أمة وسطا
إن النبوءات التي تشير إلى انتهاء الرسالة أوالشريعة الإسلامية والتي تبشر بمجيء رسلٍ من عند الله عديدة وكثيرة. لنبحث سوياً إحدى النبوءات التي لديها الميزات التالية:
· إنها موجّهة إلى المسلمين خاصة.
· تدعو المسلمين بعبارة أمة.
· تضعهم أمةً وسطا بين الأمم الأخرى.
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً... (سورة 2, آية: 143)
الفعل جعل له عدة معان في قاموس اللغة ( المنجد مثلا) ومن معانيه:
1- صنع , خلق, نحو: جعل الله الظلمات.
2- أخذ وشرع, نحو: جعل يكتب.
3- وضع, صيَّر, نحو: تجاعلوا الشيء: وضعوه بينهم.
أي من المعاني السابقة هي أقرب معنى لكلمة وسطا ؟ إن المعنى الثالث يشير إلى موقع وموضع, أي أننا وضعنا أمتكم وسطا. كيف يمكن أن يكون الإسلام هو آخر دين وآخر رسالة ويكون المسلمون أمةً وسطا ؟
إن الآية السابقة تشكِّل تهديدا خطيراً لاعتقادٍ راسخ مدعومٍ من قبل المسلمين المتعصبين. ومرة أخرى نلاحظ بأن علماء الدين يبادرون بإيجاد معنى آخر لهذه الآية وإخفاء المعنى الحقيقي بطريقة ما. لقد استخدم اليهود والنصارى نفس الاستراتيجية لإخفاء الدلالات من الكتاب المقدس والتي تشير إلى ظهور الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
يا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ... (سورة 5, آية: 15)
وعلماء المسلمين استخدموا نفس الأسلوب والذي تم تطبيقه على الكلمات الأخرى غير المرغوب فيها. إن كلمة " وسط" هي الكلمة غير المرغوب فيها في الآية السابقة. لنتمعن في معنى كلمة (وسط ) من القاموس ثم نراجع الاستراتيجية التي اعتمدها العلماء لتغيير معناها. إن من معاني الكلمة:
1- توسط القوم أو المكان : جلس وسطهم.
2- كل موضع يصلح فيه وضع "بين" عوضاً من "وسط" , يقال "هو في وسط القوم وفي وسطهم" أي بينهم.
3- الوسط للمذكر والمؤنث والواحد والجمع: المعتدل.
متوسط , في المثلث مثلاً : مستقيم يصل بين رأس ما ومنتصف الضلع المقابل.
لو تمعَّنَّا في المعاني السابقة نجد بأن أكثرها تدور حول التوسط أي أخذ الوسط بين الأشياء, وعلى أساس القائمة السابقة هل هناك سببٌ لرفض المعنى الأساسي لكلمة وسط وهو المرادف الصحيح له بالإنجليزية. ولكن بقبول المعنى الشائع لكلمة وسط في حد ذاته من شأنه أن يُقَوِّض أو على الأقل يُضعف عقيدة المسلمين لمسألة خاتم النبيين. ما هي الخيارات الأخرى عند علماء المسلمين لمعنى كلمة وسط؟ بإمكانهم إختيار : عادي , متوسط. لكن اعتمد العلماء معنى واحداً لكلمة "وسطا" وهو (معتدل) , وعلى الرغم من أن هذا ليس تفسيرا معقولا لكلمة " وسطا" إلا أنه هو الذي اختاره العديد من علماء الدين. البعض منهم قد خطا خطوة أبعد من ذلك. إنهم يزعمون بأنه مادام الشخص المعتدل ليس متطرفاً فأنه يكون منصفاً أيضاً. ولذلك يستنتجون بأن ما يُعنيه الله بقوله أن المسلمين هم أمة وسطا أي أنهم أمة منصفة وعادلة في أفعالها وأنماط حياتها وسياساتها.
