Monday, December 3, 2007

من لئالئ المعانى للكلمات الإلهية


(سؤال)
(ما معنى المجئ الثاني للمسيح ويوم الدينونة)

(الجواب)
مذكور في الكتب المقدسة ان المسيح سيجئ مرة اخرى ومجيئه مشروط بتحقق علامات معينة وظهوره مقترن بتلك العلامات ومن
جملتها (تظلم الشمس)(والقمر لا يعطي ضوءه)(والنجوم تسقط من السماء)(وقوات السموات تتزعزع)(وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كبير) وقد فسر حضرة بهاء الله هذه الايات وشرحها بقوله : وهو ان المسيح في مجيئه الاول ايضا اتى من السماء كما هو مصرح في الانجيل حتى ان نفس المسيح يقول(جاء ابن الانسان من السماء وابن الانسان في السماء ولا يصعد الى السماء الا الذي اتى من السماء) ومن المسلم لدى العموم ان المسيح اتى من السماء حل انه اتى بحسب الظاهر من رحم مريم كما ان مجيئه في المرة الاولى كان في الحقيقة من السماء وان كان بحسب الظاهر اتى من الارحام كذلك يكون مجيئه الثاني بحقيقته ايضا من السماء ولو يأتي بحسب الظاهر من الارحام0
والشروط المصرح بها في المجئ الاول كما سبق من قبل0وفي كتاب اشعيا مذكور ان المسيح يفتح الشرق والغرب ويدخل جميع ملل العالم في ظله وتتشكل سلطنته ويأتي من مكان غير معلوم ويدان المذنبون وتجرى العدالة لدرجة ان الذئب والحمل والنمر والجدي والافعى والطفل الرضيع تجتمع كلعا على معين واحد ومرعى واحد ووكر واحد0 وقد كان مجيئه الاول ايضا مشروطا بهذه الشروط مع انه لم يقع بحسب الظاهر اي شرط من هذه الشروط فلهذا اعترض اليهود على المسيح واستغفر الله فقد عبروا عن المسيح بالمسيخ وعدوه هادم البنيان الالهي ومخرب السبت والشريعة وافتوا بقتله والحال انه كان لتلك الشروط كلا وطرا معان ولكن اليهود لم يهتدوا اليها ولذلك احتجبوا0وكذلك المجيئ الثاني للمسيح على هذا المنوال0 ولجميع العلائم والشروط الموضحة معان ولا يصح ان تؤخذ بحسب ظاهرها لانها لو اخذت حسب الظاهر فلا يتحقق قول حضرة المسيح (تتساقط جميع النجوم على الارض) مع ان النجوم لا حد لها ولا حصر ومن الثابت المحقق علميا لدى الرياضيين الحاليين ان جرم الشمس اعظم من جرم الارض بما يقرب من مليون ونصف وكل واحد من هذه النجوم الثوابت اعظم من الشمس الف مره فلو تسقط هذه النجوم على وجه الارض فكيف تجد لها محلا وهي اذا سقطت كان سقوطها كسقوط الف مليون جبل كجبال همالايا على حبة خردل0 فهذه القضية عقلا وعلما بل وبداهة من الممتنعات لا الممكنات واعجب من هذا ان المسيح يقول(لعلي آتي وانتم لا تزالون نائمين حيث ان مجئ ابن الانسان كمجئ اللص وربما كان اللص في البيت وليس عند صاحب البيت خبر اذا صار من الواضح المبرهن ان لهذه العلامات معنى لا يقصد به الظاهر وقد بينت معانيها بالتفصيل في كتاب الايقان فارجعوا اليها


(السؤال عن الثالوث)
(ماهو المقصود من الثالوث والاقانيم الثلاثة
)


