Sunday, November 18, 2007

من اللئالئ البهائية فى المعانى الإلهية

(في تعميد حضرة المسيح)

ورد في انجيل متى في الاصحاح الثالث في الاية الثالثة عشر(حينئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليتعمد منه ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتي الي فأجاب يسوع وقال له اسمح الان لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر حينئذ سمح له 0
سؤال:فما احتياج حضرة المسيح الى غسل التعميد مع وجود كماله الذاتي وماهي الحكمة في ذلك؟

الجواب: اصل التعميد هو غسل التوبة وكان حضرة يوحنا ينصح النفوس ويوصيهم ويتوبهم ثم يعمدهم0اذا صار من الواضح ان الغسل رمز للتوبة من جميع الذنوب يعني اي رب كما تطهر جسمي وتقدس عن الاوساخ البدنيه كذلك طهر روحي وقدسها من اوساخ عالم الطبيعة
ومما لايليق بباب احديتك0 فالتوبة رجوع عن العصيان الى الطاعة فيتوب الانسان ويغتسل بعد البعد والحرمان اذا فهذا الغسل رمز يعني اي رب طهر قلبي وطيبه وزكيه وقدسه عن حب ماسواك0
ولما اراد المسيح اجراء سنة يوحنا هذه بين العموم في ذلك الزمان تعمد حضرته ليكون سببا في تيقظ الخلق وليكمل الناموس(اي الشريعة السابقة)والتعميد وان كان سنة يوحنا الا انه كان في الحقيقة غسل التوبة وكان جاريا في الشرئع الالهية وما كان المسيح محتاج لغسل التعميد غير انه لما كان هذا العمل مقبولا ممدوحا في ذلك الزمان وعنوان بشارة الملكوت اجراه حضرة المسيح ولكنه تفضل وقال فيما بعد(ليس التعميد بالماء العنصري بل يجب ان يكون التعميد بالماء والروح)وقال في موضع اخر(ان التعميد بالروح والنار)وليس المقصود بالماء هنا الماء العنصري لانه يصرح في موضع اخر(التعميد بالروح والنار)ومن هنا يعلم انه ليس الغرض من النار والناء العنصريين لان التعميد بالنار محال0اذا فالروح فيض الهي والماء علم وحياة والنار محبة النار بمعنى ان الماء العنصري لايكون سبب طهارة قلب الانسان بل يطهر جسمه فقط ولكن الماء السماوي والروح التي هي علم وحياة تطيب قلب الانسان وتطهره يعني ان القلب الذي ياخذ نصيبه من فيض روح القدس ويتقدس به يصير قلبا طيبا طاهرا 0
المقصود تطهير حقيقة الانسان وتقديسها من اوساخ عالم الطبيعة كالغضب والشهوة وحب الدنيا والتكبر والكذب والنفاق والتزوير وحب الذات وامثالها من الصفات القبيحة0 ولا سبيل لنجاة الانسان من حكم النفس والهوى الا بتأييدات فيض روح القدس كما يقول(من الواجب اللازم التعميد بالروح والماء والنار) ويعني بالروح الفيض الالهي وبالماء العلم والحياة وبالنار محبة الله ويجب ان يتعمد الانسان بالروح والماء والنار ليستفيض من الفيض الابدي 0والا فما ثمرة التعميد بالماء العنصري ولكن التعميد بالماء كان رمزا للتوبة والاستغفار من الخطايا والذنوب ولا لزوم لهذا الرمز في دور الجمال المبارك لان حقيقته التي هي التعميد بالروح ومحبة الله امر محقق ومقرر0


(ضرورة التعميد)
(وهل هو موافق ولازم ام لا)

