تبيان وبرهان (20)
زيد – ان الحشر والنشر والصراط والميزان وامثالها من الامور التي تقع في القيامة اعني
بيوم ظهور المظهر اي بيوم مجيء الرسول فكلمة الله اذا خرجت من فم المظهر تجلت فيها
الجنة والنار والصراط والميزان وامثالها ذلك ان اي نفس ايقنت بذلك الظهور اجتازت
الصراط وفازت بالرضا وحشرت في زمرة المقربين وثقل ميزانها وصارت من اهل الجنة واي
نفس اعرضت عن كلمة الله هوت في النار وخف ميزانها وحشرت مع المشركين والكفرة
الفجار.
عمار – ألهذا الاجمال من تفصيل ؟
زيد – اليك تفصيل هذه الامور واحدة بعد واحدة:
بحث الحشر
اما الحشر فمعناه الجمع وهو على انواع وعدة
حالات فاذا قام الرسول بالدعوة وتعتي به هنا حضرة بهاء الله فالمستجيبون له يحشرون
تحت لوائه وعلى ملته ويكونون امة له فلذلك قال محمد صلى الله عليه وسلم "انا
الحاشر" لان الذين استجابوا له حشروا على قدمه وملته وصاروا له امة كما روى
العلامة ابن الاثير في النهاية عند اكلمه على لفظة الحشر وفي اسماء النبي صلى الله
عليه وسلم قال " ان لي اسماء منها وانا الحاشر" اي الذي يحشر الناس خلفه
وعلى ملته . انتهى".
والذين لم يستجيبوا له حشروا في مهاوي
الاوهام والضلالات كافة واندمجوا في الامم المكذبة السابقة قال تعالى(هذا يوم
الفصل جمعناكم والاولين) المرسلات آية38. اي هذا يوم القيامة جمعناكم والاولين اي
حشرناكم مع المكذبين الاولين الذين كذبوا رسلهم وصرتم معهم امة واحدة.
ومنها الحشر الى الشام قال العلامة البغوي في
تفسير قوله تعالى( لاول الحشر) قال ابن عباس من شك ان الحشر بالشام فليقرأ هذه
الآية فكان هذا اول حشر الى الشام قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اخرجوا قالوا
الى اين قال الى ارض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة الى الشام . انتهى.
فهذا اول حشر وقع لليهود الى الشام في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم اما حشر الخلق الى الشام يراد حشر المؤمنين اليها كما
جاء في البخاري في باب الحشر في كيفية ذهاب الناس الى ارض المحشر وهو يدل بصراحة
على ان الحشر يكون في هذا العالم واليك الحديث بعد حذف السند قال عن ابي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين و
راهبين واثنان على بعير ثلاثة على بعير اربعة على بعير عشرة على بعير وتحشر بقيتهم
النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث اصبحوا وتمسي معهم
حيث امسوا).
اختلف شراح هذا الحديث في ان الحشر هل هو
واقع قبل قيام الساعة او عند قيام الساعة واليك ملخص ادلتهم كما ذكرها الحافظ ابن
حجر العسقلاني في شرحه هذا الحديث قال :
"قال الخطابي هذا الحشر يكون قبل قيام
الساعة تحشر الناس احياء الى الشام".
واما الحشر من القبور الى الموقف فهو على
خلاف هذه الصورة من الركوب على الابل والتعاقب عليها وانما هو على ما ورد في حديث
ابن عباس في الباب حفاة عراة مشاة.
ومال الحليمي الى ان هذا الحشر يكون عند
الخروج من القبور وجزم به الغزالي.
وقال الاسماعيلي ظاهر حديث ابي هريرة يخالف
حديث ابن عباس المذكور بعد انهم يحشرون حفاة عراة مشاة قال ويجمع بينهما بان الحشر
يعبر به عن النشر لاتصاله به وهو اخراج الخلق من القبور حفاة عراة فيساقون ويجمعون
الى الموقف للحساب فحينئذ يحشر المتقون ركباناً على الابل وصوب عياض ما ذهب اليه
الخطابي وقواه بحديث حذيفة ابن اسيد ويقول في آخر حديث الباب تقيل معهم وتبيت
وتصبح وتمسي فان هذه الاوصاف مختصة بالدنيا.