هناك عدد قليل من العلماء مثل الباحث يوسف علي وهو من الموثوقين بهم والذي اتبع نهجاً مختلفاً , إنه ممن يزعم بأن كلمة وسط تعني " معتدل بإنصاف" أو منصف باعتدال. هل يعقل هذا التفسير؟ أولاً إنني (الكاتب) لم أجد في أيٍّ من القواميس التي فحصتها الكلمتين منصف ومعتدل كمعنى لكلمة وسط. ثانياً ماذا يعني أن يكون الشخص معتدل بإنصاف ؟ هل يمكن أن يكون الشخص معتدلاً بلا إنصاف؟ أو منصفاً بلا اعتدال؟ إن الخيارات المختلفة التي قدمها علماء الدين تثبت مرةً أخرى هذه الحقيقة وهي أن الناس عندما لا يحبون ما تتضمنه الآية من معنى محدد يغيرون المعنى كي تناسب رغباتهم وتوقعاتهم الخاصة.
دعونا نضرب مثالا لكي نرى لماذا وكيف يغير المسلمون الكلمة الإلهية. لنفترض أنك شاركت في سباق الدراجات ومن ثَمَّ في نهاية السباق سمعت أن القاضي يقول إنك أنهيت المباراة وأحرزت رتبة المنتصف أي كنت في مرتبة الوسط . بالطبع ليس هذا ما كنت تريد أن تسمعه, إذاً ماذا سوف تفعل؟ من المحتمل أنك تحاول إنكارالموقف ورفضه, فتقول: كان يدور في مخيلة القاضي أمراً آخراً. فكما أعتقد ــ إنني إنسان عظيم والقاضي ربما بكلمة "وسط" كان ينوي أن يقول بأنني إنسان عادل وأقر بالمنافسة العادلة. إن هذه الاستراتيجية هي تلك التي اعتمدها علماء الدين وعزَّزوا من شأنها. من الذي يرغب أو حتى يجرؤ على رفض تفسير يقرُّه العلماء؟ إن الناس يحبون أن يستمعوا إلى قادة أديانهم الذين قاموا بإعلاء شأن ديانتهم ورفع مكانتها فوق سائر الأديان. يود أتباع الأديان أن يكون لهم مبررات لمعتقداتهم لا سيما إذا كانت هذه المعتقدات تجعل دينهم مميزاً وفريداً من نوعه. هذا هو سر بقاء علماء الدين على رأس السلطة حيث يُفوَّضُُ إليهم كل الأمور ويبقى العالم في حالة من الفوضى والانقسام.
لقد أحَبَّ المسيحيون أن يستمعوا إلى علمائهم وهم يقولون لهم أن يسوع هو المنقذ الوحيد. وينطبق الشيء نفسه مع الغالبية العظمى من أتباع الديانات الأخرى. فالمؤمن نادراً ما يتجرأ أن يشك في المعتقدات السائدة لأسلافه رغم كونها غير عقلانية.
إن النبوءة التالية لا تنطبق على المسيحيين واليهود فقط, بل تنطبق على المسلمين أيضاً.
فإنه سيأتي زمان لا يطيق الناس فيه التعليم الصحيح بل تبعاً لشهواتهم الخاصة يكدسون لأنفسهم معلمين ( يقولون لهم كلاماً) يُداعب الآذان. تيموثاوس 2 , 4:3
القول بأن المسلمين هم أمة وسطا يتفق بانسجامٍ تام مع الآيات التي درسناها خاصةً تلك التي تصّرِّح بالمبدأ التالي:
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ. سورة 7 , آية: 34
إذا كان لكلِّ أمةٍ أجلٌ فلابد لها أن تواجه الموت (بالطبع الموت الروحاني) في الوقت المحدد. وهل يخلف الله بوعده من إرسال الرسل لكي ينعموا علينا بفيض من كنوز علمه؟ لا يمكن لربٍ رحيم ورؤوف بعباده أن يتخلى عنهم.
