عفواً يا أمة الإسلام قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما بعدكم وأنتم له كافرون وعنه معرضون-(9)
تاريخ بهاءالله
البهائيّة هي الإشراق الّذي هيّأت له الدّورة السّابقة. وأحداث الدّورتين مرتبطة، يتعذّر تحديد خطّ فاصل بينهما، إلاّ أنّ بهاء الله بيّن أنّ بعثته بدأت أيّام سجنه في سياه چال بطهران. ولكن لا يمكن تقسيم تاريخ هذه الدّورة بالبساطة الّتي اتّبعناها في الدّورة البابيّة، لأنّ أحداثها لا تقتصر على ما وقع منها في حياة بهاء الله فحسب، بل يشمل أيضًا ما أنجزه ابنه ومركز عهده عبد البهاء، ومن بعده شوقي ربّاني حفيد عبد البهاء ووليّ الأمر. وينبغي قبل تفصيل هذه المراحل أن نقدّم بكلمة عن صاحب هذه الدّورة.
بهاء الله هو الّلقب الّذي عُرف به ميرزا حسين علي النّوري، وهو سليل مجد وشرف، إذ كان أبوه ميرزا عبّاس المعروف بميرزا بزرﮒ، أحد النّبلاء المقرّبين إلى بلاط الملك فتح علي شاه، وحاكمًا على منطقة بروجرد ولُرستان. اتّصف بهاء الله منذ طفولته بحميد الخلال، وجميل الخصال، وتميّز بحدّة الذّكاء، ورجاحة العقل، والشّجاعة والإقدام، وأبدى منذ بكرة صباه كفاءة ومهارة فائقتين في حلّ أعقد المشاكل، وأظهر معرفة وعلمًا لَدُنيًّا أدهشا مَن حوله من كبار رجال الدّولة. ورغم كثرة ما عُرض عليه من مناصب الدّولة، انصرف كلّية إلى أعمال البِرّ، ورعاية المساكين، منفقًا ماله الخاص على الفقراء والمعوزين.
في بغداد
بعد محاولة الاعتداء على حياة الشّاه، قضى حضرة بهاء الله أربعة شهور سجينًا في طهران، ينتظر دوره للإعدام بصفته أحد أقطاب البابيّة، ولكن نجح بعض أصدقائه القدامى في إقناع الملك بالتّحقيق في هذا الحادث، فثبتت براءته، وأطلق سراحه، ولكن أمرت السّلطات بإبعاده، وصادرت أمواله، فقصد العراق.
بعد إقامة قصيرة في بغداد قرّر بهاء الله الاعتزال في جبال السّليمانيّة حيث انقطع متعبّدًا في خلوة دامت عامين، لم يكن أحد يعلم خلالها مكانه. وعندما عُرف مكانه إنهالت عليه التّوسّلات للعودة لجمع شملهم، وتنظيم صفوفهم من جديد.
اهتمّ بهاء الله بشرح وبيان تعاليم الباب على نحو لا يمكن أن يكون إلاّ إلهامًا إلهيًّا. ومن بين مآثر هذه الفترة رسالتين على جانب عظيم من الأهميّة، ولا زالتا آيتين من آيات الإعجاز: هما الكلمات المكنونة، وكتاب الإيقان. تتعدّى الرّسالة الأولى حدود جمال التّصوير وبلاغة اللّفظ ورقّة التّعبير، إلى عمق المعنى وسموّ الفكرة، مع شدّة الاختصار وسحر البيان، وهي موجز للفضائل والإلهيّات الّتي جاءت بها الأديان سابقًا، أو كما قدّم لها بهاء الله:
هذا ما نُزِّلَ مِنْ جَبَرُوتِ العِزَّةِ بِلِسانِ القُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ عَلَى النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلُ. وَإِنَّا أَخَذْنا جَوَاهِرَهُ وَأَقْمَصْناهُ قَمِيصَ الاخْتِصارِ فَضْلاً عَلَى الأَحْبَارِ لِيُوفُوا بِعَهْدِ اللهِ وَيُؤَدُّوا أَمانَاتِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَلِيَكُونُنَّ بِجَوْهَرِ التُّقَى فِي أَرْضِ الرُّوحِ مِنَ الفائِزِينَ.
