Monday, December 31, 2007

من لؤلؤ ومرجان المعانى الإلهية فى الكتابات البهائية


الفجر وليال عشر
في خطاب لحضرة عبدالبهاء قوله العزيز:
طهران جناب آقا محمد علي كاشاني عليه بهاءالله الابهى.
هوالله ... سألت عن آية والفجر وليال عشر، ان هذا العبد ليس لديه فرصة التحرير والتفسير لهذه الآية المباركة، ولكن اذكر باختصار ان المقصود من الفجر في هذه الاية المباركة هو فجر النبوة التي أنارت آفاق العالم بشعاعها الساطع ونورها اللامع، وليال عشر ، يقول البعض انها الليالي العشرة عاشوراء وهي ليالي مأتم واستشهاد حضرة سيد الشهداء روحي له الفداء، والبعض يقول انها الليالي العشرة الاخيرة من شهر رمضان، وآخرون يقولون انها الليالي العشرة من اول ذي القعدة، والبعض يذهب الى ان هذه الليالي العشرة متممة لميقات موسى عليه السلام كما جاءت في الاية المباركة " واتممناه بعشر "، والبعض يقول انها ليالٍ عشر، ليلة النيروز، وليلة عيد الاضحى وليلة عيد رمضان ، وليلة عيد الغدير، وليلة الاسراء ، وليلة مولد حضرة الرسول روحي له الفداء ، وليلة عاشورا ، وليلة التاسع عشر من رمضان، وليلة مولد حضرة الامير وليلة وقد قضى حضرة الرسول قبل اظهار واعلان امره عشرة ليالٍ في غار حراء ، وفي تلك الليالي كان بحر الفيوضات مواج وانوار التجليات ساطعة، ولكن لو تنظر بدقة ، تلاحظ ان الاعداد تنتهي بعشرة، لان المبدأ واحد والمنتهى واحد وهذا العدد يحتوي على باقي الاعداد، لذا فعندما يعود الواحد الاول نحصل على عشرة ، وبعض عشاق الجمال النوراني لحضرة رسول الكبرياء عليه الصلوة والسلام قالوا بان الفجر هو الوجه المضئ النوراني للجمال المحمدي ، وليال عشر الحاجبان والرموش الاربعة والشاربان واللحية وشعر الرأس هذا تفسير العشاق ، فيمكنك انت ان تقبل أي واحد منها ، وعليك التحية والثناء . (حضرة عبد البهاء)

الخضر
يتفضل حضرة بهاءالله في احد الالواح قوله الاعز:
" كان معلم الكليم التأييدات الالهية ، وهي نفس التجليات الأمرية التي تنطق الآن، وهو يذكر في عالم الأسماء باسم من الأسماء، وسمي في الكتاب الالهي بالخضر"

في خطاب يتفضل حضرة عبدالبهاء لاقا ميرزا حسن نوشابادي قوله العزيز: " ان حقيقة مسألة عزيز عليه السلام ، أن ملة حضرة موسى اللذين هوجموا من قبل بختنصر وأُسروا وذّلوا واخذوا 70 الف شخص من الارض المقدسة إلى بابل، و ماتت هذه المّلة واضمحلت مدة مائة سنة ، حزن حضرة عزيز من هذه الواقعة وتكدر، لذا وصلت له البشارة بان هذه الملة ستحيى مرة اخرى كما حصل فعلا، اما حضرة الخضر فهو حقيقة موسى وليس شخصا آخر، صدرت احكاما بحكم الحقيقة التي تعجز عقول البشرية عن ادراكها لانها كانت خارقة للعادة ، المقصود من هذه القصة هو ان المظاهر المقدسة الالهية هم مظاهر يفعل مايشاء ويحكم ما يريد، ما يقولونه يجب اطاعته وعدم الشك والتردد فيه ، بان يقال هذا الحكم ظاهريا يتفق مع العدل والانصاف او لا يتفق. فالتشتت الفكري ينتهي الى العصيان والطغيان. هذه هي حقيقة المسألة التي ذكرت بهذا العنوان، اما الآيات بخصوص ذو القرنين فهي من الايات المتشابهات التي لها تأويل ، والمعترضون جعلوا هذه الحكاية فخأ للتزوير وسألوا لربما يصدر جوابا يخالف آراءهم ويكون هذا سببا في تزلزل اهل الايمان ، لهذا نزلت قضية ذو القرنين بحسب الظاهر موافقة لآراء الآخرين كي لا يبقى لهم مجال للاعتراض، ولكن يوجد رمزا في كل كلمة ، والمقصود من ذي القرنين هو حضرة الامير الذي كان سائرا وسائحا بقلبه في جميع الافاق وتحرى عن المظهر الكلي. في النهاية لاحظ ان شمس الحقيقة مخفية في قالب ترابي ومائي".

يونس والسمكة
ومن البيانات الشفاهية لحضرة عبدالبهاء ، عندما سئل عن آية القران " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن ان لن نقدر" تفضل حضرته : " ان الظن نوعين ، الظن السئ و الظن الحسن ، وفي موضع يقال ان الظن بمعنى اليقين والعلم ( يظنون انهم ملاقوه ) اما المراد من الحوت فهو القوم الذين بلعوه ، وظل يذكر الله في ظلمات الجهل والاهواء النفسية وفي العاقبة نجاه الله ، أي هدى القوم وتوجد قصة ذو النون في التوراة باسم يونا ، وينكر الاوروبيين هذه القصة اطلاقا ويعتبروها من الحكايات الكاذبة، وحتى ينكروا وجود مدينة نينوى ، لما كنا في بغداد، حفروا في مكان قريب من الموصل وجدوا آثار عتيقة غريبة من ضمنها بقرتين وعجل طبق الاصل، ووجد القنصل البريطاني نحلة ذهبية ، وحنطوا نحلة اخرى اصلية ووضعوها الى جانبها، لم يستطع احد ان يفرق بينهما، وكان تُرى الشعرات الرفيعة على ظهر النحلة بواسطة المكبر، كان الافرنج يقولون طبعا صار معلوما بانه في الزمن الماضي كان هنالك اجهزة مكبرة وثبت ان نينوى لم تكن اكذوبة ، كانت مدينة كبيرة ولكنها خسفت منذ قديم الايام ودفنت تحت الارض بمقدار300 ذراع"
(حضرة عبد البهاء)

Friday, December 21, 2007

لئالئ ومعانى

(الرجعة التي اخبر بها الانبياء)
(السؤال)
(نرجو بيان مسألة الرجعة)

(الجواب)
ولنذكر عنوان هذه المسألة من الانجيل فقد صرح فيه انه لما ظهر يحيى بن زكريا وكان يبشر الناس بملكوت الله سألوه0 من أنت؟ هل أنت المسيح الموعود؟ فاجاب

لست بالمسيح ثم سألوه0أأنت إيليا؟ قال0لا0فمن هذا البيان ثبت وتحقق ان حضرة يحيى بن زكريا ليس بايليا المعهود ولكن حضرة المسيح يوم التجلي في جبل الطابور وصرح بان يحيى بن زكريا كان ايليا الموعود ففي الاية11 من الاصحاح9من انجيل مرقس يقول (فسألوه لماذا يقول الكتبة ان ايليا ينبغي ان يأتي اولا فاجاب وقال لهم ان ايليا يأتي اولا ويرد كل شئ وكيف هو مكتوب عن ابن الانسان ان يتألم كثيرا ويرذل لكن اقول لكم ان ايليا ايضا قد اتى وعملوا به كل ما ارادوا كما هو مكتوب عنه)وفي انجيل متى اية13 اصحاح17 يقول( حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان) والحال انهم سألوا يوحنا المعمدان هل انت ايليا؟ قال0لا0على انه في الانجيل يقول(ان يوحنا المعمدان كان نفس ايليا الموعود)ويصرح المسيح ايضا بهذا0حينئذ كان حضرة يوحنا هو حضرة ايليا فلماذا قال انا لست ايليا؟وان لم يكن هو ايليا فكيف يقول حضرة المسيح انه كان ايليا؟
اذا لم يكن النظر الى الشخصية في هذا المقام بل النظر الى حقيقة الكمالات0يعني ان تلك الكمالات التي كانت في حضرة ايليا كانت متحققة بعينها في يوحنا المعمدان0وعلى هذا كان حضرة يوحنا المعمدان هو ايليا الموعود0فليس النظر هنا الى الذات بل الى الصفات0مثلا في العام الماضي كان الورد موجودا وفي هذه السنة ايضا وجد الورد فانا اقول قد رجع ورد العام الماضي والحال اني لا اقصد بذلك رجوع ورد العام الماضي بعينه وشخصيته ولكن لما اتصف هذا الورد بصفات الورد في العام الماضي يعني بمثل رائحته ولطافته ولونه وشكله فلذا يقولون رجع ورد العام الماضي وهذا الورد هو عين ذلك الورد0يأتي الربيع فنقول جاء ايضا ربيع السنة الماضية لان كل ماكان في الربيع الماضي موجود في هذا الربيع ايضا0لذا يقول حضرة المسيح(سترون كل ماوقع في زمن الانبياء السالفين) ولنأت ببيان اخر ان حبة غرست في السنة الماضية فظهر منها غصن وورق واكمام وثمر وفي النهاية اصبحت حبة ايضا فعند ماتزرع هذه الحبة ثانية تنبت شجرة وتعود وترجع تلك الاغصان والاوراق والاكمام والثمر وتظهر تلك الشجرة كاملة وحيث ان الاولى كانت حبة والثانية ايضا حبة فنقول ان الحبة رجعت ولكن حينما ننظر الى مادة الشجرة نجد ان هذه المادة مادة اخرى اما اذا نظرنا الى الاكمام والاوراق والثمر نجد نفس ذلك الطعم والرائحة واللطافة0اذا فقد عاد كمال الشجرة مرة اخرى0وعلى هذا المنوال لو ننظر الى الشخصية نراها شخصية اخرى اما لو ننظر الى الصفات والكمالات نراها عادت ورجعت0لذا قال حضرة المسيح(هذا ايليا) يعني هذا الشخص مظهر الفيوضات والكمالات والاخلاق والصفات والفضائل التي كانت لايليا ويوحنا المعمدان قال انا لست ايليا0فحضرة المسيح كان ناظرا الى الصفات والكمالات والاخلاق والفيوضات في كليهما0ويوحنا كان ناظرا الى شخصيته المادية مثل هذا السراج الموجود فانه كان منيرا ليلة امس ثم انير ايضا هذه الليلة وسينار الليلة الاتية ايضا فنقول ان سراج الليلة هو سراج الليلة البارحة وقد رجع ذلك السراج فالمقصود هو النور لا الدهن والفتيل والمشكاة0وهذه التفاصيل مشروحة ومفصلة في
(كتاب الإيقان)


(تفسير الاية)
انت الصخرة(الكيفا)وعليك ابني كنيستي
(اية18من انجيل متى اصحاح16)
(سؤال)
مذكور في انجيل متى ان المسيح قال لبطرس
انت الصخرة وعليك ابني كنيستي فما معنى هذا؟

(الجواب)
ان هذا البيان من المسيح تصديق لقول بطرس حينما قال له (انت هو المسيح بن الله الحي ) ثم قال حضرة المسيح في جوابه(انت الكيفا) والكيفا في اللغة العبرية هي الصخرة ولذا قال المسيح (وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي) لان بعضهم قال لحضرة المسيح انت ايليا وقال بعضهم انت يوحنا المعمدان وقال بعضهم انت ارميا او احد الانبياء0فاراد حضرة المسيح ان يؤيد بيان بطرس بالكناية او الاشارة ولكونه تسمى بالصخرة قال بهذه المناسبة(انت الصخرة وعليك ابني كنيستي)يعني سيكون اساس دين الله مبنيا على عقيدتك(ان المسيح ابن الله الحي)

وعلى هذه العقيدة سيوضع اساس كنيسة الله التي هي شريعة الله) ووجود قبر بطرس برومية مشكوك فيه وغير مسلم به غير ان البعض يقول انه في انطاكية وفضلا عن هذا فلو نطبق اعمال بعض الباباوات على شريعة حضرة المسيح نجد ان حضرته كان جائعا عريانا يأكل الحشائش في هذه البرية(برية فلسطين) وما رضى بتكدير قلب احد مع ان البابا يجلس في عربة مرصعة ويمضي اوقاته بنهاية العظمة في جميع الملذات والشهوات وحب الذات والنعمة التي لا يتيسر للملوك مثلها على ان المسيح لم يكدر نفسا ولكن بعضا من الباباوات قتلوا نفوسا كثيرة بريئة فارجعوا الى التاريخ لتعلموا كيف كانوا يعارضون الحقيقة وكم سفكوا من الدماء محافظة على سلطتهم الزمانية وكم اضطهدوا وسجنوا وقتلوا الالاف من خدام الانسانية واهل المعرفة الذين كشفوا اسرار الكائنات وذلك فقط لمجرد المخالفة في الراي0 تأملوا في وصايا المسيح وتفحصوا في احوال الباباوات واطوارهم0 فهل تجدون اية مشابهة بين وصايا حضرة المسيح واطوار حكومة الباباوات مع اننا لا نحب ذم النفوس والقدح فيها ولكن تاريخ الفاتيكان مملوء بالعجائب0 والمقصود من هذا ان وصايا المسيح شئ واطوار حكومة البابا شئ اخر وليس بينهما تشابه ما0انظروا كم قتلوا من البروتستانت وكان كله بفتوى البابا وكم اباحوا من الظلم والجور وكم عذبوا واضطهدوا كثيرا من النفوس0 فهل تشتم اية روائح المسيح الطيبة الذكية من هذه الاعمال؟لا والله0 فهؤلاء ما اطاعوا المسيح بل ان بربارة المقدس الذي امامنا صورته قد اطاع المسيح واقتفى اثره واجرى وصاياه0وكان من بين الباباوات نفوس مباركة اتبعوا خطوات حضرة المسيح وعلى الخصوص في القرون المسيحية الاولى التي كانت فيها الاسباب الدنيوية مفقودة والامتحانات الالهية شديدة ولكن لما تيسرت اسباب السلطنة وحصلت العزة والسعادة الدنيوية نسيت حكومة البابا المسيح بالكلية واشتغلت بالسلطنة والعظمة والراحة والنعم الدنيوية وقتلت النفوس وعارضت في نشر المعارف وآذت ارباب الفنون وحالت دون انتشار نور العلم وحكمت بالقتل وشن الغارة وهلك الاف من النفوس من اهل الفنون والمعارف والابرياء في سجن رومية0فكيف مع وجود هذا السلوك وتلك الاعمال يكون البابا خليفة حضرة المسيح فكرسي حكومة البابا كان معارضا للعلم دائما حتى صار من المسلم في اوروبا ان الدين معارض للعلم والعلم مخرب لبنيان الدين والحال ان دين الله مروج للحقيقة ومؤسس للعلم والمعرفة ومشوق للعرفان وهو اس المدنية للنوع الانساني وكاشف لاسرار الكائنات ومنور للافاق فكيف يعارض العلم مع وجود هذا استغفر الله0ولكن العلم لدى الله افضل ميزة للانسان واشرف الكمالات الانسانية فمعارضة العلم جهل وكارة العلوم والفنون ليس بانسان بل هو حيوان لا شعور له0لان العلم نور وحياة وسعادة وكمال وجمال ووسيلة التقرب لدى عتبة الاحدية وشرف العالم الانساني واعظم موهبة الهية فالعلم حقيقة الهداية والجهل عين الضلالة0طوبى للنفوس التي صرفت ايامها في تحصيل العلوم وكشف اسرار الكائنات والتدقيق في الحقيقة وويل للنفوس التي تقتنع بالجهل والغفلة وتنشرح قلوبهم بالتقاليد حتى وقعوا في اسفل دركات الجهل والغفلة واضاعوا اعمارهم ادراج الرياح0

