عفواً يا أمة الإسلام
قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما بعدكم وأنتم له كافرون وعنه معرضون
(12)
قال أبوعيسى الترمذى : ثنا عبد بن حميد ثنا حسين بن على الجعفى ثنا حمزة الزيات عن أبى المختار الطائى عن ابن أخى الحارث الأعور عن الحارث الأعور قال : [ مررت إلى المسجد فاذا الناس يخوضون فى الأحاديث فدخلت على علي فقلت : يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضو فى الأحاديث ؟ قال : أوقد فعلوها ؟ قلت : نعم قال : أما إنى قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ألا إنها ستكون فتنة فقلت : فما المخرج منها يارسول الله ؟ قال : كتاب الله فيه نبأ ماقبلكم وخبر مابعدكم وحكم مابينكم وهو الفصل ليس بالهزل.
براهين الطريق الثانى
الطريق الثانى-كتب صاحب الرسالة وصحفه فهى برهان على صحة دعواه لقوله تعالى ( وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين* أو لم يكفهم انا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم)(العنكبوت:51/52) فاخبر ان الكتاب آية ومعجزة كافية فى الدلالة على صدق محمد(ص) فى دعوى رسالته ومثل كتاب محمد(ص) كل كتاب يأتى به رسول من عند الله فهو معجزة له وآية على صحة ما جاء به وما ادعاه من حيث هدايته وتأثيره على النفوس ونقله للناس من الظلمات إلى النور وإلى الظل من الحرور معجز بعظمته وسلطانه على القلوب معجز فى اخباره بالغيوب،معجز فى أمره ونهيه، معجز فى وعده ووعيده ففيه تحيى الأمم من موتها وتستيقظ النفوس من غفوتها وغفلتها (ترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير)(الحج:5و6).
ع- ان محمداً(ص) قد تحدى الناس بالقرآن واستدل به عليهم على أنه رسول من عند الله وتحداهم بفصاحته وبلاغته بما هو مشهور أما بهاءالله فلم يستدل بذلك وما تحدى به على ما أعلم.
س- أن سائر كتب الأنبياء هى معجزة لهم كما تقدم من أن جميع حركات رسل الله معجزة للناس وليس من شرطها استدلال الرسول بها ولا تحديده بالاتيان بمثلها،بل دليل على صحة رسالته وان خلت من هذين القيدين.فالتوراة معجزة لموسى عليه السلام كما أن القرآن معجزة لمحمد(ص) وانما دلل محمد(ص) على رسالته بالقرآن وتحدى الناس به لأنهم قالوا أن محمداً افترى القرآن على الله فتحداهم بأن يأتوا بمثله وان هذا القرآن دليل على رسالته والا فسائر الكتب المنزلة هى معجزة لمن انزلت عليه ودليل على رسالته ألا ترى أن الله أمر محمداً أن يتحدى الناس بالتوراة والقرآن معاً كما حكى الله جل شأنه ذلك بالقرآن فقال وقوله الحق:
( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا اوتي مثل ما اوتي موسى أو لم يكفروا بما اوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا انا بكل كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما اتبعه إن كنتم صادقين فإن لم تستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم)(القصص:48/50).
فانظر كيف أمر الله رسوله محمداً (ص) ان يتحدى قريشاً بالتوراة كما يتحداهم بالقرآن لأنها معجزة لموسى فقال (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما فاتبعه) فلو لم يكن معجزة لما تحداهم بها مع أن موسى لم يتحد به أحداً فى حين أنها هى معجزة له وما دلل بها على أنه رسول من عند الله مع أن محمداً(ص) دلل بها على أن موسى رسول من عند الله وهكذا سائر آيات الرسل تدل على رسالة الله لرسله وان لم يتحدوا بها ولا دللوا ، فما كان محمد(ص) يتحدى أحداً فيما كان يظهره الله على يديه من تكثير الطعام ونبع الماء من بين أصابعه ولا كان يستدل بها على رسالته بل كان يأتى بذلك لحاجة المسلمين إليه ولا يشترط فى دلالة الدليل استدلال أحد به بل ما كان النظر الصحيح فيه موصلاً إلى علم فهو دليل وان لم يستدل به أو لم يستدل،أما قولك أن القرآن معجز بفصاحته وبلاغته فهو وان كانت فصاحته وبلاغته معجزة أيضاً لمن كان يعلم الفصاحة والبلاغة لكن ليس هو الذى تحداهم به الرسول بل الذى تحداهم به هو هدايته للنفوس وتأثيره فى القلوب ونقل الناس به من الظلمات إلى النور.
