Tuesday, December 11, 2007

من المدعو ومن المختار ولؤلؤ المعانى

(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون)
(سؤال)
يقول حضرة المسيح في الانجيل
(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون)
ويقول في القرآن
(يختص برحمته من يشاء)
فما حكمةذلك؟
(الجواب)
اعلم ان نظام الكون وكماله يقتضيان ان يبدو عالم الامكان بصور لا عداد لها فلهذا لم تكن الموجودات في مرتبة واحدة او مقام واحد او نحو واحد ولا جنس واحد او نوع واحد ولا في صورة واحدة بل لابد من تفاوت في المراتب وتمايز في الاصناف وتعدد في الاجناس والانواع يعني من المحتم وجود مراتب الجماد والنبات والحيوان والانسان لان عالم الوجود لا يتم تكوينه وتنظيمه وكماله بالانسان وحده وكذلك لا يمكن ان يظهر العالم بالمنظر البديع والترتيب الدقيق والرونق اللطيف بالحيوان وحده او النبات وحده او الجماد وحده بل لابد من تفاوت المراتب والمقامات والاجناس والانواع حتى يتجلى الوجود في نهاية الكمال مثلا لو ان هذه الشجرة كانت كلها ثمرة لما تم كمالها النباتي لان الاوراق
والاكمام والثمار جميعها لازمة حتى يتجلى النبات في نهاية الزينة والكمال وكذلك انظروا في هيكل الانسان اذ لابد فيه من تفاوت الاعضاء والاجزاء والاركان فجمال الوجود الانساني وكماله يقتضي وجود العين والاذن والمخ حتى الاظافر والشعر فلو كان هيكل الانسان كله مخا او عينا او اذنا لكان ذلك هو عين النقص وكذلك يكون ناقصا لو كان بدون شعر أواهداب أو اظافر أو اسنان0 ولو ان هذه كلها بالنسبة الى العين في حكم الجماد والنبات لعدم الاحساس ولكن عدم وجودها في هيكل الانسان مكروه ومذموم للغاية0ان مراتب الموجودات مختلفة متفاوتة اختار الله سبحانه لبعض الاشياء الرتبة العليا كالانسان ووضع بعضها في الرتبة الوسطى كالنبات وترك بعضها في الرتبة الدنيا كالجماد فتخصيص الانسان بالرتبة العليا انما هو من فضله والتفاوت بين النوع الانساني من حيث الترقيات الروحانية والكمالات الملكوتية انما هو ايضا بارادة حضرة الرحمن لان الايمان الذي هو حياة ابدية من آثار فضل الله لامن نتائج العدل فشعلة نار المحبة انما هي بقوة الانجذاب لا بالسعي والاجتهاد في عالم الماء والتراب بل الذي يحصل بالسعي والاجتهاد هو الاطلاع والعلم وسائر الكمالات اذا فانبعاث الارواح واهتزازها لا يكون الا بانوار الجمال الالهي وقوته الجاذبة لهذا يقول(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون) فمثلا الجماد في رتبته الجمادية والنبات في رتبته النباتية والحيوان في رتبته الحيوانية كل مقبول في رتبته بل تلك الرتب هي عين الكمال ولكنها اذا كانت ناقصة في رتبها ولم تبلغ حد الكمال فيها فهي مذمومة وغير مقبولة0
واما التفاوت بين النوع الانساني فهو على قسمين0احدهما التفاوت من حيث المراتب وهذا التفاوت ليس بمذموم والقسم الاخر هو التفاوت من حيث الايمان والايقان وعدمهما وذلك مذموم لان تلك النفس تكون قد ابتليت بهواها وطيشها حتى حرمت من مثل هذه الموهبة ومنعت من قوة جذب محبة الله0
ومع ان الانسان في رتبته ممدوح ومقبول الا انه بحرمانه من كمالات تلك الرتبة يصبح معدن النقائص وعن هذا هو مسئول।

(حضرة عبد البهاء)


No comments:

Powered By Blogger