Tuesday, December 11, 2007

من المدعو ومن المختار ولؤلؤ المعانى

(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون)
(سؤال)
يقول حضرة المسيح في الانجيل
(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون)
ويقول في القرآن
(يختص برحمته من يشاء)
فما حكمةذلك؟
(الجواب)
اعلم ان نظام الكون وكماله يقتضيان ان يبدو عالم الامكان بصور لا عداد لها فلهذا لم تكن الموجودات في مرتبة واحدة او مقام واحد او نحو واحد ولا جنس واحد او نوع واحد ولا في صورة واحدة بل لابد من تفاوت في المراتب وتمايز في الاصناف وتعدد في الاجناس والانواع يعني من المحتم وجود مراتب الجماد والنبات والحيوان والانسان لان عالم الوجود لا يتم تكوينه وتنظيمه وكماله بالانسان وحده وكذلك لا يمكن ان يظهر العالم بالمنظر البديع والترتيب الدقيق والرونق اللطيف بالحيوان وحده او النبات وحده او الجماد وحده بل لابد من تفاوت المراتب والمقامات والاجناس والانواع حتى يتجلى الوجود في نهاية الكمال مثلا لو ان هذه الشجرة كانت كلها ثمرة لما تم كمالها النباتي لان الاوراق
والاكمام والثمار جميعها لازمة حتى يتجلى النبات في نهاية الزينة والكمال وكذلك انظروا في هيكل الانسان اذ لابد فيه من تفاوت الاعضاء والاجزاء والاركان فجمال الوجود الانساني وكماله يقتضي وجود العين والاذن والمخ حتى الاظافر والشعر فلو كان هيكل الانسان كله مخا او عينا او اذنا لكان ذلك هو عين النقص وكذلك يكون ناقصا لو كان بدون شعر أواهداب أو اظافر أو اسنان0 ولو ان هذه كلها بالنسبة الى العين في حكم الجماد والنبات لعدم الاحساس ولكن عدم وجودها في هيكل الانسان مكروه ومذموم للغاية0ان مراتب الموجودات مختلفة متفاوتة اختار الله سبحانه لبعض الاشياء الرتبة العليا كالانسان ووضع بعضها في الرتبة الوسطى كالنبات وترك بعضها في الرتبة الدنيا كالجماد فتخصيص الانسان بالرتبة العليا انما هو من فضله والتفاوت بين النوع الانساني من حيث الترقيات الروحانية والكمالات الملكوتية انما هو ايضا بارادة حضرة الرحمن لان الايمان الذي هو حياة ابدية من آثار فضل الله لامن نتائج العدل فشعلة نار المحبة انما هي بقوة الانجذاب لا بالسعي والاجتهاد في عالم الماء والتراب بل الذي يحصل بالسعي والاجتهاد هو الاطلاع والعلم وسائر الكمالات اذا فانبعاث الارواح واهتزازها لا يكون الا بانوار الجمال الالهي وقوته الجاذبة لهذا يقول(المدعوون كثيرون والمختارون قليلون) فمثلا الجماد في رتبته الجمادية والنبات في رتبته النباتية والحيوان في رتبته الحيوانية كل مقبول في رتبته بل تلك الرتب هي عين الكمال ولكنها اذا كانت ناقصة في رتبها ولم تبلغ حد الكمال فيها فهي مذمومة وغير مقبولة0
واما التفاوت بين النوع الانساني فهو على قسمين0احدهما التفاوت من حيث المراتب وهذا التفاوت ليس بمذموم والقسم الاخر هو التفاوت من حيث الايمان والايقان وعدمهما وذلك مذموم لان تلك النفس تكون قد ابتليت بهواها وطيشها حتى حرمت من مثل هذه الموهبة ومنعت من قوة جذب محبة الله0
ومع ان الانسان في رتبته ممدوح ومقبول الا انه بحرمانه من كمالات تلك الرتبة يصبح معدن النقائص وعن هذا هو مسئول।

(حضرة عبد البهاء)


آيات لؤلئية ومعانيها الصدفية


(تفسير الاية22من الاصحاح15
من رسالة بولس الاولى الى كورنتوس)
(السؤال)
مكتوب في رسالة بولس الاولى الى كورنتوس
(لانه كما في آدم يموت الجميع
هكذا في المسيح سيحيا الجميع)
فما المقصود من هذه العبارة

(الجواب)
اعلم ان في الانسان طبيعتين طبيعة جسمانية وطبيعة روحانية0فالطبيعة الجسمانية موروثة من آدم والطبيعة الروحانية موروثة من حقيقة كلمة الله وهي روحانية حضرة المسيح0فالطبيعة الجسمانية تولدت من آدم واما الطبيعة الروحانية فمتولدة من فيض روح القدس0 الطبيعة الجسمانية مصدر كل نقص والطبيعة الروحانية مصدر كل كمال0وقد فدى حضرة المسيح بنفسه ليخلص الخلق من نقائص الطبيعة الجسمانية وليتصفوا بفضائل الطبيعة الروحانية0وهذه الطبيعة الروحانية التي تحققت من فيض الحقيقة الرحمانية جامعة لجميع الكمالات وظهرت من نفخة روح القدس وهذه الطبيعة هي كمالات إلهية وأنوار روحانية وهداية ورفعة وعلو همة وعدالة ومحبة وموهبة ورأفة بجميع الخلق وبر وخير وحياة في حياة0وهذه الطبيعة الروحانية تجل من اشراقات شمس الحقيقة0فالمسيح هو مركز روح القدس ومولود من روح القدس ومبعوث بالروح القدس ومن سلالة روح القدس يعني ليست الحقيقة المسيحية من سلالة ادم بل هي وليدة روح القدس0اذا فالمقصود من الاية 22من اصحاح15من رسالة بولس لاهل كورنتيان التي يقول فيها(لانه كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع)بحسب الاصطلاح المعروف بأن آدم هو ابو البشر(يعني انه سبب الحياة الجسمانية للنوع الانساني) وله ابوة جسمانية ونفس حية ولكن ليست بمحيية وان حضرة المسيح هو سبب حياة البشر الروحية وله الابوة الروحانية من حيث الروح0فآدم نفس حية والمسيح روح محيية0ولهذا العالم الجسماني الانساني قوى شهوانية ومن لوازم القوى الشهوانية العصيان لان القوى الشهوانية ليست تحت قانون العدل والحقانية اذ ان جسم الانسان اسير الطبيعة وكلما تحكم به الطبيعة يتحرك بمقتضاه0اذا ثبت ان الخطيئة موجودة في العالم الجسماني كالغضب والحسد والنزاع والحرص والطمع والجهل والانانية والافساد والكبر والظلم فجميع هذه الصفات البهيمية موجودة في طبيعة الانسان لان الانسان الذي لم يترب التربية الروحية هو كالحيوان. ان العالم الجسماني للانسان عالم خطيئة وعصيان وليس للانسان في العالم الجسماني امتياز عن الحيوان0فكل الخطايا من مقتضيات الطبيعة وتلك المقتضيات الطبيعية التي هي من الخصائص الجسمانية بالنسبة للحيوان ليست بخطايا ولكنها خطايا بالنسبة للانسان فالحيوان مصدر النقائص كالغضب والشهوة والحسد والحرص والاعتداء والتعاظم يعني ان جميع الاخلاق الذميمة كامنة في طبيعة الحيوان فهي بالنسبة اليه ليست بخطيئة اما بالنسبة الى الانسان فهي خطيئة0فحضرة آدم هو سبب حياة الانسان الجسمانية اما حقيقة المسيح يعني كلمة الله فهي سبب الحياة الروحية لانها روح محيية يعني ان جميع النقائص التي هي من مقتضيات الحياة الجسمانية للانسان تتبدل بالكمالات الانسانية بتعليم ذلك الروح المجرد وتربيته0 اذا فحضرة المسيح كان روحا محيية وسبب الحياة الروحانية للجميع0وحضرة آدم كان سبب الحياة الجسمانية0وحيث ان العالم الجسماني للانسان هو عالم النقائص والنقائص هي عين الموت لهذا عبر بولس عن النقائص الجسمانية بالموت0اما جمهور المسيحيين فمتفقون على ان حضرة آدم لما ان تناول من الشجرة التي منع ان يأكل منها اخطأ وعصى وبقيت النتيجة المشئومة لهذا العصيان ميراثا ثابتا في سلالة آدم وعلى هذا فحضرة آدم صار سبب موت الخلق وهذا بديهي البطلان لان معناه ان جميع الخلق حتى الانبياء والرسل من دون ذنب ولا تقصير ولمحض انهم كانوا من سلالة آدم صاروا مذنبين ومقصرين بدون سبب وكانوا مبتلين الى يوم قربان المسيح بالعذاب الاليم في نار الجحيم0وهذا بعيد من العدالة الالهية0واذا كان آدم قد اذنب فما ذنب حضرة ابراهيم وما تقصير اسحاق
ويوسف وما خطأ موسى0
اما ان حضرة المسيح كان كلمة الله وفدى نفسه فلها معنيان معنى ظاهري ومعنى حقيقي فالمعنى الظاهري انه لما كان مقصد حضرة المسيح ان يقوم بامر يكون فيه تربية العالم الانساني واحياء بني آدم وهداية عموم الخلق0والقيام بامر عظيم كهذا فيه مخالفة لجميع العالم ومقاومة لسائر الملل والدول لابد وان يؤدي الى القتل والصلب واهدار الدم0 لهذا فدى حضرة المسيح روحه حينما اظهر امره وعد الصليب سريرا والجرح مرهما والسم شهدا وسكرا0 وعلى هذا قام بتعليم الناس وتربيتهم يعني فدى بنفسه حتى يهب روح الحياة وفنى بجسده ليحيى الاخرين بالروح0اما المعنى الثاني للفداء فهو ان حضرة المسيح كان مثل حبة ضحت صورتها لتنمو الشجرة منها وتعلو ولو ان صورة الحبة تلاشت الا ان حقيقتها ظهرت على هيئة الشجرة بكمال العظمة واللطافة0فمقام المسيح كان كمالا محضا فاشرقت تلك الكمالات الالهية كالشمس على جميع النفوس المؤمنة وسطعت ولمعت فيوضات الانوار في حقائق النفوس ولهذا يقول(انا الخبز النازل من السماء وكل من يتناول من هذا الخبز لا يموت) يعني ان كل من يأخذ نصيبا من هذا الفيض واقتبس من هذه الكمالات وجد حياة ابدية واستفاض من فيض القدم وخرج من ظلمات الضلالة واستنار بنور الهداية0 ومع ان صورة الحبة صارت فداء للشجرة الا انها ظهرت وانكشفت كمالاتها بسبب الفداء والفناء فيها لان الشجرة والاغصان والاوراق والازهار كانت مخفية مستورة في الحبة فلما ان ضحت الحبة بصورتها وظهرت كمالاتها وتجلت بكمال الظهور على هيئة الاوراق والاكمام والثمر.
(حضرة عبدالبهاء )

Monday, December 3, 2007

من لئالئ المعانى للكلمات الإلهية


(سؤال)
(ما معنى المجئ الثاني للمسيح ويوم الدينونة)

(الجواب)
مذكور في الكتب المقدسة ان المسيح سيجئ مرة اخرى ومجيئه مشروط بتحقق علامات معينة وظهوره مقترن بتلك العلامات ومن
جملتها (تظلم الشمس)(والقمر لا يعطي ضوءه)(والنجوم تسقط من السماء)(وقوات السموات تتزعزع)(وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كبير) وقد فسر حضرة بهاء الله هذه الايات وشرحها بقوله : وهو ان المسيح في مجيئه الاول ايضا اتى من السماء كما هو مصرح في الانجيل حتى ان نفس المسيح يقول(جاء ابن الانسان من السماء وابن الانسان في السماء ولا يصعد الى السماء الا الذي اتى من السماء) ومن المسلم لدى العموم ان المسيح اتى من السماء حل انه اتى بحسب الظاهر من رحم مريم كما ان مجيئه في المرة الاولى كان في الحقيقة من السماء وان كان بحسب الظاهر اتى من الارحام كذلك يكون مجيئه الثاني بحقيقته ايضا من السماء ولو يأتي بحسب الظاهر من الارحام0
والشروط المصرح بها في المجئ الاول كما سبق من قبل0وفي كتاب اشعيا مذكور ان المسيح يفتح الشرق والغرب ويدخل جميع ملل العالم في ظله وتتشكل سلطنته ويأتي من مكان غير معلوم ويدان المذنبون وتجرى العدالة لدرجة ان الذئب والحمل والنمر والجدي والافعى والطفل الرضيع تجتمع كلعا على معين واحد ومرعى واحد ووكر واحد0 وقد كان مجيئه الاول ايضا مشروطا بهذه الشروط مع انه لم يقع بحسب الظاهر اي شرط من هذه الشروط فلهذا اعترض اليهود على المسيح واستغفر الله فقد عبروا عن المسيح بالمسيخ وعدوه هادم البنيان الالهي ومخرب السبت والشريعة وافتوا بقتله والحال انه كان لتلك الشروط كلا وطرا معان ولكن اليهود لم يهتدوا اليها ولذلك احتجبوا0وكذلك المجيئ الثاني للمسيح على هذا المنوال0 ولجميع العلائم والشروط الموضحة معان ولا يصح ان تؤخذ بحسب ظاهرها لانها لو اخذت حسب الظاهر فلا يتحقق قول حضرة المسيح (تتساقط جميع النجوم على الارض) مع ان النجوم لا حد لها ولا حصر ومن الثابت المحقق علميا لدى الرياضيين الحاليين ان جرم الشمس اعظم من جرم الارض بما يقرب من مليون ونصف وكل واحد من هذه النجوم الثوابت اعظم من الشمس الف مره فلو تسقط هذه النجوم على وجه الارض فكيف تجد لها محلا وهي اذا سقطت كان سقوطها كسقوط الف مليون جبل كجبال همالايا على حبة خردل0 فهذه القضية عقلا وعلما بل وبداهة من الممتنعات لا الممكنات واعجب من هذا ان المسيح يقول(لعلي آتي وانتم لا تزالون نائمين حيث ان مجئ ابن الانسان كمجئ اللص وربما كان اللص في البيت وليس عند صاحب البيت خبر اذا صار من الواضح المبرهن ان لهذه العلامات معنى لا يقصد به الظاهر وقد بينت معانيها بالتفصيل في كتاب الايقان فارجعوا اليها


(السؤال عن الثالوث)
(ماهو المقصود من الثالوث والاقانيم الثلاثة
)


