المقال الرابع من سلسلة مقالات تبيان
وبرهان
الروح شئ مستقل عن البدن
اما كون الروح شيئ مستقل بذاته
عن البدن فهذا هو مذهب الصحابة والتابعين وسلف الامة. انظر الى ما اورده العلامة
تقي الدين ابن تيمية في تفسيره سورة الاخلاص ص62 قال مانصه:
" مذهب الصحابة والتابعين
لهم باحسان وسائر سلف الامة وأئمة السنة ان الروح عين قائمة بنفسها تفارق البدن
وتنعم وتعذب ليست هي البدن ولا جزء من اجزائه" أ.هـ.
اما البدن فهو آله للروح تتوصل
بها الى مرادها ومقاصدها وهذا هو الامر الواقع ويدلك على ان الروح عين قائمة
بنفسها الامور الواقعية الاتيه
الاول – قال العلامة فخر الدين
ارازي في تفسير قوله تعالى ( والدبرات امراً) النازعات آية 5 ما نصه:
" ثم ان هذه الارواح
الشريفة العالية لا يبعد ان يكون فيها ما يكون لقوتها وشرفها يظهر منها آثاره في
احوال هذا العالم فهي المدبرات امراً، أليس ان الانسان قد يرى استاذه في المنام
فيسأله عن مشكلة فيرشده اليها . أليس ان الابن قد يرى اباه في المنام فيهديه الى
كنز مدفون. أليس ان جالينوس قال " كنت مريضاً فعجزت عن علاج نفسي فرأيت في
المنام واحداً ارشدني الى كيفية العلاج, أليس ان الغزالي قال " ان الارواح
الشريفة اذا فارقت ابدانها ثم اتفق انسان مشابه للانسان الاول في الروح والبدن
فانه لا يبعد ان يحصل للنفس المفارقة تعلق بهذا البدن حتى تصير كالمعاونة للنفس
المتعلقة بذلك البدن على اعمال الخير فتسمى تلك المعاونة الهاماً أ.هـ .".
ومثل هذه المنامات لا زالت
تتكرر في هذا العالم في مختلف الشعوب والاقطار التي يستحيل معها تواطؤ المخبرين
بها على الكذب وارشادات هؤلاء الموتى للاحياء فيما كانوا يجهلونه يدل بالبداهة على
ان الارواح عين قائمة بنفسها ليست هي البدن ولا جزء من اجزائه وكذلك الالهامات قد
تقع لبعض الناس في بعض الامور فتحل له معضلة كان يعجز عن حلها قبل ذلك. ويدل هذا
ايضاً على ان الارواح البشرية العالية المفارقة لابدانها تأثيراً على الارواح
البشرية التي لا زالت متعلقة بابدانها.
الثاني – ان بنية الانسان في
الذوبان والانحلال والتبدل حتى انه بعد مدة من الزمن وقد قيل بعد سبع سنين لا يبقى
من بدنه الذي كان قبل تلك المدة شيئ بينما الانسان يجد نفسه انه شيئ واحد باق من
اول عمره الى آخره والباقي مغاير للمتبدل. اذن الانسان شيئ مغاير للبدن وعين قائمة
بنفسها وما ذاك الا الروح. وهذه امور واقعية تشهد بان الروح عين قائمة بنفسها
تفارق البدن تنعم وتعذب ليست هي البدن ولا جزء من اجزائه .
ادلة نيل الانسان الثواب او
العقاب بعد موته مباشرة
واما نيل الانسان الثواب او
العقاب عقب موته مباشرة فاليك بعض ادلتها:
الدليل الاول – قال تعالى (
قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين وما
انزلنا على بنصرة من تخلفوا بعدهم وبنعمة الله وفضله عليهم في حين ان ابدانهم لم
تزل مقبورة,
عمار – قد تكون هذه الحياة خاصة بالشهداء فالآية هذه
صريحة فيهم والآية التي قبلها نزلت في حبيب النجار الذي قتله قومه بسبب ايمانه وهو
شهيد ايضاً.
