروا وذّلوا واخذوا 70 الف شخص من الارض المقدسة إلى بابل، و ماتت هذه المّلة واضمحلت مدة مائة سنة ، حزن حضرة عزيز من هذه الواقعة وتكدر، لذا وصلت له البشارة بان هذه الملة ستحيى مرة اخرى كما حصل فعلا، اما حضرة الخضر فهو حقيقة موسى وليس شخصا آخر، صدرت احكاما بحكم الحقيقة التي تعجز عقول البشرية عن ادراكها لانها كانت خارقة للعادة ، المقصود من هذه القصة هو ان المظاهر المقدسة الالهية هم مظاهر يفعل مايشاء ويحكم ما يريد، ما يقولونه يجب اطاعته وعدم الشك والتردد فيه ، بان يقال هذا الحكم ظاهريا يتفق مع العدل والانصاف او لا يتفق. فالتشتت الفكري ينتهي الى العصيان والطغيان. هذه هي حقيقة المسألة التي ذكرت بهذا العنوان، اما الآيات بخصوص ذو القرنين فهي من الايات المتشابهات التي لها تأويل ، والمعترضون جعلوا هذه الحكاية فخأ للتزوير وسألوا لربما يصدر جوابا يخالف آراءهم ويكون هذا سببا في تزلزل اهل الايمان ، لهذا نزلت قضية ذو القرنين بحسب الظاهر موافقة لآراء الآخرين كي لا يبقى لهم مجال للاعتراض، ولكن يوجد رمزا في كل كلمة ، والمقصود من ذي القرنين هو حضرة الامير الذي كان سائرا وسائحا بقلبه في جميع الافاق وتحرى عن المظهر الكلي. في النهاية لاحظ ان شمس الحقيقة مخفية في قالب ترابي ومائي".

يونس والسمكة
ومن البيانات الشفاهية لحضرة عبدالبهاء ، عندما سئل عن آية القران " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن ان لن نقدر" تفضل حضرته : " ان الظن نوعين ، الظن السئ و الظن الحسن ، وفي موضع يقال ان الظن بمعنى اليقين والعلم ( يظنون انهم ملاقوه ) اما المراد من الحوت فهو القوم الذين بلعوه ، وظل يذكر الله في ظلمات الجهل والاهواء النفسية وفي العاقبة نجاه الله ، أي هدى القوم وتوجد قصة ذو النون في التوراة باسم يونا ، وينكر الاوروبيين هذه القصة اطلاقا ويعتبروها من الحكايات الكاذبة، وحتى ينكروا وجود مدينة نينوى ، لما كنا في بغداد، حفروا في مكان قريب من الموصل وجدوا آثار عتيقة غريبة من ضمنها بقرتين وعجل طبق الاصل، ووجد القنصل البريطاني نحلة ذهبية ، وحنطوا نحلة اخرى اصلية ووضعوها الى جانبها، لم يستطع احد ان يفرق بينهما، وكان تُرى الشعرات الرفيعة على ظهر النحلة بواسطة المكبر، كان الافرنج يقولون طبعا صار معلوما بانه في الزمن الماضي كان هنالك اجهزة مكبرة وثبت ان نينوى لم تكن اكذوبة ، كانت مدينة كبيرة ولكنها خسفت منذ قديم الايام ودفنت تحت الارض بمقدار300 ذراع"
(حضرة عبد البهاء)

Friday, December 21, 2007

لئالئ ومعانى

(الرجعة التي اخبر بها الانبياء)
(السؤال)
(نرجو بيان مسألة الرجعة)

(الجواب)
ولنذكر عنوان هذه المسألة من الانجيل فقد صرح فيه انه لما ظهر يحيى بن زكريا وكان يبشر الناس بملكوت الله سألوه0 من أنت؟ هل أنت المسيح الموعود؟ فاجاب