(الجواب)
ان حقيقة الالوهية مقدسة عن ان تدركها الكائنات منزهة عن ان يتصورها ذوو العقول والافهام وتلك الحقيقة الربانية لا تقبل التقسيم لان التقسيم والتعدد من خصائص الخليقة الممكنة الوجود لا من العوارض الطارئة على واجب الوجود0ان الذات الالهية مقدسة عن التوحيد فما بالك بالتعدد0والحقيقة الربانية لهي اسمى من ان يتصور لها مقام او مرتبة لان ذلك عين النقص ومناف للكمال فهو ممتنع ومحال0 لانها مازالت ولا تزال في علو التقديس والتنزيه0وكل مايذكر من الظهور والاشراق الالهي فالمقصود منه هو التجلي الالهي لا التنزل في مراتب الوجود0فالحق كمال محض والخلق نقصان صرف وتنزل الحق في مراتب الوجود لهو عين النقص0ولكن ظهوره واشراقه كتجلي الشمس على المرآة الصافية اللطيفة الشفافة0فجميع مافي الكون ايات باهرات للحق كالكائنات الارضية التي سطعت عليها اشعة الشمس ولكنها تلقي اشعة على الصحاري والجبال والاشجار والاثمار بها تظهر وتتربى وتصل الى الغاية المقصودة من وجودها0
واما الانسان الكامل فهو كالمرآة الصافية التي ظهرت وبرزت فيها شمس الحقيقة بجميع صفاتها وكمالاتها0لهذا كانت الحقيقة المسيحية كالمرآة الصافية الشفافة في نهاية اللطافة والطهارة0فتجلت شمس الحقيقة والذات الالهية في تلك المرآة وظهرت فيها حرارتها ونورانيتها0
اما الشمس فما تنزلت من علو تقديسها وسماء تنزيهها وما اتخذت في المرآة منزلا ولا مأوى بل هي باقية مستقرة في علوها وسموها ولكنها ظهرت وتجلت في المرآة بجمالها وكمالها0ولو نقول الان اننا شاهدنا الشمس من مرآتين احداهما المسيح والاخرى روح القدس يعني شاهدنا شموسا ثلاثة احداها في السماء واثنتان في الارض لكنا صادقين0ولو نقول انها شمس واحدة فردانية محضة ليس لها شريك ولا مثيل لكنا ايضا صادقين0وخلاصة القول ان الحقيقة المسيحية كانت مرآة صافية وان شمس الحقيقة يعني ذات الاحدية ظهرت وتجلت في تلك المرآة بكمالات وصفات غير متناهية لا أن الشمس التي هي ذات الربوبية تجزأت وتعددت بل الشمس شمس واحد ولكنها اشرقت في المرآة وهذا معنى مايقوله المسيح(الاب في الابن) يعني ان تلك الشمس ظاهرة باهرة في هذه المرآة0 فروح القدس هو نفس الفيض الالهي الذي ظهر وتجلى في حقيقة المسيح0فالنبوة مقام قلب المسيح وروح القدس مقام روح المسيح0اذا ثبت وتحققت وحدانية الذات الالهية وان ليس لها شبيه ولا مثيل ولا نظير0وهذا هو المقصود من الاقانيم الثلاثة والا فاساس دين الله يكون مبنيا على مسألة غير معقولة لا يمكن تصورها وكيف تكلف العقول باعتقاد ما لايمكن تصوره والحال ان ماليس له صورة معقولة ولا يسع العقل ان يتصوره فهو وهم صرف0فقد ثبت الان من هذا البيان المقصود من الاقانيم الثلاثة
وثبتت ايضا وحدانية الله0
(
تفسير الاية الخامسة من الاصحاح السابع عشر
من انجيل يوحنا)
(السؤال)
ما معنى الاية
(والان مجدني انت ايها الاب عند ذاتك بالمجد
الذي كان لي عندك قبل كون العالم)

(الجواب)
ان التقدم على قسمين تقدم ذاتي غير مسبوق بعلة بل وجوده من ذاته كالشمس ضياؤها من ذاتها وليست محتاجة في ضوئها الى فيض كوكب اخر فيقولون لهذا (ضياء ذاتي) اما ضوء القمر فمقتبس من الشمس لان القمر محتاج الى الشمس في الضياء0اذا صارت الشمس علة في الضياء والقمر معلولا0تلك قديمة وسابقة ومتقدمة وهذا مسبوق ومتأخر والنوع الثاني من القدم قدم زماني وذلك لا اول له وحضرة(كلمة الله)مقدس عن الزمان فالماضي والحال والاستقبال كل بالنسبة الى الحق على حد سواء فليس للشمس امس ولا اليوم ولا الغد0وكذلك التقدم من جهة الشرف يعني ان الاشرف مقدم على الشريف0اذا فحقيقة المسيح التي هي كلمة الله لا شك انها من حيث الذات والصفات والمجد مقدمة على الكائنات0وكانت كلمة الله قبل الظهور في الهيكل البشري في نهاية العزة والتقديس ومستقرة في اوج عظمتها في كمال الجلال والجمال0ولما اشرقت كلمة الله من اوج الجلال بحكمة الحق المتعال في عالم الجسد اعتدى عليها في الجسد اذ وقعت في ايدي اليهود اسيرة لكل ظلوم وجهول وانتهى الامر بالصلب ولذلك نادى ربه بقوله(اعتقني ياالهي من عالم الجسد واطلقني من هذا القفص حتى اصعد الى اوج العظمة والجلال واجد تلك العزة والتقديس السابقين قبل عالم الجسد فابتهج بالعالم الباقي واصعد الى الوطن الاصلي عالم اللامكان ملكوت الاخفى) كما لوحظ انه بعد الصعود ظهرت عظمة حضرة المسيح وجلاله حتى في عالم الملك يعني في الانفس والافاق بل في نقطة التراب وحينما كان في عالم الجسد لقى اهانة وتحقيرا من اضعف اقوام العالم يعني اليهود الذين رأوا من اللائق ان يكون على رأسه المبارك تاج من الشوك0اما بعد الصعود فصارت تيجان جميع الملوك المرصعة خاضعة خاشعة لذلك التاج المصنوع من الشوك0وايضا فانظر كيف وصلت كلمة الله الى اي درجة من الجلال في الافاق.

Sunday, November 25, 2007

من لئالئ المعانى فى صدف الكلمات الإلهية والمفاهيم البهائية

(المعجزات وخوارق العادات)
(سؤال)
هل تفسر المعجزات المنسوبة الى حضرة المسيح
بحسب المعاني الظاهرية للالفاظ او ان لها معان اخرى وقد ثبت علميا ان حقائق الاشياء لاتتغير
وان جميع الكائنات خاضعة لقانون ونظام كلي
لا تتخلف عنه ابدا ولهذا لايمكن خرق القانون الكلي0
(الجواب)

ان المظاهر المقدسة الالهية هم مصدر المعجزات ومظهر الاثار العجيبة فكل امر مشكل وغير ممكن يصير ممكنا وجائزا بالنسبة اليهم لانهم بقوة خارقة للعادة يظهر منهم خارق العادة وبقدرة ما وراء الطبيعة يؤثرون في عالم الطبيعة ومنهم جميعا قد صدرت عجائب الامور ولها في الكتب المقدسة اصطلاح خاص في حين ان المظاهر لا يعلقون على تلك المعجزات ولا تلك الاثار العجيبة اية اهمية حتى انهم لا يريدون ذكرها لاننا لو اعتبرناها اعظم برهان على صدقهم لكان ذلك حجة وبرهانا بالنسبة لمن كان موجودا وشهد المعجزات دون سواه فمثلا لو تروى معجزات حضرة موسى وحضرة المسيح لشخص طالب للحقيقة غير مؤمن بهما فانه ينكرها ويقول قد رويت ايضا عن الاصنام اثار عجيبة بشهادة خلق كثير ودونت في الكتب وقد كتب البراهمة كتابا دونوا فيه الاثار العجيبة التي صدرت من براهما فيقول الطالب ايضا ومن اين نعرف صدق اليهود والنصارى وكذب البراهمة فكلاهما رواية وكلاهما خبر متواتر وكلاهما مدون في الكتب وكلاهما يحتمل الصدق والكذب وبمثل هذا يقال فيما ترويه الملل الاخرى فان صدق احدها لزم صدق الاخرين وان قبل احدها وجب قبول الباقين فمن اجل هذا لا تكون المعجزات برهانا وان صح ان تكون برهانا للحاضرين فلا يصح ان تكون حجة على الغائبين0اما اهل البصيرة في يوم الظهور فهم يعتبرون جميع شئون مظهر الظهور معجزات لانها تمتاز عما سواها ومادامت ممتازة فهي خارقة للعادة0
فحضرة المسيح رفع العلم الالهي امام من على الارض وقاومهم جميعا فريدا وحيدا بدون ظهير ولا نصير ولم يكن له جند ولا جيوش بل كان مضطهدا مظلوما ومع هذا ففي النهاية غلب الجميع ولو انه صلب في الظاهر فهذه القضية معجزة محضة لايمكن انكارها ابدا فلا حاجة بعدئذ الى برهان اخر يثبت احقية حضرة المسيح وليس للمعجزات الظاهرية اهمية لدى اهل الحقيقة فمثلا لو صار الاعمى مبصرا فانه في النهاية سيفقد بصره ثانيا عندما يموت ويحرم من جميع الحواس والقوى فلا اهمية اذا لابصار الاعمى اذ ان هذه القوة مصيرها ان تزول0 وكذلك مافائدة احياء جسم ميت
سيموت مرة اخرى0
اما الاهمية ففي اعطاء البصيرة والحياة الابدية اي الحياة الروحية الالهية لان هذه الحياة الجسمانية لا بقاء لها ووجودها عين العدم مثال ذلك ان حضرة المسيح يقول في جواب احد التلاميذ(دع الموتى يدفنون الموتى المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح فهو الروح) فلاحظوا ان تلك النفوس مع انها قد كانت احياء بالاجسام الا ان المسيح اعتبرها امواتا لان الحياة هي الحياة الابدية والوجود هو الوجود الحقيقي فمن اجل هذا لو ذكر احياء الموتى في الكتب المقدسة فالمقصود ان موتى الارواح يوفقون للحياة الابدية وكذلك لو ذكر ابصار العمي فالمقصود من هذا الابصار هي البصيرة الحقيقة وكذلك لو ذكر اسماع الصم فالمقصود حصول السمع الروحي والتوفق الى السمع الملكوتي وهذا ثابت بنص الانجيل حيث يقول حضرة المسيح (هؤلاء مثل الذين قال عنهم اشعياء (لهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها وانا شفيهم) وليس المقصود من هذا ان مظاهر الظهور عاجزون عن اجراء المعجزات بل هم قادرون ولكن المقبول والمهم لديهم هوالبصيرة الباطنية والسمع الروحاني والحياة الابدية فعلى هذا ما جاء في اي موضع من الكتب المقدسة من ان اعمى صار بصيرا معناه انه كان اعمى الباطن وفاز بالبصيرة الروحانية او كان جاهلا فصار عالما او كان غافلا فصار متنبها او كان ناسوتيا فصار ملكوتيا وحيث ان هذه البصيرة والسمع والحياة والشفاء كلها ابدية لهذا كانت ذات اهمية والا فما اهمية الحياة الحيوانية وقواها وقدرها وحيثيتها التي هي كالاوهام تنتهي في ايام معدودة مثلا: لو اضيئ سراج مطفأ فأنه لا شك ينطفأ مرة اخرى اما نور الشمس فمضيئ دائما وذو اهمية0

(السؤال عن قيام المسيح بعد ثلاثة ايام)
(سؤال)
ما معنى قيام المسيح بعد ثلاثة ايام
(الجواب)

ليس قيام المظاهر الالهية قياما جسديا فجميع شئونهم وحالاتهم واعمالهم وتأسيساتهم وتعاليمهم وتعبيرهم وتشبيههم وترتيبهم عبارة عن امور روحية معنوية لا تتعلق بالجسمانيات مثلا: مسالة مجئ المسيح من السماء هذا المطلب مصرح به في مواضع متعددة من الانجيل حيث يقول(جاء ابن الانسان من السماء وابن الانسان في السماء وسيذهب الى السماء) وكما يقول في الاصحاح السادس من انجيل يوحنا اية 38 (لاني قد نزلت من السماء ) وكذلك في الاية الثانية والاربعين منه( وقالوا اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون بابيه وامه فكيف يقول هذا اني نزلت من السماء)وكذلك في انجيل يوحنا في الاصحاح الثالث في الاية الثالثة عشر يقول(وليس احد صعد الى السماء الا الذي نزل الى السماء ابن الانسان الذي هو في السماء) فلاحظوا انه يقول ابن الانسان في السماء والحال ان حضرته في ذلك الوقت كان على الارض وكذلك لاحظوا انه يقول صراحة (جاء المسيح من السماء) والحال انه اتى من رحم مريم وتولد جسم حضرته من العذراء: اذا اتضح ان المقصود من هذه العبارة التي يقول فيها جاء ابن الانسان من السماء امر معنوي لا ظاهري روحي لا جسماني 0 يعني وان كان حضرة المسيح تولد من رحم مريم ظاهرا ولكنه في الحقيقة قد اتى من سماء مركز شمس الحقيقة من العالم الالهي والملكوت الرحماني وحيث اتضح ان المسيح اتى من السماء الروحية والملكوت الالهي فالمقصود اذا من بقاء حضرته ثلاثة ايام في القبر ايضا امر معنوي لا ظاهري وكذلك قيام حضرته من بطن الارض ايضا امر معنوي وكيفيه روحانية لا جسمانية0وكذلك صعود المسيح ايضا الى السماء امر روحاني لا جسماني 0وفضلا عن هذا البيان فقد ثبت وتحقق علميا ان هذه السماء الظاهرة فضاء غير متناهي وفراغ خلاء تسبح فيه النجوم والكواكب التي لا عداد لها لهذا نقول ان قيام المسيح عبارة عن اضطراب الحواريين وحيرتهم بعد شهادة حضرته0 وقد خفيت واستترت حقيقة المسيح التي هي عبارة عن التعاليم والفيوضات والكمالات والقوة الروحية المسيحية مدة يومين او ثلاثة بعد استشهاد حضرته ولم يكن لها جلوة ولا ظهور بل كانت في حكم المفقود لان المؤمنين كانوا انفسا معدودة وكانوا ايضا مضطربين حائرين0فبقى امر حضرة روح الله كجسم لا روح فيه 0ولما رسخ حضرات الحواريين وثبتوا بعد ثلاثة ايام وقاموا على خدمة امر المسيح وصمموا على ترويج التعاليم الالهية واجراء وصايا المسيح والقايم على خدمة المسيح تجلت لهم حقيقة المسيح فظهرت فيوضاته وسرت روح الحياة في شريعته وظهرت تعاليمه واتضحت وصاياه يعني ان امر المسيح كان كجسم بلا روح فدخلته الحياة واحاط به فيض روح القدس هذا هو معنى قيام المسيح وقد كان قياما حقيقيا ولما لم يفهم القسس المعنى الانجيلي ولم يهتدوا الى رمزه قالوا ان الدين مخالف للعلم والعلم معارض للدين لان من جملة هذه المسائل مسألة صعود حضرة المسيح بجسمه العنصري الى هذه السماء الظاهرة وذلك مخالف للعلوم الرياضية 0 ولكن بعد ان تنكشف حقيقة هذه المسألة ويفسر هذا الرمز فانها لا تتعارض مع العلم باي وجه من الوجوه بل العلم والعقل يصدقانها ويؤيدانها.

