Saturday, December 5, 2009

حول علامات مجئ السيد المسيح


حول علامات مجئ السيد المسيح

تحتوى الكتب المقدّسة على آيات عديدة بخصوص ظهور الموعود. ففى كلٌ من التوراة والإنجيل والقرآن علامات يمكن فهمها ظاهريًا كما هى، وعلامات باطنية يجب التفكّر والتمعّن فيها. من بين هذه العلامات،نجد نبوءات بتغيّرات في الكواكب والأبراج، كوارث طبيعيّة، زلازل، مجاعات، أمراض، انتشار الفسق والتدنى الأخلاقي، العجرفة، الظلم والشر، إنتشار المسيحية في جميع أنحاء العالم، عودة اليهودإلى أرض الميعاد، انتشار الثقافة والعلم في جميع أنحاء المعمورة. يصبح الدين لفظاً ، ويصيب البؤس شعوبٍ الأرض على يد حكّامها. وتهجر المرأة المرضعة رضيعها، وتضع كل حامل حملها ، ويهجر الإنسان أخيه وأمه وأبيه وزوجته وأولاده، ويصاب الإنسان بالقلق والهم والغم.

وبالرغم من وضوح هذه العلامات ، إلا أن هناك علامات آخرى يجب النظر إليها روحانياً. فمثلاً، كان اليهود ينتظرون تحقق جميع علامات مجئ السيد المسيح المذكورة في التوراة حرفيًا. ولكن هل إظلمّت الشمس أو تحوّل القمر إلى دمٍ؟ إذا فرضنا أن هذه النبوءات سوف تتحقق حرفيًا هذه المرة و’الشَمس والقمر يظلمان‘ و’النجوم تتساقط من السماء وقوّات السموات تتزعزع‘ فإذا حدث ذلك حرفيًا فكيف يمكننا بعد ذلك أن نرى ’ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوّةٍ ومجدٍ عظيم‘. هل من الممكن أن يبقى أي إنسان حي بعد اظلام الشمس والقمر وتساقط النجوم وتزعزع قوّات السماء؟ كما نعلم اليوم أن بعض النجوم هي أكبر بآلاف وملايين المرّات من الكرة الأرضية, فإذا إقترب نجم واحد فقط من الكرة الأرضية لدمّرت الأرض كلها من اقتراب هذا النجم، فما بالك بتساقط النجوم؟ إن المكان الوحيد الذي يمكن تمثيل هذه الأحداث فيه هو في استديوهات هوليود، إذا أردنا أن نعيش في عالم الخيال!.

أيضاً، نقرأ فى الإنجيل المقدس: ’لا يأتي ملكوت الله بمراقبة. ولا يقولون هو ذا ههنا أو هو ذا هناك لأن ها-هو ذا ملكوت الله داخلكم‘. فكيف يكون ممكنًا أن توصف بعض الآيات مجئ ملكوت الرب بعد اظلام الشمس والقمر وتساقط النجوم، وآية أخرى تقول أن ملكوت الله لا يأتي بمراقبة، وتقول الآية نفسها أن ملكوت الله ’داخلكم‘! ومن المحير أن آية أخرى تقول أن الرَّبِّ ’سيأتي كلصٍّ في الليل‘. أي سيكون مثل مجيء لص للمنزل ولا علم لصاحب المنزل بوجوده. من الواضح أن هذه الآيات لها معانيها الروحانية وأن الموعود سيكون في العالم ’داخلكم‘ كما كان الحال مع المظاهر الإلهية السابقة في العصور الماضية –فلم يكن معظم البشر على علم بظهور الموعود. أن اليوم الموعود من أعظم الأيّام ولكن الناس فى غفلة عنه ولا علم لهم بعظمة هذا اليوم ، ستستمر الشمس في الاشراق والغروب يومًا بعد يوم ويبقى القمر والنجوم لامعة في أبراجها.

توضح لنا الكتب البهائيّة المقدسة أن العلامات والرموز الخاصة بالموعود لها معانيها الخاصة وأن جميع هذه النبوءات قد تحققت، يقول حضرة بهاءالله: لَقَدْ قَامَ الْيَوْمَ عِيدٌ عَظِيمٌ فِي الْمَلأِ الأَعْلَى إِذْ ظَهَرَ كُلُّ مَا وُعِدَ بِهِ فِي الْكُتُبِ الإِلَهِيَّةِ. وَهُوَ يَوْمُ الْفَرَحِ الأَكْبَرِ. يَجِبُ عَلَى الْكُلِّ أَنْ يَقْصِدُوا بِسَاطَ الْقُرْبِ بِكَمَالِ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ وَالسُّرُورِ وَالانْبِسَاطِ. وَيُنَجُّوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ نَارِ الْبُعْدِ. [محموعة من ألواح حضرة بهاءالله نُزِّلت بعد الكتاب الأقدس، ص 96).

وكما نعلم، أن المِحَنْ والآلام المحيطة بالعالم اليوم لم تنتهي بمجئ الموعود، بل أنها في إزدياد وستستمر فى الإزدياد يوماً بعد يوم، وذلك بسبب إعتراض البشر ومعارضتهم لتعاليم حضرة بهاءالله، المظهر الإلهي لهذا العصر، وتمسّكهم بتعاليم غير ملائمة لتعاليم العصر الجديد، مثل ماكان في العهودٍ السابقة،فى تمسك البشر بالموروثات ورفضهم التعاليم الجديدة المنزلة. كما يقول القرآن الكريم: وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً [سورة الإسراء 17: 15]. وبسبب غفلة البشر ستستمر الشدائد والرزايا، يتفضل حضرة عبد البهاء: اعلم أن الشدائد والرزايا سوف تزداد يوماً بعد يوم وسوف يبتلى الناس بالبؤس والنكبات وتغلق أبواب السرور والراحة والاطمئنان من جميع الجهات وتقع حروب مهيبة ويحيط اليأس والقنوط بجميع الخلق إلى درجة يضطرون فيها إلى التوجه إلى الله. حينذاك تنير أنوار السعادة جميع الآفاق وترتفع صيحات "يا بهاء الأبهى" من جميع الأطراف والأكناف"(منتخبات من كتاب بهاءالله والعصر الجديدص299) ، ويتفضل حضرة بهاءالله: "وستتأزّم الأمور، وتشتدُّ إلى درجة ليس من المجدي شرحها الآن". [بهاءالله، ’منتخباتي از آثار حضرة بهاءالله‘ ص 83]. ويتفضل حضرته أيضًا: واذا تمّ الميقات يظهر بغتةً ما يرتعد به فرائص العالم اذاً ترتفع الاعلام و تغرّد العنادل علی الأفنان [بهاءالله، ’منتخباتي از آثار حضرة بهاءالله‘ ص 83].


