Saturday, August 13, 2011

الوعد بمجيء الرسول الجديد-الجزء الثاني

الوعد بمجيء الرسول الجديد-الجزء الثاني

إن الوعد بمجيء الرسل الإلهية من عند الله نجده في سور كثيرة من القرآن الكريم. فلنناقش آيات أخرى بهذا الخصوص:

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ.... وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. سورة 98, آية: 1- 5

تبين لنا الآية السابقة أن الذين رفضوا الإسلام وكفروا به سوف يستمرون في رفضهم إلى أن يأتيهم رسول آخر. عندئذٍ تُقَدَّم لهم فرصة جديدة ومرةً أخرى ستكون هذه الفرصةً إما بقبول الحقيقة أو برفضها.

من هم الذين تشير إليهم الآيات السابقة, فلنتمعن في الأدلة التالية :

· إن الآيات لا تتضمن أي إشارة إلى الرسول الكريم أو إلى الإسلام.

· تشير الآيات إلى كيفية تصرف الناس في حقبة من الزمن في المستقبل.

· تشير أيضاً إلى مجيء رسول من عند الله ويأتي بالبينة والدليل.

· هذا الرسول الجديد يأتي بصحفٍ وكتب بينما سيدنا محمد أتى بكتاب واحد فقط.

· الآيات تشير إلى الدين الموعود (المبشَر به) بأداة الإشارة للبعيد. (ذلك) تشير للمستقبل أي إلى دين غير الإسلام.

دعونا نتمعن في آية أخرى تتكون من فقرتين:

· الأولى عبارة عن سؤال بأسلوب بلاغي.

· ا لفقرة الثانية هي الإجابة على السؤال.

أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً. سورة 11, آية: 17

فتتساءل الآية السابقة كيف ينبغي أن يُعامَل الرسول الذي يأتي بأدلة من عند الله؟ وكيف يجب أن تكون استجابة المؤمنين له؟ هل عليهم أن ينكروه أم يتبيَّنوا ويُحَقِقوا لمعرفة صحة ادعائه؟

دعونا نتمعن في الفقرة الثانية من الآية المباركة والتي تحمل الإجابة :

أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ. سورة 11, آية: 17

نظرة سريعة على الفقرة الثانية من الآية تجعل المعنى الوارد في الفقرة الأولى واضحاً تماماً. من هم الذين آمنوا به ؟ إنهم أولئك المؤمنون الذين لهم قلوب جيدة حسنة وعقول تتميز بالحكمة لا بالتعصب والأهواء النفسية ويتأملون بعين البصيرة فيما أتى به الرسول الجديد من آياتٍ بيِّناتٍ أرسله الله بها وأدلةٍ واضحةٍ تشهد بصدق رسالته. وماذا عن أولئك الذين ينكرون الرسول الجديد ؟ مثواهم نار جهنم خالدين فيها مثلهم مثل السابقين.

إن الله سبحانه وتعالى يزيل عنّا كل الشكوك في تصديقنا لوعوده بإرسال الرسول الجديد فيؤكد ذلك بقوله تعالى :

فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ. سورة 11, آية: 17

إن الكلمات الختامية للآية السابقة تنذر بعاقبة إنكار الرسول الجديد. فهو يأتي بأدلة مقنعة و واضحة ويتلو آياتٍ منزلَة من عند الله ولكن رغم كل ذلك نرى أغلب الناس لا يؤمنون به. فهنا يتبادر هذا السؤال إلى أذهاننا: ماذا عن المسلمين؟ لماذا أكثرهم ينكرون هذه الرسالة العظيمة التي جاء بها حضرة بهاءالله ؟ الجواب بسيط جداً لأنهم متمسكون بعقيدة خاتم النبيين. فحتى لو أتى الرسول بكتب ومجلدات عظيمة كل منها منزلة من عند الله ولها من الدلائل والآيات المحكمات مثل التي جاء بها القرآن الكريم فسوف ينكره القوم. وربما يحبسوه أو يقتلوه لأنه انتهك مفهوم العقيدة السائدة والخاطئة في حد ذاتها وهي ختم النبوة.

وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ. لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

سورة 6, آية : 66- 67

هذه هي بعض الحقائق التي يصرح بها الله لرسوله:

· إن الرسول الجديد هو الحق ويقول الحق ولكن قومك المسلمين يكذبونه.

· إن أولئك الذين ينكرون الرسول الجديد سوف يواجهون عواقب إعراضهم والرسول الكريم غير مسئول عن إعراضهم.

· لكل رسالة إلهية ومنها الدين الإسلامي أجل مسمى. وعندما تأتي الرسالة السماوية الجديدة, ينتهي أجل الأمة الإسلامية.

· عندما يأتي الرسول الذي يبعثه الله فسوف تعلمون بأن النبوءة قد تحققت.

تمعنوا في الآية التالية :

تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ. سورة 32 : آية 2- 3

إن الآيات السابقة تتضمن نبوءة عن مجيء الرسول الذي سوف يأتي بعد محمد عليه السلام والكتاب الذي سيُرسل بعد القرآن. هذه هي الحوافز :

· إن الآيات تشيـر إلى شخصين قد حُدِّدا بوضـوح بالضمير المخاطب الكاف في (قبلك) أي محمد , و( نذير) النذيرفي المستقبل.