لست بالمسيح ثم سألوه0أأنت إيليا؟ قال0لا0فمن هذا البيان ثبت وتحقق ان حضرة يحيى بن زكريا ليس بايليا المعهود ولكن حضرة المسيح يوم التجلي في جبل الطابور وصرح بان يحيى بن زكريا كان ايليا الموعود ففي الاية11 من الاصحاح9من انجيل مرقس يقول (فسألوه لماذا يقول الكتبة ان ايليا ينبغي ان يأتي اولا فاجاب وقال لهم ان ايليا يأتي اولا ويرد كل شئ وكيف هو مكتوب عن ابن الانسان ان يتألم كثيرا ويرذل لكن اقول لكم ان ايليا ايضا قد اتى وعملوا به كل ما ارادوا كما هو مكتوب عنه)وفي انجيل متى اية13 اصحاح17 يقول( حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان) والحال انهم سألوا يوحنا المعمدان هل انت ايليا؟ قال0لا0على انه في الانجيل يقول(ان يوحنا المعمدان كان نفس ايليا الموعود)ويصرح المسيح ايضا بهذا0حينئذ كان حضرة يوحنا هو حضرة ايليا فلماذا قال انا لست ايليا؟وان لم يكن هو ايليا فكيف يقول حضرة المسيح انه كان ايليا؟
اذا لم يكن النظر الى الشخصية في هذا المقام بل النظر الى حقيقة الكمالات0يعني ان تلك الكمالات التي كانت في حضرة ايليا كانت متحققة بعينها في يوحنا المعمدان0وعلى هذا كان حضرة يوحنا المعمدان هو ايليا الموعود0فليس النظر هنا الى الذات بل الى الصفات0مثلا في العام الماضي كان الورد موجودا وفي هذه السنة ايضا وجد الورد فانا اقول قد رجع ورد العام الماضي والحال اني لا اقصد بذلك رجوع ورد العام الماضي بعينه وشخصيته ولكن لما اتصف هذا الورد بصفات الورد في العام الماضي يعني بمثل رائحته ولطافته ولونه وشكله فلذا يقولون رجع ورد العام الماضي وهذا الورد هو عين ذلك الورد0يأتي الربيع فنقول جاء ايضا ربيع السنة الماضية لان كل ماكان في الربيع الماضي موجود في هذا الربيع ايضا0لذا يقول حضرة المسيح(سترون كل ماوقع في زمن الانبياء السالفين) ولنأت ببيان اخر ان حبة غرست في السنة الماضية فظهر منها غصن وورق واكمام وثمر وفي النهاية اصبحت حبة ايضا فعند ماتزرع هذه الحبة ثانية تنبت شجرة وتعود وترجع تلك الاغصان والاوراق والاكمام والثمر وتظهر تلك الشجرة كاملة وحيث ان الاولى كانت حبة والثانية ايضا حبة فنقول ان الحبة رجعت ولكن حينما ننظر الى مادة الشجرة نجد ان هذه المادة مادة اخرى اما اذا نظرنا الى الاكمام والاوراق والثمر نجد نفس ذلك الطعم والرائحة واللطافة0اذا فقد عاد كمال الشجرة مرة اخرى0وعلى هذا المنوال لو ننظر الى الشخصية نراها شخصية اخرى اما لو ننظر الى الصفات والكمالات نراها عادت ورجعت0لذا قال حضرة المسيح(هذا ايليا) يعني هذا الشخص مظهر الفيوضات والكمالات والاخلاق والصفات والفضائل التي كانت لايليا ويوحنا المعمدان قال انا لست ايليا0فحضرة المسيح كان ناظرا الى الصفات والكمالات والاخلاق والفيوضات في كليهما0ويوحنا كان ناظرا الى شخصيته المادية مثل هذا السراج الموجود فانه كان منيرا ليلة امس ثم انير ايضا هذه الليلة وسينار الليلة الاتية ايضا فنقول ان سراج الليلة هو سراج الليلة البارحة وقد رجع ذلك السراج فالمقصود هو النور لا الدهن والفتيل والمشكاة0وهذه التفاصيل مشروحة ومفصلة في
(كتاب الإيقان)


(تفسير الاية)
انت الصخرة(الكيفا)وعليك ابني كنيستي
(اية18من انجيل متى اصحاح16)
(سؤال)
مذكور في انجيل متى ان المسيح قال لبطرس
انت الصخرة وعليك ابني كنيستي فما معنى هذا؟

