عفواً يا أمة الإسلام قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما بعدكم الذى أنتم له كافرون-(1)
(حديث صحيح)
قال أبوعيسى الترمذى : ثنا عبد بن حميد ثنا حسين بن على الجعفى ثنا حمزة الزيات عن أبى المختار الطائى عن ابن أخى الحارث الأعور عن الحارث الأعور قال : [ مررت إلى المسجد فاذا الناس يخوضون فى الأحاديث فدخلت على علي فقلت : يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضو فى الأحاديث ؟ قال : أوقد فعلوها ؟ قلت : نعم قال : أما إنى قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ألا إنها ستكون فتنة فقلت : فما المخرج منها يارسول الله ؟ قال : كتاب الله فيه نبأ ماقبلكم وخبر مابعدكم وحكم مابينكم وهو الفصل ليس بالهزل.
"إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم."
يا أمة الإسلام
انظرى إلى ماحاق بالعالم من بلايا ورزايا ومصائب وآلام حتى أنه لم يبق قطر من أقطاره ولا بلد من بلاده إلا وعمته المصائب والبلايا.
فهل تظنى أن هذه المصائب وقعت صدفة؟؟؟؟؟
كلا ثم كلا: بل أن هذه المصائب والرزايا انما هى تقع بعد ظهور كل رسول وتعمّ العالم أو تخص البعض منه. حسب انتشار الدعوى.
قال تعالى: (وما كنّا معذبين حتى نبعث رسولا)(الاسراء 14) –ذلك لأن تكذيب الأمم لرسلها سنة من سنن الله التى لاتتغير ،إذاً فالعذاب بعد مجيئ الرسول أمر لا محيص منه،ولا منجٍ منه إلا طاعة ذلك الرسول والإيمان به.
فانظرى ماحاق باليهود بعد عيسى عليه السلام! ...وما حاق بمن كذب محمداً من الأمم فقط سلط الله عليهم الأمة المحمدية فقاتلتهم واستولت على أموالهم وديارهم وامتلكت أطفالهم ونسائهم قال عز من قائل:
(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفى صدور قوم مؤمنين)(التوبة-13) فعذب الكفار بأيدى الأمة.
فبادرى للنجاة! بادرى للخلاص!التجئي إلى الله واطلبى رضاه بالإيمان برسول هذا العصر بهاءالله واعملى بما أمرك به لعلّ تنجين من هذا العذاب الأليم وإلا فلا نجاة ومهما حاول العالم الافلات من هذه المصائب لا يستطيع إلا بهذا السبيل الوحيد.
فالسطور القادمة ما هى إلا محاورة تبيان وبرهان لإثبات أن عيسى عليه السلام نزل وظهر مهدى آخر الزمان، وأن المراد من عيسى هو حضرة بهاءالله ومن المهدى هو السيد على محمد الباب.
ينبغى لكل من أراد أن يتحرى الحقيقة ويعرف الحق من الباطل أن يتعرى عن التقليد والتعصب . فإن أعظم مانع للإنسان من النظر والاستدلال والبحث عن الحقيقة هو التقليد فالمقلد لا يسمع لقول مخالف لما هو دين له أو رأى ولا يسمع إلى داع أو متكلم لأجل التمييز بين الحق والباطل.
فإذا خالط هذا التقليد تعصب فهناك الطامة الكبرى فالمتعصب أعمى البصيرة وان كان صحيح البصر وأذنه عن سماع الحق صماء يدفع الحق وهو يظن أنه يدافع الباطل ويظن أن مانشاء عليه هو الحق غفلة وجهلاً عما أوجبه الله عليه من النظر الصحيح.
فنور الرسالة واحد من أى مشكاة سطع يجب التوجه له سواء كان من مشكاة موسى أو عيسى أو محمد أو بهاءالله عليهم التحية والثناء فالتوجه للنور لا للمشكاة والله الهادى إلى سواء السبيل.