وفي الرّسالة الثّانية يفيض بيانه الأحلى بتفسير آيات الكتب المقدّسة السّابقة على نحو يُبرز وحدة معانيها ومقاصدها، ويُلفت الأنظار إلى أبديّة الأديان، وعدم محدوديّة رسالاتها رغم محدوديّة أحكامها في حيّز زمانيّ. وخلت الرّسالتان من أيّ إشارة إلى أمره الجديد، ولكن فتح كتاب الإيقان آفاقًا فسيحة أمام الفكر الدّينيّ لكلّ المهتمّين بالرّوحانيات، مهيّئًا لإعلان ظهوره المبارك. بقي بهاء الله في بغداد قرابة عشر سنوات، علت أثناءها شكوى البلاط الفارسيّ من ازدياد نفوذه في منطقة يحجّ إليها الشّيعة من إيران، وينتهز كثير منهم الفرصة ليستطلع حقائق البابيّة. وزادت مخاوف البلاط الإيرانيّ بعد زيارة عدد من أفراده – من بينهم الأمراء – لبهاء الله في منزله المتواضع. فأمر السّلطان عبد الحميد بحضوره إلى إستنبول. وبينما كان يتأهبّ ركبه للرّحيل في ربيع عام ١٨٦٣، أعلن بهاء الله لأصحابه بأنّه الموعود الّذي بشّر به الباب، والّذي بظهوره تتحقق نبوءات ووعود الأديان السّابقة.
في أدرنة
تمتدّ المرحلة الثّانية من وقت هذا الإعلان الخاص إلى حين إبحار بهاء الله من تركيا، في طريقه إلى عكّا، وتتميّز بتطوّر المبادئ الّتي أعلنها الباب إلى أصول وأحكام مفصّلة، وإعلان دعوة بهاء الله إعلانًا عامًا على التّدريج، وإعداد رسائله الموجّهة الى ملوك ورؤساء الدّول، لإبلاغهم مبادئ العصر الجديد ونظامه العالمي، ودعوتهم للكفّ عن الحروب، والحدّ من التّسلّح، والاتّحاد والتّعاون لخير الشّعوب.
جرت أكثر أحداث هذه المرحلة في مدينة أدرنة على أرض القارّة الأوربيّة. فبعد وصول بهاء الله وصحبه إلى مدينة إستنبول في منتصف أغسطس (آب) ١٨٦٣، من رحلة دامت ثلاثة شهور ونصف على ظهور الدّواب، خلال جبال وعرة، نما إلى علمهم قرار ترحيلهم إلى أدرنة، الّتي وصلوها يوم ١٢ ديسمبر (كانون أول) من نفس السّنة. واصل بهاء الله أثناء إقامته في هذه المدينة، وطيلة السّنوات الخمس التّالية، تفصيل أصول دعوته، وشرح النبوءات والوعود الإلهيّة الخاصة بمجيئه، وتهذيب وتقويم أخلاق أصحابه وأتباعه، وبيان نظامه لحفظ الأمن في العالم، وإقامة السّلام على قواعد العدل والتّآزر، وضمّن ذلك رسائله إلى الملوك الّذين أنذرهم جمعًا وفرادى مغبّة رفض دعوته. وحاق بكلّ منهم ما أنذره مسبقا من خسران مادّي ومعنوّي – نتيجة لاستكبارهم وعدم مبالاتهم بهذه الرّسالة السّماويّة ورفضهم الانصياع لأمر الله – رغم ما كانوا عليه من عزّ مبين.
هنالك ملأ الحسد قلب أخيه لأب، ميرزا يحيى، وانتهز المناوئون الفرصة لتقّسيم الأصحاب، وشجّعوه على المضيّ في غيّه، حتى إذا ما اشتدّت حدّة الخلاف بين الأتباع، طالبوا السّلطان بإبعادهم؛ فصدر الأمر بترحيل ميرزا يحيى ومشايعيه إلى قبرص، وسجن بهاء الله وصحبه في عكّا.