وقال بعض شراح المصابيح حمله على الحشر من
القبور اقوى من اوجه : احدها ان الحشر اذا اطلق في عرف الشرع انما يراد به الحشر
من القبور مالم يخصه دليل ثم استمر على ايراد الادلة الى ان قال رابعها ان الحديث
يفسر بعضه بعضا وقد وقع في الحسان من حديث ابي هريرة واخرجه البيهقي من وجه آخر عن
علي بن زيد عن اوس بن ابي اوس عن ابي هريرة بلفظ ثلاثاً على الدواب وثلاثاً ينسلون
على اقدامهم وثلاثاً على وجوههم قال ونرى ان هذا التقسيم الذي وقع في هذا الحديث
نظير التقسيم الذي وقع في تفسير الواقعة في قوله ( وكنتم ازواجا ثلاثة) الآيات
وتعقبه الطبي ورجح ما ذهب اليه الخطابي.أ.هـ.
وهكذا كان الاختلاف الذي وقع بين العلماء
والحق ان لا اختلاف بينهم اذ ان الحشر واقع في القيامة الكبرى وهي كائنة في هذا
العالم ولكن لما كان المشهور بين الناس ان القيامة كائنة في عالم ما بعد الموت
والحديث لا ينطبق على ماهو المشهور فحصل ما حصل من الاختلاف وأدلة كل من الطرفين
قوية وجلية فاذا طبقناها على القيامة الحقيقية التي هي قيام مظهر الله على امره
وهو الآن حضرة الجمال المبارك بهاء الله لم يبق ثمة إختلاف وتتظافر تلك الادلة على
ما هو الحق والواقع. وحشر المؤمنين الى الشام انما هو ذهاب المؤمنين الى عكاء حيث
مسكن بهاء الله العظيم وهذا قد وقع بالفعل وذهبوا اليه راغبين وراهبين وسوقاً من
نار الفتنة التي اشعلها عليهم أهل ايران فنهبوا بيوتهم وقتلوا الاطفال والرجال.
واما نشرهم فهو رجوعهم الى بلادهم اهليهم ويدلك على هذا ما جاء في شرح العسقلاني على
البخاري في باب الحشر قال وفي حديث عبد الله بن عمرو عند الحاكم رفعه " تبعث
نار على اهل المشرق فتحشرهم الى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا
ويكون لها ما سقط منهم وتخلف تسوقهم سوق الجمل الكسير" الجزء11ص317 في باب
الحشر.
والمراد من النار هذه نار الفتنة وسوقهم من
المشرق الى المغرب هو سوقهم من ايران الى الشام فايران واقعة شرقي الشام اما قوله
تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا ذلك ان هؤلاء المؤمنين اينما ذهبوا وفي
اي جهة حلوا يكونون مع المخالفين لهم في معتقدهم المنكرين عليهم فؤلاء المخالفون
يفتنون المؤمنين ويبكتونهم ويستهزئون بهم فهم مع الفتنة حيثما حلوا ورحلوا ولربما
سقط احدهم في الفتنة وتخلف عن اصحابه أي ارتد عما هو عليه من الحق والعياذ بالله
وتسوقهم سوق الجمل الكسير اي تجبرهم على الذهاب الى محل الحشر مع زيادة التكلف كما
يتكلف الجمل الكسير المشب.
عمار – جاء في البخاري من حديث ابن عباس انكم ملاقو الله حفاة عراة غرلا
فكيف يكون هذا اللقاء.
زيد – اي انكم اذا حشرتم الى ربكم مؤمنين تحشرون خالين من الذنوب كيوم
ولدتكم امهاتكم كما ان الولد حين يولد يولد حافياً هارياً غراً وهذا جاء في الجامع
الصغير للسيوطي رقم 1297 في ما رواه مسلم عن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم انه قال اما علمت ان الاسلام يهدم ما كان قبله قال الامام النووي في شرح
هذا الحديث اي يسقط ويمحو اثره.أ.هـ. والمعنى ان الايمان والانقياد الى دين الوقت
لا يبقى معه من الذنوب الماضية من قبله شيء.