· إن الآيات توضح بأن النذير سوف يأتي لقوم ما أتاهم من نذير من قبل, ومن المؤكد أن النذير لن يكون محمداً لأن الناس في الجزيرة العربية قد أتاها النذير وهو الرسول الكريم.

· إن عبارة " بل هو الحق " قد ذُكِرت عدة مرات في القرآن الكريم لتشير إلى مجيء الرسول في المستقبل.

تشير الآيات التالية إلى أن المسلمين ذوي البصيرة النورانية والإيمان الصادق سوف يعرفون الرسول الجديد...

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. سورة 22, آية: 54

وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. سورة 34, آية: 6

تأمل هذه الآيات أيضاً :

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. سورة 35, آية: 31- 32

دعونا نتمعّن ما تضمنته الآيات السابقة من حقائق :

· تبدأ الآية بالإشارة إلى شخصية بارزة معينة (النذير) في سورة 32, آية: 3 وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى لسيدنا محمد كما جاءت في آيات القرآن مسبقاً.

· أطلق الله عبارة " هو الحق " على النذير.

· إن النذير سوف يصدق ما بين يديه وهو القرآن.

· عندما يأتي هذا النذير فإن المسلمين الذين اصطفاهم الله سوف يستجيبون لدعوته وهم على ثلاثة طوائف : منهم ظالم لنفسه لإنكارهم تلك الحقيقة, ومنهم مقتصد لأنهم غير مبالين به, ومنهم سابق بالخيرات فيستجيبون لندائه ويعترفون به كرسول جديد لأنهم مؤمنون صادقون ومسلمون باركهم الله.

إن سورة يونس في القرآن الكريم تشير مراراً إلى وعد من الله. ولكن قبل أن نبحث عن تلك الوعود في السورة المباركة, يجب أن نلاحظ بدقة كيف جاءت كلمة "وعد" في الآيات المرتبطة بمجيء سيدنا محمد.

وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. سورة 17, آية : 108

تتضمن الآيات 46 إلى 55 من سورة يونس كثيرا من الوعود وهي من الآيات المتشابهات, دعونا نستعرض تلك الآيات :

· الآية 46 : سوف تقع أحداث معينة بعد أن يصعد الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى.

· الآية 47 : لكل أمة رسول.

· الآية 48 : يتساءل الناس " متى هذا الوعد " ؟

· الآية 49 : الجزء الأول, إن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء. فهو الذي يقرر متى يكون هذا الوعد.

· الآية 49 : الجزء الثاني, ولكن ينبغي لكم أن تعلموا أن لكل أمة أجل.

· الآية 50 : إن العقاب سوف ينزل بأولئك الذين لايؤمنون بهذا الوعد ولا يتخذونه مأخذ الجِد. وإن ظهور الرسول الجديد هو بمنزلة نار ونقمة لمن ينكره ونور ورحمة لمن يؤمن به.

أما الآية 51 فإنها تشير إلى مجيء الرسول الجديد :

أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ. سورة 10, آية : 51

إن تسلسل الآيات يبين بوضوح أنها تشير إلى مجيء رسول من عند الله في زمن معين من التاريخ.

لقد كان الكفّار دائماً يستهزئون بالوعود الإلهية. فيقولون " متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " لكي يشهدوا تحقق الوعود فيتأكدوا من صدق الرسول. بالطبع كانت إجابة الله أن الوعد لن يتأخر ساعة ولن يتقدم. والآية السابقة توضح ذلك وفيها تساؤل, هل سوف تتمادون في استهزائكم بعد تحقق وعد الله ومجيء الرسول الموعود؟

إن الآية التالية تشير إلى العذاب الذي سوف يلحق بأولئك الذين ينكرون الرسول الجديد:

ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ.

الآية التالية: (سورة 10, آية: 53 ) تشير مرة أخرى إلى مجيء الرسول الجديد:

وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ. سورة 10, آية: 53

الآية (سورة 10, آية: 54 ) تؤكد مرة أخرى الوعد:

أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. سورة 10, آية: 54

الآية السابقة تثبت أن معظم الناس لا يعرفون الغرض من هذه النبوءات.

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. سورة 19, آية: 39

فمعظم المترجمين يعتقدون أن الآية السابقة تشير إلى يوم القيامة. ولكن الآية تبين بوضوح إلى الطريقة التي سوف يستجيب بها الناس للرسول الجديد. ماذا حصل حين أتى سيدنا محمد؟

· تجاهل الناس مصيرهم الروحاني.

· لم يؤمنوا بالرسول محمد.

إن غفلة الناس عن الشيء يؤدي تدريجياً إلى إنكاره فكيف يمكن لشخص ما أن يتجاهل الحياة الأخروية ويرفض تصديقها. سوف يشعر بالندم يوم القيامة بسبب عدم استجابته للنداء الإلهي نتيجة غفلته. وهكذا إن يوم الحسرة أو يوم القيامة تشيران في آيات أخرى إلى زمن مجيء الرسول الجديد.( من كتاب- خاتم النبيين)


ونتابع معاً الجزء الأخير من الوعد بجيء الرسول الجديد........شكري وتقديري

Powered By Blogger