Thursday, February 4, 2010

عفواً يا أمة الإسلام-3


(3)

عفواً يا أمة الإسلام

قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما بعدكم وأنتم له كافرون وعنه معرضون

روى العلامة سهل بن عبدالله التوسترى فى تفسيره عن عكرمة بن عباس(رض) أنه قال سالت رسول الله(ص) فى مَ النجاة غداً فقال:" عليكم بكتاب الله عز وجلّ فإن فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم من دينكم الذى تعبّدكم به الله عزّ وجلّ". إلى آخر الحديث. فترى أن رسول الله(ص) أخبر أمته بأن فى القرآن نبأ من قبلهم من الأمم وخبر من بعدهم من الأمم وحكم ما بين أمته وهو يخاطب هذه الأمة المحمدية . فإذاً يريد بالأمم الآتية والماضية امم الرسل وهى أمم الاجابة فالأمم الآتية هى التى تتكون بإرسال الرسل لها كما تكوّنت أمة موسى وأمة عيسى والأمة المحمدية بإرسال رسلها لها فخبر تلك الأمم بالقرآن كما كان خبر الأمة المحمدية فى الانجيل والتوراة وخبر الأمة العيسوية فى التوراة وغيرها من الكتب المقدسة القديمة فإذا يأتى بعد انتهاء أجل هذه الأمة المحمدية رسل تتعاقب وتكوّن امماً.

نتابع من هنا من حيثُ ما انتهينا إليه فى المقال السابق رقم(2)......

ما المقصود من قوله ينزل فى الحديث:

ع-حسن ولكننى سمعتك عندما قرأت الحديث قرأته هكذا:

" والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم"

فقوله عليه الصلاة والسلام ينزل ابن مريم أليس معنى ينزل ينحط من علو أو له معنى آخر؟

س- لينزل عدة معانى ومعناه ههنا يبعث وقد جاء مثل هذا فى قوله تعالى:" الذين آمنوا قد أنزل الله اليكم ذكراً رسولاً يتلو عليكم آيات الله مبينات"(الطلاق:10).

وقوله تعالى"قد أنزل إليكم ذكراً" أى قد بعث الله إليكم ذكراً رسولاً وهو محمد(ص) قال العلامة الراغب الأصفهانى عليه الرحمة فى كتابه(غريب القرآن) ما نصه:-

(وقوله قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً يتلو عليكم آيات الله فقد قيل أراد بإنزال الذكر ههنا بعثة النبى عليه السلام وسماه ذكراً كما سمى عيسى كلمة فعلى هذا يكون قوله رسولاً بدلاً من قوله ذكراً).

فكما أن فى الآية معنى ينزل يبعث فكذلك ههنا معنى ينزل الذى جاء فى الحديث يبعث أى يبعث فيكم ابن مريم فبعثته فينا نحن الأمة المحمدية كبعثة محمد(ص) وسائر الرسل فى اممها.

ع-فالآن وقد وضح معنى ينزل فى هذا الحديث فاشرع بما أردت تطبيقه مما جاء فيه على بهاءالله.

تطبيق ما جاء بالحديث الأول من العلامات على بهاءالله:

س- قال عليه الصلاة والسلام:-

"والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الحرب ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها" ففى هذا الحديث نجد أربع علامات لعيسى عليه السلام تنطبق على بهاءالله:-

الأولى-أن عيسى ينزل فينا نحن الأمة المحمدية أى يبعث رسولاً كما تقدم.

الثانية-أنه ينزل حكماً عدلاً أى يرسل مشرعاً.

الثالثة-أنه يكسر الصليب. فرسالته عامة وليست قاصرة على الأمة المحمدية.

الرابعة- أنه يضع الحرب.