عمار – ان هناك آية يشكل فهمها وهي قوله تعالى ( ويوم يحشرهم وما يعبدون من
دون الله) الفرقان آية7 فكيف هذا الحشر يكون في هذا العالم وما معنى اليوم؟
زيد – المراد مما يعبدون علماؤهم الذين يضلونهم عن الصراط السوي ألم تر
لقوله تعالى (إتخذوا احبارهم ورهبانهم ارباباً من دون الله ) التوبة آية 31 جاء في
تفسير سعيد بن منصور كما نقله عنه العلامة الشاطبي في كتابه الاعتصام قيل لحذيفة
أرأيت قول الله ( اتخذوا احبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) قال اما انهم لم
يصلوا لهم ولكنهم ما احلوا لهم من حرام استحلوه وما حرموا عليهم من حلال حرموه
فتلك ربوبيتهم.أ.هـ. ص268 من الجزء الثالث من الاعتصام.
ومعنى حشرهم جمع العابد والمعبود في زمرة
واحدة وهي زمرة اهل الكفر والضلال وينال كل من المعبودين والعابدين ما يستحقونه من
العذاب.
عمار – فقوله وما يعبدون تقول النحاة ما تستعمل لغير العاقل ومن للعاقل
فكيف تفسر على علمائهم فانما ههنا قد يراد بها الاصنام.
زيد – اجاب العلامة البيضاوي عليه الرحمة عن هذا الاعتراض في تفسيره هذه
الآية قال" وما يعبدون من دون الله يعم كل معبود سواه تعالى وإستعمال ما أما
لأن وضعه أعم ولذلك يطلق على كل شبح يرى ولا يعرف او لانه أريد به الوصف كأنه قيل
ومعبودهم أو لتغليب الاصنام تحقيرا او اعتباراً لغلبة عبادها .أ,هـ.
اما معنى اليوم يطلق على مدة من الزمن قصرت
ام طالت قال العلامة الشوكاني في تفسيره قوله تعالى (ثم يعرج اليه في يوم كان
مقداره الف سنة) ليس المراد بمسمى اليوم هو مدة النهار بين ليلتين والعرب تعبر عن
المدة باليوم كما قال الشاعر:
يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير الى الاعداء تأديب
فان الشاعر لم يرد يومين مخصوصين وانما ارادا
زماناً ينقسم شطرين فعبر عن كل واحد منها بيوم انتهى: وقال تعالى (تعرج الملائكة
والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) المعارج آية4 فكل من ولد في هذا
اليوم ومات فيه طيلة هذه السنين الكثيرة فقد ولدوا وماتوا في يوم واحد. فكانوا
مجموعين في ذلك اليوم وذلك الميقات اما هنا اي (في قوله تعالى ويوم يحشرهم وما
يعبدون الآية) فالمراد بهذا اليوم هو يوم حضرة بهاء الله العظيم.
بحث الصراط
اما الصراط او جسر جهنم كما جاء في الحديث الآتي : والمراد
به ما يوصل الى الايمان برسول الوقت فمن الناس من يؤمن بالرسول بمجرد السماع فتحصل
عنده قناعة كافية واعتقاد جازم ومنهم من يتمهل قليلاً في البحث ومنهم من يطيل
البحث والتنقيب عن الادلة والبراهين ومنهم ومنهم ... فمن آمن وصدق فقد جاز الصراط.