زيد – الشهداء وغير الشهداء والمؤمنون وغير المؤمنين في
حكم واحد في نيلهم الثواب او العقاب بعد تخلي ارواحهم عن ابدانهم مباشرة واليك
دليلاً عاماً شاملاً لكافة الموتى :
الدليل الثالث – قال تعالى (
فاما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم واما ان كان من اصحاب اليمين فسلام
لك من اصحاب اليمين واما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصليه الجحيم)
الواقعة آية 88- 94 وهذه حالة الاموات جميعهم مؤمنهم وكافرهم قد قسموا الى ثلاثة
اقسام وقوله ( فاما ان كان من القربين فروح وريحان وجنة نعيم ذكر تعالى هذا الجزاء
بفاء التعقيب يعني ان هذا الروح والريحان وجنة نعيم يحصل لهذا الميت عقيب موته
مباشرة. ثم تلاها بقوله : ( وان كان من اصحاب اليمين فسلام لك من اصحاب اليمين)
والفاء للتعقيب ايضاً فاخبر انهم ارسلوا تحيتهم وسلامهم لمحمد صلى الله عليه وسلم او
للمخاطب لما هم فيه من فرح وسرور وغبطة بما نالوا من الثواب والاجر عقب موتهم
مباشرة ثم قال: (واما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم) بفاء
التعقيب كذلك اي انهم ينالون عقابهم عقيب موتهم مباشرة فينزلون نزلاً من حميم
ويصلون تصلية جحيم والآية قد عمت كافة الاموات مؤمنهم وكافرهم .
الدليل الرابع – قال تعالى (
ياايتها النفس المطمئتة ارجعي الى رك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )
الفجر آية 27-30 فترى انه سبحانه وتعالى خاطب النفس والنفس ههنا الروح كما قال
العلامة الراغب الاصفهاني في مفردات القرآن عند تكلمه عن النفس امرها سبحانه
وتعالى بالتخلي عن الجسم والرجوع اليه تعالى وهو كناية عن الموت المعروف ثم امرها
بان تدخل في عباده وفي جنته بفاء التعقيب وهذه الحالة حصلت لها عقيب تخليها عن
البدن ورجوعها الى ربها وقد حصل لها ثوابها بدخولها الجنة ودخولها في عباده .
الدليل الخامس - قال تعالى عن قوم نوح ( مما خطيئاتهم اغرقوا
فادخلوا ناراً) نوح آية 25 وفاء التعقيب يدلك على ان دهولهم النار كان عقيب غرقهم
مباشرة واما ادلة السنة النبوية فاليك بعضها ايضا :
ادلة السنة على وصول الثواب والعقاب
للانسان بعد موته مباشرة
الدليل الاول - روى البخاري بسنده عن عائشة " ر ض "
قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فانهم قد افضوا الي ما
قدموا) قال العلامة العيني في شرحه على هذا الحديث قد افضوا أي قد وصلوا الى جزاء
اعمالهم من الخير والشر. ا. هـ ز
فترى ان الرسول صلى الله عليه
وسلم يقول افضوا الي ما قدموا والعلامة العيني يقول " وصلوا الى جزاء اعمالهم
من الخير والشر" . وانت خبير انه حينما حدث الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا
الحديث لم تكن القيامة الموهومة المعروفة بين الناس قد قامت اذ ذاك واما جزاء
اعمالهم من الخير والشر فقد وصل اليهم. فلا جرم ان المجازاة والمكافأة تصل الى
الارواح خاصة دون الابدان وان وصول ذلك عقيب موتهم دون استبطاء.
الدليل الثاني – قال العلامة
السيوطي في كتابه " مبحث المعاد" اخرج البيهقي في البعث والطبراني بسند
جسن عن عبد الرحمن بن كعب إبن مالك قال " لما حضرت كعباً الوفاة أتته ام بشر
بنت البراء فقالت يا ابا عبد الرحمن ان لقيت كعباً فاقرأه مني السلام فقال لها
يغفر الله لك ياام بشر نحن اشغل من ذلك فقالت اما سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ان نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت ونسمة الكافر في سجين قال بلى
قالت فهو ذاك . أ.هـ.