دار هذا الحديث بين شخصين ولنرمز للأول بحرف السين والآخر بحرف العين. وكان هذا الحديث بين س،ع:
س. هل بلغك انتشار دين فى عصرنا هذا يسمى بالبهائية؟
ع. ما لنا فهل بعد محمد صلعم من رسول ودين وتشريع؟
تحرى الحقيقة:
س. علينا أن نتحرى الحقيقة أليس سيدنا محمد(صلعم) هو رسول من عند الله وأنه كان صادق فى دعواه؟ فلماذا كذبه اليهود والنصارى وكذبه من كذبه من الأمم؟ أليس كان تكذيبهم له ناشئ عن عدم تحريهم للحقيقة وجمودهم على ما تلقفوه من آبائهم فى صباهم وما سمعوه من رؤسائهم وعلمائهم من أن دينهم أبدى لا يتغير ولا يتبدل فلم يكلفوا أنفسهم عناء استقرار ما جاء به الرسول الكريم على صحة دعواه من أدلة وبراهين فباءوا بسخط من الله وغضبه أ فإن كان الدين من عند الله وكفرنا به ألا يصيبنا من غضب الله ولعنه ما أصاب أولئك الذين لم يستجيبوا لسيدنا محمد(ص)؟.
ع. إن كان هذا الدين من عند الله فلاشك أنه يحل على من كفر به من غضب الله وسخطه أضعاف ما حل على اولئك الذين كفروا بسيدنا محمد(صلعم) ومن قبله من الرسل لأن كتب هذه الأمة منتشرة اليوم فيمكن لكل واحد أن يطلع على حقيقة الدعوة التى جاء بها حضرة بهاءالله وعلى براهينها ودلائلها بعكس ما كان الأمر أبان مجيئ الرسل السابقين إذ لم يكن الحصول على مثل ذلك بالأمر اليسير.
س. إذاً لنتحرى الحقيقة ونجاهد لنستبين الحق من الباطل ولاشك أن الله سيرينا الطريق ويهدينا سواء السبيل قال وقوله الحق"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين".(العنكبوت 69).
من المخاطب بقوله تعالى(اليوم أكملت لكم دينكم)؟.
ع. أليس أن الله جلّ شأنه قد اخبرنا أن الدين قد كَمُل بقوله عز من قائل"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً" (المائدة:4) فما حاجة الناس إلى دين آخر؟؟؟؟
س-.إن هذا الخطاب لنا نحن المحمديين وجاءت هذه الآية بعد قوله تعالى" اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشونى .(المائدة:3) ثم قال اليوم أكملت لكم دينكم " فأخبرنا تعالى بأن ديننا قد كمل بإكمال نزوله وذلك لأن الشريعة نزلت تدريجياً شيئاً بعد شيئ وكان نزول هذه الآية فى حجة الوداع ولم يلبث بعدها (ص) إلا واحد وثمانون يوماً ثم لحق بالرفيق الأعلى وإلا فما من تشريع من الشرائع ينزل لأمة من الأمم إلا ويكون كاملاً حسب زمانه والله سبحانه وتعالى يقول "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط".(الحديد:25)-فالكتاب الذى يجيئ به الرسول يجئ كاملاً حسب احتياج ذلك الوقت فيقوم به الناس بالقسط والعدل بينهم ومعنى اكمال الدين الوارد فى هذه الآية فقد قال البعض من المفسرين هو اتمام نزول الفرائض والسنن والحدود والجهاد إلى آخر ما هناك من الأحكام. وقال آخرون هو فتح مكة وهدم منار الجاهلية وهو أيضاً من اتمام الفرائض. لأن المسلمين ما كانوا يستطيعون إقامة الحج-واقامة فرض عليهم-فلما فتحت مكة استطاعوا القيام بهذا الفرض فكمل بذلك لنا الدين.
ع. صدقت فعلينا إذاً أن نتحرى الحقيقة لنستبين الصدق من الكذب والحق من الباطل وأنت يا ع كيف رأيك؟
س. أنى لأراه شبيهاًُ بالحق أو أنه حق وصدق من عند الله جل جلاله .