Thursday, November 12, 2009


كلمة الله-(د.نبيل حنا)

تفضل السيد المسيح: ’في البَدْءِ كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمةُ الله‘. وقال أيضًا: ’السَّماءُ والأرضُ تزولان ولكنَّ كلامي لا يزول‘. بما أن ’الكلمةُ الله‘ والكينونة الإلهية كانت من الأوّل الذي لا أوّل له إذًا فالكلمة أيضًا كانت من الأول الذي لا أول له. يقول حضرة بهاءالله: "كَانَ الْحَقُّ وَالْخَلْقُ فِي ظِلِّهِ مِنَ الأَوَّلِ الَّذِي لاَ أَوَّلَ لَهُ. إِلاَّ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالأَوَّلِيَّةِ الَّتِي لاَ تُعْرَفُ بِالأَوَّلِيَّةِ وَبِالْعِلَّةِ الَّتِي لَمْ يَعْرِفْهَا كُلُّ عَالِمٍ عَلِيمٍ. قَدْ كَانَ مَا كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلَ مَا تَرَاهُ الْيَوْمَ" [مجموعة من ألواح حضرة بهاءالله (نُزِّلت بعد الكتاب الأقدس) ص 120].

إذا فهذا العالم العارض لم يكن بداية خلق الله ولن يكون نهاية خلقه، لأن الله سبحانه وتعالى ليس له بداية وليس له نهاية. عندما قال السيد المسيح ’السَّماءُ والأرضُ تزولان ولكنَّ كلامي لا يزول‘ فهذه العبارة بالطبع حق، لأن ’في البَدْءِ كان الكلمة‘ و ’كان الكلمةُ الله‘ وكان الله من الأوّل الذي لا أول له وستبقى كلمة الله إلى الآخر الذي لا آخر لها حتى بعد زوال ’الأرض والسماء‘. اضافة إلى ذلك قال حضرة بهاءالله أن ’كلمة الله‘ كانت ’علّة الخلق‘ ويقول: "إِنَّ الْفَاعِلَيْنِ وَالْمُنْفَعِلَيْنِ قَدْ خُلِقَتْ مِنْ كَلِمَةِ اللهِ الْمُطَاعَةِ وَإِنَّهَا هِيَ عِلَّةُ الْخَلْقِ وَمَا سِوَاهَا مَخْلُوقٌ مَعْلُولٌ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْمُبَيِّنُ الْحَكِيمُ." [مجموعة من ألواح حضرة بهاءالله (نُزِّلت بعد الكتاب الأقدس) ص 120].

إن الله سبحانه وتعالى لم يكن في أي وقت من الأوقات بدون خليقة، ولم تكن مخلوقات الله محرومة في أي وقت من الأوقات من ’كلمة الله‘ وأفضاله، يشرح حضرة عبد البهاء هذه النقطة بقوله: "وللحق دائما خلق، واشعة شمس الحقيقة لم تزل كانت ساطعة لامعة اذ أن الشمس بدون نور هي ظلام ديجور، وان الاسماء والصفات الالهية تقتضي وجود الكائنات، والفيض القديم لا يمكن ان ينقطع لأن انقطاعه ينافي الكمالات الالهية." [من مفاوضات حضرة عبد البهاء، ص 209]. ويضيف حضرة عبد البهاء: "كلمة الله مقدسة عن الزمان، فالماضي والحال والمستقبل كلها بالنسبة الى الحق على حد سواء، فليس للشمس أمس ولا اليوم ولا الغد". [من مفاوضات حضرة عبد البهاء، ص 74.]

فحقيقة السيد المسيح هي كلمة الله، وهي نفس حقيقة جميع الرسل أو المظاهر الالهية. وكلمة الله أبدية ليس لها بداية أو نهاية، وبواسطة الرسل أو المظاهر الالهية أمكن تبليغ البشر الكلمة أي الرسالة الالهية. يشرح حضرة عبد البهاء كلمة الله قبل ظهورها بقوله: ’وكانت كلمة الله قبل الظهور في الهيكل البشري في نهاية العزة والتقديس ومستقرة في أوج عظمتها في كمال الجلال والجمال، وعندما اشرقت كلمة الله من أوج الجلال بحكمة الحق المتعال في عالم الجسد اُعتدىَ عليها بواسطة هذا الجسد...‘ [من مفاوضات عبد البهاء، ص 74.]

أنزلت الكلمة الإلهية على مراحل بواسطة الأنبياء والرسل والمظاهر الإلهية. إنّ الكلمة الإلهية هي مثل أمطار الربيع، والإنسان دائمًا في حاجة لهذه الأمطار لإنتعاشه ونموّه وسنده، ولكن نتيجة ’الكلمة‘ وتأثيرها على الكائنات متوقّف على استعداد هذه الكائنات المتفاوتة ومراتبها المتعدده.

فالأنبياء العبرانيين الأوائل مثل سيدنا إبراهيم ونوح ويعقوب وجّهوا البشر بكلمة الله. ثم جاء سيدنا موسى عليه السلام وأنزلت عليه الكلمة الإلهية وجاء بقوانين وتعاليم جديدة لهداية البشر ونموهم الروحانى. وبعده جاء انبياء بني إسرائيل مثل إشعياء وإرميا وحزقيال وغيرهم واستمروا في هداية البشر وارشادهم بواسطة ’الكلمة الإلهية‘. وعندما جاء السيد المسيح كان هو ’كلمة الله‘ في عهده وكذلك سيدنا محمد وحضرة الباب وحضرة بهاءالله كلٌّ منهم كانوا ’كلمة الله‘ في دوراتهم.

عن طريق المظاهر الالهية التي تظهر في كل عهد أو زمن يرتقى البشر فى قدراتهم وأعمالهم وتقدم مسيرتهم لمعرفة الغاية من الإرادة الإلهية لهداية البشر. هذا التسلسل المستمر في دورات متتالية للمظاهر الإلهية‘Progressive Revelation’ يُعرفهُ البهائيون بـ ’استمرارية الوحى ‘. في كل دورة يُبعث مظهر إلهي جديد وتتجدد ’كلمة الله‘ حسب الغاية والارادة الالهية. وبمجئ كل مظهر إلهي جديد يأتي ربيع جديد وتتجدد التعاليم السابقة حسب متطلبات العصر الجديد. يمكننا تشبيه هذه التغيّرات باحتياجات ومفاهيم الفرد في مختلف عهود نموّه، يقول حضرة عبد البهاء: ’ان عالم الامكان شبيه بالانسان فللانسان عهد نطفة وعهد رضاعة وزمان نمو وزمان رشد وادراك ووقت للبلوغ. وكذلك لعالم الامكان درجات فالانسان في سن الرضاعة يكون حساسًا ويكون في سن المراهقة في بداية الادراك والتمييز ولكن ادراكاته ضعيفة فعندما يبلغ سن الرشد تظهر جميع قواه المعنوية والصورية بأقصى درجة من القوة وتصل قوة ادراكه الى حد يكشف فيه حقائق الاشياء، ولكن هذا الامر غير ممكن في سن الطفولة والرضاعة فهذه الكمالات تتجلى في سن البلوغ لا في سن الطفولة وكذلك كان عالم الامكان في وقت من الاوقات رضيعاً ثم أصبح طفلا ثم مراهقًا ثم نما ونشأ يومًا فيوما والآن بلغ سن الرشد‘. [خطب عبد البهاء في أوروبا وأمريكا، ص 343].

