عفواً يا أمة الإسلام قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما بعدكم وأنتم له كافرون وعنه معرضون-(7)
عن تاريخ حضرة الباب-(ميرزا على محمد)
ع- هل بإمكانك أن تخبرنى عن تاريخ هذين الرجلين العظيمين-(حضرة الباب-وحضرة بهاءالله).
س- بكل سرور.أما حضرة الباب فهو من السلالة الطاهرة النبوية وعائلته معروفة فى شيراز واسمه ميرزا على محمد بن السيد محمد رضا ،ولد فى أول محرم سنة 1235 هجرية وبعد مضى سنتين من ولادته توفى والده وكفله خاله السيد على أحد تجار شيراز ،وكان منذ طفولته مواظباً على العبادة والصلاة،فلما ترعرع وشبّ واشتهر بالتقوى والورع وكان ظاهر المهابة بادي النجابة كثير الوقار.اشتغل بالتجارة مع خاله المذكور أولاً ثم استقل فيها لنفسه وقبل دعوته جاء إلى العراق لزيارة المشاهد المقدسة ومكث فيه اقل من خمسة أشهر ثم رجع إلى شيراز فلما بلغ سن الخامسة والعشرين أعلن أنه هو الباب ويقصد بهذه الكلمة أنه واسطة فيوضات من شخص عظيم لا يزال خلف حجاب العزة وكان ذلك فى الخامس من جمادى الاولى سنة 1260 هجرية فأول من آمن به وصدقه كان الملا حسين بشروئى وهو من أكبر تلاميذ السيد كاظم الرشتى ثم تتابع الناس فى الايمان به حتى بلغوا ثمانية عشر رجلاً فسماهم الباب بحروف الحي وامرهم بالتوجه إلى ايران والعراق للتبشير بظهوره والدعوة إلى اتباعه وأمرهم بكتمان اسمه حتى يعلن بنفسه عن نفسه وتوجه فى تلك السنة نفسها إلى مكة وبعد اكماله مناسك الحج أعلن دعوته هناك وكتب بها إلى شريف مكة ولما تأخر الجواب أردفه بكتاب تان غير أن انشغال الشريف بأمر الحج لم يمكنه من الاجابة عليه وبعد زيارته المدينة عاد إلى ايران ونزل فى(بوشهر) أما فى شيراز فأخذت الدعوة بمساعى من آمن بالباب وباغراء العلماء لحاكم فارس حسين خان اجودان باشى ألقى القبض على القائمين بنشر الدعوة الملا صادق ورفقائه وجلدوهم واحرقوا لحى بعضهم وخرموا انوفهم وطافوا بهم فى الاسواق وارسل خيالة من حرسه الخاص إلى بوشهر للقبض على الباب وبعدما قطع الحرس المرحلة الثالثة من سفرهم وجدوا فى البرية شاباً يتمنطق بحزام أخضر وعليه عمامة صغيرة كما يلبس عادة الاشراف الذين يحترفون التجارة وكان ممتطياً جواده وخلفه حبشى يحرس امتعته فلما قاربهم سلم عليهم وسألهم عن مهمتهم فأجاب رئيسهم بأن حاكم فارس أرسلهم بمهمة فى تلك الجهة فتبسم قائلاً أن الحاكم أرسلكم للقبض علىّ فها أنا ذا افعلوا معى ما تريدون وحضرت لمقابلتكم كى اوفر عليكم السير ولأسهل لكم البحث عنى،فأبى الرئيس ان يلقى القبض عليه وطلب منه أن يهرب إلى أى جهة شاء لئلا يقع تحت براثن حاكم فارس القاسية فأبى قبول ذلك وقال له:جزاك الله خيراً لنبالة وعظمة مقصدك ولكن لا يوجد أحد يعلم أمرى أو يطلع على خافيتى فلن احول وجهى أبداً عن أمر الله وقضائه فهو كهفى وموئلى وولي إلى أن تأتى ساعتى الأخيرة لا يقدر أحد أن يضرنى ولا أن يبطل حكم الله القادر، واذا اتت ساعتى فما أعظم سرورى بتجرّع كأس الشهادة لأجل اسمى فها أنا ذا فسلمنى ليد سيدك ولا تخف لأنه لن يلومك أحد بذلك) فأجاب رئيس الحرث طلبه وفور وصوله إلى شيراز وحضوره أمام الحاكم قال له الحاكم ألا تعلم ما جلبه عملك من مفاسد وصب جام غضبه عليه فأجاب الباب بسكون"اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". فغضب الحاكم وصاح وقال هل يجوز ان تنسب إلينا الجهل وعدم التبصر وأمر بصفع الباب على وجهه وكان الامام