ع. لماذا تراه شبيهاُ بالحق أو أنه حق وصدق؟
س.لأن الكاذب على الله لايمكنه أن يدل الناس على خيرهم وسعادتهم فيأمر بالإخلاص لله والطاعة لله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهو وان استطاع أن يخدع الناس فى وقت من الأوقات فإنه لا يستطيع أن يخدعهم دائماً وفى جميع الأوقات.
ع. كلام معقول ولكننا لم نسمع من أن رسلاً تأتينا بعد محمد(ص) غاية الأمر أننا موعودون بمجيئ المهدى وعيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام.
من المراد بالمهدى وعيسى
س.نعم وهما اللذان نعنيهما فالمهدى هو السيد على محمد الباب أما عيسى فقد كنىّ به رسول الله (ص) عن بهاءالله لمناسبة بينهما لأن كلاّ منهما انتشر دينه من الديار المقدسة أعنى فلسطين وكلاً منهما انتشر دينه بمجرد الدعوة دون حمايتها بالقوة وكلاً منهما من الله جاء بتشريع جديد.
ع.تقضى بالعجب يا (س) أليس علماؤنا يقولون أن المهدى وعيسى يحكمان بشريعة محمد(ص) ويؤيدان دين الإسلام فكيف يكون كل منهما رسولاً من عند الله ويأتى بتشريع جديد؟
ما هو دين الإسلام؟؟
س.هل تعنى بتأييدهما لدين الإسلام هو حكمهما بشريعة القرآن؟
ع. نعم.
س.ليس الأمر كذلك بل المراد من تأييدهما دين الإسلام تأييدهما للدين الذى اتفقت عليه الأنبياء والمرسلون وهو الاستسلام لله وحده والانقياد إليه والاخلاص له فى الاعتقاد والعمل وهذا هو دين الاولين والآخرين, وقوله تعالى" ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو فى الآخرين من الخاسرين"(آل عمران:84) علم فى كل زمان ومكان فنوح وابراهيم ويعقوب والاسباط وموسى وعيسى والحواريون كلهم دينهم الاسلام الذى هو عبادة الله وحده والاستسلام له والاخلاص إليه كما تقدم وان تنوعت شرائعهم ألا ترى قوله تعالى عن نوح" واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم" إلى قوله"وأمرت أن أكون من المسلمين"(يونس 71/72).
وقوله عز من قائل عن إبراهيم:-
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وأنه فى الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه اسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون"(البقرة:130/132).
وقوله عن موسى:-
"وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين"(يونس:83).
وعن سحرة فرعون إذ قالوا:-
" ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين"(الاعراف:125).
وعن بلقيس:-
"قالت رب أنى ظلمت نفسى وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين".(النمل:43)
وعن الحواريين:-
"واذا أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى قالوا آمنا بالله واشهد بأننا مسلمون"(المائدة:111).
أفترى أن نوحاً وإبراهيم ويعقوب وبنيهما والاسباط وموسى وعيسى والحواريين وسحرة فرعون وبلقيس كانوا يدينون بشريعة محمد(ص) وما ارسل محمد(ص) ولا شرعت شريعته إلا بعدهم؟ ودقق النظر فى قوله تعالى"الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون واذا يتلى عليهم قالوا آمنا به أنه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين".(القصص:52/53). أى انا كنا من قبل نزول القرآن مسلمين، فهذا هو الاسلام الذى يؤيده عيسى والمهدى عليهما السلام وليست شريعة القرآن. وهذا هو الذى دعى إليه محمد(ص) وهو روح كل دين والدعوة إلى اللقب لا معنى له.
وشريعة القرآن قد تخالف الناس فيها وتفرقوا بها شيعاً وكل فرقة تقول أن المهدى وعيسى إذا جاءا يحكمان بمذهبى وما عليه معتقدى أفترى لو حكما بمذهب يخالف مذهبك فهل تراهما على الحق؟ أو حكما بمذهبك فالمخالف لمذهبك هل يراهما على الحق؟ ففى أى مذهب يحكمان حتى يرضى عنهما المسلمون جميعاً؟ ولكن اعلم أن الله جل شأنه لم يجعل الخلد لشريعة فى الأرض ولو كانت شريعة خالدة لكانت شريعة آدم أو شريعة نوح ولما تبدلت الشرائع وتوالى تبدلها من لدن آدم إلى محمد(ص) فما الذى أوجب تبدل تلك وخلود هذه،ان سنن الله لا تتبدل ولا تتغير.
"فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً" –(فاطر:43). والانسان مازال فى تطور ورقي فكذلك الشرائع فى تطور وتبدل على مقتضى الزمان والادوار والشريعة التى تصلح لزمان قد لا تصلح لزمان آخر.
فهذه الأمة المحمدية قد كانت مستظلة بسماء شريعة القرآن أكثر من اثنى عشر قرناً قد تركتها واستعاضت عنها بالقوانين الوضعية ولاتكاد تجد الآن دولة من دول أمة القرآن تحكم بشريعة القرآن كاملاً إلا فى بعض الأحوال الشخصية وما ذاك إلا أنهم لم يجدوا أنها تصلح لزمانهم هذا.
ع. لقد كنت أظن أن دين الإسلام هو خاص بالأمة المحمدية ولقد علمت الآن أن دين الإسلام هو دين الأولين والآخرين أما الأمة المحمدية فدينها الإسلام واسم دينها الإسلام كرجلٍ كريم واسمه كريم أيضاً(1) على أننى لم أرَ قد بقى عندنا نحن المحمديين من الإسلام إلا اسمه أما تفرق الأمة المحمدية وانقسامها على نفسها وعدم قبول بعضهم أقوال البعض الآخر أمر بديهى بل أكثر الفرق تكفر الفرق الآخرى، وأما عدم امكان بقاء شريعة واحدة خالدة أبدية فهذا أيضاً صدق لا مرية فيه لأننا لو نظرنا إلى الزمن الذى هو من بعثة محمد(ص) إلى ما قبل قرن واحد ونظرنا إلى زماننا هذا نجد أن البون شاسع والتطابق بعيد وتغير الأحكام بتغير الازمان أمر معروف،ولكن يا (ع) أليس علماؤنا يقولون أن عيسى ينزل من السماء فكيف يكون المراد من عيسى بهاءالله؟.......
ونستكمل هذا الموضوع تباعاً.........
---------------------------------------------------- (1)-قال صاحب المنار السيد رشيد رضا فى تفسيره سورة آل عمران صفحة260 من الجزء الثالث ما نصه ) أما اطلاق الاسلام بمعنى ما عليه هؤلاء الأقوام المعروفون بالمسلمين من عقائد وتقاليد وأعمال فهو اصطلاح حادث مبنى على قاعدة"الدين ما عليه المتدينون" فالبوذية واليهودية ما عليه الشعب الذى يطلق عليه اسم اليهود والنصرانية ما عليه الأقوام الذين يقولون إنا نصارى وهكذا. وهذا هو الدين بمعنى الجنسية وقد يكون له أصل سماوى أو وضعى فيطرأ عليه التغيير والتبديل حتى يكون بعيداً عن أصله فى قواعده ومقاصده وتكون العبرة بما عليه أهله لا بذلك الأصل المجهول أو المعلوم وتحويا دين أهل الكتاب إلى الجنسية بهذا المعنى هو الذى صد أهل الكتاب عن أتباع النبى (ص) على ما جاء به من بيان روح دين الله الذى كان عليه جميع الأنبياء على اختلاف شرائعهم فى الفروع وهو الاسلام فالاسلام معنى بينة القرآن فمن اتبعه كان على دين الله المرضى ومن خالفه كان باغياً لغير دين الله وليس هو من معنى الجنسية المعروفة الآن التى تختلف باختلاف ما تحدث لأهلها من التقاليد فالاسلام الحقيقى مباين للاسلام العرفى. لذلك جرينا فى هذا التفسير على انكار جعل الاسلام جنسية عرفية مع الغفلة عن كونه هداية آلهية). (من كتاب-التبيان والبرهان)
ونتابع معكم هذه السلسلة من المقالات فتابعوا معى كيف نقف على الحقيقة.............
No comments:
Post a Comment