(الجواب)
ان هذا البيان من المسيح تصديق لقول بطرس حينما قال له (انت هو المسيح بن الله الحي ) ثم قال حضرة المسيح في جوابه(انت الكيفا) والكيفا في اللغة العبرية هي الصخرة ولذا قال المسيح (وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي) لان بعضهم قال لحضرة المسيح انت ايليا وقال بعضهم انت يوحنا المعمدان وقال بعضهم انت ارميا او احد الانبياء0فاراد حضرة المسيح ان يؤيد بيان بطرس بالكناية او الاشارة ولكونه تسمى بالصخرة قال بهذه المناسبة(انت الصخرة وعليك ابني كنيستي)يعني سيكون اساس دين الله مبنيا على عقيدتك(ان المسيح ابن الله الحي)

وعلى هذه العقيدة سيوضع اساس كنيسة الله التي هي شريعة الله) ووجود قبر بطرس برومية مشكوك فيه وغير مسلم به غير ان البعض يقول انه في انطاكية وفضلا عن هذا فلو نطبق اعمال بعض الباباوات على شريعة حضرة المسيح نجد ان حضرته كان جائعا عريانا يأكل الحشائش في هذه البرية(برية فلسطين) وما رضى بتكدير قلب احد مع ان البابا يجلس في عربة مرصعة ويمضي اوقاته بنهاية العظمة في جميع الملذات والشهوات وحب الذات والنعمة التي لا يتيسر للملوك مثلها على ان المسيح لم يكدر نفسا ولكن بعضا من الباباوات قتلوا نفوسا كثيرة بريئة فارجعوا الى التاريخ لتعلموا كيف كانوا يعارضون الحقيقة وكم سفكوا من الدماء محافظة على سلطتهم الزمانية وكم اضطهدوا وسجنوا وقتلوا الالاف من خدام الانسانية واهل المعرفة الذين كشفوا اسرار الكائنات وذلك فقط لمجرد المخالفة في الراي0 تأملوا في وصايا المسيح وتفحصوا في احوال الباباوات واطوارهم0 فهل تجدون اية مشابهة بين وصايا حضرة المسيح واطوار حكومة الباباوات مع اننا لا نحب ذم النفوس والقدح فيها ولكن تاريخ الفاتيكان مملوء بالعجائب0 والمقصود من هذا ان وصايا المسيح شئ واطوار حكومة البابا شئ اخر وليس بينهما تشابه ما0انظروا كم قتلوا من البروتستانت وكان كله بفتوى البابا وكم اباحوا من الظلم والجور وكم عذبوا واضطهدوا كثيرا من النفوس0 فهل تشتم اية روائح المسيح الطيبة الذكية من هذه الاعمال؟لا والله0 فهؤلاء ما اطاعوا المسيح بل ان بربارة المقدس الذي امامنا صورته قد اطاع المسيح واقتفى اثره واجرى وصاياه0وكان من بين الباباوات نفوس مباركة اتبعوا خطوات حضرة المسيح وعلى الخصوص في القرون المسيحية الاولى التي كانت فيها الاسباب الدنيوية مفقودة والامتحانات الالهية شديدة ولكن لما تيسرت اسباب السلطنة وحصلت العزة والسعادة الدنيوية نسيت حكومة البابا المسيح بالكلية واشتغلت بالسلطنة والعظمة والراحة والنعم الدنيوية وقتلت النفوس وعارضت في نشر المعارف وآذت ارباب الفنون وحالت دون انتشار نور العلم وحكمت بالقتل وشن الغارة وهلك الاف من النفوس من اهل الفنون والمعارف والابرياء في سجن رومية0فكيف مع وجود هذا السلوك وتلك الاعمال يكون البابا خليفة حضرة المسيح فكرسي حكومة البابا كان معارضا للعلم دائما حتى صار من المسلم في اوروبا ان الدين معارض للعلم والعلم مخرب لبنيان الدين والحال ان دين الله مروج للحقيقة ومؤسس للعلم والمعرفة ومشوق للعرفان وهو اس المدنية للنوع الانساني وكاشف لاسرار الكائنات ومنور للافاق فكيف يعارض العلم مع وجود هذا استغفر الله0ولكن العلم لدى الله افضل ميزة للانسان واشرف الكمالات الانسانية فمعارضة العلم جهل وكارة العلوم والفنون ليس بانسان بل هو حيوان لا شعور له0لان العلم نور وحياة وسعادة وكمال وجمال ووسيلة التقرب لدى عتبة الاحدية وشرف العالم الانساني واعظم موهبة الهية فالعلم حقيقة الهداية والجهل عين الضلالة0طوبى للنفوس التي صرفت ايامها في تحصيل العلوم وكشف اسرار الكائنات والتدقيق في الحقيقة وويل للنفوس التي تقتنع بالجهل والغفلة وتنشرح قلوبهم بالتقاليد حتى وقعوا في اسفل دركات الجهل والغفلة واضاعوا اعمارهم ادراج الرياح0