فهذا هو اعجاز القرآن والمقصود من انزاله وهذا شأن كل كتاب جيء به من عند الله ألا ترى قوله تعالى:
(قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما اتبعه)
ولم يقل بأفصح منها ولا ابلغ فالرسل انما تأتى إلى الناس لهدايتهم ونقلهم من الضلالة والجهالة إلى الإيمان والهداية ألا ترى تأثير القرآن فى النفوس وهدية الى الحق قد جعل الله به أقواماً كانوا فى هيماء الضلالة ومفاوز الشرك والغواية هداة للناس وقادة للأمم ونبراساً للصلاح، وهكذا كتب بهاءالله صحفه وألواحه ، كيف أنها قلبت العالم رأساً على عقب وجعلت الناس يؤمنون به، ويستجيبون لدعوته،وينقادون لأمره بعد انكارهم صحة ما جاء به ومقاومتهم اياه.
فكتبه وألواحه هى التى أثرت فى النفوس وجعلت الناس يؤمنون به دون أن يروه أو يحادثوه اذ قل من كان يستطيع الوصول إليه فانظر كم هى تأثير هذه الكتب والألواح!!!...
فلا جدران تلك السجون والقلاع التى سجن بها حضرة بهاءالله ولا الحرس الذين احاطوا بهذه السجون استطاعوا منع تأثير تلك الكتب ولم يكن حبس بهاءالله ولا احاطة الحرس به إلا لئلا ينتشر دينه،بين الناس ويتبعون تعاليمه ،ولكن الأمر جاء بالعكس فكتبه وألواحه فعلت ما كانوا يحذرونه،أليس هذا اعظم برهان على أن كتب بهاءالله وألواحه هى من عند الله؟ وهى معجزة له كما أن القرآن معجزة لمحمد (ص) والتوراة معجزة لموسى عليه السلام؟ ومما يزيدك ايقاناً بأن مثل هذه الكتب التى لها هذا التأثير هى من عند الله جل وعز صدورها من اناس لم يتعلموا عند احد ولم يدخلوا المدارس مثل عيسى ومحمد والباب وبهاءالله.
ع- أنا لا أستطيع أن أكابر وأقول أن كتب بهاءالله وألواحه لم تؤثر فى الناس بل تأثيرها باد للعيان كالشمس فى رابعة النهار ولكننا نعلم أن لكل رسول كتاب واحد فكيف يكون لبهاءالله كتب وألواح؟؟
س- ألم تر أن القرآن يصرح بذلك فى سورة البينة فى قوله تعالى: (رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة)(البينة:2،3). والكتب جمع كتاب والصحف جمع صحيفة وقوله تعالى يتلو صحفاً فيها كتب أى من هذه الصحائف ما هي كتب لأن الصحيفة ما يكتب فيها من قرطاس ونحوه،والكتاب هو الضم والجمع يقال تكاتبت بنو فلان اذا انضموا واجتمعوا فالصحائف اذا انضم بعضها إلى بعض كونت كتاباً ففى هذه الصحائف ما قد ضم بعضه إلى بعض ومن هذه الانضمامات تكوّنت كتباً ذلك معنى قوله تعالى فيها كتب قيمة،ويطلق البهائيون الألواح على ذه الصحف،والألواح والصحف بمعنى واحد.