(مسألة حلول روح القدس)
(السؤال)
مذكور في الانجيل ان روح القدس حلت في الحواريين فكيف كان ذلك وما معناه

(الجواب )
ان حلول روح القدس ليس كحلول الهواء في جوف الانسان بل هو تعبير وتشبيه لا تصوير وتحقيق0بل هو كحلول الشمس في المرآة يعني ظهور تجلي الشمس فيها فالحواريون بعد صعود حضرة المسيح اضطربوا واختلفت ارائهم وتشتت افكارهم ثم ثبتوا واتحدوا واجتمعوا في عيد العنصرة وانقطعوا وغضوا الطرف عن انفسهم وتركوا راحة هذا العالم ومسراته وفدوا باجسامهم وارواحهم في سبيل المحبوب وتركوا الاهل والاوطان واصبحوا بلا نلجأ ولا مأوى وذهدوا في كل شئ حتى نسوا ذواتهم فأتاهم التأييد الالهي وظهرت قوة روح القدس وغلبت روحانية المسيح واخذت محبة الله زمام انفسهم من ايديهم فتأيدوا في ذلك اليوم وتوجه كل واحد منهم الى جهة لتبليغ امر الله ونطق بالحجة والبرهان0اذا فحلول روح القدس عبارة عن انجذابهم بالروح المسيحي واستقامتهم وثباتهم حتى اكتسبوا من روح محبة الله حياة جديدة ورأوا حضرة المسيح حيا ومعينا وظهيرا اذ كانوا قطرات فصاروا بحورا وبغاثا فاضحوا عقاب السماء وضعافا فاصبحوا اقوياء فمثل هؤلاء كمثل المرايا قبالة الشمس فلا بد وان تسطع فيها انوارها واشعتها.
(سؤال)
(ماهو المقصود من روح القدس)
(الجواب)

المقصود من روح القدس هو الفيض الالهي والاشعة الساطعة من مظهر الظهور لان المسيح كان مركز اشعة شمس الحقيقة ومن هذا المركز الجليل اشرقت حقيقة المسيح بالفيض الالهي على سائر المرايا التي كانت حقائق الحواريين0والمقصود من حلول روح القدس على الحواريين هو ان ذلك الفيض الجليل الالهي تجلى وافاض على حقائق الحواريين والا فالدخول والخروج والنزول والحلول من خواص الاجسام لا الارواح0يعني ان الدخول والحلول للحقائق المحسة لا للطائف المعقولة فالحقائق المعقولة مثل العقل والحب والعلم والتصور والفكر ليس لها دخول ولا خروج ولا حلول بل هي عبارة عن العلاقة الروحية مثلا العلم الذي هو عبارة عن الصور الحاصلة لدى العقل هو امر معقول والدخول والخروج بالنسبة للعقل امر موهوم0 بل له تعلق حصولي كالصور المنطبعة في المرآة0وحيث ثبت بالبرهان انه ليس للحقائق المعقولة دخول ولا حلول فلاشك ان الصعود والنزول والدخول والخروج والمزج والحلول للروح القدس ممتنع محال0وغاية ماهنالك ان روح القدس كالشمس تجلت في المرآة وفي بعض مواضع من الكتب المقدسة تذكر الروح والمقصود منها الشخص كما هو مصطلح عليه في المخاطبات والمكالمات ان الشخص الفلاني روح مجسم وحمية ومروءة مشخصة فليس النظر في هذا المقام الى الزجاج بل الى السراج كما يقول في انجيل يوحنا عند ذكر الموعود بعد حضرة المسيح في الاية12من الاصحاح16(إن لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به)فانظروا بدقة في هذه العبارة(لانه لايتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به)تجدوا ان روح الحق هذا هو انسان مجسم له نفس واذن تسمع ولسان ينطق وكذلك يطلق روح الله على حضرة المسيح مثلما تقول سراج ومرادك السراج مع الزجاج0

Sunday, November 18, 2007

من اللئالئ البهائية فى المعانى الإلهية

(في تعميد حضرة المسيح)

ورد في انجيل متى في الاصحاح الثالث في الاية الثالثة عشر(حينئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليتعمد منه ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتي الي فأجاب يسوع وقال له اسمح الان لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر حينئذ سمح له 0
سؤال:فما احتياج حضرة المسيح الى غسل التعميد مع وجود كماله الذاتي وماهي الحكمة في ذلك؟

الجواب: اصل التعميد هو غسل التوبة وكان حضرة يوحنا ينصح النفوس ويوصيهم ويتوبهم ثم يعمدهم0اذا صار من الواضح ان الغسل رمز للتوبة من جميع الذنوب يعني اي رب كما تطهر جسمي وتقدس عن الاوساخ البدنيه كذلك طهر روحي وقدسها من اوساخ عالم الطبيعة
ومما لايليق بباب احديتك0 فالتوبة رجوع عن العصيان الى الطاعة فيتوب الانسان ويغتسل بعد البعد والحرمان اذا فهذا الغسل رمز يعني اي رب طهر قلبي وطيبه وزكيه وقدسه عن حب ماسواك0
ولما اراد المسيح اجراء سنة يوحنا هذه بين العموم في ذلك الزمان تعمد حضرته ليكون سببا في تيقظ الخلق وليكمل الناموس(اي الشريعة السابقة)والتعميد وان كان سنة يوحنا الا انه كان في الحقيقة غسل التوبة وكان جاريا في الشرئع الالهية وما كان المسيح محتاج لغسل التعميد غير انه لما كان هذا العمل مقبولا ممدوحا في ذلك الزمان وعنوان بشارة الملكوت اجراه حضرة المسيح ولكنه تفضل وقال فيما بعد(ليس التعميد بالماء العنصري بل يجب ان يكون التعميد بالماء والروح)وقال في موضع اخر(ان التعميد بالروح والنار)وليس المقصود بالماء هنا الماء العنصري لانه يصرح في موضع اخر(التعميد بالروح والنار)ومن هنا يعلم انه ليس الغرض من النار والناء العنصريين لان التعميد بالنار محال0اذا فالروح فيض الهي والماء علم وحياة والنار محبة النار بمعنى ان الماء العنصري لايكون سبب طهارة قلب الانسان بل يطهر جسمه فقط ولكن الماء السماوي والروح التي هي علم وحياة تطيب قلب الانسان وتطهره يعني ان القلب الذي ياخذ نصيبه من فيض روح القدس ويتقدس به يصير قلبا طيبا طاهرا 0
المقصود تطهير حقيقة الانسان وتقديسها من اوساخ عالم الطبيعة كالغضب والشهوة وحب الدنيا والتكبر والكذب والنفاق والتزوير وحب الذات وامثالها من الصفات القبيحة0 ولا سبيل لنجاة الانسان من حكم النفس والهوى الا بتأييدات فيض روح القدس كما يقول(من الواجب اللازم التعميد بالروح والماء والنار) ويعني بالروح الفيض الالهي وبالماء العلم والحياة وبالنار محبة الله ويجب ان يتعمد الانسان بالروح والماء والنار ليستفيض من الفيض الابدي 0والا فما ثمرة التعميد بالماء العنصري ولكن التعميد بالماء كان رمزا للتوبة والاستغفار من الخطايا والذنوب ولا لزوم لهذا الرمز في دور الجمال المبارك لان حقيقته التي هي التعميد بالروح ومحبة الله امر محقق ومقرر0


(ضرورة التعميد)
(وهل هو موافق ولازم ام لا)

سؤال: هل غسل التعميد موافق ولازم ام لا؟ فان كان موافقا ولازما كيف نسخ وان لم يكن كذلك فكيف اجراه يوحنا؟
الجواب: ان تطور الزمان وتغير الاحوال من اللوازم الذاتية للممكنات ولا انفكاك للزوم الذاتي عن حقيقة الاشياء ومثلا ان انفكاك الحرارة عن النار والرطوبة عن الماء والشعاع عن الشمس ممتنعا محال لان هذه لوازم ذاتية وحيث ان تغير الاحوال وتبدلها من اللوازم الذاتية للممكنات فكذلك تتبدل الاحكام ايضا تبعا لتغيرات الزمان ومثلا كانت الشريعة الموسوية في زمن حضرة موسى مناسبة لمقتضى الحال ولما تغيرت تلك الحال وتبدلت في زمن حضرة المسيح نسخت تلك الشريعة لانها اصبحت غير مناسبة ولا موفقة للعالم الانساني فأبطل حضرة الروح حكم السبت وحرم الطلاق ومن بعد حضرته حلل اربعة من الحواريين منهم بطرس وبولس لحم الحيوانات المحرمة في التوارة ماعدا لحم المنخنقة والدم وقرابين الاصنام ورنا وابقوا هذه الاحكام الاربعة ثم حلل بولص الدم والمنخنقة وذبائح الاصنام وابقى تحريم الرنا كما كتب في رسالته الى اهل رومية في الاصحاح 14 الاية14(اني عالم ومتيق في الرب يسوع ان ليس شئ نجسا بذاته الا من يحسب شيئا نجسا فله هو نجس ) وكذلك ذكر في الاية15 من الاصحاح الاول من رسالة بولس الرسول الى طيطوس ( كل شئ طاهر للطاهرين واما للنجسين وغير المؤمنين فليس شئ طاهرا بل قد تنجس ذهنهم ايضا وضميرهم) فكان هذا النسخ والتغيير والتبديل لان عصر المسيح كان مغايرا لعصر موسى بل لان الاحوال ومقتضاياتها قد تغيرت بالكلية ولذا نسخت كل الاحكام0 وحيث ان عالم الوجود بمثابة انسان وانبياء الله ورسله هم اطباؤه الحاذقون0ولا يبقى شخص الانسان على حالة واحدة بل تعتريه الامراض المختلفة ولكل مرض علاج مخصوص 0اذا فالطبيب الحاذق لا يعالج كل العلل والامراض بوسيلة واحدة بل يغير في العلاج والادوية بما يناسب الاحوال ومختلف الامراض0 فاذا اصيب هذا الشخص بحمى شديدة يضطر الطبيب الحاذق الى اعطائه ادوية باردة 0 واذا انقلب مزاج هذا الشخص في وقت اخر وتبدلت الحرارة بالبرودة يضطر الطبيب الحاذق الى استبدال الادوية الباردة بأدوية حارة 0وهذا التغيير والتبديل من مقتضيات حال المريض0ودليل جليل على حذق الطبيب0فانظروا مثلا هل من الممكن اجراء شريعة التوارة في هذا العصر والاوان لا والله 0 هذا مستحيل ومحال0اذا من الضروري ان تنسخ شريعة التوارة هذه في زمن المسيح ثم انظروا الى ان غسل التعميد في زمن يوحنا المعمدان فانه كان سبب تذكر النفوس وتنببها حتى يتوبوا من جميع المعاصي وينتظروا ظهور ملكوت المسيح0اما في هذه الايام فالكاثوليك والارثوذوكس بآسيا يعمدون الاطفال الرضع في الماء المخلوط بزيت الزيتون حتى ان بعض الاطفال يمرض من هذا العمل المتعب ويرتعشون في وقت التعميد ويضطربون وبعض القسس في جهات اخرى يرشون مياه التعميد على الجباه وليس للاطفال احساس روحاني من العمل الاول ولا من العمل الثاني باي وجه من الوجوه0اذا فما فائدة هذا العمل0 بل ان سائر الملل يتعجبون ويندهشون قائلين :لماذا يغطسون هؤلاء الاطفال الرضع في هذا الماء 0فلا هو تنبه الطفل ولا هو سبب ايمانه ولا خو سبب تيقظه بل هو مجرد عادة يجرونها0
اما في زمن يوحنا المعمدان فلم يكن هكذا بل كان حضرة يوحنا ينصح النفوس اولا ويدلهم على التوبة من الخطايا والذنوب ثم يشوقهم لانتظار ظهور المسيح وكان كل نفس عندما تغتسل غسل التعميد تتوب من الذنب بنهاية التضرع والخشوع وتطهر جسدها من الاوساخ الظاهرية ايضا وكانوا بالليل والنهار ينتظرون ظهور المسيح والدخول في ملكوت روح الله انا بعد ان بكمال الاشتياق0 والخلاصة ان تغير الاحوال وتبدل مقتضيات القرون والاعصار سبب لنسخ الشرائع لانه يأتي زمان تكون تلك الاحكام غير موافقة ولا مطابقة للاحوال فانظروا كم من تفاوت بين مقتضيات القرون الاولى والقرون الوسطى والقرون الاخيرة0فهل من الممكن الان اجراء احكام القرون الاولى في هذا القرن الاخير من الواضح ان ذلك ممتنع محال وكذلك لا تكون مقتضيات القرون الحالية موافقة للقرون الاتية بعد مضي قرون عديدة0 بل لابد من التغيير والتبديل فالاحكام في اوروبا في تغيير و تبديل متواصل فكم من احكام كثيرة كانت موجودة في قوانين اوروبا ونظمها في تالسنين السابقة قد نسخت الان 0فهذا التغيير والتبديل انما جاء من تغير الافكا وتبدل الاحوال والاطوار0وبدون ذلك تختل سعادة عالم البشر مثلا:من احكام التوراة حكم القتل لمن كسر السبت بل في التوراة عشرة احكام للقتل فهل من الممكن اجراء تلك الاحكام في هذه القرون0
من الواضح ان هذا ممتنع محال 0لهذا تغيرت وتبدلت وتغيير الاحكام وتبديلها دليل كاف على الحكمة البالغة الالهية0 فيلزم امعان النظر في هذه المسائل لان السبب واضح لائح طوبى للمتفكرين0

(ما المراد من الخبز والخمر)
(سؤال)
يقول حضرة المسيح
( اني انا الخبز الذي نزل من السماء
ان اكل احد من هذا الخبز يحيا الى الابد)
فما المقصود من هذا البيان؟
(الجواب)

المقصود من هذا الخبز هو المائدة السماوية والكمالات الالهية يعني ان كل من يتناول من هذه المائدة اي يكتسب من الفيوضات الالهية ويقتبس من الانوار الرحمانية ويأخذ نصيبا من كمالاتي يحيا حياة ابدية 0
والمقصود من الدم ايضا هو روح الحياة وتلك هي الكمالات الالهية والجلوة الربانيةوالفيض الصمداني لان جميع اجزاء بدن الانسان بواسطة جريان دورته تكتسب المادة الحيوية من الدم0يقول في اية 26 من الاصحاح6من انجيل يوحنا(اقول لكم انتم تطلبونني ليس لانكم رأيت ايات بل لانكم اكلتم من الخبز فشبعتم )ومن الواضح ان الخبز الذي اكله الحواريون فشبعوا منه هو الفيوضات السماوية لانه يقول في اية 33 من الفصل المذكور(لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم) ومعلوم ان جسد المسيح لم ينزل من السماء بل نزل من رحم مريم وكل ما نزل من السماء الالهية هو روح المسيح 0 ولما ظن اليهود ان حضرته يقصد الجسد اعترضوا عليه كما ورد في الاية42من الاصحاح المذكور اذ قالوا(اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي كنا عارفون بابيه وامه فكيف يقول هذا اني نزلت من السماء) فانظروا كيف اتضح ان مقصد حضرة المسيح من الخبر السماوي هو روح حضرته وفيوضاته وكمالاته وتعاليمه كما يبين في اية 63 من الفصل المذكور(الروح هو الذي يحيا اما الجسد فلا يفيد شيئا)اذا اتضح ان روح المسيح كانت نعمة سماوية نازلة من السماء وكل من يستفيض من هذه الروح يعني يأخذ من التعاليم السماوية يجد حياة ابدية لذا يقول في الاية 35 منه(فقال لهم يسوع انا هو خبز الحياة من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش ابدا) فلاحظوا كيف انه يوضح الاكل بالاقبال والشرب بالايمان0 اذا صار من الواضح المحقق ان المائدة السماوية والفيوضات الرحمانية والتجليات الروحية والتعاليم السماوية والمعاني الكلية هي حضرة المسيح0والا كل عبارة عن الاقبال والشرب كناية عن الايمان حيث كان لحضرته جسد عنصري وهيكل سماوي فالجسد العنصري صلب واما الهيكل السماوي فحي باق وسبب الحياة الابدية الجسد العنصري كان طبيعة بشرية والعنصر السماوي كان طبيعة رحمانية:سبحان الله قد يتصور البعض بان خبز القربان هو حقيقة حضرة المسيح حل فيه اللاهوت وروح القدس مع انه عندما يتناول القربان يصير فاسدا ويتغير بالكلية بعد عدة دقائق فكيف يمكن اذا تصورهم كهذا0استغفر الله عن هذا الوهم العظيم0
وخلاصة المقال
: ان بظهور حضرة المسيح انتشرت تعاليمه المقدسة التي هي الفيض الابدي وسطعت انوار الهداية وبذلت روح الحياة للحقائق الانسانية فكل من اهتدى صار حيا ومن ضل مات موتا ابديا 0وذلك الخبز النازل من السماء هو الهيكل الملكوتي لحضرة المسيح وعنصره الروحاني هو الذي تناول منه الحواريون ففازوا بالحياة الابدية وقد تناول الحواريون من يد حضرة المسيح اطعمة كثيرة فلماذا امتاز العشاء الرباني0اذا صار من المعلوم انه ليس المراد من الخبز السماوي الخبز العنصري بل المقصود منه المائدة الالهية والهيكل الروحاني لحضرة المسيح وهي تلك الفيوضات الربانية والكمالات الرحمانية التي اخذ الحواريون منها نصيبا حتى شبعوا وكذلك لاحظوا لما ان بارك حضرة المسيح الخبز وقال هذا جسدي ووهبه للحواريين كان حضرته موجودا بينهم بشخصه وذاته وما استحال الى خبز وخمر ولو استحال الى خبز وخمر لوجب بعد هذا ان لا يكون حضرة المسيح مجسما ولا مشخصا ولا معينا عند الحواريين في ذلك الوقت0
اذا اتضح ان الخبز والخمر رمزان ارادا بهما ان يقول اعطيت لكم فيوضاتي وكمالاتي وحيث انكم استفضتم منها فقد وجدتم حياة ابدية وفزتم بحظ من المائدة السماوية0







Monday, November 12, 2007

من اللئالئ فى تبيين المعانى



(في بيان أن المعقولات لا سبيل لاظهارها وبيانها
إلا في قميص المحسوسات)