روى مسلم في صحيحه من حديث سويد بن سعيد
بسنده عن ابي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طويل في باب
الصراط قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل
الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم قيل يا رسول الله وما الجسر قال دحض مزلة فيه
خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف
العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلَّم ومخدوش مرسل
وكدوس في نار جهنم حتى اذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من احد منكم
بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لاخوانهم الذين في
النار يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم اخرجوا من عرفتم
فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار الى نصف ساقية والى
ركبتيه ثم يقولون ربنا ما بقى فيها احد ممن امرتنا به فيقول ارجعوا فمن وجدتم في
قلبه مثقال دينار من خير فاخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً ثم يقولون ربنا لم نذر فيها
احداً ممن امرتنا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير
فاخرجوه فيخرجون خلقاً ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن امرتنا أحداً ثم يقول
ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فاخرجوه فيخرجون خلقاً كثيرا ثم يقولون
ربنا لم نذر فيها خيراً) وكان ابو سعيد الخدري يقول ان لم تصدقوني بهذا الحديث
فاقرأوا ان شئتم : (ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه
اجراً عظيماً) النساء آية40 فيقول الله عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع
المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم
يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة
فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ألا ترونها تكون الى الحجر او الى الشجر ما
يكون الى الشمس اصيفر واخيضر وما يكون منها الى الظل يكون ابيض فقالوا يا رسول
الله كأنك كنت ترعى بالبادية قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل
الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين ادخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ثم يقول
ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من
العالمين فيقال لكم عندي أفضل من هذا فيقولون ياربنا أي شيء أفضل من هذا فيقول
رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً. )
فقوله يضرب الجسر على جهنم في حديث قبل هذا
الحديث(ويضرب الصراط بين ظهري جهنم) شبه عبور الناس من الدين الذي كانوا فيه الى
دين صاحب الوقت بالعبور على جسر وذلك الجسر مضروب على جهنم فمن آمن وقبل الدعوة
عبر ذلك الجسر ونجا من العذاب وسبه مبلغي الدعوة بالشفعاء ولما كانت الدلائل
والبراهين التي يأتي بها الشفعاء ان لم يكن معها توفيق من الله تعالى لا تكفي
لايصال الناس الى محل النجاة كان الشفعاء يقولون اللهم سلم سلم ولما قيل للرسول
صلى الله عليه وسلم ما الجسر قال دحض مزلة – الدحض والمزلة بمعنى واحد اي مزلقة
لان الحجج قد لا تؤثر على الشخص او لايوجد منه اكتراث واهتمام في تلقي تلك الحجج
والبراهين فلا يؤمن فيهوى في جهنم أما الخطاطيف والكلاليب فهي ما يجذب بها غير
المؤمنين المؤمنين عن ايمانهم ويبعدونهم عنه بأساليب كالتشكيك والشبه . وأما الحسك
وشوك السعدان فالمراد به ما يصيب المؤمنين من غير المؤمنين من أذى ونهب اموال
واهانه وغيرها . ثم اخذ صلى الله عليه وسلم في تمثيل الاستجابة لذلك الرسول
بالسرعة والابطاء قال يمر المؤمنين كطرف العين وكالبرق ةكالريح وكالطير وكأجاويد
الخيل والركاب) ذلك ان منهم من هو المصدق بمجرد السماع فيكون مروره كطرف العين
ومنهم المتريث قليلاً ومنهم المبطئ في الاجابة. ثم ان هؤلاء المارين على الجسر
ثلاثى أقسام ( ناج مسلَّم) لم يصبه شيء وآخر (مخدوش مرسل) وهو من تعرضت له بعض
الشكوك ثم زالت ( ومكدوس في نار جهنم) وهو الذي لم يستجب للدعوة هوى في نار جهنم .
