الفضائل التي يتحلى بها
قلب
الإنسان
·
التواضع والخضوع ـــــ أي التنزيه
من الاعتزاز بالنفس. عندما نعتقد بأننا نعلم ثم نصل إلى قناعة بأننا نعلم فبهذا
التفكير نوصد باب المعرفة على قلوبنا. إن المعرفة هدية ثمينة من عند الله فإذا لم
تُتَوِّج بالتواضع فإنها تؤدي إلى الغرور. وتقوم بخدمة مناقضة للغرض المنشود منها.
قد يتحول جسر المعرفة إلى جدار يصد المرء عن الوصول للحقيقة. وكما تعلمون فقد تم
الإعراض عن رسالة سيدنا محمد والسيد المسيح عليهما السلام من قبل بعض أعاظم القادة
الدينيين والعلماء في عصرهم.
·
عطش المعرفة ـــــ أي الرغبة
في التطور والتعلم والبحث عن المعرفة الجديدة. فهل سيهدي الله من يقيد نفسه بطوق الجهل
والتمسك بالتقاليد.
·
طهارة القلب ـــــ من
التعصب والرغبات النفسية والأمور الدنيوية والملذات والظلم والجشع وغيرها من الصفات
التي تمس بطهارتها
. فلا يسكن
الله قلباً وروحاً دنسهم اللوث والفساد.
·
الحرية الروحانية ــــــ الانقطاع
من العلوم السابقة والتحرر من الاعتماد على "المعتقدات الموروثة "
وتأثير أصحاب السلطة من الكهنة والحاخامات والمجتهدين والأئمة فضلاً عن الوالدين.
إن القرآن يدين مراراً أولئك المؤمنين من أتباع أيِ ديانةٍ من الديانات الذين
يتبعون طريقاً معيناً لأنه سبيل آبائهم ومسلكهم.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا
مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا
أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ. سورة
2, آية: 170
قَالُواْ أَجِئْتَنَا
لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا
الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ؟ سورة 10, آية: 78
أنظر أيضاً سورة 5, آية: 104
والآيات 11, 62, 87
فهل يمكن للمرء أن يقول لقادة دينه
في يوم الحساب : إنَّا كنَّا لكم في الدنيا أتباعاً, نأتمر بأمركم, فهل أنتم
-اليوم- دافعون عنا من عذاب الله شيئاً كما كنتم تعدوننا؟ أو ربما يلتمس حجة متابعته
لدين وعقيدة آبائه. لنقرأ سوياً الآيات التالية من القرآن الكريم :
وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً
فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً
فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ
هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا
لَنَا مِن مَّحِيصٍ. وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ
وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ
عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ
تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ
بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ
الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. سورة 14, آية: 21, 22
أنظروا أيضاً سورة 28, آية: 63
لماذا أخفق الكثير من اليهود والنصارى من معرفة جوهر
المصدر الرباني عندما أتى به سيدنا محمد؟ إن الخطأ الذي وقعوا فيه نتيجة اتِّباعِهم
لعلمائهم الذين أضلوهم السبيل قد يحدث لأي فرد, فعلى المرء أن يتعقل ويتدبر لكي يصل
إلى الحقيقة باتباع ما يلي:
·
الاعتماد على الله والاستمرار في الدعاء
طلباً لهدايته
ــــــ تُصرِّح كثير من الآيات القرآنية بأنه ما كان لنفس أن تؤمن بالله إلا بإذنه
وتوفيقه كما قال تعالى:
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ
إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ. سورة 10, آية: 100
وإن المقصود من الدعاء هو أن
نسأل الله بأن نكون لائقين لمعرفته والحضور أمامه.
·
جهاد النفس بالتأمل في آيات الله والدعاء ــــــ يبيِّن
القرآن الكريم كيف يهدي الله المرء إلى سبيل الخير.
وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ. سورة 29, آية: 69
فضائل العقل
يطلب منّا
القرآن مراراً أن نفكر ونتدبر ونتمعن ونتأمل لكي نصل إلى الحقيقة قبل اتخاذ أي
قرار. تأمل الكلمات التالية :
إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ........ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ......... لِّقَوْمٍ
يَذَّكَّرُونَ. سورة 16, الآيات:
11- 13
ماذا توحي الفضائل
السابقة ؟
·
التفكر و يتطلب : التحليل
والتعمق والتأمل.
·
المعرفة و تتطلب: المنطق
والاعتماد على الأدلة وعدم تشويه الحقائق.
·
الوعي : أي أن نتذكر بأن الطريق
إلى حسن الخاتمة يعتمد على كيفية تدبرنا فيما نفكر فيه ومن ثم القرارات التي
نتخذها حيال ذلك في حياتنا. وكذلك على مقدار ما نملك من رؤية وبصيرة لعواقب
الأمور. أولئك الذين يجعلون النور الإلهي يدلّهم إلى الصراط المستقيم هم ممن
يتميزون بالوعي والإدراك السليم. وبذلك يستطيعون أن يروا الحقيقة :
أَفَمَن يَعْلَمُ
أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا
يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ. سورة 13, آية: 19
إن القرآن الكريم يشير مراراً إلى أولئك الذين
يتبعون "الفرضيات" و "الأوهام" و "الظنون" و "الإدعاءات"
دون علمٍ أو معرفة. فيبيِّن ذلك القرآن الكريم بقوله تعالى:
وَمَا يَتَّبِعُ
أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً
إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ. سورة 10, آية: 36
أنظر أيضاً آية سورة
10, آية: 66
على ضوء
القرآن الكريم نستطيع أن نعرِّف كلمة ظن بأنه اعتقاد قلما يكون أو حتى أنه غير
مبني على حقيقة أو واقع, ولكن الناس يقبلونه ويعيشون معه لانه أصبح مألوفاً لديهم.
هناك أمثلة على الأوهام والظنون والتخيلات عند المسيحيين كالآتي :
·
السيد المسيح هو المخلِّص الوحيد.
·
السيد المسيح هو الله والرسول معاً.
·
الله هو الواحد الأحد ولكنه مجسد
بالثالوث.
·
المسيحيون هم الذين يدخلون الجنة فقط.
هناك أمثلة
أخرى على الظنون والأوهام الشائعة بين المسيحيين حول الدين الإسلامي :
·
الإسلام ليس دين السلام بل هو دين حرب.
·
المسلمون عامة يتصفون بالعنف.
·
إن الله ليس هو الإله الذي يعبده
المسيحيون واليهود.
ماذا عن المسلمين؟ هل يحملون
في أذهانهم أوهاماً عن معتقدات الأديان الأخرى؟ إن القرآن الكريم يوضِّح ويزيل سوء
الفهم عن تلك الأديان. ولكن هناك أسئلة جديدة تتضمنها آياته مما تحتاج إلى تبيين
وتفسير لا يمكن حلها إلا عن طريق رسل الله في المستقبل. لقد تخيَّل المسلمون كأتباع
سائر الديانات وقبِلوا معتقدات معينة كحقائق تتنافى مع التعاليم الواضحة في القرآن
الكريم. نناقش الآن إثنين من تلك الأوهام التي يعتقد بها المسلمون :
·
حين يتخذ الشخص قراره في اختيار الدين
الذي يرغب في اعتناقه عليه الامتثال لآراء ومعتقدات رموز السلطة الدينية بدلاً من
استخدام ما وهبه الله سبحانه وتعالى من مواهب عديدة للتفكّر والتمعّن والتدّبر.
وقد أشار هذا الكتاب مراراً لهذا الوهم والانخداع وبيّن وكشف منطقه غير السليم.
·
إن المسلمين يعتبرون الإسلام هو آخر
الأديان ــــــ وهذا المفهوم هو في منتهى الخطورة وله عواقب جسيمة. فالآيات
الكريمة التي اقتُبِست تبين أن القرآن وهو موسوعة لمعرفة الروحانيات لم يظل صامتاً
بشأن هذه المسألة. ولكن كما هو واضح وجلي فقد لجأ المسلمون إلى كل تدبير أواستراتيجية
بارعة يمكن تصورها لإخفاء المعاني الحقيقية للقرآن الكريم وتغييرها. وتخيَّلوا بأن
الله بعد ارتقاء روح سيدنا محمد إلى الرفيق الأعلى قد بقى صامتاً وترك البشرية
تقرر مصيرها بنفسها دون هداية إلهية.