في عكّا
تمتدّ المرحلة الثّالثة، من وقت وصول بهاء الله إلى سجن عكّا حتى وفاته بقربها. شهدت السّنوات الأربع والعشرون الّتي قضاها بهاء الله في عكّا ومَرجِها، إبلاغ رسائله إلى الرؤساء والملوك، ونزول الكتاب الأقدس متضمّنًا حدود وأحكام الشّريعة البهائيّة، وتفصيل نظامه العالمي، وانتشار دعوته من إيران والعراق، إلى تركيا، وروسيا، ومصر، والشّام، والهند.
أعاد سجن بهاء الله بعكّا إلى الأذهان الأحاديث المرويّة حول منزلتها. ومع ذلك لمّا ورد بهاء الله إليها يوم ٣١ أغسطس ١٨٦٨ لم يخرج أهلها مرحّبين بمن صبغ على مدينتهم هذه القداسة، ولكن اجتمعوا ليسخروا بمن وصفه فرمان ٥ ربيع الآخر ١٢٨٥ﻫ بمدّعي الألوهيّة، وقضى بدون محاكمة بالسّجن مدى الحياة على كلّ من صاحب الظّهور وأفراد عائلته، كما أنذر الأهالي مغبّة الاختلاط بهؤلاء الأشرار أو معاشرتهم. واقع الأمر أن العزلة الّتي فُرضت على بهاء الله في سجن عكّا كانت خير دعامة لهذا الظّهور المبارك، وبدأت فترة غنيّة بالتّنزيل، إذ واصل حضرته من السّجن إبلاغ دعوته إلى ملوك ورؤساء العالم، وفصّل في مئات من رسائله معالم النّظم العالمي الّذي أبدعه، وأنزل في كتاب الأقدس التّشريع الجديد، وأجاب على أسئلة المستفسرين، وحرّر كتاب عهده وميثاقه، وحدّد الهيئات والقيادات المستقبلة لإدارة أمر دينه، وبيّن وظيفة وسلطة كلّ منها، وعيّن ابنه الأرشد ليتولّى إدارة شؤون أمره وتفسير تعاليمه من بعده. وبقي في مَرْجِ عكّا حتّى صعدت روحه إلى الرّفيق الأعلى في فجر ٢٩ مايو (أيار) ١٨٩٢.
وخلال السنوات الطويلة التي قضاها في السجن أُنزل من قلم حضرة بهاء الله من الآيات الإلهيّة ما يقع في أكثر من مائة سِفْرٍ مجلّد. فأفاض علينا قلمه المبارك مجموعة من الألواح والبيانات احتوت الكتابات الصوفية، والتعاليم الاجتماعية والأخلاقية، والأوامر والأحكام، بالإضافة إلى إعلانٍ واضح صريح لا لبس فيه عن رسالته وَجَّهَه إلى الملوك ورؤساء الدول وحكامها في العالم، بمن فيهم نابليون الثالث، والملكة فكتوريا، والبابا بيوس التاسع، والشاه الفارسي، والقيصر الألماني ويلهلم الأول، والامبراطور فرانسس جوزيف النمساوي، وآخرون.
إنَّ مفهوم الطبيعة الإنسانيّة في رسالة حضرة بهاء الله يقوم على التأكيد على كرامة الإنسان وما فُطر عليه من خُلُقٍ نبيل. وفي أحد آثاره المباركة يخاطب حضرة بهاء الله الإنسان بلسان الحقّ فيذكّره بمنشأه ومنتهاه: "يا ابن الروح! خلقتك عالياً، جعلتَ نفسك دانية، فاصعد إلى ما خُلقتَ له."(١٤) ويصرّح في موضع آخر: "انظر إلى الإنسان بمثابة منجمٍ يحوي أحجاراً كريمة، تخرج بالتربية جواهره إلى عَرَصة الشهود وينتفع بها العالم الإنسانيّ."(١٥) ويعود حضرة بهاء الله فيؤكد بأنَّ كلّ إنسان قادرٌ على الإيمان بالله، وكل ما هو مطلوب قَدرٌ من التجرد والانقطاع.