ومن سنة الله الأبدية أن الموت يعقبه دائما هبة حياة جديدة. وهذا هو السبب في إرسال الرسل بين حين وآخر. ولكن تسمية المسلمين بأنهم أمة وسطا في حد ذاته يبين لنا أن الله كان على اطلاع كامل بالاعتقاد السائد بين المسلمين بأنهم آخر أمة وإلا لم يكن المسلمون بحاجة إلى التذكير بأنهم يقعون في المرتبة الوسطى من التسلسل الأممي.
سوف نقوم الآن بدراسة التفسير الشائع لكلمة "وسطا" ثم بعد ذلك نراجع القرآن الكريم لمعرفة ما إذا كان يؤكد التفسير الذي نقدمه هنا.
· إذا كان الله يريد أن يُصّرِّحَ بأن المسلمين هم إما منصفون أو معتدلون أو معتدلون بإنصاف, فلماذا لم يختار سبحانه وتعالى كلمة محددة ليعبر بوضوح عن هذه الصفات؟ لماذا اختار كلمة وسطا ويراد بها معتدلون؟
· الكلمتان اللتان تعرِّفان كلمة وسطا أي عادل (منصف) و معتدل, ليستا مترادفتين أو منسجمتين. علينا أحياناً أن نتخذ إجراءات صارمة لنكون عادلين ومنصفين. ماذا لو كان عومل هيتلر باعتدال ولطف؟ الاعتدال في هذه الحالة سوف يكون الظلم بعينه.
· إن الاعتدال هو فضيلة تكون في مظاهر معينة من الحياة فقط. على سبيل المثال هل هي من الصفات الحسنة أن نكون معتدلين في الفضائل مثل العدالة والأمانة؟ عندما يتعلق الأمر بالفضائل الاعتدال هنا يمكن أن يعني الوسطية. في الحقيقة هذه هي إحدى المعاني الأقل شيوعاً لكلمة "وسطا" .
· أليس في اختلاف علماء الدين الذين اختاروا ثلاثة معان مختلفة لكلمة "وسطا" تكمن حقيقة واضحة بأن المعاني كلها هشة. فكما لاحظنا أن القاموس لم يعدد أو يسجِّل كلمة معتدل أو متوازن كمعنى مختلف لكلمة "وسطا".
· الآية كما تُرجِمت بصورة تقليدية تُصرِّح بأن:
جعلناكم أمةً عادلة ومنصفة. (سورة 2, آية: 147)
ماذا تعني الآية بأن نقول " جعلناكم أمةً معتدلة ومنصفة" ؟ هل الله سبحانه وتعالى خلق المسلمين أو أجبرهم بأن يكونوا معتدلين؟ ألا يتضمن هذا الافتراض (جعلناكم أمةً معتدلة ومنصفة) بأن الله سبحانه وتعالى بطريقة أو بأخرى ساعد المسلمين ليكونوا معتدلين, ولكن ترك سائر أتباع الديانات الأخرى لتصبح ظالمة ومتطرفة.
· هل توجد آية في القرأن تؤكد مثل هذا التفسير؟
· هل يوجد في التاريخ الإسلامي أي دليل أو إشارة إلى أن المسلمين كانوا إما أكثر إعتدالا أو أكثر عدلا من أتباع الديانات الأخرى, مثل الهندوس والبوذيين واليهود والمسيحيين والزردشت وغيرهم؟
· لقد انقسم الإسلام إلى طائفتين رئيسيتين مع معتقدات مختلفة جذرياً حول خلافة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. هل يمكن لكلتا الطائفتين أن تكونا معتدلتيْن أو عادلتيْن فيما يتعلق بأكثر المسائل أهميةً ألا وهي: من هم الذين كانوا أحقا بخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
· إن الآية التي تدعو المسلمين بأنهم أمة " وسطا" تؤكد إلى مدى أبعد الأدلة المقدمة مسبقاً والتي توضح بأن الأمة في هذه الآية لا تعني دولة أو شعب. وإن المسلمين ليسوا شعباً بل هم أفراد يؤمنون بالإسلام وينتمون إلى شعوب عديدة.