الدليل الثالث – اخرج السيوطي
في كتابه " مبحث المعاد " ايضا قال " اخرج البيهقي في الدلائل وابن
ابي حاتم وابن مردوبه في تفسيرهما وغيرهم عن طريق ابي محمد الحماني عن ابن هرون
العبدي عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( واتيت بالمعراج الذي
تعرج عليه ارواح بني آدم فلم تر الخلائق احسن من المعراج ما رأيت الميت جين يشق
بصره طامحاً الى السماء فان ذلك اعجبه بالمعراج . فصعدت انا وجبريل فاستفتح باب
السماء فاذا انا بآدم تعرض عليه ارواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة
اجعلوها في عليين ثم تعرض عليه ارواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة
اجعلوها في سجين أ.هـ ,
الدليل الرابع – روى الامام
احمد في مسنده بسنده عن انس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان
اعمالكم تعرض على اقاربكم وعشائركم من الاموات فان كان خيراً استبشروا وان كان غير
ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا) اورده السيوطي في كتابه مبحث
المعاد ايضاً.
رؤية الانسان اقاربه واقرانه واجتماعهم به
بعد موته
اما الادلة على رؤية الانسان
اقرانه وامثاله بعد موته الطبيعي هي:
الدليل الاول – اورد العلامة
السيوطي في كتابه مبحث المعاد ما اخرجه البزار بسند صحصح عن ابي هريرة رفعه( ان
المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين يود لو خرجت نفسه والله يحب لقاء المؤمن وان
المؤمن تصعد روحه الى السماء فتأتيه ارواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفه من اهل
الارض فاذا قال تركت فلانا في الدنيا اعجبهم ذلك واذا قال ان فلاناً قد مات قالوا
ما جئ به الينا) أ.هـ.
الدليل الثاني – روى السيوطي
في كتابه مبحث المعاد ايضا قال: قال ابن ابي الدنيا بسنده قال: حدثنا يحيى بن عبد
الرحمن بن ابي لبيبة عن جده قال لما مات بشر بن براء بن معرور وجدت عليه امه وجداً
شديداً فقالت يارسول الله انه لا زال الهالك يهلك من بني سلمه فهل تتعارف الموتى
فارسل الى بشر بالسلام فقال: ( نعم والذي نفسي بيده انهم ليتعارفون كما تتعارف
الطير في رؤوس الشجر) أ.هـ.
الدليل الثالث – جاء في كتاب
مبحث المعاد ايضاً قال السيوطي اخرج ابن ابي الدنيا في اسانيد عن عبيدة بن عمير
قال ( اذا مات الميت تلقته الارواح فيستخبرونه كما يستخبر الراكب ما فعل فلان
وفلان) وعن الحسن قال ( اذا احتضر المؤمن حضره خمسماية ملك يقبضون روحه فيعرجون به
الى السماء الدنيا فتتلقاه ارواح المؤمنين الماضين فيريدون ان يستخبروه فتقول لهم
الملائكة ارفقوا به فانه خرج من كرب عظيم فيسأله الرجل عن اخيه وعن صاحبه) وعن
سعيد بن جبير قال ( اذا مات الميت استقبله والده كما يستقبل الغائب) وعن ثابت
البناني ( بلغنا ان الميت اذا مات احتوشه اهله واقاربه الذين تقدموه من الموتى فهو
افرح بهم وهم افرح به من المسافر اذا قدم على اهله ) أ.هـ.
