مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا
وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ. سورة 23, آية: 43
نظراً لأهمية
موضوع خاتم النبيين والذي كان السبب لرفض أي نقاش أو تأمل في حقيقة المعنى المقصود
بتلك العبارة, فإننا سوف نواصل دراستنا لهذا الموضوع لنرى هل يمكن أن يساند بحثنا
إدعاءات ختم النبوة والتي تعتمد على التقاليد المأخوذة بشأنها.
لماذا يكرر
القرآن الكريم موت أو أجل كل أمة مرات عديدة. ما أهمية هذه الرسالة التي يوجهها
الله سبحانه وتعالى؟ هل هذه الآيات تشير إلى موت كل أمة أم الموت الروحاني لأتباع
كل دين في زمن معيَّن؟ هل تشير إلى اختفاء أمم ومجتمعات علمانية أم إلى انتهاء
دورة حياة الأديان السابقة أي انتهاء عصرها نتيجة بزوغ فجر دين جديد؟ أي من
المعاني هي أقرب للواقع؟
لنقارن العالم
المادي بالروحاني. ألا تشرق الشمس فجر كل يوم وفي ساعة محددة لتوقظ النائمين
وتبشرهم بقدوم يوم جديد؟ وبنفس الطريقة عندما يحل الظلام الروحاني على أهل العالم
يرسل الله نوره أي ضياء المعرفة لكي يوقظ النائمين. فبدون ذلك النور سوف نعيش في
الظلام ونكون ميتين روحانياً. كيف كانت الحالة الروحانية لليهود في زمن السيد
المسح؟ ولماذا أتى عيسى عليه السلام؟ ألم يسمي غير المؤمنين أمواتاً؟
وقالَ لَه آخَرُ مِنَ
التَّلاميذ: ((يا رَبّ، إِيذَنْ لي أَن أَمْضِيَ أَوَّلاً فَأَدْفِنَ أَبي )).
فقالَ لَه يسوع: ((اِتْبَعْني وَدَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوْتاهم )). إنجيل متى, الإصحاح 8, الآيات 21-22
لماذا أرسل الله سبحانه وتعالى
السيد المسيح؟
و أما أنا فقد أتيتُ لتكون لهم حياةٌ و ليكون لهم فياضةٌ. إنجيل يوحنا, الإصحاح 10,
آية: 10
الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي و يؤمن بالذي أرسلني فله حياةٌ
أبديةٌ و لا يأتي إلى دينونةٍ بل قد انتقل من الموت إلى الحياة. إنجيل يوحنا, الإصحاح 5, آية: 24
فلماذا إذاً
أرسل الله عيسى عليه السلام؟ لأن حياتنا الروحانية مرهونة برسل الله وتعتمد عليهم,
مثلما تعتمد حياتنا الجسمانية على الشمس.
لأني أنا حي فأنتم ستحيون.
إنجيل يوحنا, الإصحاح 14, آية 19
من آمن بي و لو مات فسيحيا.
إنجيل يوحنا, الإصحاح 11, آية: 25
الحق الحق
أقول لكم إن كان أحدٌ يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الابد. إنجيل يوحنا, الإصحاح 8 , آية: 51
أنظر أيضاً, إنجيل
يوحنا, الإصحاح 6, الآيات: 33, 47-51
وبالمثل ألم
يكن اليهود والمسيحييون والوثنيون أمواتاً روحانيين حين بُعِثَ سيدنا محمد؟
.... وَكُنتُمْ
أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ..... سورة 2,
آية:28
حين يعلن رسل
الله عن رسالتهم ويُبعَثون في الساعة التي حددها سبحانه وتعالى, يتحتم على الناس
الاستجابة إلى دعوتهم, عدا ذلك سوف يُحرَمون من نعمة الله وفضله ويُعَدّون من
الأموات بسبب عدم إيمانهم. ولهذا السبب يحذرنا الله ويكرر :
وَلِكُلِّ
أُمَّةٍ أَجَلٌ.... سورة 7, آية: 34
هل يمكن أن
يدعي اليهود بأنهم مستَثنَون عن هذه القاعدة؟ ماذا عن المسيحيين والمسلمين إذاً؟
بالطبع لا يمكن لهم هذا الادعاء, لأن القرآن لم يستثنِ أي أمة من أن يكون لها أجل
مسمى.