بعيداً عن كل الأدلة المقدمة سابقاً لتبيين أن " وسطا" في الآية تعني حقاً أن المسلمين هم أمة " وسطا" نجد أن من خلال دراسة العبارتين الأخيرتين للآية يمكننا أن نتبين المعنى الحقيقي لكلمة "وسطا".
لنتمعن في معنى الآية مرة أخرى ونصنفها إلى ثلاثة بنود:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً... سورة 2, آية : 143
· منزلة المسلمين هي: أنهم أمة وسطا.
· ليكونوا شهداء على الناس.
· ويكون الرسول عليكم شهيدا, أي ليرى كيف تتصرفون.
ترجمة أخرى:
إخترناكم أمة خيارا عدولا, لتشهدوا على الأمم بأن رسلهم بلَّغتهم رسالات ربهم, ويكون الرسول شهيدا عليكم أنه بلَّغكم رسالة ربه. ( كما جاء في تفسير الجلالين والتفسير الميسر في المصحف الرقمي).
إلى ماذا تلمِّح فقرة لتكونوا شهداء على الناس؟ ماذا تطلب من المسلمين أن يفعلوا؟ إنها تطلب منهم التفكر والتأمل في الطريقة التي كان الناس يسلكونها وقد استمروا بالتقيد بها, إذاً هذه الآية تذكِّر المسلمين علَّهم يتعلمون درساً من التاريخ. إن الآيات القرآنية الأخرى تطلب منَّا مراراً أن نعتبر من أفعال الأمم السابقة لأن التاريخ يعيد نفسه, [ وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَتَتَّبِعنَّ سُننَ مَن كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضبّ لتبعتموهم . قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟ قال: فَمَن؟]
والناس قد اعتادوا بتقليد الأجداد السلف فعندما يُبعَثُ رسول جديد يصدون عنه كما فعل أجدادهم القدماء تماماً.
إلى ماذا تُلمِّح فقرة ويكون الرسول عليكم شهيدا؟ ماذا تُبلِّغ المسلمين؟ إنها تُقدِّم لهم هذا التحذير : كما أنكم أيها المسلمون تتأملون أتباع الديانات الأخرى لكي تتعلموا من دروس التاريخ, فسوف يتأمل تصرفاتكم الرسول الكريم ليرى ما إذا كنتم تتعلمون من دروس الأمم السابقة وتأخذون العِبَر منها أم لا. فالآية إنما هي تحذير للمؤمنين لأنها تصرِّح بهذا الخطاب : تدَّبروا وتفكَّروا في تاريخ ديانة الملل السالفة. هذا الخطاب يتكرر في سورة قرآنية أخرى :
... لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ... سورة 22, آية: 78
إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. سورة 73, آية: 15
تأمل هذه الآيات أيضاً:
وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ.... ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ. سورة10, آية: 13-14
ماذا تعلمنا الآيات السابقة ؟ بأن الناس دائماً رفضوا أنبياءهم بسبب محدودية عقولهم والتي خيمت عليها سحب التقليد حتى أن براهين الله لم تُقْنِعْهم. ألسنا نحن ورثة هؤلاء الأقوام؟ سوف نكون في موقفهم يوماً ما. ويتعين علينا آنذاك أن نقبل أو نرفض الرسول الجديد الذي بعثه الله سبحانه وتعالى. ألا ينبغي لنا أن نتعلم ونعتبر من دروسهم؟ هل علينا أن نكون أُسراء للتقاليد أو هل ينبغي أن نعترف بحجج الله التامة والكاملة والتي تؤكدها الآيات التي تُثبت بأن الله سوف يبعث رسولا جديداً. إذاً لماذا أخبر الله المسلمـيـن بـأنـه سـوف يكـون عليهـم شهيـدا وكمـا ذكـرت الآيـــة (لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)؟
يبين القرآن الكريم بأن الله يبعث رسله بمهام خاصة مثل:
· تأكيد صدق الرسالات السابقة.