فبهاءالله بعث فى الأمة المحمدية برسالة عامة مشرعاً لكافة البشر فهو (حكماً عدلاً) كسائر رسل الله عليهم الصلاة والسلام قد جاء بكتاب من عند الله بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه قال تعالى:-

( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه)-(البقرة:212). وقال تعالى لمحمد0(ص) "انا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله0النساء:104) أما كسره الصليب فإيمان النصارى به فمن آمن منهم فقد كسر بهاءالله صليبه وقد آمن منهم كثيرون وها هم فى ازدياد فى كل يوم فى كل أقطار العالم،أما وضعه الحرب فإن بهاءالله قد جاء بالسلام العام للعالم وكتب به للملوك ووضع الحرب منذ أكثر من 160 سنة مضت أى من عام 1869م وفى ذلك الوقت لم يكن فيه ذكر لوضع الحرب والصلح العام مطلقاً وقد نشر ذلك فى كتبه وألواحه وقد ورد عدة أحاديث كلها تنص على أن عيسى عليه السلام يأتى بالسلام للعالم،من ذلك ما رواه الامام أحمد بسنده أن رسول الله(ص) قال"ينزل ابن مريم اماماُ عادلاً وحكماً مقسطاً يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرجع السلم ويتخذ السيوف مناجل ويذهب حمة كل ذى حمة وتنزل السماء رزقها والأرض بركتها حتى يلعب الصبى بالثعبان فلا يضره ويراعى الغنم الذئب ولا يضرها ويراعى الأسد البقرة ولا يضرها".

رواه السيوطى فى (الدر المنثور) ومنها ما أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أبى امامه الباهلى قال خطبنا رسول الله(ص) فكان أكثر خطبه حديثاً عن الدجال والحديث هذا طويل جداً وجاء فيه:-

"تملأ الأرض من السلم كما تملئ الاناء من الماء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها".

ففى كلا الحديثين جاء أن عيسى يأتى بالسلام إلى العالم والحديث الثانى منهما فيه ما يدل على أن السلم يعمّ العالم وهو قوله عليه الصلاة والسلام تملأ الأرض من السلم وما جاء فى الحديث الأول من قوله ويراعى الغنم الذئب ولا يضرها فالمراد من الصبى ومن هذه الحيوانات الأقوام الذين طباعهم كطباع هذه الأشياء،فالأمم يراعي بعضها بعضاً فلا يضر القوى الضعيف منها ولا المخادع سليم الطوية فلا حرب ولا قتال بين الأمم وليس المراد من ذلك هذه الأشياء بالذات فالثعبان ليس بتارك الصبى يلعب به ولا ينهشه والحيوانات المفترسة لا غنى لها عمّا تقتات به من لحوم الحيوانات الآخرى،فالطبائع الجبلية لا تتغير وما ينبغى الالتفات إليه والانتباه له ما جاء فى مجلة (النظام العالمى) والتى كانت تصدر فى أمريكا فى عددها الخامس من المجلد السابع الصادر فى اوغسطس عام 1946 وتصدر باللغة الإنجليزية جاء فيها مقال تحت عنوان (سان فرانسيسكو) للفاضل الكريم(ارثرد هل) نقتبس منه ما يأتى مع عدم مراعاة التقديم والتأخير قال:

"أنه لما أعلن فى شباط عام 1945 بأن مؤتمر جمعية الأمم المتحدة سوف يلتئم فى سان فرانسيسكو فى ابريل عام 1945 ميلادية والحرب كانت على وشك الانتهاء سرت رعدة كهربائية فى الجامعة البهائية إذ أنهم رأوا فى ذلك المؤتمر أول خطوة نحو المبادئ التى وضعها حضرة بهاءالله قبل سبعين عاماً ولما كان الذين يقومون بهذا العمل هم من مشاهير الرجال فلذا صارت فرصة للبهائيين هناك لاظهار مبادئ الدين البهائى إلى جماعة من الناس العظماء المتعطشيين إلى مثل هذه المبادئ وبهذا تحقق تنبؤ حضرة عبد البهاء(البن الارشد لحضرة بهاءالله ومبين تعاليمه) فى كلماته التى ألقاها فى ساكرمنتو فى كاليفورنيا فى 26 أكتوبر 1912 وملخص ما قال:( لقد حان الوقت لمنع الحروب فالعالم انما اليوم محتاج إلى الصلح الأعظم وبما أن سكان كاليفورنيا ميّالون إلى السلم فأسأل الله أن يكثر الناس الذين يدعون إلى السلم فيها وأرجو أن يرفرف علم السلم العالمى فى هذه المقاطعة).

فهذه بوادر السلم العالمى قد قويت وان الذى تنبأ به حضرة عبد البهاء قد وقع فهذا أول علم رفع للسلام العالمى قد رفرف فى كاليفورنيا التى سان فرانسيسكو إحدى ولاياتها.