ولهذه الأسباب يبعث لنا الآب السماوي بمربي أو مظهر إلهي جديد ويعطينا ’كلمة الله‘ ليوم جديد في كتاب منزل من الإرادة الإلهية لتقدم مسيرة بناء الحضارات الإنسانية اللا متناهية. وكما يقول القرآن الكريم: ’لكل أجلٍ كتابٌ يمحوا الله ما يشاءُ ويثبتُ وعنده أمُّ الكتابِ‘. [سورة الرعد: 13 – 38-39].

إن الحقيقة الإلهية واحده، ومظاهره واحده، و’كلمة الله‘ تتجدد في كل زمن أو عهد، في مسيرة مستمرة ليس لها بداية ولا نهاية.



Thursday, October 22, 2009

انتهت اليهودية والمسيحية والإسلام وحل أجل الله

انتهت اليهودية والمسيحية والإسلام وحل أجل الله

بسم الله الرحمان الرحيم
الذى كشف الأستار عن أسرار المتشابهات وأظهر بهاءه باسمه الأبهى
فايق: زارنى صديقى بعد غياب سنوات طويلة وما أن جلس حتى فاجأنى بقوله:
محمود: أنا حزين جدا لأجلك ياسيد فائق.
فايق: لا أحزنك الله يوما، وما هو الداعى؟
محمود: بلغنى من بعض الأصدقاء إنك كفرت.
فايق: لقد اشتبه عليهم الأمر، أن الكافر هو الذى ينكر وجود الله، أنا لست كذلك.

محمود: إزاى يا أخى قالوا إنك ارتديت عن الإسلام.
فايق: قلت ضاحكا: بل قل لهم إن فايق ارتقى، الارتداد هو التقهقر ومن ينكر الإسلام يكون قد ارتد حقا، يعنى سقط درجة أو درجات علم سلم الارتقاء، تأخر الآلاف السنين وأما أنا فلم أنكر الإسلام، بل قيمته كما يرشدنا القرآن.
محمود: الحقيقة يا أخى أنهم قالوا إنك أصبحت واليعوذ بالله بهائيا.
فايق: هذا صحيح صدقوا فيما قالوا، وهل تحققت من أن البهائى كافر؟
محمود: أنا لا أعرف يعنى إيه بهائى، قالوا عن لسان أكابر العلماء إنه كافر.
فايق: أعلم يامحمود أن البهائى هو الذى يتحلى بجميع الكمالات الإنسانية، ويدعو إلى السلام العالمى، ويجتهد أن يبثها بين الناس لنشر المحبة بين العالم وتأسيس السلام العام.
محمود: أنا لا أسألك عن أخلاقك بل عن اعتقادك الدينى، عن كفرك وأنى سأثبت أقوالك فى مذكرتى لأننى ضمنت لأصدقائنا إعادتك إلى الإيمان.
فايق: هذا جميل جدا، أكتب أن فايق يؤمن بالله وبملائكته وبرسله وبكتبه وباليوم الأخر حقا وصدقا وقد اكتشف تاريخ حلول «أجل الله» من القرآن ويؤمن به بإيمان لا يتزعزع.
محمود: ماذا تقصد بأجل الله؟
فايق: أقصد (لقاء الله) إذ قال تعالي فى العنكبوت، 5 «من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت»، وجاء فى نوح، 4 «يغفر لكم ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر إن كنتم تعلمون».
محمود: وكيف يكون لقاء الله؟

فايق: لقاء طبيعيا كما كان لقاء السلف بمحمد، وعيسى، وموسى.
محمود: هذا الكلام صعب ومتى يكون هذا اللقاء؟
فايق: بعد انتهاء آجال الأمم جميعا يأتى أجل الله (وقد أتى) وجاء فى القرآن (لكل أمة أجل) و(لكل أجل كتاب) واليهود أمة لهم أجل ولهم كتاب، والنصارى أمة لهم أجل ولهم كتاب، والمسلمون أمة لهم أجل ولهم كتاب، كذلك الأمم البوذية والبراهمية والزردشتية لهم آجال ولهم كتب لجميع هذه الآجال وقد انتهت وجاء (أجل الله).

محمود: وكيف تعرف أن آجال الأمم قد انتهت؟
فايق: أجل الأمة ينتهى ويأتى دور أمة جديدة عندما لا تحكم الأمة بأحكام كتابها. محمود: هذا صحيح على النصارى واليهود، غيروا كتبهم، ولكن نحن ماغيرنا القرآن ونحكم بأحكامه.