Tuesday, December 11, 2007

من المدعو ومن المختار ولؤلؤ المعانى

(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون)
(سؤال)
يقول حضرة المسيح في الانجيل
(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون)
ويقول في القرآن
(يختص برحمته من يشاء)
فما حكمةذلك؟
(الجواب)
اعلم ان نظام الكون وكماله يقتضيان ان يبدو عالم الامكان بصور لا عداد لها فلهذا لم تكن الموجودات في مرتبة واحدة او مقام واحد او نحو واحد ولا جنس واحد او نوع واحد ولا في صورة واحدة بل لابد من تفاوت في المراتب وتمايز في الاصناف وتعدد في الاجناس والانواع يعني من المحتم وجود مراتب الجماد والنبات والحيوان والانسان لان عالم الوجود لا يتم تكوينه وتنظيمه وكماله بالانسان وحده وكذلك لا يمكن ان يظهر العالم بالمنظر البديع والترتيب الدقيق والرونق اللطيف بالحيوان وحده او النبات وحده او الجماد وحده بل لابد من تفاوت المراتب والمقامات والاجناس والانواع حتى يتجلى الوجود في نهاية الكمال مثلا لو ان هذه الشجرة كانت كلها ثمرة لما تم كمالها النباتي لان الاوراق
والاكمام والثمار جميعها لازمة حتى يتجلى النبات في نهاية الزينة والكمال وكذلك انظروا في هيكل الانسان اذ لابد فيه من تفاوت الاعضاء والاجزاء والاركان فجمال الوجود الانساني وكماله يقتضي وجود العين والاذن والمخ حتى الاظافر والشعر فلو كان هيكل الانسان كله مخا او عينا او اذنا لكان ذلك هو عين النقص وكذلك يكون ناقصا لو كان بدون شعر أواهداب أو اظافر أو اسنان0 ولو ان هذه كلها بالنسبة الى العين في حكم الجماد والنبات لعدم الاحساس ولكن عدم وجودها في هيكل الانسان مكروه ومذموم للغاية0ان مراتب الموجودات مختلفة متفاوتة اختار الله سبحانه لبعض الاشياء الرتبة العليا كالانسان ووضع بعضها في الرتبة الوسطى كالنبات وترك بعضها في الرتبة الدنيا كالجماد فتخصيص الانسان بالرتبة العليا انما هو من فضله والتفاوت بين النوع الانساني من حيث الترقيات الروحانية والكمالات الملكوتية انما هو ايضا بارادة حضرة الرحمن لان الايمان الذي هو حياة ابدية من آثار فضل الله لامن نتائج العدل فشعلة نار المحبة انما هي بقوة الانجذاب لا بالسعي والاجتهاد في عالم الماء والتراب بل الذي يحصل بالسعي والاجتهاد هو الاطلاع والعلم وسائر الكمالات اذا فانبعاث الارواح واهتزازها لا يكون الا بانوار الجمال الالهي وقوته الجاذبة لهذا يقول(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون) فمثلا الجماد في رتبته الجمادية والنبات في رتبته النباتية والحيوان في رتبته الحيوانية كل مقبول في رتبته بل تلك الرتب هي عين الكمال ولكنها اذا كانت ناقصة في رتبها ولم تبلغ حد الكمال فيها فهي مذمومة وغير مقبولة0
واما التفاوت بين النوع الانساني فهو على قسمين0احدهما التفاوت من حيث المراتب وهذا التفاوت ليس بمذموم والقسم الاخر هو التفاوت من حيث الايمان والايقان وعدمهما وذلك مذموم لان تلك النفس تكون قد ابتليت بهواها وطيشها حتى حرمت من مثل هذه الموهبة ومنعت من قوة جذب محبة الله0
ومع ان الانسان في رتبته ممدوح ومقبول الا انه بحرمانه من كمالات تلك الرتبة يصبح معدن النقائص وعن هذا هو مسئول।

(حضرة عبد البهاء)


