Wednesday, February 13, 2008

المقصود من كلمة الملائكة فى سورة المدثر

معنى الملائكة في الآية الكريمة النازلة في سورة المدثر
{ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا }
أن لفظ الملك واحد الملائكة والملائكة في اللغة العربية توافق لفظًا ومعنى ما في اللغة العبرانية حيث أنها مأخوذة من الأصل السامي الذ منه اشتقت اللغات السريانية والعبرانية والعربية والآشورية والكلدانية وهو يفيد معنى المالكية والاستيلاء على شيء فكما أنه أطلق لفظ الملك والملائكة في الكلمات النبوية المحفوظة في الكتب السماية على النفوس القدسية والأئمة الهداة لخلعهم ثياب البشرية وتخلقهم بالأخلاق الروحانية الملكوتية فملكوا زمام الهداية وصاروا ملوك ممالك الولاية كأهنم أعطوا سلطة مطلقة في سعادة الناس وشقاوتهم وهدايتهم وضلالتهم وهذا هو معنى الولاية المطلقة التي جاءت في الأخبار ولذا سمي سيد الأبرار وأمير الأبراربقيم الجنة والنار كذلك أطلق هذا اللفظ في الكلمات النبوية على رؤساء الأشرار وأئمة الضلال حيث أنهم قادة الفجّار يقودونهم إلى النار ولذا أطلق عليهم لفظ الملائكة كما أنه أطلق عليهم لفظ الأئمة في قوله تعالى { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } وفي الكتب المقدسة العتيقة أيضًا أطلق لفظ الملاك والملائكة عليهم كما جاء في سفر الرؤية في الإصحاح التاسع بعد إخباره عن ظهور الخلافة الجائرة الأموية والمملكة العضوضية المروانية في الدورة الإسلامية بقوله ( ولها ملاك الهاوية ملكًا عليها اسمه بالعبرانية ابدون وباليونانية ابوليون ) وهذا على حسب الترجمة البروتستانتية * واما على حسب ترجمة اللاتينيين أي الكاثوليك فهكذا ( ولها ملاك وهو ملاك الهاوية اسمه بالعبرانية ابدون وباليونانية ابوليون أي مهلك ) والمقصود هم أئمة الضلال ورؤساء تلك الخلافة الظالمة التي أساءت سياسة الأمة الإسلامية حتى أدت أخرتها إلى الذل والهوان والتهلكة والخسران كما تراه وتعلمه بالمشاهدة والعيان والله تعالى أعلم بما ينتهي إليه عاقبة تلك الأمة الأسيفة والملة الغافلة من غلبة أعداءهم وسوء نية رؤسائهم وجهل أوليائهم وتخاذلهم وخمولهم وغفلتهم وذهولهم مما يبكي العيون ويثير الشجون ويدمي القلوب ويهيج الكروب فلنترك هذا الذكر المحزن والأمر المشجي المشجن ولنرجع إلى ما كنا نتكلم فيه فإن داء هذه الأمة داء أعي كل نبيه وعز دواؤه على كل فطن * وجاء في الآية السابعة من الإصحاح الثاني عشر من هذا السفر أيضًا ( وحدث حرب في السماء ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وملائكته ولم يقودوا فلم يوجد بعد ذلك مكانهم في السماء فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته . )
والمقصود بميخائيل هو مظهر أمر الله وبالملائكة أوليائه وأحبائه كما أن المقصود من التنين العظيم والحية القديمة أو الشيطان وملائكته هم رؤساء الظلم وأئمة الضلال وأتباعهم وأشياعهم لأنه روح الضلالة تجلت وظهرت باسم الخلافة الجائرة والملك المعضوض حيث أن رؤساءها قاوموا المظاهر المقدسة وحاربوا العترة النبوية حتى أودت بالأمة الأسيفة إلى الهلاكة الأبدية والذلة الدائمة * أن الديانات كلها أبواب للدخول في جنة رضاء الله تعالى أو أن تشريعها وظهورها كذلك تصير أبوابًا للدخول في جهنم بسخط الله حين نسخها وتغييرها مثلا كما أن الديانة الموسوية وشريعة التوراة كانت بابا للجنة ودخلت منها نفوس كثيرة في حوزة رضاء الله كذلك عين هذه الديانة صارت بابًا لجهنم في ظهور سيدنا عيسى عليه السلام فدخلت منها نفوس كثيرة في نار سخط الله لان اليهود بسبها أنكروا روح الله وخالفوا أمر الله وكذلك الديانة النصرانية كما أن في أول تشريعها دخلت نفوس كثيرة في النار لان النصارى بسببها أنكروا رسول الله وكذّبوا نبي الله ودخلوا في نار سخط الله وهكذا سائر الأديان في سائر الأديان في سائر الأزمان وكما أن الباب صح إطلاقه على الديانات لانها أبواب دخول الخلق في جنة الرضا كذلك أطلق في الكلمات على الأنبياء وكبار الأنبياء بمناسبة المعنى الذي ذكرناه ولذا جاء في زيارة الجامعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام هذه العبارة ( أنتم باب الله المؤتى والمأخوذ عنه )
وإليه أشير في الآية الكريمة { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه رحمة وظاهره من قبله العذاب } فالمراد بملائكة النار في الآية المباركة هو هذه الرجال من أصحاب الدجال وأئمة الضلال. واما في هذا الدور الحميد والكور المجيد فعدوا أبواب النار ثلاثة وهؤلاء أيضًا ملائكة الجحيم وقادة أصحاب الشمال إلى العذاب الأليم وعلو مقامهم وسمو مراكزهم صار سبب افتتان الجهال وإضلال أصحاب الشمال كما يدلك عليه قوله تعالى
{ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب } وفي كل دور وزمان توجد لكلمات الله تعالى مصاديق يعرفها أهل الإيمان وحملة القرآن ومخازن الحكمة ومطالع البيان حيث أن روحي الهداية والضلالة دائمًا ساريتان في الخلق وينبوع الكفر والإيمان تجريان بين نوع الإنسان في طول الأزمان وليس لظهور الله حد محدود وميعاد مخصوص فإنه جلّت قدرته ناظر دائمًا في قلوب عباده وأفئدة خلقه فإذا رأى فيها استعدادًا للقوب والإقبال يظهر الأمر في الحال فلابد أن تكون مصاديق كلماته موجودة في كل الأزمان وأبواب الجنة مفتوحة في جميع الأحيان * ( أبو الفضل كليايكاني الإيراني )
وذلك في 30 من شهر شوال المكرم سنة 1318

No comments:

Powered By Blogger