هناك مسألة لها دخل عظيم في ادراك المسائل التي نذكرها حتى نهتدي الى جوهر المسائل وتلك هي ان المعلومات الانسانية تنقسم الى قسمين: معلومات تدرك بالحس يعني ان الشئ الذي تدركه العين او الاذن او الشم او الذوق او اللمس يسمونه محسا0مثلا هذه الشمس تدرك بالحس لانها ترى فلهذا يقولون انها محسه وكذلك الاصوات تدرك بالحس لان الاذن تسمعها والروائح تدرك بالحس لان الانف تشمها والطعوم تدرك بالحس لان الذوق يدرك حلوها وحامضها ومالحها0 والحرارة والبرودة يدركان بالحس لان اللمس يدركهما فيقولون لكل هذا حقائق محسه0
واما القسم الاخر من المعلومات الانسانية هو المعقولات يعني الحقائق المعقولة التي ليست لها مكان ولا صورة خارجية وليست بمحسه مثلا ان القوى العقلية ليست بمحسه والصفات الانسانية بتمامها ليست بمحسه بل انها حقائق معقوله وكذلك الحب ايضا حقيقة معقولة لا محسه لان هذه الحقائق لا يسمعها الاذن ولا تراها العين ولا يشمها الانف ولا يدركها الذوق ولا تحس باللمس حتى المادة الاثيرية التي يقولون عن قواها في الحكمة الطبيعية حرارة ونور وكهرباء ومغناطيس تلك ايضا حقيقة معقوله لا محسه وكذلك نفس الطبيعة ايضا حقيقة معقولة لا محسه وكذلك الروح الانساني حقيقة معقولة لا محسة وعندما تريد بيان هذه الحقائق المعقولة فانت مجبر عند تبيانها على افراغها في قالب محس اذ لايوجد في الخارج سواه0 اذاً اذا اردت بيان حقيقة الروح وشئونها ومراتبها فانت مجبر على بيانها في صورة محسة اذ لا يوجد في الخارج سواه مثلا:ان الحزن والسرور من الامور المعقولة فاذا اردت بيان تلك الكيفية الروحانية تقول :ضاق قلبي أواتسع في حال انه لم يحصل في روح الانسان ولا في قلبه ضيق ولا سعة 0بل هي كيفية روحانية معقولة 0واذا اردت البيان فانت مجبر ان تبينها بصورة محسة مثلا تقول: ان الشخص الفلاني ترقى كثيرا في حال انه باق مستقر في مقامه ومحله0والشخص الفلاني علا مقامه في حال انه كسائر الاشخاص يمشي على الارض ولكن هذا العلو والترقي كيفية روحانية وحقيقة معقولة واذا اردت البيان فانت مجبر ان تبين ذلك بصورة محسه لانه لايوجد في الخارج سواه:مثلا تؤول العلم بالنور والجهل بالظلمة فانظر الان هل العلم نور يحس او الجهل ظلمة محسه ! لا بل انهما فقط كيفية معقولة فوقتما تريد بيانهما تعبر عن العلم بالنور وعن الجهل بالظلمة وتقول :ان قلبي كان مظلما ثم استنار في حال ان نور العلم وظلمة الجهل حقيقة معقوله ليست بمحسه ولكننا مجبرون عندما نريد البيان ان نعبر عنها بصورة محسة 0اذا صار من المعلوم ان الحمامة التي دخلت في المسيح ليست هي الحمامة التي بالحس بل كانت كيفية روحانية وبيت بصورة محسة للتفهيم والفهم مثلا:ذكر في التوراة ظهر الله في عمود من نار والحال انه ليس المقصد هذه الصورة المحسة بل الحقيقة المعقولة التي بينت في صورة محسة 0 ويتفضل حضرة المسيح بقوله(الاب في الابن والابن في الاب) فهل كان حضرة المسيح في باطن الله او الله في باطن المسيح0 لا والله 0بل هذه كيفية معقولة بينت في صورة محسة ولنأتي ببيان عبارة حضرة الجمال المبارك التي يتفضل بها قائلا(ياسلطان اني كنت كأحد العباد وراقدا على المهاد مرت على نسائم السبحان وعلمني علم ماكان ليس هذا من عندي بل من لدن عزيز عليم)هذا مقام التجلي وهو معقول وليس بمحس وهو منزه عن الزمان الماضي والحال والاستقبال فهذا تمثيل وتعبير مجاز لا حقيقة وليس المقصود منه انه كان حقيقة نائما ثم استيقظ بل هو عبارة عن انتقال من حال الى حال 0مثلا:النوم حال السكون والتيقظ حال الحركة النوم حال الصمت واليقظة حال النطق النوم حال اخفاء واليقظة حال الظهور0مثلا يعبر بالفارسي والعربي ان الارض كانت نائمة فاستيقظت بمجئ الربيع او الارض كانت ميتة فأحييت بمجئ الربيع0فهذا تعبير تمثيلي وتشبيه وتأويل في عالم المعاني والخلاصة0ان المظاهر المقدسة كانت ولا تزال حقائق نورانية لا يحصل التغيير والتبديل في ذواتها وغاية ما هنالك انهم يكونون قبل الظهور ساكنين صامتين كالنائم ويكونون بعد الظهور ناطقين ومشرقين بمثابة اليقظان0

(ولادة حضرة المسيح)
سؤال:كيف كانت ولادة حضرة المسيح من روح القدس؟

الجواب: اختلف الالهيون والماديون في هذه المسألة0 فالالهيون متفقون على ان حضرة المسيح ولد من روح القدس وتصور الماديون ان ولادته على هذه الكيفية ممتنعة مستحيلة فلابد له من اب ويتفضل في القرآن بقوله(وارسلنا اليها روحنا فتمثل بها بشرا سويا) يعني تمثل روح القدس بصورة بشرية كالصورة التي تتمثل في المرآة وخاطب مريم. فالماديون مجمعون على انه لابد من الازدواج ويقولون ان الجسم الحي لا يتكون من جسم ميت ولا يتحقق وجوده بدون ان يلحق الذكور الاناث ومتفقون بان هذه الكيفية عدم الازدواج ليست ممكنة في الحيوان فكيف للانسان ولا في النبات فكيف بالحيوان لان هذه زوجية الذكور والاناث موجودة في جميع الكائنات الحية والنباتية حتى انهم ايضا يستدلون بالقرآن على زوجية الاشياء بقوله تعالى(سبحان الذي خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون) يعني ان الانسان والحيوان والنبات جميعها مزدوجة(ومن كل شئ خلقنا زوجين)يعني خلقنا الكائنات جميعها مزدوجة0 والخلاصة انهم يقولون لا يتصور انسان من غير أب 0ولكن الالهيين يقولون في جوابهم ان هذه القضية ليست من القضايا المستحيلة الممتنعة ولكنها لم تحدث من قبل وهناك فرق بين شئ مستحيل وشئ لم يحدث من قبل 0مثلا ان مخابرة الشرق والغرب بالاسلاك البرقية في آن واحد لم يحصل من قبل ومع ذلك لم تكن مستحيلة وفوتوغراف لم يكن معروفا من قبل ومع هذا لم يكن مستحيلا ومثل ذلك آلة التصوير فانها لم تكن معروفة من قبل ومع ذلك لم تكن مستحيلة ومع ذلك ظل الماديون مصرين على رأيهم فيقول الالهيون في الجواب: هل هذه الكرة الارضية قديمه او حادثة فيقول الماديون ثبت انها حادثة بموجب الفنون والكشفيات الكاملة وكانت كرة نارية في البداية وحصل الاعتدال لها بالتدريج فظهرت القشرة ثم تكون فوقها النبات وبعده وجد الحيوان ثم الانسان فيقول الالهيون قد علم واتضح من تقريركم ان نوع الانسان على الكرة الارضية حادث لا قديم فيقينا ما كان للانسان الاول أم ولا أم لان وجود النوع الانساني حادث0 فهل تكون الانسان من غير اب ولا ام ولو بالتدريج اعظم اشكالا ام وجوده بدون اب على انكم معترفون بان الانسان الاول وجد سواء بالتدريج او في مدة قليلة من غير اب و ام0فلا شبهه اذاً في امكان وجود الانسان من غير اب ولا يمكن ان يعد هذا مستحيلا0 وان تعدوه مستحيلا فليس من الانصاف0 مثلا:لو تقول كان هذا السراج مضيئا وقتا ما بدون الفتيلة والدهن ثم تقول انه من المستحيل ان يضيئ بدون فتيلة فذلك بعيد عن الانصاف فحضرة المسيح كان له أم وأما الانسان الاول باعتقاد الماديين لم يكن له اب ولا ام0

(سؤال : عن ميزة من لا اب له)

سؤال :ما افضلية شخص وجد من غير اب
الجواب:ان وجود الشخص الجليل سواء كان من اب او من غير اب على حد سواء فاذا كان لوجود الانسان من غير اب فضل فآدم اعظم وافضل من كل الانبياء والرسل لانه وجد من غير اب وام وانما سبب العزة والعظمة هو التجليات والفيوضات والكمالات الالهية فالشمس تولدت من المادة والصورة وهما بمثابة الاب والام ولكنها كمال محض والظلمات لا مادة لها ولا صورة ولا اب ولا ام ولكنها نقص صرف فالمادة الجسدية لحضرة ادم هي التراب والمادة الجسدية لحضرة ابراهيم هي النطفة الطاهرة ولا شك ان النطفة الطيبة والطاهرة احسن من التراب والجماد وفضلا عن هذا فانه يقول متفضلا في الاية الثالثة عشر من الاصحاح الاول من انجيل يوحنا(واما الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنين باسمه الذين ولودوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله)فيعلم من اية يوحنا هذه ان وجود الحواريين لم يكن من القوة الجسمانية ايضا بل من الحقيقة الروحانية فليس شرف حضرة المسيح وعظمته لانه وحد من غير اب بل شرفه ومجده بالكمالات والفيوضات والتجليات الالهية0ولو كانت عظمة حضرة المسيح بكونه ولد من غير اب لوجب ان يكون ادم اعظم منه لانه وجد من غير اب ولا ام0وفي التوارة يقول الرب متفضلا في الاصحاح الثاني من سفر التكوين الاية السابعة(وجبل الرب الاله ادم ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة الحياة فصار ادم نفسا حيه) فانظروا قوله وجد ادم من روح الحياة وفضلا عن هذا فان عبارة يوحنا في حق الحواريين تدل على انهم ايضا من الاب السماوي اذا صار من المعلوم0 ان الحقيقة المقدسة يعني ان الوجود الحقيقي لكل عظيم هو من الحق ومن نفخة روح القدس والخلاصة انه اذا كان وجود الانسان من غير اب اعظم فضلا فآدم اعظم من الجميع لانه لا اب له ولا ام0فهل الانسان الذي يخلق من المادة الحية احسن ام الانسان الذي يخلق من التراب0لاشك ان الذي يخلق من المادة الحية احسن اما حضرة المسيح فقد ولد وتحقق وجوده من روح القدس 0
وخلاصة القول ان شرف النفوس المقدسة وعظمة المظاهر الالهية انما يكون بالكمالات الالهية والفيوضات والتجليات الربانية لا بسواها0

Monday, November 5, 2007

معانى وتفاسير

(المعجزات وخوارق العادات)
(سؤال)
هل تفسر المعجزات المنسوبة الى حضرة المسيح
بحسب المعاني الظاهرية للالفاظ او ان لها معان اخرى وقد ثبت علميا ان حقائق الاشياء لاتتغير
وان جميع الكائنات خاضعة لقانون ونظام كلي
لا تتخلف عنه ابدا ولهذا لايمكن خرق القانون الكلي0
(الجواب)

ان المظاهر المقدسة الالهية هم مصدر المعجزات ومظهر الاثار العجيبة فكل امر مشكل وغير ممكن يصير ممكنا وجائزا بالنسبة اليهم لانهم بقوة خارقة للعادة يظهر منهم خارق العادة وبقدرة ما وراء الطبيعة يؤثرون في عالم الطبيعة ومنهم جميعا قد صدرت عجائب الامور ولها في الكتب المقدسة اصطلاح خاص في حين ان المظاهر لا يعلقون على تلك المعجزات ولا تلك الاثار العجيبة اية اهمية حتى انهم لا يريدون ذكرها لاننا لو اعتبرناها اعظم برهان على صدقهم لكان ذلك حجة وبرهانا بالنسبة لمن كان موجودا وشهد المعجزات دون سواه فمثلا لو تروى معجزات حضرة موسى وحضرة المسيح لشخص طالب للحقيقة غير مؤمن بهما فانه ينكرها ويقول قد رويت ايضا عن الاصنام اثار عجيبة بشهادة خلق كثير ودونت في الكتب وقد كتب البراهمة كتابا دونوا فيه الاثار العجيبة التي صدرت من براهما فيقول الطالب ايضا ومن اين نعرف صدق اليهود والنصارى وكذب البراهمة فكلاهما رواية وكلاهما خبر متواتر وكلاهما مدون في الكتب وكلاهما يحتمل الصدق والكذب وبمثل هذا يقال فيما ترويه الملل الاخرى فان صدق احدها لزم صدق الاخرين وان قبل احدها وجب قبول الباقين فمن اجل هذا لا تكون المعجزات برهانا وان صح ان تكون برهانا للحاضرين فلا يصح ان تكون حجة على الغائبين0اما اهل البصيرة في يوم الظهور فهم يعتبرون جميع شئون مظهر الظهور معجزات لانها تمتاز عما سواها ومادامت ممتازة فهي خارقة للعادة0
فحضرة المسيح رفع العلم الالهي امام من على الارض وقاومهم جميعا فريدا وحيدا بدون ظهير ولا نصير ولم يكن له جند ولا جيوش بل كان مضطهدا مظلوما ومع هذا ففي النهاية غلب الجميع ولو انه صلب في الظاهر فهذه القضية معجزة محضة لايمكن انكارها ابدا فلا حاجة بعدئذ الى برهان اخر يثبت احقية حضرة المسيح وليس للمعجزات الظاهرية اهمية لدى اهل الحقيقة فمثلا لو صار الاعمى مبصرا فانه في النهاية سيفقد بصره ثانيا عندما يموت ويحرم من جميع الحواس والقوى فلا اهمية اذا لابصار الاعمى اذ ان هذه القوة مصيرها ان تزول0 وكذلك مافائدة احياء جسم ميت سيموت مرة اخرى0
اما الاهمية ففي اعطاء البصيرة والحياة الابدية اي الحياة الروحية الالهية لان هذه الحياة الجسمانية لا بقاء لها ووجودها عين العدم مثال ذلك ان حضرة المسيح يقول في جواب احد التلاميذ(دع الموتى يدفنون الموتى المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح فهو الروح) فلاحظوا ان تلك النفوس مع انها قد كانت احياء بالاجسام الا ان المسيح اعتبرها امواتا لان الحياة هي الحياة الابدية والوجود هو الوجود الحقيقي فمن اجل هذا لو ذكر احياء الموتى في الكتب المقدسة فالمقصود ان موتى الارواح يوفقون للحياة الابدية وكذلك لو ذكر ابصار العمي فالمقصود من هذا الابصار هي البصيرة الحقيقة وكذلك لو ذكر اسماع الصم فالمقصود حصول السمع الروحي والتوفق الى السمع الملكوتي وهذا ثابت بنص الانجيل حيث يقول حضرة المسيح (هؤلاء مثل الذين قال عنهم اشعياء (لهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها وانا شفيهم) وليس المقصود من هذا ان مظاهر الظهور عاجزون عن اجراء المعجزات بل هم قادرون ولكن المقبول والمهم لديهم هوالبصيرة الباطنية والسمع الروحاني والحياة الابدية فعلى هذا ما جاء في اي موضع من الكتب المقدسة من ان اعمى صار بصيرا معناه انه كان اعمى الباطن وفاز بالبصيرة الروحانية او كان جاهلا فصار عالما او كان غافلا فصار متنبها او كان ناسوتيا فصار ملكوتيا وحيث ان هذه البصيرة والسمع والحياة والشفاء كلها ابدية لهذا كانت ذات اهمية والا فما اهمية الحياة الحيوانية وقواها وقدرها وحيثيتها التي هي كالاوهام تنتهي في ايام معدودة مثلا: لو اضيئ سراج مطفأ فأنه لا شك ينطفأ مرة اخرى اما نور الشمس فمضيئ دائما وذو اهمية0