آيات لؤلئية ومعانيها الصدفية


(تفسير الاية22من الاصحاح15
من رسالة بولس الاولى الى كورنتوس)
(السؤال)
مكتوب في رسالة بولس الاولى الى كورنتوس
(لانه كما في آدم يموت الجميع
هكذا في المسيح سيحيا الجميع)
فما المقصود من هذه العبارة

(الجواب)
اعلم ان في الانسان طبيعتين طبيعة جسمانية وطبيعة روحانية0فالطبيعة الجسمانية موروثة من آدم والطبيعة الروحانية موروثة من حقيقة كلمة الله وهي روحانية حضرة المسيح0فالطبيعة الجسمانية تولدت من آدم واما الطبيعة الروحانية فمتولدة من فيض روح القدس0 الطبيعة الجسمانية مصدر كل نقص والطبيعة الروحانية مصدر كل كمال0وقد فدى حضرة المسيح بنفسه ليخلص الخلق من نقائص الطبيعة الجسمانية وليتصفوا بفضائل الطبيعة الروحانية0وهذه الطبيعة الروحانية التي تحققت من فيض الحقيقة الرحمانية جامعة لجميع الكمالات وظهرت من نفخة روح القدس وهذه الطبيعة هي كمالات إلهية وأنوار روحانية وهداية ورفعة وعلو همة وعدالة ومحبة وموهبة ورأفة بجميع الخلق وبر وخير وحياة في حياة0وهذه الطبيعة الروحانية تجل من اشراقات شمس الحقيقة0فالمسيح هو مركز روح القدس ومولود من روح القدس ومبعوث بالروح القدس ومن سلالة روح القدس يعني ليست الحقيقة المسيحية من سلالة ادم بل هي وليدة روح القدس0اذا فالمقصود من الاية 22من اصحاح15من رسالة بولس لاهل كورنتيان التي يقول فيها(لانه كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع)بحسب الاصطلاح المعروف بأن آدم هو ابو البشر(يعني انه سبب الحياة الجسمانية للنوع الانساني) وله ابوة جسمانية ونفس حية ولكن ليست بمحيية وان حضرة المسيح هو سبب حياة البشر الروحية وله الابوة الروحانية من حيث الروح0فآدم نفس حية والمسيح روح محيية0ولهذا العالم الجسماني الانساني قوى شهوانية ومن لوازم القوى الشهوانية العصيان لان القوى الشهوانية ليست تحت قانون العدل والحقانية اذ ان جسم الانسان اسير الطبيعة وكلما تحكم به الطبيعة يتحرك بمقتضاه0اذا ثبت ان الخطيئة موجودة في العالم الجسماني كالغضب والحسد والنزاع والحرص والطمع والجهل والانانية والافساد والكبر والظلم فجميع هذه الصفات البهيمية موجودة في طبيعة الانسان لان الانسان الذي لم يترب التربية الروحية هو كالحيوان. ان العالم الجسماني للانسان عالم خطيئة وعصيان وليس للانسان في العالم الجسماني امتياز عن الحيوان0فكل الخطايا من مقتضيات الطبيعة وتلك المقتضيات الطبيعية التي هي من الخصائص الجسمانية بالنسبة للحيوان ليست بخطايا ولكنها خطايا بالنسبة للانسان فالحيوان مصدر النقائص كالغضب والشهوة والحسد والحرص والاعتداء والتعاظم يعني ان جميع الاخلاق الذميمة كامنة في طبيعة الحيوان فهي بالنسبة اليه ليست بخطيئة اما بالنسبة الى الانسان فهي خطيئة0فحضرة آدم هو سبب حياة الانسان الجسمانية اما حقيقة المسيح يعني كلمة الله فهي سبب الحياة الروحية لانها روح محيية يعني ان جميع النقائص التي هي من مقتضيات الحياة الجسمانية للانسان تتبدل بالكمالات الانسانية بتعليم ذلك الروح المجرد وتربيته0 اذا فحضرة المسيح كان روحا محيية وسبب الحياة الروحانية للجميع0وحضرة آدم كان سبب الحياة الجسمانية0وحيث ان العالم الجسماني للانسان هو عالم النقائص والنقائص هي عين الموت لهذا عبر بولس عن النقائص الجسمانية بالموت0اما جمهور المسيحيين فمتفقون على ان حضرة آدم لما ان تناول من الشجرة التي منع ان يأكل منها اخطأ وعصى وبقيت النتيجة المشئومة لهذا العصيان ميراثا ثابتا في سلالة آدم وعلى هذا فحضرة آدم صار سبب موت الخلق وهذا بديهي البطلان لان معناه ان جميع الخلق حتى الانبياء والرسل من دون ذنب ولا تقصير ولمحض انهم كانوا من سلالة آدم صاروا مذنبين ومقصرين بدون سبب وكانوا مبتلين الى يوم قربان المسيح بالعذاب الاليم في نار الجحيم0وهذا بعيد من العدالة الالهية0واذا كان آدم قد اذنب فما ذنب حضرة ابراهيم وما تقصير اسحاق
ويوسف وما خطأ موسى0
اما ان حضرة المسيح كان كلمة الله وفدى نفسه فلها معنيان معنى ظاهري ومعنى حقيقي فالمعنى الظاهري انه لما كان مقصد حضرة المسيح ان يقوم بامر يكون فيه تربية العالم الانساني واحياء بني آدم وهداية عموم الخلق0والقيام بامر عظيم كهذا فيه مخالفة لجميع العالم ومقاومة لسائر الملل والدول لابد وان يؤدي الى القتل والصلب واهدار الدم0 لهذا فدى حضرة المسيح روحه حينما اظهر امره وعد الصليب سريرا والجرح مرهما والسم شهدا وسكرا0 وعلى هذا قام بتعليم الناس وتربيتهم يعني فدى بنفسه حتى يهب روح الحياة وفنى بجسده ليحيى الاخرين بالروح0اما المعنى الثاني للفداء فهو ان حضرة المسيح كان مثل حبة ضحت صورتها لتنمو الشجرة منها وتعلو ولو ان صورة الحبة تلاشت الا ان حقيقتها ظهرت على هيئة الشجرة بكمال العظمة واللطافة0فمقام المسيح كان كمالا محضا فاشرقت تلك الكمالات الالهية كالشمس على جميع النفوس المؤمنة وسطعت ولمعت فيوضات الانوار في حقائق النفوس ولهذا يقول(انا الخبز النازل من السماء وكل من يتناول من هذا الخبز لا يموت) يعني ان كل من يأخذ نصيبا من هذا الفيض واقتبس من هذه الكمالات وجد حياة ابدية واستفاض من فيض القدم وخرج من ظلمات الضلالة واستنار بنور الهداية0 ومع ان صورة الحبة صارت فداء للشجرة الا انها ظهرت وانكشفت كمالاتها بسبب الفداء والفناء فيها لان الشجرة والاغصان والاوراق والازهار كانت مخفية مستورة في الحبة فلما ان ضحت الحبة بصورتها وظهرت كمالاتها وتجلت بكمال الظهور على هيئة الاوراق والاكمام والثمر.
(حضرة عبدالبهاء )