"وإذا ما تَطَهّر مشام الروح من زُكام الكون والإمكان، لوجد السالك حتماً رائحة المحبوب من منازلَ بعيدة، ولَوَرَدَ من أثر تلك الرائحة إلى مصر الإيقان لحضرة المنّان وليشاهد بدائع حكمة الحضرة السبحانية في تلك المدينة الروحانية... وأما تلك المدينة فهي الكتب الإلهيّة في كل عهد... وفي هذه المدائن مخزونُ ومكنونُ الهدايةِ والعنايةِ، والعلمِ والمعرفةِ، والإيمانِ والإيقانِ لكل من في السّموات والأَرضين..."(١٦)
دخل بهاء الله مدينة عكّا سجينًا، وبقي فيها سجينًا زهاء ربع قرن – في قبضة طاغ لقبه السّلطان الأحمر لكثرة ما أراق من دماء – واتُّهم بالكفر، وتقويض أركان الدّين، وادّعاء الألوهيّة، وتضليل النّاس؛ فحذرته أهالي عكّا أوّل الأمر، ثم تتبّع النّاس حركاته، وتحرّوا أمره، واطّلعوا على دعوته، وتفحّصوا أقواله وأفعاله قرابة ربع قرن قضاها بينهم، فتبيّنوا كذب كلّ ما أشيع عنه. بذلك شهدت كلماتهم وعباراتهم حين تشييعهم جنازته وتأبينه، وبدا من كلماتهم النّدم والأسى. كانت كلماتهم بسيطة على الفطرة، فعكّا مدينة صغيرة لم تشتهر بعلم أو أدب، ولكنّها أعربت عن مشاعر فاضت بها قلوب صادقة، رغم ما كان يمكن أن يلحق بهم من أذى لمخالفتهم الإرادة السّنيّة. كتب الأستاذ جاد عيد من أهالي عكّا راثيًا بهاء الله: "... فلا محاسن فضله تدرك، ولا مآثر عدله تعدّ، ولا فيوض مراحمه توصف، ولا غزارة مكارمه تحصر، ولا كرم أعراقه ككرم أعراق النّاس. فإنّ كلّ هذه الصّفات الّتي كان فيها آية الله في خلقه لم تكن لتفي بوصف بعثته الشّريفة، فهو الإمام المنفرد بصفاته، والحبر المتناهي بحسناته ومبرّاته، بل هو فوق ما يصف الواصفون وينعت النّاعتون..."
ومن رثاء أمين زيدان:
يا إمام الهدى ونور البهـاء
أيّ لفظ يفيك حقّ العزاء
ليت شعري من لي بلفظ نبيّ
فيه أرثي علامة الأنبياء
كما كذّب المؤرخ الإسّلامي، الأمير شكيب أرسلان، المفتريات الموجّهة إلى بهاء الله، فقال: "وممّا لا جدال فيه أن البهاء وأولاده بمقامهم هذه المدّة الطّويلة بعكّا أصبحوا بأشخاصهم معروفين لدى أهالي بلادنا المعرفة التّامة، بحيث صفا جوهرهم عن أن تعتوره الجهالة، وامتنعت حقيقتهم عن أن تتلاعب بها حصائد الألسنة. أمّا البهاء فقد أجمع أهل عكّا على أنّه كان يقضي وقته معتزلاً معتكفًا، وأنّه ما اطّلع له أحد على سوء، ولا مظنّة نقد، ولا مدعاة شبهة في أحواله الشّخصيّة كلّها..."
وكتب محمود خير الدّين الحلبي، صاحب جريدتي وفاء العرب والشّورى الدّمشقيّتين: "...وانتقل حضرة بهاء الله إلى (البهجة) وواصل جهاده حتى أصبح كعبة الورّاد من جميع الجهات. وبدأت الهبات ترد عليه بكثرة من الأتباع والمريدين. ومع ذلك فما كان يتجاوز حدود البساطة وكان ينفق على الفقراء والمساكين، ويقضي معظم أوقاته بالصّلاة والعبادة..."