ارتقاء العبد المؤمن في الدرجات في الجنة
والعبد في ارتقاء وهو في الجنة
من درجة الى درجة اعلى منها قال الامام احمد بستده عن ابي هريرة" ر ض "
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في
الجنة فيقول ياربي انّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك) حادي الارواح لابن القيم
ص285 وليس في هذه الاحاديث ما يوجب شرحاً او توضيحاً فثبن بهذه الادلة ان الانسان
ينال ثوابه وعقابه على الفور بعد كوته الطبيعي ويى اقرانه وامثاله هناك ويثبت كذلك
ان الروح عين قائمة بنفسها ليست هي البدن ولا جزء من اجزتئه شرعاً. ضرورة ان ابدان
الناس بعد موتهم تأخذ بالتغيير ثم تكون رفاة وعظاماً ثم تراباً ونرى ان هؤلاء
الناس قد ادخلوا الجنة او النار ونالوا ثوابهم او عقابهم فلو لم تكن الروح عيناً
قائمة بنفسها لما امكن وصول ذلك الثواب او العقاب اليهم بعد موتهم مباشرة ولم
تجتمع باقرانها وامثالها.
الانسان انما هو الروح فهو المكلف وهو
المثاب وهو المعاقب والبدن آله له
فما الانسان الا الروح فهو
المكلف وهو المطيع والعاصي وهو المثاب والمعاقب والبدن يجري منه مجرى الآلة لتحصيل
رغباته وكمالاته قال الامام الغزالي في كتابه المسمى " بالاحياء" الذي
تشهد له طرق الاعتبار وتنطق به الآيات والاخبار ان الموت معناه تغيير حال فقط وان
اروح باقية بعد مفارقة الجسد اما معذبة واما منعمة ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع
تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طارعتها فان الاعضاء آلات للروح تستعملها حتى انها
لتبطش باليد وتسمع بالاذن وتبصر بالعين وتعلم حقيقة الاشياء بالقلب والقلب هنا
عبارة عن الروح والروح تعلم الاشياء بنفسها من غير آلة ولذلك قد تتألم بنفسها
بانواع الحزن والغم والكمد وتنعم بانواع الفرح والسرور وكل ذلك لا يتعلق بالاعضاء
وكل ما هو وصف للروح بنفسها فيبقى معها بعد مفارقة الجسد وما هو لها بواسطة
الاعضاء فيتعطل بموت الجسد أ.هـ.
الجسد ليس الا آلة للروح
اما الدليل على ان الجسد آلة
للروح قوله تعالى: ( والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع
والابصار والافئدة لعلكم تشكرون) النحل آية 78 فقوله جل جلاله: ( وجعل لكم السمع
والابصار والافئدة) بعد قوله ( اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً) حجة ظاهرة
ودليل واضح في ان هذه الاشياء من الاسماع والابصار والافئدة انما هي وسائط يتوصل
بها الروح الى تعلم الاشياء التي يحتاجها من الكمالات واللذائذ وحاجة الروح الى
البدن كحاجة الجنين في تكونه الى الرحم وحاجة الدجاجة في تكونها الى البيضة. فكما
ان الرح يتربى فيه الجنين حتى يستكمل قواه والدجاة تتربى في قشر البيضة حتى تستكمل
قواها فكذلك البدن تحتاجه الروح ليحصل به كمالاتها فهي محتاجه اليه اولا كاحتياج
الجنين الى الرحم واحتياج الدجاجة الى البيضة واستغنائه عنه ثانية بعد مفارقته
كاستغناء الطفل عن الرحم بعد مفارقته واستغناء الدجاجة عن البيضة بعد مفارقتها
فكما ان الطفل لا يعود الى الرحم ولا الدجاجة الى قشر البيضة فكذلك الروح لا يرجع
الى جسده الذي كان له ثانية ولا الى جسد عنصري اخر فالموت ليس الا ترك الروح للبدن
وانقطاع تعلقه به وعلى ذلك ليس لهذا الجسد نصيب من الثواب ولا عليه نصيب من العقاب
فالسيف اذا قتل به شخص شخصاً فليس على السيف عقاب وانما العقاب على الشخص نفسه
الضارب بذلك السيف والوعاء الذي يعطي به الى فقير ومسكين صدقة ليس للوعاء شيئ من
ثواب وانما الثواب للمعطي فأي اقتضاء لعود تلك الاجسام.