فايق: لا تستعجل بالحكم على تغيير الكتب، أثبت هذه النقطة فى مذكرتك نبحثها فيما بعد واسمع ماذا يقول القرآن من المائدة من 44 إلى 48 «إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم به النبيون.. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.. وكتبنا عليهم فيها إن النفس بالنفس.. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون... وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه.. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون. وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم..»، إن اليهود لعدم تنفيذ أحكام كتابهم وصمهم الله بالكافرين والظالمين وأقام بعدهم النصارى هؤلاء أيضا لم ينفذوا أحكام كتابهم فوصمهم الله بالفاسقين، والنبى (صلي الله عليه وسلم) قد حكم بما أنزل الله، ولكن نحن اليوم ما هو حالنا مع أحكام القرآن؟ إننا أصبحنا كالأمم السابقة تماما لعدم تنفيذنا لأحكام القرآن.
محمود: هذا حكم شديد ياأخى؟
فايق: هذا حكم كتاب الله علينا، واستمع أيضا ما هو أوضح وأشد، لقد جاء فى الأنعام 159 «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله»، وجاء فى الروم 32 «ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون»، والآن قل يامحمود هل فرقنا ديننا ونحن شيع.
محمود: هذا لا يمكن إنكاره.
فايق: أجل شيعا ومذاهب وطرقا وأحزابا وفرقا وجماعات، وعمائم ملونة بيض وحمر مختلف ألوانها وعدبات طويلة وذقون.
محمود: هذا محزن حقا.
فايق: النتيجة قد حق علينا القول وانتهى الأجل وما بقى علينا إلا أن نبحث فى القرآن لنعرف تاريخ أجل الله ونستعد للقائه.
محمود: إزاى؟ إن الأكثرية من المسلمين يصلون ويصومون والبعض منهم يحجون ويزكون، أليست كل هذه أحكام الكتاب؟
فايق: أجل إن هذه من بعض أحكام الكتاب، خذ بالك إن اليهود منذ (3500 سنة) لم يتركوا الصلاة والصيام ويزكون ويتحرقون شوقا للحج إلى البيت المقدس، رغم ذلك نبذهم الله وأتى بخلق جديد وهم النصارى، لماذا نبذ الله اليهود؟ كذلك النصارى بكل مذاهبهم يصومون ويصلون ويقدسون إلى اليوم رغم ذلك أخرجهم الله من النعمة، وجاء بخلق جديد وهم المسلمون، لماذا طرد الله المسيحيين من نعمه؟
محمود . إذن ما هو المقصود من الأحكام ؟
فايق: بصرف النظر عن أحكام المعاملات التي جاءت في القرآن والتي لا يعمل بها اليوم . مثل أحكام القتل والسرقة والزنا والميسر ..كذلك أحكام العبادات وهي ينفذ بعضها بحالتها المعروفة ، فإن المهم من الأحكام هي التي تبشر الأمة بالرسول الذي سيأتي بعد انتهاء أجلها ، فاليهود لو عملوا بأحكام كتابهم بخصوص هذه المسألة الحيوية ( قيام الرسول اللاحق لرسولهم) لآمنوا بالمسيح، ولكنهم تمسكوا بأقوال رؤسائهم وبما لفق هؤلاء من شطط الأفكار فأنكروا المسيح وحكموا عليه بالصلب وشتتوا شمل المؤمنين به ، كذلك النصاري لو فهموا بشارات الإنجيل والتوراة الواردة في حق (الشاهد والمعزي) يعني (محمد) لآمنوا وفازوا بنعم القرآن ، ولكنهم تمسكوا بحرفية الآيات واتبعوا تفاسير القسس والرهبان ورجال الكنيسة فحرموا من الأنوار المحمدية ، والمسلمون العلماء منهم بدورهم تحت تأثير أغراضهم الشخصية وإطاعة لشهوات ملوكهم ، تركوا المهم في كتاب الله ، يعني الجهة المعنوية الروحانية وتمسكوا بظاهر الآيات وبالحياة الدنيا السحيقة التي لا قرار لها ولا ثبات واتبعوا الشهوة والثروة والترف.
محمود: هذه مصيبة حقا . المال ، الذهب التنازع والتناهش علي المال . الموت في سبيل القرش ، أغنياء وفقراء علي السواء .
فايق: هذه الحالة المحزنة من تركنا للقرآن ، القرآن يا أخي القرآن هو السر العجيب هذا الكنز الذي كله سعادة ونعيم، إننا عمينا عنه ، نسمع ترتيله ونقول (الله .. الله) دون أن ندرك المعني ومرمي الآيات
محمود: إنك يا أستاذ فايق مغرم بالقرآن فكيف يقولون أنك كفرت ؟

فايق: أجل إني كفرت حقا ، كفرت بما عندهم من أوهام وخرافات التي هي مع تعاليم القرآن علي طرفي نقيض .. إني أطلب من الله هدايتهم إلي نوره ومعرفته . القرآن وما أدراهم ما القرآن إنه كتاب مقدس حافل . وسفر مبارك كامل. وسجل جميل شامل جميع أدوار حياة الإنسان وخاصة العالم الإسلامى. إن المرآة كلما كانت قريبة للنور كان سطوع الأشعة المنعكسة منها أشد واقوي . فالنبي (صلي الله عليه وسلم) بمناسبة كونه أقرب الرسل إلي (أجل الله) ، فالبشارات في القرآن أوضح مما جاء في سائر كتب الله ، ولكن أهملت هذه البشارات العظيمة . أهملناها وبعناها بثمن بخث قليل واتبعنا ما قال علماؤنا قديما حول المعاني الظاهرة الحرفية في الآيات ، وخصوصا حول ( القيامة والجنة والنار والحور والغلمان والشياطين والسماء والأرض والماء والجبال وحول ظهور المهدي) .. من أفكار جمعوها من الخرافات الإسرائيلية ، واختاروا منها ما لذ لهم وطاب . ودونوه في كتبهم ، وهكذا قادوا الأمة إلي الأوهام والاستكانة فتفتتت إلي شيع ومذاهب تاركين الأخلاق التي قال عنها النبي ( صلي الله عليه وسلم ) ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) هذه الأخلاق العالية السامية التي رصيدها اليوم بين المسلمين ما يقرب من (الصفر) تركنا الجواهر ونفتخر بالصلصال القذر .

محمود: كل ما قلت عن حالتنا مع الأسف واقع صحيح .

فايق: قلت هل تظن يا محمود أنه بقي بيننا نحن الذين نسمي أنفسنا بالمسلمين شيء اسمه دين؟ اسمع ما قاله النبي (صلي الله عليه وسلم) في حديثه المشهور ( لتسلكن سنن ما قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) كان (صلي الله عليه وسلم) يكرر هذا الحديث كثيرا ونطق به أيضا في حجة الوداع وهو ممسك بحلقة باب الكعبة ضمن خطاب طويل وكانت عيناه المباركتان تدمعان ويبكي في قلبه لأن صورة أحوال المسلمين اليوم كانت تمر قبل نظره كصور السينما .
محمود: حقا يا أخي أن حالتنا الأخلاقية محزنة أخذنا كل الفساد من الأجانب .

فايق: قلت لا. لا.لا نبرئ أنفسنا ونلقى الذنب علي الأجانب، هل الوليد خليفة المسلمين، حينما مزق القرآن بالسهام ، وقال مخاطبا القرآن (إذا قابلت ربك يوم حشر فقل له مزقنى الوليد) هل تعلم الوليد هذا الضلال من الأجانب ، أو ما كان يحصل فى قصور الرشيد وغيره من خلفاء المسلمين وملوكهم من شرب الخمر والفسق والفجور ومن .. ومن .. كان من الأجانب. لا .. إن الذنب علينا نحن لأننا تركنا القرآن . تركنا الصورة الحية التي رسمها لنا القرآن صورة يوم (أجل الله) وتاريخ هذا اليوم العظيم . قال الله جاهدوا وطبقوها علي حياتكم. تكونوا سعداء . تكونوا فوق الجميع تركناها . غرتنا العلوم بنات أفكار الناس وما اكتسبنا منها . تعظمنا وأصبحنا نري أنفسنا أئمة القرآن وليس القرآن امامنا. اسمع يا محمود حديث آخر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو اصدق محدث قال (سوف يأتي زمان علي أمتي لا يبقي من القرآن إلا رسمه وصورته ولا من الإسلام إلا اسمه وظله يسمون بالإسلام وهم ابعد الناس عنه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان أشر الفقهاء تحت قبة السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود).