سؤال: هل غسل التعميد موافق ولازم ام لا؟ فان كان موافقا ولازما كيف نسخ وان لم يكن كذلك فكيف اجراه يوحنا؟
الجواب: ان تطور الزمان وتغير الاحوال من اللوازم الذاتية للممكنات ولا انفكاك للزوم الذاتي عن حقيقة الاشياء ومثلا ان انفكاك الحرارة عن النار والرطوبة عن الماء والشعاع عن الشمس ممتنعا محال لان هذه لوازم ذاتية وحيث ان تغير الاحوال وتبدلها من اللوازم الذاتية للممكنات فكذلك تتبدل الاحكام ايضا تبعا لتغيرات الزمان ومثلا كانت الشريعة الموسوية في زمن حضرة موسى مناسبة لمقتضى الحال ولما تغيرت تلك الحال وتبدلت في زمن حضرة المسيح نسخت تلك الشريعة لانها اصبحت غير مناسبة ولا موفقة للعالم الانساني فأبطل حضرة الروح حكم السبت وحرم الطلاق ومن بعد حضرته حلل اربعة من الحواريين منهم بطرس وبولس لحم الحيوانات المحرمة في التوارة ماعدا لحم المنخنقة والدم وقرابين الاصنام ورنا وابقوا هذه الاحكام الاربعة ثم حلل بولص الدم والمنخنقة وذبائح الاصنام وابقى تحريم الرنا كما كتب في رسالته الى اهل رومية في الاصحاح 14 الاية14(اني عالم ومتيق في الرب يسوع ان ليس شئ نجسا بذاته الا من يحسب شيئا نجسا فله هو نجس ) وكذلك ذكر في الاية15 من الاصحاح الاول من رسالة بولس الرسول الى طيطوس ( كل شئ طاهر للطاهرين واما للنجسين وغير المؤمنين فليس شئ طاهرا بل قد تنجس ذهنهم ايضا وضميرهم) فكان هذا النسخ والتغيير والتبديل لان عصر المسيح كان مغايرا لعصر موسى بل لان الاحوال ومقتضاياتها قد تغيرت بالكلية ولذا نسخت كل الاحكام0 وحيث ان عالم الوجود بمثابة انسان وانبياء الله ورسله هم اطباؤه الحاذقون0ولا يبقى شخص الانسان على حالة واحدة بل تعتريه الامراض المختلفة ولكل مرض علاج مخصوص 0اذا فالطبيب الحاذق لا يعالج كل العلل والامراض بوسيلة واحدة بل يغير في العلاج والادوية بما يناسب الاحوال ومختلف الامراض0 فاذا اصيب هذا الشخص بحمى شديدة يضطر الطبيب الحاذق الى اعطائه ادوية باردة 0 واذا انقلب مزاج هذا الشخص في وقت اخر وتبدلت الحرارة بالبرودة يضطر الطبيب الحاذق الى استبدال الادوية الباردة بأدوية حارة 0وهذا التغيير والتبديل من مقتضيات حال المريض0ودليل جليل على حذق الطبيب0فانظروا مثلا هل من الممكن اجراء شريعة التوارة في هذا العصر والاوان لا والله 0 هذا مستحيل ومحال0اذا من الضروري ان تنسخ شريعة