وفى ما يو سنة 1892لموافق 2 ذى القعدة سنة 1309 هجرية صعد حضرة بهاءالله إلى الرفيق الأعلى بعد اصابته بالحمى وعاش حضرة بهاءالله خمساً وأربعون سنة فى الدعوة وكتب وصيته وأمضاها وختمها بنفسه وفتحت بعد تسعة أيام من صعوده فتحها نجله الأكبر عبد البهاء بحضور أعضاء أسرته وبعض الاصحاب كان على مقتضى الوصية أن أصبح عبد البهاء خليفة لوالده ومبيناً لتعاليمه وهذه الوصية تسمى (كتاب عهدى) أما بعثته فكما صرح فى كتبه وألواحه هى لتوحيد العالم وجمعه على كلمة واحدة ودين واحد ونشر السلام فى العالم فلا ترفع أمة على أمة سيفاً ولا يعتدى قوم على قوم.
أما كتبه وألواحه فقد بهرت العقول بما اشتملت عليه من معارف وهى ترياق لأمراض هذا العالم المتأصلة فيه والحادثة ،والخاصة والعامة،الروحية والمادية.
فمن تعاليمه كون الدين سبب الألفة بين البشر ففيه يحيى النوع الإنسانى وهو الوسيلة للتعارف بينهم ومساعدة البعض للبعض الآخر، فو كان الدين سبباً فى العداوة والبغضاء والجفاء لكان عدمه خير من وجوده ولكان هجره خطوة فى سبيل الوحدة.
ومن تعاليمه-اتفاق الدين والعلم-فالعلم لا يتنافر مع الدين ولا يباين أحدهما الأخر وهما جناحان لرقى هذا العالم.
ومن تعاليمه-حل المشكلة الاقتصادية ؛فقد حل حضرة بهاءالله هذه المعضلة حلاً شافياً فكما ان الغنى يتمتع باللذات ،كذلك الفقير يجب أن يكون له مأوى حسناً يأوى إليه وألا يكون فى فاقة مدقعة واذا لم يتحقق ذلك فلا تذوق الانسانية طعم الراحة والهناء.
ومن تعاليمه-اللغة العمومية والخط العالمى اللذان هما أعظم وسائل السلام.
ومن تعاليمه-المحكمة العدل الدولية،فبهاءالله منذ أكثر من164 عاماً وضع هذه المبادئ وأمر بتأسيس محكمة عدل دولية عمومية تحت حماية الله ورعاية البشر كله ويجب على الكل أن يخضعوا ويطيعوا لكل ما تقرره هذه المحكمة حتى يمكن حل مشاكل كل الأمم بواسطتها.
ومن تعاليمه-التساوى أى المساواة بين الرجال والنساء ومنها نبذ التعصبات سواء كانت جنسية أو دينية أو وطنية أو سياسية. ومنها تعميم التربية بين جميع أفراد البشر وهذه هى من أهم ضروريات الدين.
ويجب على الابوين أولاً تربية طفلهما وتعليمه فإن عجزا فعلى بيت العدل أن يقوم بذلك حتى ينال كل انسان قسطه من العلم والمعرفة.
ومن تعاليمه-امره بالاشتغال بالحرف والصائع والتجارة ونحوها وجعل ذلك جزءاً من العبادة ونهاهم عن البطالة والكسل وأمرهم بحب الخلق على اختلاف أديانهم وأجناسهم وحثهم على امتثال قوانين الدولة التى هم تحت رعايتها واطاعة الملوك ذوى العدل وعدم الدخول فى الأمور السياسية والحزبية ،وفرّق بين المعاملات والعبادات فأرجاء حكم العبادات إلى الكتاب والمعاملات إلى بيت العدل ونهى عن تأويل الكتاب وخصه بولى الأمر إلى غير ذلك مما يعسر حصره.