Sunday, November 4, 2007

ليلة البعث


شيراز 23 مايو سنة 1844م
المشهد الأول


"حدث المشهد الأول من الفصل الافتتاحي من هذا الحدث العظيم في غرفه علوية من بيت متوسط الحال يسكنه تاجر أقمشة من شيراز ويقع في حي متواضع من أحياء المدينة 00 وكان الوقت قبيل غروب شمس اليوم الثاني والعشرين من شهر أيار 1844 بساعة 00 أما المشتركان فيه فكانا حضرة الباب وهو سيد في الخامسة والعشرين لا تشوب انتسابه إلى العتره الطاهرة شائبة وملا حسين الشاب أول من يؤمن به 0 والظاهر أن لقائهما من قبل ذلك كان وليد الصدفة البحتة أما اللقاء نفسه فقد طال حتى مطلع الفجر حيث بات صاحب البيت منفردا بضيفه في الغرفة العلوية, ولم تكن المدينة النائمة على علم قليل أو كثير بمضمون ما دار بينهما من حديث, ولم ينتقل للأجيال القادمة أى تسجيل لتلك الليلة الفريدة, اللهم إلا تلك الرواية التي صدرت عن شفتي الملا حسين جزئيه مهلهله وان كانت على قسط كبير من التنوير 0 ويحدثنا الملا حسين عن تلك الليلة ولقاءه مع حضرة الباب فيقول " جلست مسحورا بحديثه غافلا عن مضى الوقت وعن أولئك الذين كانوا في انتظاري وفجأة ايقظنى المؤذن من النشوة التي غرقت فيها وكان يؤذن لصلاة الفجر! وفى تلك الليلة يبدو اننى فزت بكل النعم والألطاف التي ذكرها العلى القدير في كتابه ( القران الكريم ) وأعدها لأهل الجنة حتى ظننت اننى كنت في بقعه يقال فيها بحق " لا يمسنا فيها نصب ولا ويمسنا فيها لغوب " " لا يسمعون فيها لغوا, ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما " "دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " ولقد جافاني النوم في تلك الليلة وغمرتني موسيقى ذلك الصوت الذي كان يعلو حين ينزل آيات " قيوم الأسماء " ويهبط بنغمه حلوه أثيريه إذ يتلوا المناجاة التي ينزلها وعقب كل مناجاة كان يكرر هذه الايه " سبحان ربك رب العزة عما يصفون, وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " 0 ويمضى الملا حسين فى روايته فيقول "نزل على هذا الظهور فجأة نزول الصاعقة التي خيل إلى أنها عطلت حواسي وعقلي بعض الوقت 00 لقد اعمانى بهائه وفتنتني عن نفسي قوته الساحقة 00 وتحركت في أعماق روحي مشاعر كثيرة مختلطة من الهيجان والسرور والذهول والعجب وساد كل هذه المشاعر شعور غامر بالسعادة والقوه خيل إلى انه حولني تحويلا0 فكم كنت اشعر بالعجز والخور والجبن والذله من قبل بحيث لم أكن أستطيع أن اكتب أو أمشى فلقد شعرت بقوه وشجاعة خيل إلى معها اننى أستطيع أن أقف وحيدا لا أتزعزع في وجه العالم كله بكل شعوبه وحكامه وبدا لي الكون لا يزيد عن حفنه من التراب في يدي وحسبت اننى صوت جبريل المتجسد يهيب بالناس جميعا أن أفيقوا فان نور الصبح قد لاح 00 انهضوا فان أمره قد ظهر وفتح باب عنايته وفضله فادخلوا يا أهل الأرض لان موعودكم قد جاء 0 " وعندما اكتمل انضمام حروف الحي السبعة عشر فيما بعد " استدعاهم إلى محضره – قبل أن يتفرقوا – وألقى عليهم كلمة الوداع وعهد إلى كل منهم بمهمته الخاصة 00000 وأشار لهم من طرف خفي إلى سر يوم أعظم من يومه يوشك أن يجيء وأمرهم بأن يستعدوا للقاؤه 0000 والى الملا حسين عهد بمهمة أكثر خصوصية وأعظم مضمونا, وأكد أن ميثاقه معه قد ابرم, وأوصاه بان يكون لين الجانب مع من يقابلهم من رجال الدين, وأرشده إلى أن يتوجه إلى طهران, وبأشد العبارات إشراقا لوح بذلك السر المحجوب المودع في تلك المدينة, مؤكدا انه سر يفوق في بهائه النور الذي أشرق من أفق الحجاز وشيراز معا0

ليلة الميلاد الميمون

طهران 23مايو 1844
المشهد الثاني

لم تكن طهران في تلك الليلة بأفضل حالا من مدينة شيراز00 فما كاد الليل أن ينتصف حتى كانت المدينة تغط في سبات عميق وقد أسدل الليل الحالك السواد أستاره الثقيلة فوق شوارعها الملتوية الضيقة فغرقت في ظلام دامس عدا بضع مشاعل بترولية متناثرة هنا أو هناك عند بوابات الحارات أو فوق مداخل بيوت الأغنياء والموسرين بددت بأضوائها المرتعشة بعضا من ذلك الظلام المطبق ولم تعرف المدينة في تلك الليلة أي من الحوادث المؤسفة التي كانت دائمة الوقوع والتكرار كالاعتداءات الدموية أو أعمال السلب والنهب وسرقات منازل الأغنياء بل كانت ليله سأكنه هادئة تمام الهدوء 0
إلا أن أهل بيت واحد في تلك المدينة النائمة قدر لهم أيضا أن يظلوا ساهرين مستيقظين لا يعرف النوم طريقا إلى عيونهم حتى مطلع الفجر0
كان هذا البيت يقع في حي (دروازه شميران) القريب من احد بوابات مدينة طهران والمعروف ببوابة شميران تقطنه أسره كريمه نبيلة هم عائلة المرحوم ميرزا عباس برزك نورى نسبة إلى مقاطعة نور في ولاية مازندران في أقصى شمال إيران حيث كانت منطقة آبائه وأجداده0
" كان البيت يشغل مساحه واسعة من الأرض ويتكون من طابقين يحيط به سور مرتفع من الحجر له بوابه من الخشب السميك تفتح على ممشى عريض طويل بطول المنزل يزين مقدمته عقد على شكل قوس من الطوب الآجر, ويفصل الممشى التي فرشت أرضيته ببلاط مزخرف بين احد جوانب السور والواجهة الرئيسية للمنزل والتي تفضي إلى عدة غرف لاستقبال الضيوف والزوار ثم نجد في نهايته حديقة جميله زرعت بالورود والرياحين وغرست في أرجائها بعض أشجار البرتقال والليمون الحلو يفتح عليها باب أو بابان في الواجهة الخلفية للمنزل لاستعمال أهل البيت والمقيمين
كان البيت أشبه بقصر صغير فرشت غرفه الواسعة برياش ثمين فاخر وزينت جدرانه بزخارف جصيه دقيقة الصنع وعلقت فوق بعضها لوحات من الآيات بديعة التكوين كتبت بخط فارسي جميل كتب بعضا منها ميرزا عباس نفسه "0 (1)
"كان نهار ذلك اليوم مشرقا ودافئا وكانت الحديقة مليئة بالأزهار والورد0 وفى داخل البيت كان الخدم مشغولين في إعداد وليمه, والضيوف جالسين على كراسي مريحة يشربون عصير الليمون ويأكلون ما لذ وطاب من الحلويات 0 كان الجميع محل ترحاب في هذا اليوم0
وأخيرا انتهى اليوم, 00 وأتم أصحاب البيت واجباتهم وبدأوا في الدعاء ليشكروا ربهم على كل الأشياء الجميلة التي حدثت في ذلك اليوم0 ومع أخر خيوط الشمس الغاربة بدأت سيدة البيت النورى الشابة الجميلة آسيا خانم زوجة ميرزا حسين على والتي كان زوجها المحب يلقبها (نواب خانم ) تعانى الآم المخاض والتي بدأت علاماته بعد غروب ذلك اليوم0 فدبت في البيت حركة غير عاديه واضائت الشموع الكبيرة والمشاعل كل أرجاء المنزل وطرقاته0
ظل الجميع فيها ساهرا متيقظا يبتهلون إلى الله بقلوب دافقة بالأمل والرجاء أن يدخل هذا الميلاد السعادة والفرح والسرورعلى قلبي والديه وان يكون اسعد حظا من شقيقيه الذين سبقاه وطالت ساعات المخاض حتى كاد الليل أن ينصرم ويبزغ فجر اليوم الجديد 0
إلا انه ما أن ارتفعت أصوات المؤذنين فوق مآذن المساجد تدعوا إلى صلاة الفجر حتى علت صيحات الطفل الوليد فاختلطت بصيحات التهليل بالفرح والاستبشار في حين سارعت إحدى سيدات البيت تزف البشارة المنتظرة إلى بهاء الله والد الطفل وتهنئه بسلامة الأم ووليدها فأطلق عليه اسم جده الوزير( عباس أقا ) الذي كان يكن له كل محبه وإكبار وإعجاب".

(1) حاشية " هذا الوصف لمنزل حضرة بهاء الله هو وصف تخيلي مقتبس عن مجموعة من الصور الفوتوغرافية لمنزل حضرة بهاء الله في طهران منشورة بكتاب النبيل ص83 وأقرر انه محض خيال ولا يؤخذ على انه وصف من مصدر معتمد "
مشهد الأنوار
على انه يجب أن نسجل هنا مشهدا ثالثا لمشاهد تلك الليلة " ليلة الليالي" خلدته للأجيال السيدة خديجة بيكم حرم حضرة الأعلى0 يضفى على أحداث تلك الليلة عبقا لا يضارع وضوءا ساطعا لن يخبو فتروى في ذكرياتها عن تلك الليلة فتقول:-
" وتتذكر خديجة بيكم بان حضرته ( حضرة الباب ) عاد إلى المنزل أصيل ذات يوم مبكرا على غير عادة واخبر بان أمرا هاما ينتظرة وطلب الإسراع بتهيئة وجبة العشاء 0 فأعدتها فضة ( الخادمة ) على عجل في حجرة والدة السيد على محمد حيث تناولتها الأسرة, وانسحب على الأثر إلى خلوتة ليلا0
وإذا تحدثنا عن وقائع تلك الليلة المشهودة, التي وقعت طبقا لسجل مذكرات عائلة الأفنان قبل إعلان الباب لأمره بقليل, تذكرها خديجة بيكم بكامل تفاصيلها وتروى: " بعد أن آوى أهل الدار جميعا إلى فراشهم وساد الصمت والهدوء المنزل ما يقرب من ساعة, إذ بحضرتة ينهض ويغادر الغرفة دون أن أعير ذلك اهمية0 ولما طال انتظاري بدأ القلق يساورني, فخرجت ابحث عنه في كل مكان دون أن اعثر له على اثر, وظننت انه ربما غادر الدار للعمل الهام الذي اخبرنا به0 ولكنني ارتعت عندما لاحظت الرتاج الداخلي لباب الدار موصدا كالعادة0
فهرعت إلى غرفته في الطابق العلوي, وشد نظري ضؤها الساطع 0 فتسائلت عما قد ألجأه - على غير عادته – في هذا الليل إلى هذه الغرفة التي لا يأوي إليها إلا تكريما لضيف0 ولما لم ينبئنا سلفا كعادته عن مقدم زائر في هذه الليلة, ثارت هواجسي وأخذت اصعد على أطراف أصابعي السلم المؤدى إلى الغرفة الشمالية, التي اخذ نورها يتضاعف في ناظري وعندما بلغت عتبتها رأيته واقفا ويداه مرفوعتان في تبتل وقنوت, مبتهلا مستغرقا في الترنم بالدعاء بصوت ولحن مليح رخيم, والدموع تنساب بغزارة على خديه وتبلل صفحة وجهة الوضاء الذي انبعث عنه نور عجيب بينما طلعته المهيبة تتوسط هالة من البهاء والجلال0 فأخذتني الخشية والرهبة وجمدت في مكاني عاجزة عن التقدم أو التراجع, وارتعدت فرائصي وفقدت التحكم في قواي وكدت اصرخ لولا أن تداركني حضرته وأشار في رفق بيديه المباركتين إلى بالانصراف0 تلك الحركة العطوفة ليديه ردت إلى بعض شجاعتي وتمكنت بكثير من الجهد أن أعود ادراجى والحق بحجرتي وفراشى0
وقضيت ليلتي مسهدة وأنا انتفض اضطرابا وحيرة0 وعندما غالبنى النعاس اخذ هذا المشهد العجيب الرهيب يطارد خيالي ويطرد الكرى عن جفوني 0 وفى لحظات الوعي المتناوبة كنت أتساءل عما سبب له الأسى العميق الذي استدر منه الدموع واستوجب استغراقه في التضرع والابتهال إلى هذا الحد0
" وإذا بعيني وتفكيري يعجزان عن اسعافى بتبرير أو تعليل يهدئ من روعي فيعز على المنام وأغوص في ذهولي فريسة لهواجسي إلى أن لاحت طلائع الفجر وارتفع صوت المؤذن للصلاة0
عند الشروق حملت فضة " السماور " وطاقم الشاي إلى حجرة حماتي, وتوجه حضرتة كالعادة إليها لتناول الشاي, وتبعته وأنا مبهورة مأخوذة0 وما أن وقع بصري على هيكله الجليل حتى عاودني مشهد الليلة الفائتة وتجسم امامى كاملا, فشحبت وهزت الرجفة كل كياني 0
في تلك اللحظة غادرت والدته الحجرة فيما كان حضرتة يتناول الشاي بكل هدوء, فرفع رأسه وتطلع إلى بنظرة ملؤها العطف والحنان ردت إلى هدوئي وسكينتى 0 ثم دعاني للجلوس وناولني ما تبقى من شاي في كأسه, فاحتسيته0 عندئذ سألني عما دهاني, فصارحته بشئ من شجاعة بأن التغيير الكلى الذي ألم به هو علة حيرتي ومصدر قلقي واضطرابي " وهمست انك لم تعد ذلك الشخص الذي عرفته منذ طفولتي, ومع إننا نشأنا معا ومضى عامان على زواجنا ونحن نعيش معا في بيت واحد, إلا اننى أراك وقد تبدلت تماما وصرت فجأة شخصا اخر0 هذا هو سبب اضطرابي وعلة حيرتي " فابتسم واجاب بأنه كان يتمنى أن لا أراه وأشاهده في تلك الصورة والحالة التي رأيت0 غير أن الله قدر غير ذلكثم عقب: " ولكن هكذا شاءت الإرادة والتقدير الالهى, أن تشاهديني بالكيفية التي فعلت في الليلة الماضية حتى لا يراودك أدنى شك من بعد0
وتوقني كل اليقين باني أنا ذلك المظهر الالهى والموعود0المنتظر منذ ألف سنة 0 وهذا النور الذي شاهدت وبهرك سطوعه كان ينبعث من كياني وكينونتي " بمجرد أن نطق بهذه الكلمات صدقت وآمنت فورا ووجدت نفسي ساجدة امامة وقد اطمأن قلبي وهدأ 0 منذ تلك اللحظة وهبت حياتي وأوقاتها لخدمته بكل تفان وخلوص ونسيت نفسي ووجودي وصرت محوا صرفا تلقاءه " 0
ويشهد جناب النبيل بسمو المقام الذي فازت به خديجة بيكم بإيمانها التلقائي الفذ هذا ويقول: " أما حرم حضرة الباب 000 فقد أدركت عظمة وجلال أمره الفريد منذ فجر ظهوره واشراقة, وأحست بجسامة قدرتة منذ اللحظات الأولى لبعثته0 وباستثناء الطاهرة, لم تنافسها وتبلغ مقامها امرأة من جيلها في الاستجابة التلقائية بمثل هذا الخلوص وحرارة الإيمان والعقيدة " وبشر حضرة بهاء الله في لوح الزيارة الذي انزله بعد صعود خديجة بيكم ويخاطبها بهذه العبارات: " أنت التي وجدت عرف قميص الرحمن قبل خلق الامكان وتشرفت بلقائه وفزت بوصاله وشربت رحيق القرب من يد عطائه " 0 (من كتاب خديجة بيكم تأليف حسن م 0 باليوزى )