قال العلامة الاصفهانى فى كتابه (غريب القرآن) "اللوح ما يكتب فيه من خشب وغيره كما قال الصحيفة ما يكتب فيها".
ع- هل هذا الرسول الذى يتلو الصحف والكتب معنيّ به بهاءالله؟
س- نعم. ان هذا الرسول المعنى به هو بهاءالله فاصغ إلى ما أسرده عليك من الأدلة عل ذلك قال تعالى:( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين اوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة)(البينة).
لما كان المفسرون يقولون أن لا رسول ياتى إلى الناس بعد محمد(ص) فسروا البينة فى الموضعين بمحمد(ص) فحصل الارتباك فى تفسير هذه السورة فذهبوا إلى عدة تأويلات بعيدة ومع هذه التأويلات البعيدة لم يستقم المعنى والصحيح أن البينة الاولى التى هى رسول من الله يتلو صحفاً فيها كتب ليست بمحمد(ص) بل أنه رسول يأتى من بعد محمد(ص) والمراد منه هو بهاءالله وليس أيضاً على محمد الباب كما ستعلمه.
اما البينة الثانية فهى محمد(صلى الله عليه وسلم) كما قال المفسرون وإليك جملة من الجلائل على صحة هذا:-
الدليل الأول-قال تعالى (حتى تأتيهم البينة) أى انهم لا ينفكون عما هم عليه من انكار رسالة محمد(ص) وجحودها إلى أن تأتيهم البينة فى المستقبل وهذه البينة هى رسول من الله أما محمد(ص) فقد أتى.
فإذاً هى ليست بمحمد ويؤيد هذا قوله (رسول) بالتنكير أما قول المفسرين تأتى بمعنى أتت فهذا يحتاج إلى قرينة تمنع صرف الكلام عما وضعت له وقرينتهم هى ما يعتقده الناس من انقطاع الرسالة بمحمد(ص) وهذا لا دليل فيه.
الدليل الثانى-ان هذا الرسول هو بينة وحجة واضحة على صدق محمد(ص) فيما ادعاه وجاء به ذلك لأن كل كتاب سماوى يبشر بالرسل التى تأتى بعد نزوله فإذا جاء الرسول الذى بشر به ذلك الكتاب كان ذلك الرسول هو بينة ودليل ظاهر على صدق الرسول المتقدم الذي قد بشر به بكتابه وكذلك بهاءالله لما كان مبشراً به فى القرآن فمجيئه كان بينة وحجة لمحمد(ص) على صدقه فيما ادعاه وجاء به من ربه.
الدليل الثالث- ان هذا الرسول يتلو صحفاً وكتباً ومحمد(ص) كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب فهو لا يتلو ما فى الصحيفة أما بهاءالله فكان يقرأ ويكتب فكان يتلو الصحف والكتب.
الدليل الرابع-أن بهاءالله قد نزلت عليه صحف وكتب فهو يتلوها أما محمد(ص) فلم ينزل عليه إلا كتاب واحد وهو القرآن الكريم ولا يمكن أن يوصف القرآن بأنه صحف فيها كتب أما تأويل بعض المفسرين يتلو صحفاً فيها كتب أي مكتوبات فهذا لا قيمة له لأن قوله تعالى (يتلو صحفاً) معناه أنها مكتوبة فالصحيفة البيضاء لا تتلى فقوله فيها كتب أي فى هذه الصحف كتب أى فيها ما هو أكبر من أن يسمى صحيفة أو لوحاً لكثرة صحائفه كما تقدم.