تطبيق ما جاء فى الحديث الثانى من العلامات على بهاءالله المظهر الإلهى للدين البهائى:

الحديث الثانى- روى الحاكم فى المستدرك عن أبى هريرة(رض) أن رسول الله(ص) قال: "ان روح الله عيسى نازل فيكم فإذا رايتموه فاعرفوه فانه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران كأن رأسه يقطر وان لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام فيهلك فى زمانه المسيح الدجال وتقع الأمنة على أهل الأرض حتى ترعى الأسود مع الابل والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان مع الحيات لا تضرهم ويمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون".

ففى هذا الحديث نجد ثمانى علامات كلها تنطبق على بهاءالله فمنها ست علامات وقعت.

الأول-أنه رجل مربوع

الثانية-أنه إلى الحمرة والبياض.

الثالثة- كأن رأسه يقطر وان لم يصبه بلل.

الرابعة-أنه يضع الجزية.

الخامسة- أنه يدعو إلى الإسلام.

السادسة- أنه يمكث أربعين سنة.

وكل هذه انطبقت على بهاءالله فبهاءالله كان رجلاً مربوع القامة إلى الحمرة والبياض. ومعنى ذلك ليس بالابيض الشديد البياض ولا بالأحمر الشديد الحمرة أى ماثلاً إليهما وكأن رأسه يقطر وان لم يصبه بلل لمزيد من نظافته ونضارته وشدة استنارته.

أما وضعه الجزية أى رفعها عن الناس فبهاءالله ليس فى تشريعه جزية على من لا يؤمن به من أهل الكتاب وأما دعوته للإسلام فكذلك بهاءالله يدعو لدين الإسلام الذى هو دين الأولين والآخرين كما مر فى أول البحث والمقالات مفصلاً. أما مكثه أربعون سنة فكذلك بهاءالله مكث أربعين سنة بعد بعثته.فبعثته كانت فى سنة 1269ه.(ألف ومائتين وتسع وستين) ووفاته كانت 1309ه. (ألف وثلثمائة وتسع)ه.ق. فيكون على ذلك مكثه أربعون سنة من نزوله أى بعثته كما مر بدليل قوله(ص)"ان روح الله نازل فيكم".

وفى آخر الحديث يقول فيمكث أربعين سنة أى بعد نزوله. وقد أخبر السيد على محمد الباب-(المبشر ببهاءالله) أن قوله تعالى:"ولتعلمن نبأه بعد حين" هو تاريخ ظهور من يظهره الله فكلمة-(حين) بحساب الجمل(الأبجد)

نجد أن حرف الحاء=8 والياء=10 والنون=50 فعلى ذلك نجد أن كلمة حين =68 وبعد ال 68 هى سنة 69 وهى سنة بعثة بهاءالله وبدء دعوته وكما ذكرنا من قبل أنه قد وردت عدة أحاديث كلها تنبئ عن مكوث عيسى أربعون سنة منها ما أخرجه الامام أحمد فى الزهد قال:

قال رسول الله(ص):" يمكث عيسى فى الأرض أربعين سنة لو يقول للبطحاء سيلى عسلاً لسالت".

أما العلامة السابعة- فهى هلاك المسيح الدجال فى زمان عيسى ودورته وليست فى وقت وجوده بين ظهرانى الناس كما صرح بذلك الحديث.

والعلامة الثامنة- وقوع الأمنة فى الأرض فهاتان العلاماتان تقعان عندما يأخذ دين بهاءالله قوته ونشر السلام العالمى ودخول الناس فى دين الله أفواجاً كما ورد فى كنز العمال الجزء السابع رقم 2129 عن أبى سعيد النقاش فى فؤائد العراقيين باسناده أن رسول الله(ص) قال: "طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء فى القطر ويؤذن للأرض بالنبات حتى لو بذرت حبك فى الصفاء لنبت وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره ويطأ على الحية فلا تضره ولا تشاح ولا تحاسد ولا تباغض".

فقوله عليه السلام طوبى لعيش بعد المسيح اشارة للوقت الذى يقوي فيه دين بهاءالله ويتبع أهل الأرض تعاليمه وهذا كأئن لا محاله والمراد من الأسود والأبل والنمور والبقر والذئاب والغنم والحيات والصبيان الأمم التى طباعها كطباع من تقدم،فلا تعتدى أمة على أمة ولا يشهر بينهما حرب.


No comments:

Powered By Blogger