صدفة الميلاد وليلة البعث
لم تكن ليلة ميلاد حضرة عبد البهاء مجرد حدث سعيد تصادف وقوعه ليلة بعث حضرة الأعلى فهي إن كانت قد حدثت على هذا النحو فهي بلا شك مصادفة سعيدة رائعة " وكيف لا وهو الذي صادف ميلاده الميمون تلك الليلة الخالدة التي بين فيها حضرة الباب طبيعة رسالته الفائقة لملا حسين أول من امن به " (40 بديع 291)
لكنها في الواقع لم تكن كذلك بل كانت تقديرا إلهيا سابقا تنبأ به العديد من الرسل والأنبياء السابقين كما وردت بعضها في التوراة0
"فهو يبنى هيكل الرب وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على كرسية وتكون مشورة السلام بينهما كليهما " 0 ( زكريا 6 أية 13, 14 العهد القديم و اشعيا 9, 11 )
" ثم ولد ابنا وما بيده شئ كما خرج من بطن أمه عريانا يرجع ذاهبا كما جاء ولا يأخذ شيئا من تعبه فيذهب به في يده " سفر الجامعة إصحاح 5 إيه 14, 15 )
وفى القران الكريم نبوءات عديدة نجدها في سورة البلد
( لا اقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد )
كذلك تطالعنا في سورة الرحمن عروس القران أيضا
نبؤتان
(فيهما
عينان تجريان)00 (فيهما عينان نضاختان )
(الرحمن 50 - 34
وكان المقصـود بهاتين العـينان هو حضـرة عبد البـهاء عباس.
ويتفضل جناب أديب طاهر زاده في إحدى محاضراته قائلا : -
" أن حضرة بهاء الله عندما طلب الإذن من ساحة القدس الإلهي ليهب الخلق ماء الحياة الالهيه وطلب كشف النقاب عن حور المعاني وفك رحيق الوصال جاء النداء من مصدر الأمر الإلهي بأننا لا نشاهد خلقا لائقا وقابلا لهذا التجلي والإشراق وهنا صدر الأمر بالخلق الجديد والصنع البديع ليكون لائقا وقابلا لهذا التجلي والإشراق فكان هذا الخلق في ليلة المبعث 5 جمادى الأولى 1260 هـ وهى الليلة التي تم الإعلان فيها عن رسالة المبشر بالظهور الأعظم وتزامنت مع مولد حضرة عبد
البهاء 00 أنها الاراده الالهيه المطلقة المعلنة عن بداية الخلق الجديد والقابل لتلقى ماء الحياة الإلهية والقادر على أن يستوعب حور المعاني
ويستنشق رحيق الوصال0
ويضيف السيد كاظم الرشتى في كتابه ( شرح القصيدة ) بعدا جديدا لتلك الليلة فيقول:
( عندما اقترنت الباء ونقطتها ( ب ) بعالم الغيب برمز ( ا ) ظهر( با ) ونتج عن هذا الاقتران رمز العين ( عـ ) اشاره إلى التعين الأول (عـ با) وكان ذلك في سنة الستين ( س ) فظهر عباس الإمام برمز ( ع ) قائما ظاهرا أمام الناس0 (شرح القصيدة كاظم الرشتى)
إلا أن هذا التدبير الالهى الفائق الإمكانيات الذي حدث ليلة23مايو 1844
" شرع يعمل في نفس الليلة الخالدة التي أفضى فيها حضرة الباب

بهدف رسالته إلى الملا حسين في حي متواضع من أحياء مدينة شيراز" ( قرن بديع287 )
حيث يشير حضرة المولى شوقي افندى إلى كتاب قيوم الأسماء أول كتب حضرة الباب في إشارة واضحة ليلقى مزيدا من الضوء الباهر على أحداث تلك الليلة قائلا:
" على أن ضوءا اكبر دلاله يفيض على هذه القصة الخاصة بإعلان رسالة حضرة الباب إذا نحن تصفحنا ( أول وأعظم واكبر ) كتب الدورة البابيه وهو تفسير سورة يوسف الشهير الذي نزل فصله الأول كله على وجه التحقيق من قلم منزله الأعلى في تلك الليلة – ليلة اليالى " (قرن بديع ص17)
فيتفضل حضرة الأعلى بقوله الكريم في كتاب قيوم الأسماء (سورة الظهور)
( إنا نحن قد أنزلناك من منظر العرش في ليلة القدر إلى بطن الأم وانك في ذلك اليوم على العرش قد كنت لله العلى ساجدا وعلى الملك محمودا 000 000 إن هذا لهو اليوم في الفصل وهو اليوم في الجمع الذي قد كان بالحق ميقاتا ) (قيوم الأسماء – سورة الظهور)
وفى كتاب شئون خمسه كان حضرة الباب أول من أطلق لقب ( سر الله) فتفضل حضرته قائلا ( هل تعرفون سر الله أولا تعرفون ذلك هو أول من امن بمن يظهره الله فكيف لا تعرفون ؟ ) (حضرة الباب – كتاب شئون خمسة)
هذا اللقب " الذي شاء والده المحب المعصوم أن ينعم عليه بهذا اللقب العزيز, ألا وهو سر الله " (قرن بديع ص 293)






Monday, October 29, 2007

ليلة الليالى

ونواصل معكم وليلة القدر

لــيلة الليالي-ليلة القدر

" هذه ليله طلع صبح القدم عن أفق يومها واستضاء العالم من أنواره التي أشرقت من ذلك الأفق المنير " مقتطفات من الآثار المباركة حول البعثة
كانت ليلة 23 مايو 1844م 00 ليلــة الـميقات مع الـرب الجـليل "وجه الله الذي لا يموت ونوره الذى لا يفوت" (من الواح حضرة الباب ( قرن بديع ص14)
يطوف من حوله " قبيل من الملائكة المقربين"( من الواح حضرة الباب ( قرن بديع ص18
ليله " ارتفعت فيها نغمة الله المهيمن القيوم "و" فتح أبواب الفردوس وطلع غلام القدس" (– لوح غلام القدس ) ليله فاق جلالها كل جلال 00 بل لعلها من اخطر الليالي أثرا في تاريخ الدنيا بأسرها 00 باذخة في سنوحاتها 00 مغدقة في إلهاماتها لم يشهد العالم الانسانى مثيل لها ولا نظير خلال تاريخه الديني والروحي في شمول إمكانياتها وعظمة قواها الدافعة وضخامة آثارها ونتائجها 0
ليله حدد ميقاتها منذ الأول الذي لا أول له لتقيم حدا فاصلا سحريا بين عهود مغرقه في الزمن السحيق وتبشر بميلاد عالم جديد سوف يتسامق مع القرون القادمة لفترة مديدة 00 كثيرة هي الوعود والبشارات والإنذارات التي زخرت بها الكتب السماوية السابقة ونبه إليها وأفاضت في ذكرها الكتب المقدسة السابقة وبشر بها كل نبي ومجد وعظم أيامها ووقائعها كل رسول حتى تمنى جميع الرسل أن يفوزوا بلحظات معدودات من سنا مجدها 0

" ثم رأيت سماء جديدة وأرضا جديدة لان السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد " (الرؤيا 11: 1- 4)
" متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده " (متى 25: 31)
" هو ذا يوم الرب يأتي 00 ويكون الرب ملكا على الأرض في كل شئ يكون الرب وحده وأسمه وحده " (زكريا 14: 9)

وعندما نقرا رؤى الأنبياء السابقين في كتب الله المقدسة بقلوب مشتعلة بحب الله ويملؤنا الإيمان بمصداقية مضامينها تطالعنا مجموعه من الصور يبدو وكأنها التقطت من أبعاد متفاوتة وزوايا مختلفة فلا توضح وتشكل كل منها رؤية تامة كاملة الوضوح والبروز وان وضح قاسم مشترك أمام ناظري البشر في ( عدد ) قد يتوحد0
" وسأعطى لشاهدي فيتنبأن ألفا ومائتان وستين يوما ( 1260 ) لابسين مسوحا 0 (سفر الرؤيا إصحاح 11)
"حيث لها موضع معد من الله لكي يعولها هناك ألفا ومائتين وستين يوما (1260) 0 (الرؤيا 12)
ومشهد يتكرر " وظهرت أية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا (الرؤيا إصحاح- 12)
" وإذ قال يوسف لأبيه يا أبت أنى رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر لي ساجدين ( يوسف – القصص)
رغم أن الفارق ما بين حلم نبي ورؤية رسول قد تتعدى آلاف السنين وتتباعد آلاف الاميال0 لأنهم – أي الأنبياء - في حقيقة الأمر لم تتضح لهم رؤاهم تمام الوضوح ولم تكتمل تمام الاكتمال فجاءت نبواتهم غامضة ومبهمة إلى حد ما وحتى الرسل الكبار ما اطلع احد منهم على حقيقة تلك الليلة إلا على قدر مقدور ولكن في مجموعها يمكن أن تتجمع وتتكامل لتتجلى لنا أمام الهام البصيرة الفاحصة المترقبة صوره فاتنة في أحلامها وأمالها مذهله أهوالها وكوارثها لتكون صورة بانوراميه مجسمه لتلك الليلة التي كانت تنتظر في صبر وأناة كشف النقاب عنها منذ بدء الخليقة0
من الأنبياء من فرق من أهوالها فخوف الناس ويلاتها وشدتها وروع البشر جبروتها وكوارثها 00
" ذلك اليوم يوم سخط يوم ضيق وشده يوم خراب ودمار وظلام وقتام يوم سحاب وضباب" ( صفينا 1: 15)


" ثم بوق الملاك السابع فحدثت أصوات عظيمة في السماء قائله :صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه فسيملك إلى ابد الآبدين " (الرؤيا 5- 11 )
" والوقت من بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تتساقط من السماء وقوات السماء تتزعزع " (متى 24 :29 )

" لأنه تقوم أمه على أمه ومملكه على مملكه وتكون مجاعات واوبئه وزلازل في أماكن 00 ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع " (متى 24 – 7)

"ويرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون في ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحونهم في أتون النار هناك يكون البكاء وصرير الأسنان " (متى 13 41- 42)

أما في القران فإنذاراته عن تلك الليلة عديدة ورهيبة 00

" يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذي حمل حمله وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " (الحج 1-2)
" إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا " (الواقعة 4 – 5 - 6)

"فإذا جاءت الصاخه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنية"ونفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله (عيسى 33 – 36)
ومن الأنبياء من بهرتهم وعودها وأحلامها فترنم بعظمة جمالها وطار في معارج قدسها وصور لنا صورا عامره بالأمل والرجاء لكل المعذبين في الأرض حيث يصبح العالم الانسانى جنسا واحدا بلا تفرقه أو تمييز حتى للإماء والعبيد 0
" فيقضى بين شعوب كثيرين 00 ينصف الامم فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل لا ترفع امه على امه سيفا ولا يتعلمون الحرب فيما
بعد" (ميخا 3 : 4)

"بل يقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الارض ويضرب الارض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه " (اشعيا الاصحاح الحادى عشر ايه 4)

"يوم تبدل الأرض غير الارض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار"( ابراهيم 48)

" وأشرقت الأرض بنور ربها " (الزمر 69)

على أن تلك الأحداث الهائلة المفزعة من جانب والرحيمة المتلآلئه بالأمل والفرح والسعادة من جانب أخر كانت كلها صور لجوانب متعددة لليلة واحده قدر لها بحق أن تكون ليلة الليالي 00
والمدهش إن تلك الليلة لم تأت على شاكلة أي صوره من تلك الصور التي تخيلتها عقول وأذهان الناس أو تشتمل على أي علامة من علامات الوعود التي انتظرت الأجيال السابقة ظهورها وتحققها بل مضت ومرت في سكون مثلها مثل أي ليلة ربيعيه ناعمة هادئة ولم يحتفظ لنا التاريخ – مع الأسف – سوى بالقليل من أسرارها وحوادثها حتى أصبح من المتعذر – علـى وجـه التحقيق – أن تتعرف الأجيال القادمة على ما حدث في تلك الليلة خلال ساعاتها القليلة منذ أن غربت شمس نهارها إلى أن طلع نهار فجرها0
وتفضل حضرة بهاء الله في كتاب الإيقان قائلا:
" وهؤلاء الأقوام مازالوا إلى الآن منتظرين ظهور هذه العلامات وبروز ذلك الهيكل المعهود إلى حيز الوجود حتى ينصروه وينفقوا الأموال في سبيلة ويفدوا الأرواح في حبه, كما ابتعدت الملل الأخرى بهذه الظنون والأفكار عن كوثر معنى رحمة حضرة الباري التي لا نهاية لها وشغلوا عنها بتخيلاتهم وظنونهم " 0 (الإيقان )

ليلة القدر
قال تعالى في كتابه الكريم:-

" بسم الله الرحمن الرحيم"
" إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربها من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر " (سورة القدر 1 – 5)
جاءت سورة ليلة القدر في القران الكريم لتحكى أيضا عن ليلة واحدة تبدأ من مغرب الشمس حتى مطلع الفجر00 ليلة حارت فيها العقول واستحال إدراك كنهها وأحاط بها الكثير من الغموض والإبهام عبر القرون00 ليلة أودع الله قد فيها قوى هائلة حتى فاضل تلك الليلة بألف شهر, أي ما يساوى أكثر من ثلاثة وثمانون سنة, تعنى أنها ليلة تعادل حياة إنسان مديد العمر 00 بل قل حياة إنسان جاوز ارزل العمر بمقاييس زمن نزول القران0 فأي دهشة يمكن أن تثيرها في النفس الإنسانية أن تكون ليلة واحده أفضل من حياة كاملة0
ليلة أشار إليها القران بعبارات مقتضبة لكنها رقيقة حالمة واعدة تغرق النفس والروح في بحار من الحب والصفاء والسلام0 ليلة شوق إلى لقاءها الرسول عليه السلام وان لم يفصح عن حدث من أحداثها أو ميقاتها أو علاماتها 0
إلا أن العلماء فسروا آياتها وأولوا كلماتها وفقا لأهوائهم وأمانيهم فكانت ليلة مستجابة الدعاء مقبولة الأعمال0 ليلة يصفح فيها الله لكل عبيده الخاضعين الراجين غفرانه والأملين عفوه مهما كانت الذنوب والأخطاء ولو كانت بقدر الأرض والسماء 0
وعاش الناس طوال عشرات القرون يترصدون تلك الليلة ويأملون في لقاءها0 واجتهد المؤمنين السابقين للكشف عن كنهها وحساب ميقاتها ونيل بركاتها 00
إلا انه مع الأسف لم تسجل – على مر التاريخ الاسلامى - مكاشفة روحيه واحده لشهود تلك الليلة أو تعلن تجربة فريدة للخوض في غمار أنوارها القدسية 0