التوارة هذه في زمن المسيح ثم انظروا الى ان غسل التعميد في زمن يوحنا المعمدان فانه كان سبب تذكر النفوس وتنببها حتى يتوبوا من جميع المعاصي وينتظروا ظهور ملكوت المسيح0اما في هذه الايام فالكاثوليك والارثوذوكس بآسيا يعمدون الاطفال الرضع في الماء المخلوط بزيت الزيتون حتى ان بعض الاطفال يمرض من هذا العمل المتعب ويرتعشون في وقت التعميد ويضطربون وبعض القسس في جهات اخرى يرشون مياه التعميد على الجباه وليس للاطفال احساس روحاني من العمل الاول ولا من العمل الثاني باي وجه من الوجوه0اذا فما فائدة هذا العمل0 بل ان سائر الملل يتعجبون ويندهشون قائلين :لماذا يغطسون هؤلاء الاطفال الرضع في هذا الماء 0فلا هو تنبه الطفل ولا هو سبب ايمانه ولا خو سبب تيقظه بل هو مجرد عادة يجرونها0
اما في زمن يوحنا المعمدان فلم يكن هكذا بل كان حضرة يوحنا ينصح النفوس اولا ويدلهم على التوبة من الخطايا والذنوب ثم يشوقهم لانتظار ظهور المسيح وكان كل نفس عندما تغتسل غسل التعميد تتوب من الذنب بنهاية التضرع والخشوع وتطهر جسدها من الاوساخ الظاهرية ايضا وكانوا بالليل والنهار ينتظرون ظهور المسيح والدخول في ملكوت روح الله انا بعد ان بكمال الاشتياق0 والخلاصة ان تغير الاحوال وتبدل مقتضيات القرون والاعصار سبب لنسخ الشرائع لانه يأتي زمان تكون تلك الاحكام غير موافقة ولا مطابقة للاحوال فانظروا كم من تفاوت بين مقتضيات القرون الاولى والقرون الوسطى والقرون الاخيرة0فهل من الممكن الان اجراء احكام القرون الاولى في هذا القرن الاخير من الواضح ان ذلك ممتنع محال وكذلك لا تكون مقتضيات القرون الحالية موافقة للقرون الاتية بعد مضي قرون عديدة0 بل لابد من التغيير والتبديل فالاحكام في اوروبا في تغيير و تبديل متواصل فكم من احكام كثيرة كانت موجودة في قوانين اوروبا ونظمها في تالسنين السابقة قد نسخت الان 0فهذا التغيير والتبديل انما جاء من تغير الافكا وتبدل الاحوال والاطوار0وبدون ذلك تختل سعادة عالم البشر مثلا:من احكام التوراة حكم القتل لمن كسر السبت بل في التوراة عشرة احكام للقتل فهل من الممكن اجراء تلك الاحكام في هذه القرون0
من الواضح ان هذا ممتنع محال 0لهذا تغيرت وتبدلت وتغيير الاحكام وتبديلها دليل كاف على الحكمة البالغة الالهية0 فيلزم امعان النظر في هذه المسائل لان السبب واضح لائح طوبى للمتفكرين0