Monday, December 3, 2007

من لئالئ المعانى للكلمات الإلهية


(سؤال)
(ما معنى المجئ الثاني للمسيح ويوم الدينونة)

(الجواب)
مذكور في الكتب المقدسة ان المسيح سيجئ مرة اخرى ومجيئه مشروط بتحقق علامات معينة وظهوره مقترن بتلك العلامات ومن
جملتها (تظلم الشمس)(والقمر لا يعطي ضوءه)(والنجوم تسقط من السماء)(وقوات السموات تتزعزع)(وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كبير) وقد فسر حضرة بهاء الله هذه الايات وشرحها بقوله : وهو ان المسيح في مجيئه الاول ايضا اتى من السماء كما هو مصرح في الانجيل حتى ان نفس المسيح يقول(جاء ابن الانسان من السماء وابن الانسان في السماء ولا يصعد الى السماء الا الذي اتى من السماء) ومن المسلم لدى العموم ان المسيح اتى من السماء حل انه اتى بحسب الظاهر من رحم مريم كما ان مجيئه في المرة الاولى كان في الحقيقة من السماء وان كان بحسب الظاهر اتى من الارحام كذلك يكون مجيئه الثاني بحقيقته ايضا من السماء ولو يأتي بحسب الظاهر من الارحام0
والشروط المصرح بها في المجئ الاول كما سبق من قبل0وفي كتاب اشعيا مذكور ان المسيح يفتح الشرق والغرب ويدخل جميع ملل العالم في ظله وتتشكل سلطنته ويأتي من مكان غير معلوم ويدان المذنبون وتجرى العدالة لدرجة ان الذئب والحمل والنمر والجدي والافعى والطفل الرضيع تجتمع كلعا على معين واحد ومرعى واحد ووكر واحد0 وقد كان مجيئه الاول ايضا مشروطا بهذه الشروط مع انه لم يقع بحسب الظاهر اي شرط من هذه الشروط فلهذا اعترض اليهود على المسيح واستغفر الله فقد عبروا عن المسيح بالمسيخ وعدوه هادم البنيان الالهي ومخرب السبت والشريعة وافتوا بقتله والحال انه كان لتلك الشروط كلا وطرا معان ولكن اليهود لم يهتدوا اليها ولذلك احتجبوا0وكذلك المجيئ الثاني للمسيح على هذا المنوال0 ولجميع العلائم والشروط الموضحة معان ولا يصح ان تؤخذ بحسب ظاهرها لانها لو اخذت حسب الظاهر فلا يتحقق قول حضرة المسيح (تتساقط جميع النجوم على الارض) مع ان النجوم لا حد لها ولا حصر ومن الثابت المحقق علميا لدى الرياضيين الحاليين ان جرم الشمس اعظم من جرم الارض بما يقرب من مليون ونصف وكل واحد من هذه النجوم الثوابت اعظم من الشمس الف مره فلو تسقط هذه النجوم على وجه الارض فكيف تجد لها محلا وهي اذا سقطت كان سقوطها كسقوط الف مليون جبل كجبال همالايا على حبة خردل0 فهذه القضية عقلا وعلما بل وبداهة من الممتنعات لا الممكنات واعجب من هذا ان المسيح يقول(لعلي آتي وانتم لا تزالون نائمين حيث ان مجئ ابن الانسان كمجئ اللص وربما كان اللص في البيت وليس عند صاحب البيت خبر اذا صار من الواضح المبرهن ان لهذه العلامات معنى لا يقصد به الظاهر وقد بينت معانيها بالتفصيل في كتاب الايقان فارجعوا اليها


(السؤال عن الثالوث)
(ماهو المقصود من الثالوث والاقانيم الثلاثة
)


(الجواب)
