Saturday, August 11, 2007

نتابع معاً-آدم وحواء


(2)

يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذا تصور ساذج لأن الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. كان الله تعالى يعلم أن الشيطان(مظهر العصيان) سيغتصب منهما البراءة. وكانت هذه المعرفة شيئا لازماً لحياتهما على الأرض. وكانت التجربة كلها(تدبير وخطة إلهية ليعلم الخلق أن الطريق إلى جنته يمر بطاعة الله والعمل بأوامره وعداء الشيطان(مظهر العصيان). هل يقال لنا أن الإنسان مسير مجبور.. وأن آدم كان مجبورا سلفا على أن يخطئ ويخرج من الجنة ويهبط إلى الأرض. حقيقة إن هذا التصور لا يقل سذاجة عن التصور الأول. كان آدم حرا تمام الحرية. ولهذا تحمل تبعة عمله.عصى وأكل من الشجرة فأخرجه الله من الجنة.. معصيته لا تنافي حريته. بل إنها تستمد وجودها الأصلي من حريته. كل ما في الأمر أن الله كان يعلم سلفا ما سيحدث، يعلم الله الأشياء قبل حدوثها، ولكنه لا يدفعها دفعا أو يقهرها قهرا على الحدوث. إن الله يعطي الحرية لعباده ومخلوقاته.
ويرتب على ذلك حكمته العليا في تعمير الأرض لكى تكون الخليقة ثم يكون عرفان الله وعبادته عن طريق رسله ورسالاته وأوامره.
أصل تسمية آدم وحواء
آدم كلمة سامية قديمة تعني الإنسان سواء كان ذكرا أو أنثى (أي آدم تنطبق على الرجل و المرأة)ويعتقد اللغويون المختصون في اللغات الشرقية السامية أنها مشتقة من كلمة أدمة وهي التربة الطينية . أما حواء فهي تعني في اللغة العبرية "أم كل حي" وأصل هذه التسمية ورد في الإصحاح الثالث من سفر التكوين.
أصل قصة آدم وحواء وظروف تدوينها
لم ترد قصة آدم وحواء في أي من أثار الحضارات القديمة الشرقية (حضرات مصر و بلاد الرافدين وحضارات فارس
و الهند والصين) أو أثار الحضارات الغربية (الإغريقية والرومانية و السلتية) و ماو رد من قصص بدئ الخليقة وأصل البشرية لدى أهل الأمم العريقة متنوع تنوع المعتقدات الدينية واختلاف الظروف التاريخية. كما أن قصة آدم وحواء وطوفان نوح وغير ذلك من القصص التوراتية غير موجود لدى أهل الديانات الزردشتية والهندوسية والبوذية والكونفشيوسية التي يمثل معتنقوها معظم سكان العالم. قصة آدم وحواء وكل ما يتعلق بقصص بدئ الخليقة وسير الأنبياء السابقين لم ترد في الأصل على لسان موسى الكليم إذ أنه جعل الأولوية إقامة أساس متين للتوحيد والأخلاق العامة من خلال شريعته و وصياه العشر ولذلك فهو كغيره من الأنبياء في الأزمنة الغابرة لم يناقش أتباعه في كل ما درجوا عليه من المعتقدات والمفاهيم الأسطورية خصوصا وأن الوثنية كانت ما تزال غالبة عليهم. ولم يدون أي من أنبياء بني إسرائيل أو من سبقهم من الأنبياء سيرته الذاتية أو أيا من القصص التاريخية الواردة في العهد القديم من الكتاب المقدس فكل هذه القصص دونت في مرحلة متأخرة إبتداء من القرن السادس قبل الميلاد وذلك بعد انتهاء سبي بابل الذي استمر سبعين عاما وكانت البداية مع عزرا الكاهن كاتب وصايا الرب(عزير في القرآن الكريم) الذي طلب منه اليهود العائدون من السبي تدوين تاريخهم منذ بداية الخليقة على وجه الأرض الذي كتب كل إصحاحات سفر التكوين ومن جملة ما كتب قصة خلق الأرض في ستت أيام وخلق آدم وطرده مع حواء من الجنة نتيجة عصيانهما وأكلهما من شجرة معرفة الخير والشر أما بقية قصص العهد القديم بما فيها مقاطع كاملة من سفر التكوين فقد دونها تلاميذ عزرا الكاهن ومن جاء بعدهم من الأحبار اليهود وبعضها كان تدوينا لروايات شفوية تنقلتها أجيال بني إسرائيل المتعاقبة ومن جملتها سير الأنبياء والمرسلين السابقين وأعمارهم و أسماؤهم إلى جانب سير قضاة و ملوك بني إسرائيل وحروبهم وأعمالهم وبعض هذه الروايات قد يكون صحيحا مستمدا من أصل واقعي وبعضها الآخر باطل من خيال وأساطير ومبالغات الرواة أو مقتبس من التراث الأسطوري والديني لحضارات الهلال الخصيب(العراق وسوريا الكبرى) ومصر


.
وعلى موعد-انتظرونى
ومنتظرة تعليقاتكم

2 comments:

Anonymous said...

العزيزة راندا

قصة الطوفان كما جاءت في التوراة بحزافيرها منقوله من قصة الطوفان البابلية
وكما قلت أنت هي إحدى تاثيرات السبي البابلي على النص
تحبي ابعت لك النص
تحياتي

http://thedayunique.blogspot.com/ said...

عزيزنا أ. شريف
أهلاً بمرورك الكريم-ويسعدنى تشريفك، كما يسعدنى ارسالك لى النص ،أكون شاكرة لك.
تحياتى
راندا

Powered By Blogger