(الجواب)
ان حقيقة الالوهية مقدسة عن ان تدركها الكائنات منزهة عن ان يتصورها ذوو العقول والافهام وتلك الحقيقة الربانية لا تقبل التقسيم لان التقسيم والتعدد من خصائص الخليقة الممكنة الوجود لا من العوارض الطارئة على واجب الوجود0ان الذات الالهية مقدسة عن التوحيد فما بالك بالتعدد0والحقيقة الربانية لهي اسمى من ان يتصور لها مقام او مرتبة لان ذلك عين النقص ومناف للكمال فهو ممتنع ومحال0 لانها مازالت ولا تزال في علو التقديس والتنزيه0وكل مايذكر من الظهور والاشراق الالهي فالمقصود منه هو التجلي الالهي لا التنزل في مراتب الوجود0فالحق كمال محض والخلق نقصان صرف وتنزل الحق في مراتب الوجود لهو عين النقص0ولكن ظهوره واشراقه كتجلي الشمس على المرآة الصافية اللطيفة الشفافة0فجميع مافي الكون ايات باهرات للحق كالكائنات الارضية التي سطعت عليها اشعة الشمس ولكنها تلقي اشعة على الصحاري والجبال والاشجار والاثمار بها تظهر وتتربى وتصل الى الغاية المقصودة من وجودها0
واما الانسان الكامل فهو كالمرآة الصافية التي ظهرت وبرزت فيها شمس الحقيقة بجميع صفاتها وكمالاتها0لهذا كانت الحقيقة المسيحية كالمرآة الصافية الشفافة في نهاية اللطافة والطهارة0فتجلت شمس الحقيقة والذات الالهية في تلك المرآة وظهرت فيها حرارتها ونورانيتها0
اما الشمس فما تنزلت من علو تقديسها وسماء تنزيهها وما اتخذت في المرآة منزلا ولا مأوى بل هي باقية مستقرة في علوها وسموها ولكنها ظهرت وتجلت في المرآة بجمالها وكمالها0ولو نقول الان اننا شاهدنا الشمس من مرآتين احداهما المسيح والاخرى روح القدس يعني شاهدنا شموسا ثلاثة احداها في السماء واثنتان في الارض لكنا صادقين0ولو نقول انها شمس واحدة فردانية محضة ليس لها شريك ولا مثيل لكنا ايضا صادقين0وخلاصة القول ان الحقيقة المسيحية كانت مرآة صافية وان شمس الحقيقة يعني ذات الاحدية ظهرت وتجلت في تلك المرآة بكمالات وصفات غير متناهية لا أن الشمس التي هي ذات الربوبية تجزأت وتعددت بل الشمس شمس واحد ولكنها اشرقت في المرآة وهذا معنى مايقوله المسيح(الاب في الابن) يعني ان تلك الشمس ظاهرة باهرة في هذه المرآة0 فروح القدس هو نفس الفيض الالهي الذي ظهر وتجلى في حقيقة المسيح0فالنبوة مقام قلب المسيح وروح القدس مقام روح المسيح0اذا ثبت وتحققت وحدانية الذات الالهية وان ليس لها شبيه ولا مثيل ولا نظير0وهذا هو المقصود من الاقانيم الثلاثة والا فاساس دين الله يكون مبنيا على مسألة غير معقولة لا يمكن تصورها وكيف تكلف العقول باعتقاد ما لايمكن تصوره والحال ان ماليس له صورة معقولة ولا يسع العقل ان يتصوره فهو وهم صرف0فقد ثبت الان من هذا البيان المقصود من الاقانيم الثلاثة
وثبتت ايضا وحدانية الله0
(
تفسير الاية الخامسة من الاصحاح السابع عشر
من انجيل يوحنا)
(السؤال)
ما معنى الاية
(والان مجدني انت ايها الاب عند ذاتك بالمجد
الذي كان لي عندك قبل كون العالم)

(الجواب)
ان التقدم على قسمين تقدم ذاتي غير مسبوق بعلة بل وجوده من ذاته كالشمس ضياؤها من ذاتها وليست محتاجة في ضوئها الى فيض كوكب اخر فيقولون لهذا (ضياء ذاتي) اما ضوء القمر فمقتبس من الشمس لان القمر محتاج الى الشمس في الضياء0اذا صارت الشمس علة في الضياء والقمر معلولا0تلك قديمة وسابقة ومتقدمة وهذا مسبوق ومتأخر والنوع الثاني من القدم قدم زماني وذلك لا اول له وحضرة(كلمة الله)مقدس عن الزمان فالماضي والحال والاستقبال كل بالنسبة الى الحق على حد سواء فليس للشمس امس ولا اليوم ولا الغد0وكذلك التقدم من جهة الشرف يعني ان الاشرف مقدم على الشريف0اذا فحقيقة المسيح التي هي كلمة الله لا شك انها من حيث الذات والصفات والمجد مقدمة على الكائنات0وكانت كلمة الله قبل الظهور في الهيكل البشري في نهاية العزة والتقديس ومستقرة في اوج عظمتها في كمال الجلال والجمال0ولما اشرقت كلمة الله من اوج الجلال بحكمة الحق المتعال في عالم الجسد اعتدى عليها في الجسد اذ وقعت في ايدي اليهود اسيرة لكل ظلوم وجهول وانتهى الامر بالصلب ولذلك نادى ربه بقوله(اعتقني ياالهي من عالم الجسد واطلقني من هذا القفص حتى اصعد الى اوج العظمة والجلال واجد تلك العزة والتقديس السابقين قبل عالم الجسد فابتهج بالعالم الباقي واصعد الى الوطن الاصلي عالم اللامكان ملكوت الاخفى) كما لوحظ انه بعد الصعود ظهرت عظمة حضرة المسيح وجلاله حتى في عالم الملك يعني في الانفس والافاق بل في نقطة التراب وحينما كان في عالم الجسد لقى اهانة وتحقيرا من اضعف اقوام العالم يعني اليهود الذين رأوا من اللائق ان يكون على رأسه المبارك تاج من الشوك0اما بعد الصعود فصارت تيجان جميع الملوك المرصعة خاضعة خاشعة لذلك التاج المصنوع من الشوك0وايضا فانظر كيف وصلت كلمة الله الى اي درجة من الجلال في الافاق.

No comments:

Powered By Blogger