ان حقيقة الالوهية مقدسة عن ان تدركها الكائنات منزهة عن ان يتصورها ذوو العقول والافهام وتلك الحقيقة الربانية لا تقبل التقسيم لان التقسيم والتعدد من خصائص الخليقة الممكنة الوجود لا من العوارض الطارئة على واجب الوجود0ان الذات الالهية مقدسة عن التوحيد فما بالك بالتعدد0والحقيقة الربانية لهي اسمى من ان يتصور لها مقام او مرتبة لان ذلك عين النقص ومناف للكمال فهو ممتنع ومحال0 لانها مازالت ولا تزال في علو التقديس والتنزيه0وكل مايذكر من الظهور والاشراق الالهي فالمقصود منه هو التجلي الالهي لا التنزل في مراتب الوجود0فالحق كمال محض والخلق نقصان صرف وتنزل الحق في مراتب الوجود لهو عين النقص0ولكن ظهوره واشراقه كتجلي الشمس على المرآة الصافية اللطيفة الشفافة0فجميع مافي الكون ايات باهرات للحق كالكائنات الارضية التي سطعت عليها اشعة الشمس ولكنها تلقي اشعة على الصحاري والجبال والاشجار والاثمار بها تظهر وتتربى وتصل الى الغاية المقصودة من وجودها0
واما الانسان الكامل فهو كالمرآة الصافية التي ظهرت وبرزت فيها شمس الحقيقة بجميع صفاتها وكمالاتها0لهذا كانت الحقيقة المسيحية كالمرآة الصافية الشفافة في نهاية اللطافة والطهارة0فتجلت شمس الحقيقة والذات الالهية في تلك المرآة وظهرت فيها حرارتها ونورانيتها0
اما الشمس فما تنزلت من علو تقديسها وسماء تنزيهها وما اتخذت في المرآة منزلا ولا مأوى بل هي باقية مستقرة في علوها وسموها ولكنها ظهرت وتجلت في المرآة بجمالها وكمالها0ولو نقول الان اننا شاهدنا الشمس من مرآتين احداهما المسيح والاخرى روح القدس يعني شاهدنا شموسا ثلاثة احداها في السماء واثنتان في الارض لكنا صادقين0ولو نقول انها شمس واحدة فردانية محضة ليس لها شريك ولا مثيل لكنا ايضا صادقين0وخلاصة القول ان الحقيقة المسيحية كانت مرآة صافية وان شمس الحقيقة يعني ذات الاحدية ظهرت وتجلت في تلك المرآة بكمالات وصفات غير متناهية لا أن الشمس التي هي ذات الربوبية تجزأت وتعددت بل الشمس شمس واحد ولكنها اشرقت في المرآة وهذا معنى مايقوله المسيح(الاب في الابن) يعني ان تلك الشمس ظاهرة باهرة في هذه المرآة0 فروح القدس هو نفس الفيض الالهي الذي ظهر وتجلى في حقيقة المسيح0فالنبوة مقام قلب المسيح وروح القدس مقام روح المسيح0اذا ثبت وتحققت وحدانية الذات الالهية وان ليس لها شبيه ولا مثيل ولا نظير0وهذا هو المقصود من الاقانيم الثلاثة والا فاساس دين الله يكون مبنيا على مسألة غير معقولة لا يمكن تصورها وكيف تكلف العقول باعتقاد ما لايمكن تصوره والحال ان ماليس له صورة معقولة ولا يسع العقل ان يتصوره فهو وهم صرف0فقد ثبت الان من هذا البيان المقصود من الاقانيم الثلاثة
وثبتت ايضا وحدانية الله0
(
تفسير الاية الخامسة من الاصحاح السابع عشر
من انجيل يوحنا)
(السؤال)
ما معنى الاية
(والان مجدني انت ايها الاب عند ذاتك بالمجد
الذي كان لي عندك قبل كون العالم)

