Monday, July 21, 2008

تأملات روحانية وسيفي سيفي


(8)
ونتابع آخر جزء من ناقة النبى صالح(ع)
ونجد في سورة الحاقة:
* [كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ](4 الحاقة).
هكذا هو حال جميع الأمم القديمة من أصحاب الكتاب، فكل أمة آمنت برسالة سماوية، صدّقت ما سبق وظهر منها قبل رسالتهم، وكفر غالبيتهم بما لحق بها، وما كل ذلك إلا بسبب عدم استعدادهم لمثل هذه الأنباء الإلهية العظيمة التي تقرعهم وتذهلهم وتفزعهم أشد الفزع، كما قال تعالى (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ . أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)(67،68 ص)، وكذلك قوله الحق (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)(70 المؤمنون).
* [فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ](5 الحاقة).
وما سبب هلاك قوم ثمود إلا ظلمهم أنفسهم وطغيانهم وجهلهم بعقيدتهم وتعصبهم لمذاهبهم ولرجل دينهم (أشقاها) (الطاغية) وغفلتهم عن حقائق دينهم وبشاراته. ومن المؤكد أن مصير قوم عاد كان ذات مصير قوم ثمود ولنفس الأسباب، بعدما جمعتهما الآية الكريمة معاً.
وفي سورة الشمس:

* [كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا](11 الشمس).
ما كان سبب كفر قوم ثمود وصدهم عن رسولهم صالح(ع)، إلا ما طلا عقولهم وطغى عليها من مفاهيم عقيمة ومعتقدات بالية، وما اصطبغت به من صبغ الظنون السخيفة وألوان الأوهام الواهية.
* [إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا](12 الشمس).
خاصة بعد بروز أشهر وأشقى كبار رجال دينهم وتشجيعه لهم بالصد والنأي عن دعوة النبي صالح(ع) وتكذيب رسالته. فمن يفعل ذلك ويعاند أمر الله وسلطته، فهو من أشقى الناس عند رب العباد.
* [فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا](13 الشمس).
لكن النبي صالح(ع) كان يوضح لقومه حقيقة شريعته وينصحهم بالايمان بها وعدم تكذيبها، فهي ناقة دين الله وسفينة شريعته الجديدة على الأرض، ويشجعهم على ركوبها والاهتداء بهديها، وبقي ينصحهم ويطلب منهم تركها وشأنها ترعى في قلوب الناس لتسقيهم لبن آياتها وزلال ماء أحكامها، لمن شاء الشرب والارتواء منها والتمسك بها.
* [فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا](14 الشمس).
لكن قوم ثمود قاموا على النبي صالح(ع) ولم يصدقوه وألبوا الجموع وحشدوهم ضد دعوته، وبذلك صارت أستار عقولهم سميكة وحجب قلوبهم غليظة، وتفاسيرهم دخاناً كثيفاً، وأقوالهم غيوماً ملبدة، وايمانهم وعلومهم عقبات كأداء أمام عيونهم وأبصارهم حجبت شعاع شمس الحقيقة عنها ومنعتهم من رؤية جواهر أسرار آياته الثمينة، وكان هذا الاعراض والصد والعناد هو السبب الرئيس في استقطاب غضب الله وعذابه عليهم.
* [وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا](15 الشمس).
فذلك الشقي (أَشْقَاهَا)، أخطأ مثل من سبقه وتبعه من رجال الدين القشريين الذين يفضلون زينة الدنيا ومكتسباتهم الدنيوية والمادية على التحول الى الأيمان الحق خوفاً على مصالحهم الشخصية، وارتكب ذات الخطأ الأزلي عندما راح يحرض الناس والعباد ضد دعوة النبي صالح(ع)، لأنه ظنَّ كل الظن أنه متأكداً كل التأكد من صدق دين قومه، وأنه على دين الحق ومؤمن بالله ورسوله، وأن شريعته أزلية وحق من عند رب العالمين، وأن ليس هناك بعد دينه ديناً جديداً أو شريعة تالية، وأن كل من يقول أو يدعي مثل هذا الدعوى الخطيرة، لا يستحق في الدنيا إلا الخزي والعار، وفي الآخرة عذاب في أسفل نيران الجحيم. (انتهى).

No comments:

Powered By Blogger