من الذي قام بزرع بذرة الوهم
والظن وهي أن كلمة خاتم تعني آخِر ثم غذاها وترعرعت في نفوس المسلمين. إنهم
العلماء ورموز السلطة الدينية لأنهم بهذا الادعاء أعطوا مكانة مميزة لدين الإسلام
أمام الأديان الأخرى. وبالطبع أُعجِب بهذه الفكرة أتباعُ الدين فانتشرت هذه
العقيدة ( أن محمداً هو خاتم النبيين) بدرجة كبيرة مما أدى إلى هدم كل شاهد يثبت
عدم مصداقيتها. فتوقف الناس من التأمل والتفكير وإذا تجرأ أحد وطرح سؤالاً فلن يجد
رداً ويُطلَب منه السكوت. لأن العلماء قد فسّروا الكلمة بأهوائهم فكيف يتجرأ المسلم
أن يستخدم المنطق والعقل في فهم الآيات ويخالف كبار العلماء في هذا المعتَقَد؟
ولكن بتقدم
التكنولوجيا في هذا العصر لم تعد هناك أي قيود تمنع تواصل الإنسان مع ما يدور من
حوله. فبالإنترنيت يمكن أن يصل إلى هيكل المعلومات دون قيد أو شرط. ولم يعد على
المرء الخضوع للأجيال الماضية الذين قبلوا كل ما قيل لهم من قِبل الشيوخ على
المنبر. فأصبح يستطيع أن يبحث ويتأمل ويصل إلى الحقيقة بفكره والمنطق السليم.
َفبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ
فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ
هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ. سورة 39, آية: 17-18
لكي ننهي هذا الفصل دعونا نقوم
بطرح بعض الأسئلة :
·
كيف تلبي دعوة رسول جديد نزلت عليه الآيات
الإلهية في مجلدات عديدة بعظمة القرآن وجلاله؟
·
كيف تستجيب لرسول عظيم كعظمة موسى وعيسى
ومحمد عليهم السلام وتلبي دعوته ؟ هل تنكره لأن العالم الديني ـــ المجتهد أو
الإمام أو الشيخ قال بأنه لا رسول بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
لنقرأ العبارة
التالية من الأستاذ محمد أسعد أحد أبرز فقهاء القرآن. فهو يصرِّح التالي:
ــــ كان محمد
آخرالرسل تماماً كما يعين الختم نهاية الرسالة ـــــ 2
افترض الآن
أنك قبلت هذه الفكرة التي جاء بها الأستاذ محمد أسعد ورفضت الرسول الجديد والذي
أتى بكل الشواهد التي تدل على صدق دعوته وهو الكتاب كما كان حجةَ سيدنا محمد
لقومه. ثم يأتي يوم الحساب فيسألك الله تعالى لماذا أنكرت الرسول الجديد ورفضت
الحجج والعلامات التي دلت على عظمته كما ظهرت في الرسول محمد وباقي الرسل ؟ هل
ستكون إجابتك : كنت اعتقد بأن رؤساء الدين عرفوا الحقيقة وسوف يرشدونني إليها.
وإذا قيل لك لماذا لم تسمع وتفكِّر كما أخبرك القرآن الكريم حتى لا تكون من أصحاب
السعيرـــ سورة الملك آية 10ـــ وأن لا تعتمد على غيرك, فماذا ستكون إجابتك؟
فكِّر في هذه
الآية وتأمل في من يأتي بنبإ وتَبَيَّن الحقيقة:
أَفَمَن كَانَ
عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ
كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً .......... فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ
إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ.
سورة 11 آية: 17 , أنظر أيضاّ سورة 22, آية: 8 .
)من خاتم النبيين)
No comments:
Post a Comment