http://www.rosaonline.net/alphadb/article.asp?view=3020

Friday, September 4, 2009

الرجعة

الرجعة

كتب أبو الفضل الگلپايگاني، المعروف بأبو الفضائل، ما يلي في باب "الرجعة":

... ما يرجع إلى مسألة "الرجعة" فإنه ما من دين الأديان الموجودة إلاّ ويعتقد أهله بهذه المسألة، وينتظرون رجوع شخصٍ معينٍ مخصوص أو أشخاص معلومة لتعميم ديانتهم وإعادة رونق شريعتهم، فكما ترون مثلاً الأمة النصرانية منتظرة لرجوع سيدنا المسيح له المجد، ومعتقدة كمال الاعتقاد بمحتوميّة نزوله عليه السلام من السماء، كذلك الأمّة اليهودية منتظرة لنزول إيليا النبي أي إلياس عليه السلام من السماء قبل ظهور الرب الموعود وقيامه في اليوم المعهود، والأمم الإسلامية أهل السنّة والجماعة منهم يعتقدون نزول عيسى عليه السلام بعد ظهور المهدي، وأمّا الشيعة الإثني عشرية فتعتقد أولاً رجوع المهدي عليه السلام، وهو بزعمهم محمد بن الحسن العسكري الذي غاب في سنة مائتين وستين من الهجرة وهو الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام، وتعتقد ثانياً برجوع السبط الشهيد حسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، والثالث من أهل البيت، ويُعبّرون عن رجوعه بالظهور الحسيني بعد ظهور المهدي، وأمّا الأمة الزرادشتية فتنتظر رجوع الملك الكياني الشهير كي خسرو -الذي فسّره بعض الأوروبيين غلطاً بكورش الملك الفارسي المعروف- في أيام ظهور الموعود الذي يعتقدون أنه يظهر من إيران في آخر الزمان ويُقيم الأموات ويوحّد الأديان. وينتظرون أيضاً رجوع رجال آخرين ممّن لا سبيل هنا إلى استقصاء تفصيل أسمائهم وذكر سبب رجوعهم، وكذلك سائر الأديان والملل كما يعرفه المتتبّع في عقائد المذاهب والنِحَل.

فثبت مما ذكرناه بالإجمال أن مسألة الرجعة هي من المسائل المهمة التي ابتليَتْ بها أصحاب الأديان، وبها كذّبوا كبار الأنبياء وأعرضوا عن مظاهر أمر الله في جميع الأزمان، نعم قام في القرن الثامن الهجري ابن خلدون المؤرخ المغربي الشهير، وأنكر في كتابه الكبير ظهور المهدي عليه السلام، وتبعه في رأيه هذا بعضٌ من أصحاب العقول الصغيرة والضمائر المظلمة لكي يتم بهم ما بَشّر وصرّح وأخبر به النجوم الزاهرة والأنوار الباهرة من أئمة أهل البيت عليهم السلام: "أن المهديّ خروجه عند اليأس والقنوط" أي حينما تقنط النفوس الغافلة عن ظهوره وتنكر بشارات خروجه وتيأس من آخر رجاء للتخلص من نوائب يوم عبوسٍ مستطير بمصائبه وشروره.

وكذلك ظهرت في الأمم النصرانية جماعة غير قليلة أنكروا رجوع المسيح عليه السلام في الجسد، وحرّفوا تلك البشارات الصريحة في مجيئه وظهوره وفسّروها بإحاطة دينه وغلبةِ أتباعه مما لا ينطبق على تلك البشارات أصلاً، لكي يتمّ فيهم ما أخبر به بطرس الرسول كما جاء في الإصحاح الثاني من رسالته الثانية حيث قال: "ولكن كان أيضاً في الشعب أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضاً معلّمون كذبة الذين يدسّون بِدَعَ هلاكٍ وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً. وسيتبع كثيرون تهلكاتهم. الذين بسببهم يُجدّف على طريق الحق". إلى آخر كلامه في هذا الإصحاح، مما يطول بنا الكلام لو جئنا بجميع كلماته المقدسة في هذا المقام، ولكننا نوجّه أنظار أولي الأبصار إلى التبصّر والتعمق فيما جاء في هذا الإصحاح، فإن ذاك الرسول المُجتبى والإمام المرتضى أخبر بأفصح عبارة وأبلغ بيان بجميع الحوادث التي حدثت من هذا القبيل في الأمّة النصرانية في القرون الأخيرة بكليّاتها وجزئيّاتها، مما يدل على روحٍ مقدسٍ طاهرٍ محيطٍ ناظر بحقائق الأمور الآتية بدقائقها وخصوصياتها، فإذا تقررّ عند أمّةٍ أنّ المسيح له المجد لا ينزل مِن السماء رغماً عمّا وَعَدَ به صريحاً وصار هذا الرأي عقيدة عمومية ثابتة عند جماعةٍ، فلا بد من أنهم ينكرونه حين نزوله أي عند ظهوره ويجدّفون على طريقته، فيتم فيهم نبأ الرسول المُجتبى بأنهم ينكرون الرب الذي اشتراهم، وبسببهم يُجدَّف على طريق الحق، كما وقع تماماً في هذا القرن الأنور الأبهى، وستظهر صحة هذا النبأ بأتم وأجلى، وقال أيضاً كما جاء في الفقرة الثالثة من الإصحاح الثالث من هذه الرسالة: "عالمين هذا أولاً أنه سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون، سالكين بحسب شهوات أنفسهم، وقائلين أين هو موعد مجيئه، لأنه من حين رقد الآباء كل شيْ باقٍ هكذا من بدء الخليقة". إلى آخر هذا الإصحاح، وهذا أيضاً مما يستحق كل التفسير والإيضاح بما فيه من جواهر المعاني الغالية المختومة كما سنفسّره في محلّه إن شاء الله تعالى في غاية الوضوح والإفصاح، وهذه العبارة أيضاً تدل على ما ذكرناه من أن جماعة كثيرة ينكرون مجيء سيدنا المسيح له المجد، فلا نتعجب إذاً من إنكار الكثيرين لنزوله وتحريفهم البشارات الصريحة في مجيئه وظهوره، ومما يجب الانتباه إليه هو أنه بمقدار ما أوجدت محاولات المنكرين لنزوله عليه السلام بالجسد شكوكاً في القلوب المريضة، كذلك أوجدت في القلوب الصافية علماً ويقيناً أظهر وأجلى، وأورثت في النفوس الطاهرة ثبوتاً ورسوخاً أتم وأقوى، إذاً أي برهان يمكن أن يُقام على صحة مبدأ تلك البشارات في مفاهيمها الأصلية، أيْ نزول روح الله في الهيئة البشرية أعظم وأظهر وأقوى من تحقق تلك الأخبار بعد انقضاء قرون وأدوار، أليس أخبار ذاك الرسول المُجتبى - حينما لم يكن للنصرانية جمعية وهيئة اجتماعية يذكرها المؤرخون، ويعتبرها الكاتبون بأخبار وحوادث تحققت وظهرت بعد انقضاء تسعة عشر قرناً - أدلّ دليل على أنها من الأخبار السماويّة والأنباء المُعلنة بالقوّة القدسيّة الإلهية. ("من مؤلفات أبو الفضائل"، الصفحات 232-235)