والتكديس جعل شيء فوق شيء آخر ويدل على كثرة من يقع في النار بعضهم فوق بعض (حتى
اذا خلص المؤمنون من النار) اي خلص من خلص من الناس بايمانهم ( فوالذي نفسي بيده
ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة
لاخوانهم الذين في النار) اي ما منكم من أحد يناشد الله تعالى في الدنيا في
استقصاء حقه وتحصيله ممن اعتدى عليه باشد من مناشدة المؤمنين لله تعالى. في
الشفاعة لاخوانهم يوم القيامة. فيناشدون مظهر الربوبية وخليفته في الارضه يطلبون
منه الاذن بدعوة اخوانهم الذين كانوا يصومون معهم وسصلون ، ويحجون في دينهم الاول
قبل ظهور الدعوة التالية فيؤذن لهم بذلك فيخرجون خلقاً كثيراً قد اخذ الكفر
والضلال بعضهم الى نصف ساقية وآخرون الى ركبتيه وانما هؤلاء اختاروا أهل الصلاح من
بين الناس لقوله عليه الصلاة والسلام (تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية
خيارهم في الاسلام اذا فقهوا وتجدون من خيار الناس في هذا الامر اكرههم له قبل ان
يقع فيه. وتجدون من شرار الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجهه وهؤلاء بوجه)
(ورواه مسلم في صحيحه في باب خيار الناس) فخيار الناس اسرع انقياداً الى الحق
وانصياعاً الى الصدق. وهكذا يذهبون الى من دونهم في الصلاح فيخرجون خلقاً كثيراً
ويتكرر الاذن في الشفاعة الى الأقل فالأقل في لصلاح (ثم يقول الله عز وجل شفعت
الملائكة وشفع النبيون ولم يبق الا ارحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها
قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في افواه الجنة يقال له
نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل) (وهذا كناية عما يولي الله
سبحانه وتعالى من رحمته بمحض فضله وكرمه من يشاء من عباده فيخرج من النار من قد
كان غير صالح في الدين الاول كما اخرج الصالح فيلقيهم في نهر في افواه الجنة يعني
يعتنقون مبادئ الايمان فلا زالوا يتدرجون في الاعمال الصالحة وتقوية الايمان شيئا
بعد شيء حتى تتهذب صفاتهم كما قال عليه الصلاة والسلام (فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم
الخواتم فيعرفهم اهل الجنة) اشارة الى تبدل اعمالهم السيئة بالاعمال الحسنة
والاخلاق العالية فادخلهم الله سبحانه وتعالى الدنة بدون عمل عملوه في دينهم
السابق قبل ان تسد باب التوبة عند ظهور رسول الوقت. ثم يقول ادخلوا الجنة فما
رأيتموه فهو لكم الى آخر الحديث اي بعد خروجهم من هذه الدار الى دار الجزاء بعد
الموت الطبيعي يقول لهم ادخلوا الجنة قما رايتموه فهو لكم فيقولون ربنا عطيتنا
مالم تعط احداً من العالمين فقال لهم عندي افضل من هذا فيقولون ربنا اي شيء افضل
من هذا فيقول. رضاي فلا اسخط عليكم بعده ابداً. اما الحديث الذي اورده الامام مسلم
بعد هذا الحديث وهو مارواه ابو سعيد من قوله : ( بلغني ان الجسر ادق من الشعرة
وأحد من السيف) هذا بالنسبة الى غير الموفق للايمان اما الموفق فما افسح هذا الجسر
له واسهله.
واما الصراط المستقيم فهو الطريق الواضح الذي
لا اعوجاج فيه وهو دين الله في كل زمان ومكان .
قال العلامة الثعالبي في تفسيره قوله تعالى
(وهذا صراط ربك مستقيماً) الانعام آية126 هذا اشارة الى القرآن والشرع الذي جاء به
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس .أ.هـ.
وروى العلامة الحافظ الشوكاني في تفسيره عن
الامام احمد والترمذي والنسائي وغيرهم عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال (ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبي الصراط سوران فيهما
ابواب مفتحة وعلى الابواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول يا ايها الناس
ادخلوا الصراط جميعاً ولا تفرقوا وداع يدعو من فوق الصراط . فاذا اراد الانسان ان
يفتح شيئاً من تلك الابواب قال ويحك لا تفتحه فانك ان تفتحه تلجه)
الصراط الاسلام والسوران حدود الله والابواب
المفتحة محارم الله وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي من فوق واعظ
الله في قلب كل مسلم(1) أ.هـ.
ونتابع في القادم وبحث الميزان والحساب........
No comments:
Post a Comment