(الجواب)
ان التقدم على قسمين تقدم ذاتي غير مسبوق بعلة بل وجوده من ذاته كالشمس ضياؤها من ذاتها وليست محتاجة في ضوئها الى فيض كوكب اخر فيقولون لهذا (ضياء ذاتي) اما ضوء القمر فمقتبس من الشمس لان القمر محتاج الى الشمس في الضياء0اذا صارت الشمس علة في الضياء والقمر معلولا0تلك قديمة وسابقة ومتقدمة وهذا مسبوق ومتأخر والنوع الثاني من القدم قدم زماني وذلك لا اول له وحضرة(كلمة الله)مقدس عن الزمان فالماضي والحال والاستقبال كل بالنسبة الى الحق على حد سواء فليس للشمس امس ولا اليوم ولا الغد0وكذلك التقدم من جهة الشرف يعني ان الاشرف مقدم على الشريف0اذا فحقيقة المسيح التي هي كلمة الله لا شك انها من حيث الذات والصفات والمجد مقدمة على الكائنات0وكانت كلمة الله قبل الظهور في الهيكل البشري في نهاية العزة والتقديس ومستقرة في اوج عظمتها في كمال الجلال والجمال0ولما اشرقت كلمة الله من اوج الجلال بحكمة الحق المتعال في عالم الجسد اعتدى عليها في الجسد اذ وقعت في ايدي اليهود اسيرة لكل ظلوم وجهول وانتهى الامر بالصلب ولذلك نادى ربه بقوله(اعتقني ياالهي من عالم الجسد واطلقني من هذا القفص حتى اصعد الى اوج العظمة والجلال واجد تلك العزة والتقديس السابقين قبل عالم الجسد فابتهج بالعالم الباقي واصعد الى الوطن الاصلي عالم اللامكان ملكوت الاخفى) كما لوحظ انه بعد الصعود ظهرت عظمة حضرة المسيح وجلاله حتى في عالم الملك يعني في الانفس والافاق بل في نقطة التراب وحينما كان في عالم الجسد لقى اهانة وتحقيرا من اضعف اقوام العالم يعني اليهود الذين رأوا من اللائق ان يكون على رأسه المبارك تاج من الشوك0اما بعد الصعود فصارت تيجان جميع الملوك المرصعة خاضعة خاشعة لذلك التاج المصنوع من الشوك0وايضا فانظر كيف وصلت كلمة الله الى اي درجة من الجلال في الافاق.
Powered By Blogger