تأمل الآية التالية:
كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا
كَذَّبُوهُ. سورة 23, آية:44
أولاً: ما هي الحالة الروحانية لأولئك الذين
ينكرون رسولهم الذي يبعثه الله لهم؟ هل هم ميتون روحانياً أم أحياء؟ ثانياً: إذا
أنكرت أي أمة دون استثناء رسولها, لماذا يكون المسلمون مستثنين عن هذه السنة
الإلهية؟ هل هناك أي مبرر للاعتقاد بأن المسلمين سوف يتصرفون بصورة متباينة
ومختلفة؟
ألم تجد الأمم السابقة مبرراً
لكي تنكر وترفض رسولها الذي وُعِدَت به؟ ألا يتوقع اليهود مجيء السيد المسيح كمَلِك
قوي؟ ألا يتوقع المسيحيون أن ينزل مُخلِّصهم من السماء؟ أليس من المعقول أن
نتصور بأن المسلمين على غرار جميع الأمم السابقة سوف تبحث عن سبب لتبرير رفضها
للرسول الذي وُعِدَت به؟ أليس من المعقول أن نعتقد بأن المسلمين يتبعون"سنة"
أتباع الديانات السابقة ويحْذَون حذوهم ؟ ألا يبحث المسلمون أيضاً في القرآن
الكريم عن كلمة تعطيهم المبرر لكي ينكروا ويرفضوا وحتى يقوموا بإيذاء وإلحاق الظلم
بمن سيأتي ليدلهم إلى الدين القيِّم, ذلك الدين الذي جاء وعده مراراً وتكراراً؟
ما هي الكلمة التي يمكن أن تكون
ذريعة لتبرير رفض المسلمين للرسول الجديد غير كلمة "خاتم"؟ ألم تكتسب
تلك الكلمة اليتيمة في القرآن الكريم قوى هائلة؟ ألم تخفِ تلك الكلمة كثيراً من
النبوءات التي تتعارض مع المعنى الذي قدمه المفسرون الراغبون بالاعتقاد بأن دينهم
يسمو فوق الديانات الأخرى ويتميز بمنزلة خاصة؟ أليست هذه هي سنة زعماء الدين المتَّبَعة
في جميع الأديان والتي مازالوا يسيرون عليها؟
وفي
الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَتَتَّبِعنَّ
سُننَ مَن كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضبّ لتبعتموهم .
قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟ قال: فَمَن؟
والآن
لنتأمل ونرى كيف هي الحالة الروحانية لعالمنا اليوم؟ هل يعيش حياة روحانية تنبض بروح
الحيوان ويعم السلام والمحبة أرجاء المعمورة؟ ألا يُقتَل يومياً مئات المسلمين
ويتعرض آخرون للتعذيب من قبل مسلمين آخرين؟ هل الرسول صلى الله عليه وسلم حارب
أوقاتل أتباعه يوماً ما؟ هل قتل أو جرح مسلماً واحداً؟
وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً
مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً.
سورة 4, آية: 93
أنظر أيضاً : سورة 5, آية:
32-33
أليس ما يجري في العالم
الإسلامي هو إتمام وتحقق للنبوءة التالية من القرآن الكريم:
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ
إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً. سورة 25, آية:30
ألم يحن الوقت لمجيء رسول من
عند الله لإحلال السلام بين الدول المتحاربة؟ أليس الوقت مؤات لظهور رسول يأتي
بحياة ملؤها السعادة والسلام لأتباع جميع الديانات؟ ألم تأتِ الساعة التي يجب أن
يظهر فيها رسول يُحيي الأديان السابقة؟ هل يمكن لإلهنا الرحمن الرحيم أن يشاهد
معاناة البشرية ويظل صامتاً لعصور عديدة؟ هل يلغي أو ينسخ سنته بإرسال رسول جديد
وكتاب جديد في كل عصر؟(خاتم النبيين)
لِكُلِّ
أَجَلٍ كِتَابٌ. سورة13, آية: 38
سُنَّةَ مَن
قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً. سورة 17, آية: 77
No comments:
Post a Comment