ع- صدقت أن الرسول الذى يتلو الصحف والكتب المذكور بهذه السورة هو بهاءالله ولكن يا(س) كيف علمت أن بهاءالله لم يدرس العلوم ولا دخل المدارس؟
س- كثيراً ما كتب بهاءالله فى كتبه وألواحه ذلك عن نفسه وهذا أمر يعرفه أهل ايران ممن عنى منهم بالتحقيق عنه فمنهم من علم ذلك عياناً وتحقيقاً ومنهم من علم ذلك سماعاً وتواتراً ومن قرأ كتابه الذى أرسله إلى ناصر الدين شاه وذكر حضرته: "يا سُلْطانُ، إنّي كُنْتُ كَأحَدٍ مِنَ العِبادِ وَراقِداً عَلى المِهادِ مَرَّتْ عَلَيّ نَسائِمُ السُّبْحانِ وَعَلَّمَني عِلْمَ ما كانَ. لَيْسَ هذا مِنْ عِنْدي بَلْ مِنْ لَدُنْ عَزيزٍ عَليمٍ. وأمَرَني بِالنِّداءِ بَيْنَ الأرْضِ وَالسَّماءِ بذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ ما ذُرِفَتْ بِهِ دُموعُ العارِفينَ. ما قَرَأتُ ما عِنْدَ النّاسِ مِنَ العُلومِ وَما دَخَلْتُ المَدارِسَ، فَاسْألِ المَدينَةَ التي كُنْتُ فيها لِتُوْقِنَ بأنّي لَسْتُ مِنَ الكاذبينَ."
ع-ذكرت فيما مضى أن الكتب السماوية تشتمل على أخبار عن المغيبات فهل كتب بهاءالله اشتملت على مثل ذلك؟
س- نعم. أن كتب بهاءالله اشتملت على أخبار عن مغيبات كما أن القرآن الكريم وسائر الكتب السماوية اشتملت على أخبار عن مغيبات فمن هذه ما هو عن معارف وعلوم كانت ولم تزل مجهولة ثم اكتشفت أو تكتشف بعد، أو أخبار عن وقائع وحوادث تقع بعد، فمن الأول مثلاً ما جاء فى الورق التاسع من الكلمات الفردوسية لبهاءالله عن عنصر القنبلة الذرية ولما كان حضرة عبد البهاء(الأبن الأرشد لحضرة بهاءالله) فى سانفرانسيسكو سنة 1912م شرح هذه النبوءة أمام جمع من البهائيين فقال:أنها اكتشاف عنصر يرغم الأمم على صون السلام وإلا حاق الدمار بالبشرية جمعاء.
وقد اكتشفت القنبلة الذرية واستعملت عام 1945 ولحق بهاءالله بالرفيق الأعلى عام 1892م بعد أن ترجم إلى اللغة العربية سنة 1920 ونشر هذا النبأ فى كثير من صحف العالم.
ومن الثانى كانذاراته التى أنذر بها الحكومة العثمانية عما سيحيق بها من جراء أعمالهم التى عاملوه وعاملوا اتباعه بها فمن قرأ كتابه الذى كتبه إلى السلطان عبد العزيز وكتابه الذى كتبه إلى الصدر الأعظم رئيس الدولة العثمانية أمين عالى باشا ودرس التاريخ العثمانى من زمن السلطان عبد العزيز إلى اواخر الحرب العامة يرى أن الأخبار كلها وقعت كما اخبر. ومثل ذلك ما جاء فى الكتاب الأقدس عن ألمانيا وبرلين وشواطئ نهر الراين فقد وقع كما اخبر،فالحرب وقعت مرتين مع ألمانيا وفيهما ارتفع حنين أهل برلين وفى الثانية تغطت شواطيء نهر الراين وغيرها بالدماء.
كذلك جاء فى الكتاب الأقدس عن زوال زينة استنبول وهى النقطة الواقعة على شواطيء بحر الأسود وبحر مرمرة فقد زالت زينتها بزوال منصب الخلافة والسلطنة العظمى وأصبحت محصورة فى آسيا الصغرى وفى طرف صغير من اوربا فقط ولو أردنا سرد أمثال ذلك من أخباره عن المغيبات لاحتجنا إلى كتابة مجلدات.
رابط المكتبة البهائية وكتاب الأقدس :
وتابعوا معنا براهين الطريق الثالث فى مقالنا القادم........
تحياتى
No comments:
Post a Comment