ويعرّف حضرة عبدالبهاء موضوع المعاد والرجعة بقوله الأحلى: "الفرق بين المعاد والرجعة، المعاد أمر عينيّ والرجعة أمر عِلمي. من حيث الشؤون والآثار يدل على الوحدة الحقيقية بين الأبرار." ("مائدة آسماني"، المجلد 9، الصفحة 26)

وينتظر معظم أصحاب الديانات السابقة عودة مظاهرهم بأعيانها وهذا هو معنى المعاد كما فسرّه حضرة عبدالبهاء ولكنها في عُرف أهل البهاء رجعة الصفات. فيتفضل حضرة بهاءالله عن هذا بقوله الأحلى:

"هذا كتاب من لدى المظلوم الذي سُمي في ملكوت البقاء بالبهاء... وقد ورد عليه في كلّ عهد ما لا يحصيه أحد إلاّ الله الملك العلي العظيم. مرة ابتلي بيد القابيل وقُتل في سبيل الله وصعد إليه مظلوماً وكذلك كان الأمر من قبل وكان الله على ذلك لشهيد وخبير. ومرة ابتلي بيد النمرود وألقاه على النار وجعل الله النار عليه نوراً ورحمة وإنه ليحفظ عباده المقربين. ومرة ابتلي بيد الفرعون وورد عليه ما يحترق به أفئدة المخلصين. ومرة عُلّق على الصليب ورُفع إلى الله العزيز الجميل. ومرة ابتلي بيد بو جهل ثمّ الذين هم قاموا عليه بالشقاق من أهل النفاق ووردوا عليه ما لا يُذكر بالبيان وكان نفس الرحمن على ما ورد عليه لعليم وشهيد. ومرة قُتل مظلوماً في أرض الطفّ واستشهدوا معه الذين نسبهم الله إلى نفسه المقدس المنير، إلى أن قطعوا رأسه وأساروا اهله وداروهم في البلاد وكذلك قُضي عليه من جنود الشياطين. ومرة عُلّق على الهواء واستشهد في سبيل الله المهيمن المقتدر القدير..." ("آثار قلم أعلى"، المجلد 4، الصفحة 301)

ويتفضل حضرة بهاءالله جل اسمه الأعظم في "كتاب الإيقان" عن موضوع المعاد والرجعة ما يلي:

"من الواضح المعلوم لدى أهل العلم، أنه لمّا أحرقت نار المحبة العيسوية حجبات حدود اليهود، ونفذ حكم حضرته نوعاً ما حسب الظاهر، ذَكَرَ ذاك الجمال الغيبي في يوم من الأيام لبعض من أصحابه الروحانيين أمر الفراق، وأشعل فيهم نار الإشتياق قائلاً لهم :[إني ذاهب ثمّ أعود] وقال في مقام آخر: [إني ذاهب ويأتي غيري حتى يقول ما لم أقله ويتمّم ما قلته] وهاتان العبارتان هما في الحقيقة شيء واحد، لو أنتم في مظاهر التوحيد بعين الله تشهدون... نشاهد في الحقيقة أن كتاب عيسى وأمره قد ثبتا في عهد خاتم الأنبياء فمن حيث الاسم قال حضرة محمد [إني أنا عيسى]... فمن هذه الوجهة قال عيسى بنفسه إني ذاهب وراجع. مَثَلُ ذلك مَثَلُ الشمس، فإذا قالت شمس اليوم إنني أنا شمس الأمس فهي صادقة ولو قالت إنني غيرها نظراً لاختلاف الأيام فهي صادقة أيضاً..." (الصفحتين 17-18)

أما بالنسبة لانتقال حقيقة النقطة الغيبية وتجلّيها على مظاهر أمر الله فقد وضّح حضرة بهاءالله هذا الأمر من حيث الإجمال في مقدمة "لوح الإشراقات" قوله المقدس الأحلى:

"فلما أراد الخلق البديع فصّل النقطة الظاهرة المشرقة من أفق الإرادة وإنها دارت في كلّ بيت على كلّ هيئة إلى أن بلغت منتهى المقام أمراً من لدى الله مولى الأنام. وإنها هي مركز دائرة الأسماء ومِخْتَم ظهورات الحروف في ملكوت الإنشاء وبها برز ما دلّ على السرّ الأكتم والرمز المنمنم الظاهر الحاكي عن الاسم الأعظم في الصحيفة النوراء والورقة المقدسة المباركة البيضاء فلّما اتّصلت بالحرف الثاني البارز في أول المثاني دارت أفلاك البيان والمعاني وسطع نور الله الأبدي. وتقبّب على وجه سماء البرهان وصار منه النيران. تبارك الرحمن الذي لا يُشار بإشارة ولا يعبّر بعبارة ولا يُعرف بالأذكار ولا يُوصف بالآثار إنه هو الآمر الوهّاب في المبدأ والمآب وجعل لهما حُفّاظاً وحُرّاساً من جنود القدرة والاقتدار إنه هو المهيمن العزيز المختار." ("مجموعة من ألواح حضرة بهاءالله"، لوح الإشراقات، الصفحتين 3-4)

ويعود حضرة عبدالبهاء ويشرح المعاد والرجعة بما يلي:

... ولنذكر عنوان هذه المسألة من الإنجيل فقد صرّح فيه أنه لمّا ظهر يحيى بن زكريا وكان يبشّر الناس بملكوت الله سألوه ’مَن أنت؟ هل أنت المسيح الموعود؟‘ فأجاب: ’لستُ بالمسيح‘، ثمّ سألوه: ’أأنت إيليا؟‘ قال: ’لا‘. فمن هذا البيان ثبت وتحقّق أن حضرة يحيى بن زكريا ليس بإيليا المعهود، ولكن حضرة المسيح يوم التجلّي في جبل طابور صرّح بأن يحيى بن زكريا كان إيليا الموعود, ففي الآية 11 من إصحاح 9 من إنجيل مرقس يقول: ’فسألوه لماذا يقول الكَتَبَة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً فأجاب وقال لهم إن إيليا يأتي أولاً ويردّ كلّ شيء وكيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألم كثيراً ويُرذل لكن أقول لكم أن إيليا أيضاً قد أتى وعملوا به كلّ ما أرادوا كما هو مكتوب عنه.‘