قال العلامة ابن رشد في كتابه
الكشف عن مناهج الادلة في عقائد الملة عند اكلمه على احوال المعاد ما نصه:
" نجد اهل الاسلام في فهم
التمثيل الذي جاء في ملتنا في احوال المعاد ثلاث فرق فرقة رأت ان ذلك الوجود هو
بعينه هذا الوجود الذي ههنا من النعيم واللذة اعني انهم رأوا انه واحد بالجنس وانه
انما تختلف الوجودان بالدوام والانقطاع اعني ان ذلك دائم وهذا منقطع وطائفة رأت ان
الوجود متباين وهذه انقسمت قسمين طائفة رأت ان الوجود الممثل بهذه المحسوسات هو
روحاني وانه انما مثل به ارادة البيان ولهؤلاء حجج كثيرة من الشريعة مشهورة فلا
معنى لتعديدها وطائفة رأت انه جسماني لكن اعتقدت ان تلك الجسمانية الموجودة هنالك مخالفة
لهذه الجسمانية لكون هذه بالية وتلك باقية ولهذه ايضا حجج من الشرع ويشبه ان ابن
عباس يكون مما يرى هذا الرأي لانه روى عنه انه قال ليس في الدنيا من الآخرة الا
الاسماء ويشبه ان يكون هذا الرأي هو اليق بالخواص وذلك ان امكان هذا الرأي ينبني
على امور ليس فيها منازعة عند الجميع احدها ان النفس باقية والثاني انه ليس يلحق
عن عودة النفس الى اجسام اخر المحال الذي يلحق عن عودة تلك الاجسام بعينها
أ.هـ.".
فهذا الامام يقول ان ملتنا
افترقت في احوال المعاد الى ثلاث فرق احدها القائلة بالمشهور وهو عودة هذه الاجسام
بعينها وثانيها القائلة بانه روحاني وثالثها القائلة بعود النفس الى اجسام اخرى لا
ينالها البلاء تخالف هذه الاجسام وتباينها وقال ليس يلحق من عود النفس الى اجسام
اخرى المحال الذي يلحق عن عودة تلك الاجسام بعينها وبهذا صرح بأن عود الاجسام
بعينها محال وقال عن القول الثاني اعني المعاد الروحاني ان له حججاً من الشرع
مشهورة لا معنى لتعديدها وقال عن القول الثالث ولهذه حجج من الشرع وسكت عن القول
الاول بل ذكر انه محال اذن فما يوردون من دليل لاثباته انما هو ضرب من الوهم وجعل
القائلين بالقول الثاني والثالث طائفة واحدة ترى ان الوجود هناك مباين لهذا الوجود
وهاتان الطائفتان تران ان العذاب والنعيم عائدان على الروح نفسه فقط هذا وان علماء
مذهب اهل السنة قد اثبتوا هذه الخياة وقالوا ان الروح لا تفنى بفناء البدن وتعاقب
وتنعم قبل يوم القيامة المعروفة.
مذهب اهل السنة ان الانسان ينال ثوابه وعقابه
قبل يوم القيامة
قال العلامة الخازن في تفسير
قوله تعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً) آل عمران آية169 بعد ان
ساق احاديثاً مر ما يشبهها بشأن وصول الثواب والعقاب للميت بعد موته قال "
وفيه (1) دليل على ان الارواح باقية لا تفنى بفناء الجسد وان المحسن
ينعم ويجازى بالثواب وان المسيئ يعذب ويجازى بالعقاب قبل يوم القيامة وهذا مذهب
اهل السنة ايضاً أ.هـ ." على ان هؤلاء العلما اختلفوا في هذه الحياة فذهب
القائلون منهم بالمعاد الروحاني الى ان هذه الحياة هي الحياة الابدية كما هو
الواقع وذهب الجمهور الى ان هذه الحياة تسمى بحياة البرزخ وتكون ما بين موت الشخص
والقيامة المعروفة عندهم وذهب آخرون الى اقوال اخرى لا لزوم لذكرها والبرزخ الوارد
ذكره في القرآن ليس بهذا المعنى .
No comments:
Post a Comment