جمعة السيد أبو تراب حاضراً فى المجلس اذ ذاك فأمر باعادة عمامة الباب إليه وطلب منه أن يجلس بجانبه والتفت إلى الحاكم وفسر له معنى الآية وقال له أن الطريق القويم هو البحث فى هذا الموضوع باعتناء ثم الحكم فى هذه المسألة بمقتضى أحكام الكتاب وانتهى الأمر بأن أخذ من السيد على خال الباب الذى كان حاضراً فى ذلك الاجتماع كفالة باحضار ابن اخته أمام الحاكم متى أراد ولم تلبث عدوان الحاكم الخامدة حتى عادت إلى الاشتعال ثانية فإنه أمر رئيس شرطته أن يتسور حائط البيت الذى فيه الباب قبل منتصف الليل ويأتيه به ومن يجده عنده من الناس وان تضبط ما يجدوه من الكتب والأوراق بالمنزل ولكنهم لم يجدوا أحداً إلا السيد الباب وخاله وكاظم الزنجانى فأخذ السيد الباب والسيد كاظم الزنجانى إلى مركز الحكومة وكان السيد الباب يتلو(أن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) وما كان رئيس الشرطة يصل إلى السوق حتى رأى أسراباً من النعوش تمر أمامه فى الطرقات والبكاء والعويل من كل جانب لأن الوباء قد ظهر فجأة فى تلك الليلة ففى ساعة واحدة مات نحو مائة شخص فأسرع رئيس الشرطة إلى منزل الحاكم ووجد الحاكم قد غادر المنزل هو وأفراد أسرته لأن الوباء قد ضرب بعض أفراد تلك الأسرة وماتت حبشيتان فأخذ عبد الحميد مدير الشرطة الباب إلى منزله فوجد أن ابنه قد اصابه الوباء وهو على شفا جرف من الهلاك فوقع على اقدام الباب يتضرع إليه بأن ينقذ حياة ابنه وسأله أن يغفر سائر تعدياته وسيئاته وكان السيد الباب يتوضأ لصلاة الفجر فأمر أن ياخذ من ماء وضوئه من الذى يغسل به وجهه ويسقيه لولده ،فما كان من عبد الحميد خان يشاهد شفاء نجله حتى كتب للحاكم يعلمه بالأمر ويرجوه أن يترك تهجمه على الباب وان يرحم نفسه ويرحم الذين اولاه الله رعايتهم فأمر الحاكم بإطلاق صراح الباب واعطائه الحرية حيث يشاء غير أنه لا يبق فى شيراز فسافر الباب والسيد كاظم صبيحة ذلك اليوم إلى اصفهان وقبل وصولهما إليها كتب الباب إلى واليها معتمد الدولة منوجهر خان أن يهيئ له منزلاً لائقاً بنزوله فعين له الوالى بيت امام الجمعة فنزل به وأقام به أربعين يوماً ووقع بين الباب وبين العلماء مناظرات كثيرة أكثرها مدونة بالتواريخ فأدهشهم بقوة قريحته وحسن بيانه وسرعة قلمه وكان الوالي يحضر تلك المناظرات فانجذب إليه مما رأى واعتقد به وكان الباب يرتجل فى خطبه ورسائله حتى قيل أنه يكتب فى أربع ساعات ألف سطر من العربية والفارسية على غاية من جودة الخط وحسن الاسلوب فأختلف العلماء فى أمره فمنهم من صدقه وآمن به ومنهم من حكم بجنونه والأكثرون أفتوا بكفره. فنقله الوالى من بيت امام الجمعة إلى بيته واخفاه وأظهر أنه ارسله إلى طهران بأمر الشاه فبقى مختفياً فى بيت الوالى حتى توفى الوالى وتولى ابن أخيه(كوركين خان) محله فأرسل الباب إلى طهران بأمر من محمد شاه فلما صار على مرحلة منها نقل من هناك إلى قلعة (ماه كو) ثم إلى قلعة جهريق وبعد ذلك توفى محمد شاه وجلس ناصر الدين شاه على تخت المملكة وفى أثناء ذلك اشتدت الخصومة بين اتباع الباب وعلماء ايران فقاموا يداً واحدة على البابيين واتفقوا على لزوم ابادتهم فاشتبكت الحروب بينهما فى بلاد مازندران وزنجان ونيريز.(من كتاب-التبيان والبرهان)
ونتابع معاً فى المقال القادم-(خلاصة هذه الوقائع-مازندران،زنجان،نيريز)-فأنتظرونا فنحن على لقاء دائم بمشيئة الرحمن...........
No comments:
Post a Comment