· يبشر المؤمنين برحمة ربهم كما يبشرهم بمجيء الرسل الذين وعدهم الله.
· يحذر الناس من عواقب رفضهم لأولئك الرسل.
· يكون شاهداً على أتباعه لينظر كيف يعملون.
الآية التالية تشير إلى ثلاث من تلك المهام:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. سورة 33, آية: 45
كان عيسى عليه السلام شهيداً على أتباعه فعندما سأله الله عن أتباعه الذين أساؤوا فهم وتفسير تعاليمه, أجاب حضرته:
كُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ...... إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ... سورة 5, آية 117:118
تنص الآية التالية أن المسلمين كانوا أيضاً شهداء:
هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس. سورة 22, آية: 78
سيدنا محمد: شاهد على المسلمين الذين عاشوا بعد ظهور الإسلام – لينظر كيف يعملون.
المسلمون: شهداء على أتباع الديانات السابقة ـــ أي المسلمون الذين عاشوا قبل ظهور الإسلام وبعده ـــ (لأن اتباع الديانات كلهم بشهادة القرآن مسلمون) ليروا كيف كانوا يعملون ولازالوا يتصرفون.
تماما كما جاء الرسل لهداية المسلمين الذين عاشوا قبل ظهور الإسلام فإنهم سوف يأتون لهداية المسلمين الذين سوف يعيشون بعد ظهور الإسلام. فقد وصف الله الأمم السابقة بالمسلمين فصار الإسلام وصفاً شاملاً وشرطاً لكل الرسالات الإلهية. فالإسلام هو وصف للأمم التي سبقت ظهور الدين الإسلامي وللمؤمنين الذين سوف يفوزون بعرفان الرسل من بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
إن هذه الدلالة ترفع من شأن الإسلام وتجعله عظيماً.
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ. سورة 35, آية: 39
إن الآية السابقة تخاطب المسلمين الذي هم بالفعل على الصراط المستقيم ولم ينكروا الحقيقة. ماذا يمكن أن ينكر المسلمون غير الرسول الذي سوف يأتي بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. تتنبأ الآية وبطريقة مهذبة وبارعة بأنه رغم كون المسلمين شهداء على مصير الأمم الماضية ولكن الكثيرين منهم لن يعتبروا ويتعلموا الدرس المطلوب.
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلا نُفُوراً..... يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً . سورة 35, آية: 42-43
عندما ندرس الآيات السابقة, نُدرِك ما يلي :
· يجب على المسلمين أن يكونوا شهداء على مصير الأمم السابقة.
· إن المسلمين سوف لن يأخذوا العِبَر, وكثيراً منهم سوف ينكر الرسل في المستقبل.
· إن أتباع أي دين جديد يقسمون بأنهم ليكونن أهدى من إحدى الأمم أي الأمم الذين من قبلهم.
· عندما جاءهم رسول جديد اتبعوا سبيل مَن سبقهم من الأمم فاستكبروا واستهزؤوا به.
· هل الناس - بمن فيهم المسلمين – سوف يسلكون طريقاً آخراً؟ وهل يعتقدون بأنهم سوف لا يتبعون سبل الأمم السابقة؟
· إنهم ( المسلمون) سوف لن يغيروا طريقة استجابتهم لرسل الله, ولن يغير الله في طريقته لإرسال الرسل.(من كتاب-خاتم النبيين)
إن الآيتين الأخيرتين التي تتبع الآيات السابقة تُعرِبُ عن صبر الله وعدله.
ونتابع في عدالة الله............ فكونوا معي.
المنجد في اللغة و الإعلام , الطبعة السابعة والعشرون, ص 93.
No comments:
Post a Comment