ولقد المح القران الكريم إلى الكثير من الآيات تحكى عن تلك الليلة الخالدة بصور متعدده وبكلمات تكاد تتطابق0
"واستمع يوم ينادى المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ( ق 42 و43 )
" يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " ( النبأ ايه 38 )
" ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا انه لا اله إلا أنا فاتقون "
إلا أن الناس لم تستطع أن تتفهم تلك الوحدة المتكاملة والوشائج الوثيقة بين هذه الآيات وبعضها البعض ولم يتضح المشهد أمام أعين وبصائر البشر0 وبقيت تلك الليلة مستورة مخفيه عن الافئده والعقول والبصائر آلاف السنين تنتظر ميقاتها المعلوم لينفض ختمها وتجتلي أسرارها0
لأنها لم تكن كما حسب الناس من أنها ليلة عفو الهي لتمسح عن الناس ذنوبهم المستعصية وتغفر للخطاة المعاندين خطاياهم منذ ولدتهم
أمهاتهم 00بل كانت ليلة " انتهاء زمن العجائب " التي حلف بالحي إلى الأبد أنها " إلى زمان وزمانين ونصف " ونهاية هروب المرأه التي ولدت الابن الذكر من وجه الحية 0 (الرؤيا 12)
وبداية لكور جديد في تاريخ البشرية وتحقق ما تغنت به التوراة والأناجيل والقران حيث تفرح البرية وتشرق الأرض بنور ربها0
" ثم رأيت ملاكا آخر نازلا من السماء له سلطان عظيم واستنارت الأرض من بهائه ( الرؤيا 18)
" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويلة يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق " الأعراف (52و 53 )
" وما يعلم تأويله إلا الله " ( ال عمران 7)
يتفضل حضرة الأعلى في كتاب:" قيوم الأسماء"" سورة فاطمة " الذي انزل في تلك الليلة ليفض الختم ويكشف الستر الذي طال انتظارة بقوله:
إن الله أوحى إلى في ليلة القدر ما من نفس يخطر على قلبه حرفا من هذا الكتاب " (قيوم الاسماء سورة فاطمة)

وبهذه الآيات يتضح بجلاء باهر أن ما قصد بليلة القدر التي امتدت من مغرب تلك الليلة حتى مطلع الفجر هي نفس ليلة بعثة حضرة الباب في 23 مايو سنة1844 م الموافق 5 جمادى 1260هجريه والتي لقبت بليلة الليالي, فيها اشرقت علامات ظهور الرب ولاح يوم الله القيوم 0 ( بها تم افتتاح امجد عهد في أعظم كور شهده التاريخ الروحي للجنس البشرى وهى الليلة التي بشر بها كل نبي وناح كل رسول حبا لجمالها) (قرن بديع ص 13)
ويبرز أمام حواسنا القاصرة من أحداث تلك الليلة أهم وأعظم مشهدين رئيسين حدثا في توقيتين متتابعين ربطت التقديرات الالهيه الغيبية بينهما برباط إلهى وثيق0
ويبدأ المشهد الافتتاحي الأول – في مغرب تلك الليلة – في غرفة
علوية في منزل متواضع بأحد أحياء مدينة شيراز جنوبي إيران حيث أعلن حضرة الباب ميلاد رسالته إلى الملا حسين بشروئى أول من امن به0
أما المشهد الثاني فتمت أحداثه – فجر نفس الليلة – في منزل بأحد أحياء مدينة طهران شمالي إيران وعـلى مبعده من مدينة شـيراز بنحو
500 ميل تقريبا حين زفت البشرى لسيد البيت ميرزا حسين على نورى بميلاد طفل جديد اسماه على الفور على اسم جده العظيم عباس0

وانتظرونى وبقية ليلة القدر.......

Sunday, October 21, 2007

ليلة القدر


"شهر رمضان الذى اُنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمهُ......._البقرة184)


ماذا عن ليلة القدر؟؟؟؟ هل هى كما تظُنُ العقول بأن ليلة القدر هى الليلة التى أنزل فيها القرآن؟؟؟؟؟؟؟ كيف ونحن نعلم ان القرآن الكريم امتد وحيه على مدار 23 سنة ولم ينزل دفعةً واحدة فى ليلة القدر!!!!!!!!!!!!!!!!
تعالى معى عزيزى القارئ لكى نقرأ معاً ونفهم معاً مغزى هذه الليلة-ليلة الليالى-ليلة القدس-غرة أيام الله-قرة عين الابداع-مطلع العصر الأعز الأكرم-مبدأ القرن المبارك الأفخم.

سر ليلة القدر خير من ألف شهر
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {القدر/1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {القدر/2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ {القدر/3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ {القدر/4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ {القدر/5} (سورة القدر)

كلمة "قدر" تعني القوة و القدرة و النفوذ و الاحترام و القيمة. و قد استعملت هذه الكلمة في سبع مواضع مختلفة من القرآن الكريم. و قد انزل الله تعالى في كتابه العزيز سورة مكونة من خمس آيات في تعظيم واجلال ليلة القدر و وصفها بأنها خير من ألف شهر و هذا امر يستحق التمعن و الإنتباه. ما هي ليلة القدر؟ و لماذا هي خير من ألف شهر؟
لنتامل جليا، لماذا استخدم الله تعالى اصطلاح "ألف شهر". لا بد من وجود مغزى خاص له لأن الله لا يستخدم كلمة او حرفا دون سبب او معنى و لكنني لم أجد أي تفسير لذلك في أي كتاب و لكن بعد التفكير و التامل حول هذه النقطة بالذات وصلت إلى نتائج معينة توضح مغزى "ألف شهر". ألف شهر تعادل 83 سنة و أربعة أشهر و هذه المدة هي المدة التي قضاها الشيخ أحمد الأحسائي و أتباعه أيضا سيد كاظم رشتي و تلاميذه في تحضير و إعداد المسلمين لظهور موعودهم المنتظر. طبقا لكتاب "المعجم البهائي الأساسي" ولد الشيخ أحمد في عام 1743م و توفي عام 1826م عن عمر يناهز الخامسة و الثمانين عاما، و إذا طرحنا 17 سنة من عمره و هي فترة طفولته و تعلمه فيكون الناتج 68 سنة و هي الفترة التي قضاها الشيخ أحمد في إعداد الناس ليوم الظهور (من 1760 حتى 1826م) و عندما توفي خلفه أحد تلاميذه و هو السيد كاظم الرشتي. و استمر السيد كاظم لمدة خمسة عشر عاماً مثل سلفه العظيم في تعليم الناس و تهيئتهم لظهور الموعود، و خلال هذه الفترة استطاع إن يجعل عددا كبيرا من تلاميذه مستعدين لقبول مطلع الأمر الإلهي القادم و قد توفي السيد كاظم الرشتي في 31 ديسمبر 1843م. و في 22 يناير 1844م رجع أحد تلاميذه الممتازين و هو الملا حسين إلى كربلاء من أصفهان و آخذ يشجع تلامذة السيد على الانتشار في جميع الجهات للبحث عن موعودهم و محبوبهم. و قد وصل الملا حسين نفسه إلى شيراز مساء يوم 222 من شهر أيار (ماي) عام 1844م. و خلال تلك الليلة الميمونة كان هو أول من آمن بالشخص الموعود. إن جميع فترات الشيخ احمد و السيد كاظم و الملا حسين قبل إعلان دعوة حضرة الباب يبلغ 83 سنة و أربعة أشهر كالتالي:
- الفترة التي أعد فيها الشيخ أحمد الناس:68 سنة
- الفترة التي درس و علم فيها السيد كاظم الناس 15 سنة.
- الفترة التي فيها رحل و بحث تلامذة السيد كاظم عن محبوبهم و مولاهم أي من 22 يناير إلى 22 مايو 1844م هي أربعة أشهر
المجموع 83 سنة و أربعة أشهر. و يسمي الذكر الحكيم هذه الفترة ألف شهر. إن نتيجة كل هذه الآلام التي احتملت و الجهود التي بذلت خلال الألف شهر هي ظهور السيد علي محمد الباب في ليلة القدر.

أما بالنسبة لذكر نزول الملائكة و الروح في ليلة القدر فإن كلمة ملائكة تعني ملائكة الإلهام و الوحي و كلمة الروح تعني الظهور السماوي و قد جاء في موضع آخر من القرآن الكريم بأن الملائكة و الروح سيصطفون معا و سوف لن يتكلم أحد دون أن يأذن له الله
: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا {سورة النبأ آية 38}
و وردت كلم الروح بمعنى الوحي الإلهي في عدة مواضع
: أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {النحل/1} يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ {النحل/2}
(
سورة النحل آيات 1-2) و هنا إشارة واضحة على الأمر الإلهي الجديد واقع و أن الوحي سيستمر و سينزل على من يشاء من عباده. و في موضع آخر: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء/192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {الشعراء/193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {الشعراء/194} (سورة الشعراء آيات 192-194) و هنا إشارة لنزول روح الوحي الأمين على الرسول (صلعم) بالقرآن الكريم على الرسول المصطفى الكريم ليكون نذيرا لما سيأتي من بعده. و جاء في موضع آخر: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ {غافر/15} (سورة غافر آية 15) في إشارة تؤكد أن الله يصطفي من يشاء من عباده ليلقي عليه روح الوحي.
و بناء على ذلك فليلة القدر هي ليلة نزول الوحي و ستشهد هذه الليلة المجيدة نزول الوحي والفيوضات الإلهية من سماء الوحي في تلك الليلة التي لا يعرف احد مدى قيمتها و عظمتها سوى الله تعالى و من اصطفاهم من عباده
.
الشيخ أحمد الإحسائي) و خليفته(كاظم الرشتي.) و تلميذه الملا حسين علموا و اعدوا الناس لاستقبال الظهور القادم لمدة ألف شهر أو 83 سنة و أربعة أشهر. و في النهاية تشرف الملا حسين بمحضر حضرة الباب و قبل دعوته في ليلة 23 مايو (أيار) من عام 1844م و ذلك بعد ساعتين و إحدى عشر دقيقة من غروب الشمس و أعلن بأنه هو المهدي الموعود الذي انتظره الناس لمدة ألف سنة و في تلك الليلة المباركة انزل حضرة الباب كتاب "أحسن القصص" و استمر في محادثته مع الملا حسين و انزل عدة آيات له طيلة تلك الليلة و عندما إذن مؤذن لصلاة الفجر من مسجد قريب سمح حضرة الباب للملا حسين بالعودة إلى أصحابه. و كل إنسان منصف يستطيع إن يرى مدى وضوح الآيات المذكورة في التنبؤ بظهور حضرة الباب في القرآن الكريم.

ليلة القدر هي ليلة ميلاد هذا الظهور المبارك
في لوح طبيب بعنوان "قد ذكر ذكره لدى الوجه" مخاطباً لباقر يتفضل حضرة بهاءالله جلّ شأنه:

"وأمّا ما سئل في ليلة القدر قل قد ظهر يوم الأعظم وطافت حوله ليلة القدر بعد الذي أظهرناها وزيّناها بطراز إسمنا المنيع، لمّا قضت لا ينبغي ذكرها تمسّك بيوم الأعظم الذي فيه تجلّى الله على كل الأشياء إنّ ربّك لهو الحاكم على ما يريد، قد فسّرها مَن بشّر الناس بظهوري إنها زُيِّنت بما نزلت فيها الهاء التي انشعبت منها بحور الأسماء أن اعرف وكن من الشاكرين. في ظاهر الظاهر إنها ليلة فيها وُلد محبوب العالمين ونزل ذكرها في لوح الذي زيّناه بهذا الذكر العزيز البديع..."
("مائدة آسماني"، المجلد 1، الصفحة 7
)
في لوح لحضرة بهاءالله يتفضل بما يلي:

"الرؤوف الكريم الرحيم"
"أن يا ملأ الغيب والشهود أن افرحوا في أنفسكم ثم استبشروا في ذواتكم بما ظهر ليلُ الذي فيه حُشرت الأكوار ودُوِّرت الأدوار وبُعثت الليالي والأنهار وميقات الأمر من لدن مقتدر قدير... وهذه ليلةٌ قد فُتحت فيها أبواب الجنان وسُدّت أبواب النيران وظهر رضوان الرحمن في قطب الأكوان... فيا بشرى لهذا الليل الذي استضاء منه كلّ الأيام ولا يعقل ذلك إلاّ كلّ موقن بصير. وقد طافت في حوله ليالي القَدْر ونُزِّلت فيه الملائكة والروح بأباريق الكوثر والتسنيم... وفيه تزلزلت أركان الجبت وسقط الصنم الأعظم على وجه التراب وانعدمت أركان الشرور وناحت المَنَاتُ في نفسها ثم انكسر ظهر العُزّى وظل وجهه مُسودّاً بما طلع فجر الظهور وفيه ظهرت ما قرّت به عيون العظمة والجلال ثم عيون النبييّن والمرسلين فيا حبّذا لهذا الفجر الذي ظهر بالحق عن مطلع عزٍّ منير... فيا حبّذا من هذا الفجر الذي فيه استوى جمال القِدم على عرش اسمه الأعظم العظيم وفيه وُلد من لم يلد ولم يولد فطوبى لمن يتغمّس في بحر المعاني من هذا البيان ويصل إلى لئالئ العلم والحكمة التي كُنزت في كلمات الله الملك المتعالي المقتدر القدير. فيا حبّذا لمن يعرف ويكون من العارفين. قل هذا فجرٌ نزلت فيه قبائل ملأ الفردوس ثم ملائكة القدس... قل هذا فجرٌ فيه غُرست شجرة الأعظم... قل هذا فجرٌ فيه ظهر كينونة المكنون وغيب المخزون وفيه أخذ جمال القدم كأس البقاء بأنامل البهاء وسقى أولاً بنفسه ثم أنفقه على ملأ الإنشاء... فيا حبّذا من هذه السدرة التي ارتفعت بالحق ليستظل في ظلّها العالمين. أن يا قلم الأعلى فامسك زمامك تالله الحق لو تنطق وتذكر نغمات الأثمار من شجرة الله لَتَبْقى وحيداً في الأرض لأن الناس كلّهم يَفِرُّنَ عن حولك... فيا حبّذا من أسرار التي لن يقدر أن يحملها أحد إلاّ الله الملك العزيز الجميل
..."
(رسالة الأيام التسعة الصفحات 48-53)
ومن لوح آخر بخصوص ميلاد حضرة بهاءالله:

"هو الله"
"أن يا معشر العشّاق تالله هذه لليلة ما ظهر مثلها في الإمكان... ثم نادى الله عن خلف سرادق القدس والإحسان بأنَّ هذه لليلةٌ وُلدت فيها حقيقة الرحمن... قل هذه لليلةٌ قُدِّر فيها مقادير الجود والفضل... قل يا ملأ العُشّاق قد أشرق جمال المعشوق من غير حجاب وقمصان... قد طلع جمال المحبوب عن أفق القدس... وقد ظهرت الحجة والبرهان بما قامت القيامة بقيام الله بمظهر نفسه القِدْمان... وَلَجَتِ الأدوار وتلجلجت الأكوار وتبهّجت الأنوار بما تجلّى الله على كلّ دوحةٍ ذات أفنان... تالله قد خُرقت الحُجبات وحُرقت السُّبُحات وكُشفت الدلالات ورُفعت الإشارات من ذي قدرة وقَدْران وإن هذا لفضلٌ من الله العلي المنّان
..."
(رسالة الأيام التسعة، الصفحات 55-58)

"يا ليلة القدس ، عليك من التحيات اكملها وابهاها ومن الصلوات اطيبها وازكاها ، يا قرة عين الابداع وغرّة ايام الله ومطلع العصر الاعز الاكرم ومبدأ القرن المبارك الافخم ، بحلولك فتح باب الاعظم على وجه العالم وظهر السر الاكتم وسطع النور الاقدم وامتد الصراط الاقوم وعبقت روائح الروح على كل الامم . بذكرك استفرح الخليل فى قلبه واستبشر الكليم فى ذاته و استجذب الروح بكليته ، واهتز الحبيب طربا فى نفسه ، وسبّح وهلل اهل ملا العالين من الكروبين والقديسين والملائكة المقربين . بكِِِ انارت الارضون والسموات ، وفيك بعثت الليالى ومنكِ استضاء الايام وحولك طافت ليلة القدر وبظهورك ابتسم ثغر الوجود وتشهق طاووس الاحديه فى قطب الجنان ودلع ديك العرش حول حرم الكبرياء وتموج البحر الاحمر وظهر جمال الورد وكشف النقاب عن جمال المعشوق بشأن تحيرت افئدة النبيين والمرسلين . طوبى الف طوبى لمن َعرف شأنك وحفظ حرمتك وشهد آثارك واستفاض من فيوضاتك وافتخر باسرارك و اقرّ واعترف بسلطانك ومقامك المتعظم المتعزز المتعالى المشعشع المقدس الباذخ الفريد.


ولنا لقاء آخر وليلة الليالى-ليلة القدر-----فانتظرونا بعد أيامٍ قليلةٍ.........
Powered By Blogger