(ما المراد من الخبز والخمر)
(سؤال)
يقول حضرة المسيح
( اني انا الخبز الذي نزل من السماء
ان اكل احد من هذا الخبز يحيا الى الابد)
فما المقصود من هذا البيان؟
(الجواب)

المقصود من هذا الخبز هو المائدة السماوية والكمالات الالهية يعني ان كل من يتناول من هذه المائدة اي يكتسب من الفيوضات الالهية ويقتبس من الانوار الرحمانية ويأخذ نصيبا من كمالاتي يحيا حياة ابدية 0
والمقصود من الدم ايضا هو روح الحياة وتلك هي الكمالات الالهية والجلوة الربانيةوالفيض الصمداني لان جميع اجزاء بدن الانسان بواسطة جريان دورته تكتسب المادة الحيوية من الدم0يقول في اية 26 من الاصحاح6من انجيل يوحنا(اقول لكم انتم تطلبونني ليس لانكم رأيت ايات بل لانكم اكلتم من الخبز فشبعتم )ومن الواضح ان الخبز الذي اكله الحواريون فشبعوا منه هو الفيوضات السماوية لانه يقول في اية 33 من الفصل المذكور(لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم) ومعلوم ان جسد المسيح لم ينزل من السماء بل نزل من رحم مريم وكل ما نزل من السماء الالهية هو روح المسيح 0 ولما ظن اليهود ان حضرته يقصد الجسد اعترضوا عليه كما ورد في الاية42من الاصحاح المذكور اذ قالوا(اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي كنا عارفون بابيه وامه فكيف يقول هذا اني نزلت من السماء) فانظروا كيف اتضح ان مقصد حضرة المسيح من الخبر السماوي هو روح حضرته وفيوضاته وكمالاته وتعاليمه كما يبين في اية 63 من الفصل المذكور(الروح هو الذي يحيا اما الجسد فلا يفيد شيئا)اذا اتضح ان روح المسيح كانت نعمة سماوية نازلة من السماء وكل من يستفيض من هذه الروح يعني يأخذ من التعاليم السماوية يجد حياة ابدية لذا يقول في الاية 35 منه(فقال لهم يسوع انا هو خبز الحياة من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش ابدا) فلاحظوا كيف انه يوضح الاكل بالاقبال والشرب بالايمان0 اذا صار من الواضح المحقق ان المائدة السماوية والفيوضات الرحمانية والتجليات الروحية والتعاليم السماوية والمعاني الكلية هي حضرة المسيح0والا كل عبارة عن الاقبال والشرب كناية عن الايمان حيث كان لحضرته جسد عنصري وهيكل سماوي فالجسد العنصري صلب واما الهيكل السماوي فحي باق وسبب الحياة الابدية الجسد العنصري كان طبيعة بشرية والعنصر السماوي كان طبيعة رحمانية:سبحان الله قد يتصور البعض بان خبز القربان هو حقيقة حضرة المسيح حل فيه اللاهوت وروح القدس مع انه عندما يتناول القربان يصير فاسدا ويتغير بالكلية بعد عدة دقائق فكيف يمكن اذا تصورهم كهذا0استغفر الله عن هذا الوهم العظيم0
وخلاصة المقال
: ان بظهور حضرة المسيح انتشرت تعاليمه المقدسة التي هي الفيض الابدي وسطعت انوار الهداية وبذلت روح الحياة للحقائق الانسانية فكل من اهتدى صار حيا ومن ضل مات موتا ابديا 0وذلك الخبز النازل من السماء هو الهيكل الملكوتي لحضرة المسيح وعنصره الروحاني هو الذي تناول منه الحواريون ففازوا بالحياة الابدية وقد تناول الحواريون من يد حضرة المسيح اطعمة كثيرة فلماذا امتاز العشاء الرباني0اذا صار من المعلوم انه ليس المراد من الخبز السماوي الخبز العنصري بل المقصود منه المائدة الالهية والهيكل الروحاني لحضرة المسيح وهي تلك الفيوضات الربانية والكمالات الرحمانية التي اخذ الحواريون منها نصيبا حتى شبعوا وكذلك لاحظوا لما ان بارك حضرة المسيح الخبز وقال هذا جسدي ووهبه للحواريين كان حضرته موجودا بينهم بشخصه وذاته وما استحال الى خبز وخمر ولو استحال الى خبز وخمر لوجب بعد هذا ان لا يكون حضرة المسيح مجسما ولا مشخصا ولا معينا عند الحواريين في ذلك الوقت0
اذا اتضح ان الخبز والخمر رمزان ارادا بهما ان يقول اعطيت لكم فيوضاتي وكمالاتي وحيث انكم استفضتم منها فقد وجدتم حياة ابدية وفزتم بحظ من المائدة السماوية0







2 comments:

goodman said...

اول مرة ازورك
ولن تكون الاخيرة اذ لم تمانعى
اول مرة اقرا لشخص بهائى
اتمنى ان نكون على تواصل

http://thedayunique.blogspot.com/ said...

goodman عزيزى
أكيد لن أمانع فى زيارتك بل أسعدتنى بها وأتمنى أن لا تكون الأخيرة بل بداية لتواجدك على صفحاتى وبين سطورى-سعيدة بك وأهلاً بك دائماً-ربما قرأت عن البهائية ولكن من كتب ضد البهائية أتمنى أن تصلك المعلومة الصحيحة من منبعها وأصلها.
تحياتى لك ودائماً فى انتظارك
راندا

Powered By Blogger