وفي إنجيل متّى آية 13 إصحاح 17 يقول ’حينئذ فهِم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان‘ والحال أنهم سألوا يوحنا المعمدان هل أنت إيليا؟ قال لا، على أنه في الإنجيل يقول أن يوحنا المعمدان كان نفس إيليا الموعود، ويصرّح المسيح أيضاً بهذا، حينئذ كان حضرة يوحنا هو حضرة إيليا فلماذا قال لستُ إيليا؟ وإن لم يكن هو إيليا فكيف يقول حضرة المسيح أنه كان إيليا؟

إذاً لم يكن النظر إلى الشخصية في هذا المقام، بل النظر إلى حقيقة الكمالات أي أن تلك الكمالات التي كانت في حضرة إيليا كانت متحققة بعينها في يوحنا المعمدان فليس النظر هنا إلى الذات بل إلى الصفات. ("من مفاوضات عبدالبهاء"، الصفحة 86)

أمثلة على الرجعة

يتفضل حضرة بهاءالله في لوح خطاباً "نصير":

"وقد أرسل النقطة الأولى روح مَن في المُلك فداه إلى محمد حسن النجفي الذي كان من كبار العلماء والمشايخ ما مضمونه... إننا بعثنا عليّاً من مرقده وأرسلناه إليك بألواح مبين ولو عرفته وسجدت بين يديه في كلّ آن كان أفضل من عبادتك سبعين سنة وَلَكُنّا بعثنا من حرفك الأول محمد رسول الله ومن حرفك الثاني الحرف الثالث الذي هو الإمام الحسن ولكنكَ احتجبتَ عن هذا الشأن وخاطبناك بما ينبغي لك...

لاحظوا عظمة الأمر وأن عليّاً الذي أرسلناه إلى الشيخ المذكور كان الملاّ علي البسطامي." (مجموعة "ألوح مباركة حضرة بهاءالله"، الصفحتين 190-191)

ذكر المرحوم المجلسي في المجلد الثالث عشر من "بحار الأنوار" في باب الرجعة:

1- روى البُزَنطي بسنده عن حضرة الصادق أنه قال:

"أول من يَنشقّ الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليه السلام."

2- روى حمّاد بسنده عن الإمام الباقر أنه قال:

"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّاً سيرجعان."

3- روى سعد عن حضرة الباقر بسنده أنه قال:

"أول من يرجع الحسين عليه السلام فيملك حتى تقع حاجباه على عينيه مِن الكبر."("قاموس الإيقان"، -فارسي- المجلد 2، الصفحة 765)

4- في خطبة لحضرة الأمير (علي) عليه السلام في شرح مقاماته العالية إلى أن يقول:

... إن لي الكرّة بعد الكرّة والرجعة بعد الرجعة وأنا صاحب الرجعات والكرّات وأنا صاحب الصولات والنقمات والدولات العجبات.

5- سُئل الإمام أبو عبد الله عن قوله تعالى "ويوم نحشر مِن كلّ أمّة فوجاً" قال ما يقول الناس فيها؟ قلت يقولون أنها القيامة، فقال أبو عبد الله: يحشر الله يوم القيامة من كلّ أمّة فوجاً ويترك الباقين إنما ذلك في الرجعة فأمّا آية القيامة فهذه: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً...

وقد روى المجلسي أخباراً كثيرة كالتي ذُكرت وعيّن في عدة أحاديث دورة سلطنة الحسين في الرجعة بأربعين سنة. وعن حضرة الصادق أنه قال: "أول من يكرّ في الرجعة الحسين بن علي ويمكث في الأرض أربعين سنة حتى يسقط حاجباه على عينيه..."

... وقال الصدوق في رسالة العقايد: "اعتقادنا في الرجعة أنها حقّ..."

يتفضل حضرة بهاءالله عن رجعة الحسين بما يلي:

"هو العزيز العليم الباقي الكريم"

"... قل يا قوم إن لن تؤمنوا بهذه الآيات فبأيّ برهان آمنتم بالله مِن قبل فأتوا به ولا تكونن من الصابرين، قل يا قوم ألست ابن عليّ بالحق، أما سُمّيت بالحسين في جبروت الله المهيمن العزيز الكريم وأما قرأت عليكم في كلّ يوم من آيات عجزت الأفئدة عن إحصائها بل عقول المقربين..." (كتاب "لئالئ الحكمة"، المجلد 2، الصفحة 22)

ويقول الشيخ أحمد الأحسائي في رسالة العصمة والرجعة:

اعلم أن الرجعة سرّ من الأسرار الإلهية، وثمرة ونتيجة الإيمان بالغيب هو الإقرار بالرجعة والمراد من الرجعة هو أن الأئمة عليهم السلام والشيعة وأعداء الأئمة، يعني المؤمنين المخلصين والأعداء اللدودين سيرجعون وأن الناس الذين هلكوا في هذه الدنيا نتيجة العذاب لا يرجعون ولا يعودون إلى هذه الدنيا. ("قاموس الإيقان"، -فارسي- المجلد 2، الصفحة 766)

"ادخلوها بسلام آمنين"

كانت هذه الآية المباركة هي أول ما طرق سمع الملاّ حسين البشروئي (باب الباب) حين دخوله من عتبة باب منزل حضرة الأعلى (الباب) في شيراز يوم 4 ليلة 5 جُمادى الأولى أي ليلة إعلان دعوة حضرة الباب للملاّ حسين المذكور سنة 1260ه‍ حيث سمع النداء الذي كان مؤهلاً لسماعه منذ القِدَم وبه دخل الجنة فكان أول رجل يدخلها وتشرّف بلقاء الله، ولم يكن ذلك الأمر مصادفة فإن حقيقة الملاّ حسين القديمة تمنّت هذا اليوم الذي تدخل فيه جنة اللقاء وتحقّق له حكم الآية: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".

تحقّق للملاّ حسين البشروئي ما تمنّى وذلك فيما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه: وعن جابر رضي الله عنه قال:

"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن قال حين بسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إلاّ حلّت له الشفاعة يوم القيامة. (رواه البخاري ومسلم)

وكما قال أحمد، أنبأنا سفيان عن ليث عن كعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلّيتم فسلوا الله لي الوسيلة، قيل يا رسول الله وما الوسيلة؟ قال أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلاّ رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو.

ولمسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الناس تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة. (رواه البخاري ومسلم)

(كتاب "اليوم الآخر في ظلال القرآن"، الصفحتين 315-316)

ونلقي مزيداً من الضوء على موضوع المعاد والرجعة في الآيات التالية النازلة من قلم حضرة بهاءالله في "سورة وفا" قوله تعالى:

"... أمّا ما سألتَ في المعاد فاعلم بأن العَوْد مثل البدء وكما أنت تشهد البدء [ظهور حضرة الأعلى] كذلك فاشهد العَوْد [ظهور حضرة بهاءالله] وكن من الشاهدين بل فاشهد البدء نفس العَوْد وكذلك بالعكس لتكون على بصيرة منير... وأمّا عَوْد الذي هو مقصود الله في ألواحه المقدس المنيع وأخبر به عباده هو عَوْد الممكنات في يوم القيامة وهذا أصل العَوْد كما شهِدتَ في أيام الله وكنتَ من الشاهدين... فاشهد في ظهور نقطة البيان جل كبرياؤه إنه حكم لأول من آمن بأنه محمد رسول الله هل ينبغي لأحد أن يعترض ويقول هذا عجمي وهو عربي أو هذا سُمي بالحسين وهو كان محمداً في الاسم؟... وإن فَطِنَ البصير لن ينظر إلى الحدود والأسماء بل ينظر بما كان محمداً عليه وهو أمر الله وكذلك ينظر في الحسين على ما كان عليه من أمر الله... ولمّا كان أول من آمن بالله في البيان على ما كان عليه محمد رسول الله لذا حَكَمَ عليه بأنه هو هو أو بأنه عَوْده ورجعه. وهذا المقام مقدس عن الحدود والأسماء ولا يُرى في هذا إلاّ الله الواحد الفرد العليم. ثمّ اعلم بأنه في يوم الظهور لو يحكم على ورقة من الأوراق كلّ الأسماء من أسمائه الحسنى ليس لأحد أن يقول لِمَ وبِمَ ومن قال فقد كفر بالله وكان من المنكرين." (كتاب "مجموعة من ألواح حضرة بهاءالله"، الصفحتين 173-174)

رأى علي خان [حاكم قلعة ماه كو] رؤيا قال: "رأيت كأني أُخبِرت فجأة بعزم محمد رسول الله على المجيء إلى ماه كو وأنه سوف يحضر إلى القلعة ليزور الباب وليهنئه بعيد النوروز فخرجت جرياً لمقابلته وأنا مشتاق لأقدّم خضوعي وترحيبي لزائر مقدس مثله، وبفرح لا يوصف أسرعت لناحية النهر، ولما وصلتُ إلى القنطرة التي هي على بُعد ميدان [جزء من فرسخ] من بلدة ماه كو، رأيت اثنين قادمين نحوي وظننت أن أحدهما رسول الله نفسه والآخر الذي يسير خلفه أحد أصحابه الممتازين، فأسرعت إلى الوقوع على أقدامه وانحنيت لأقبّل طرف ردائه وإذ ذاك استيقظت فجأة... وإذ أيقنت بصحة رؤياي... ذهبت إلى تلك البقعة التي نظرتُ فيها في الرؤيا وجهَ الرسول وأمرتُ أحد أتباعي أن يسرج لي ثلاث جياد من خيارها وأسرعها وأن يقودها إلى القنطرة. وعند طلوع الشمس خرجت وحدي وبدون حرس ومررت في مدينة ماه كو في طريق النهر وما كدت أصل إلى القنطرة حتى عجبت لرؤيتي الرجلين اللذين شاهدتهما في الرؤيا يمشيان الواحد خلف الآخر ويسيران نحوي وبدون أيّ تفكّر وقعت على قدم الشخص الذي اعتقدت أنه الرسول وقبّلته بإخلاص ورجوته هو ورفيقه أن يركبا الجياد التي أحضرها أحد أتباعي بقية الطريق... لكنه رفض طلبي قائلاً: كلاّ لقد أقسمت أن أقوم بالرحلة كلّها سيراً على الأقدام وسأمشي إلى قمة هذا الجبل حيث سأقوم بزيارة سجينك. (من كتاب "مطالع الأنوار"، الصفحة 204)

لم يكن هذا الزائر سيدنا محمد كما رأى علي خان في حلمه بل كان الملاّ حسين البشروئي...

ويتفضل حضرة بهاءالله في "كتاب الإيقان" أيضاً:

إذا فادرك الآن حكم الرجوع الذي نزل في نفس الفرقان بتلك الدرجة من الصراحة، والذي ما فهمه أحد إلى اليوم. والآن فماذا تقول؟ لو تقول أن محمداً كان رجعة الأنبياء الأولين كما هو مستفاد من الآية،[1] فكذلك أصحابه أيضاً هم رجعة أصحاب الأنبياء الأولين، حيث أن رجعة عباد القبل واضحة ولائحة أيضاً من الآيات المذكورة. ولو ينكرون ذلك يكونون قائلين بخلاف حكم الكتاب الذي هو الحجة الكبرى. إذاً فادرك أنت على هذا المنوال حكم الرجع والبعث والحشر الذي كان في أيام ظهور مظاهر الهوية، حتى ترى بعينيّ رأسك رجوع الأرواح المقدسة في الأجساد الصافية المنيرة، وتزيل غبار الجهل، وتطهر النفس الظلمانية بماء الرحمة المتدفق من العِلم الرحماني، لعل تُميّز سبيل الهداية من ليل الضلالة بسراجه النوراني، وتُفرّق بينهما بقوة الرحمن وهداية السبحان...

... إن جميع الأنبياء هم هياكل أمر الله، الذين ظهروا في أقمصة مختلفة... فإذاً لو

يقول أحد من هذه المظاهر القدسية، إني رجعة كلّ الأنبياء فهو صادق. وكذلك يثبت في كلّ ظهور لاحق صدق رجوع الظهور السابق. وإذا كان قد ثبت رجوع الأنبياء وفقاً للآيات وطِبقاً للأخبار كذلك يثبت ويتحقّق رجوع الأولياء أيضاً وهذا الرجوع أظهر من أن يحتاج إلى أيّ دليل أو برهان... (الصفحات 119-121)

رجعة الأولياء والمؤمنين

أمّا عن رجعة الأولياء والمؤمنين فيتفضل حضرة بهاءالله بقوله العزيز:

"... اكرعوا يا أهل الأرض والسماء كأس البقاء من أنامل البهاء في هذا الرضوان العلي الأعلى. تالله مَن فاز برشح منها لن يتغير بمرور الزمان ولن يؤثر فيه كيد الشيطان، ويبعثه الله عند كلّ ظهور بجمال قدس عزيز..." (من كتاب "رسالة الأيام التسعة"، الصفحة 137)



1 الآية الخاصة بالبيان المذكور أعلاه "قد جاءكم رسل من قَبْلي بالبينات وبالذي قلتم فَلِم قتلتموهم إن كنتم صادقين" [سورة آل عمران، الآية 183]

(المرجع: قاموس الإيقان -فارسي- المجلد 3، الصفحة 1225)

Powered By Blogger