ع- هل بهاءالله ادعى أنه مرسل من عند الله لعباده وهل صرح بذلك فى كتبه؟؟
س- نعم صرّح أنه مرسل من عند الله لجميع البشر وصرح بذلك فى كتبه وألواحه منها فى الكتاب الذى أرسله لناصر الدين شاه ومنها لوح (باسم الذى بذكره تحيى قلوب أهل الملأ الأعلى) المطبوع فى محموعة اللواح المباركة وفى غيره من الألواح.
بسم الذی بذکره تحيی قلوب أهل الملأ الأعلی
سبحانک اللّهمّ يا إلهی تشهد و تری کيفَ ابْتُلِيتُ بين عبادک بعد الّذی ما أردتُ الّا الخضوعَ لدی باب رحمتک الّذی فتحته علی من فی أرضک و سمائک * و ما أمرتهم الّا بما أمرتنی و ما دعوتُهم الّا بما بعثتَنی به * فو عزّتک ما أردتُ أن أسْتَعلی علی أحد بشأن من الشّئون و ما أردتُ أن أفتخرَ عليهم بما أعطيتَنی بجودک و افضالک لأنّی لا أجد يا إلهی لنفسی ظهوراً تلقاء ظهورک و لا أمراً الّا بعد اذنک و ارادتک بل فی کلّ حين نطق فؤادی يا ليت کنتُ تراباً تقع عليه وجوه المخلصين من أحبّائک و المقرّبين من أصفيائک * لو يتوجّه ذو أُذُن الی أرکانی لَيسمعُ من ظاهری و باطنی و قلبی و لسانی و عروقی و جوارحی يا ليت يظهر منّی ما تفرح به قلوب الّذين ذاقوا حلاوةَ ذکر ربّی العليّ الأعلی و يَصعدُ بِندائی أحدٌ الی جبروت أمرک و ملکوت عرفانک يا من بيدک ملکوتُ البقاء و ناسوتُ الانشاء * وان قلتُ اليَّ اليَّ يا ملأ الانشاء ما أردتُ بذلک الّا أمرَک الّذی به أظهرتنی و بعثتنی لِيتوجّهنَّ الکلُّ الی مقرّ وحدانيّتک و مقعد عزّ فردانيّتک * و أنت تعلم يا محبوبَ البهاء و مقصودَ البهاء انّه ما أراد الّا حبّکَ و رضاءَک و يريد أن تطهّرَ قلوبُ عبادک من اشارات النّفس و الهوی و تُبلِّغهم الی مدينة البقاء ليتّحدوا فی أمرک و يجتمعوا علی شريعة رضائک * فو عزّتک يا محبوبی لو تُعذِّبنی فی کلّ حين ببلاءٍ جديد لأحَبُّ عندی بان يَحدُثَ بين أحبّائک ما يکدّرُ به قلوبهم و يتفرَّق به اجتماعهم لأنّک ما بعثتنی الّا لاتّحادهم علی أمرک الّذی لا يقوم معه خلق سمائک و أرضک و اعراضِهم عمّا سواک و اقبالِهم الی أُفق عزّ کبريائک و توجّههم الی شطر رضائک * اذاً فانزل يا الهی من سحاب عنايتک الخفيّة ما يُطهِّرُهم عن الأحزان و عن حدودات البشريّة لِيجدَنّ منهم أهلُ الملأ الأعلی روائحَ التّقديس و الانقطاع * ثمَّ أيّدهم يا إلهی علی التّوحيد الّذی أنت أردتَه و هو أن لا ينظر أحد أحداً الّا و قد ينظر فيه التجلّيَ الّذی تجلّيتَ له به لهذا الظّهور الّذی أخذتَ عهده فی ذرّ البيان عمّن فی الأکوان * و من کان ناظراً الی هذا المقام الأعزّ الأعلی و هذا الشّأن الأکبر الأسنی لن يستکبِرَ علی أحد * طوبی للّذين فازوا بهذا المقام انّهم يعاشرون معهم بالرّوح و الرَّيحان * و هذا من التَّوحيد الّذی لم تزل أحببتَه و قدَّرته للمخلصين من عبادک و المقرَّبين من بريَّتک * اذاً أسألک يا مالک الملوک باسمک الّذی منه شرَعتَ شريعةَ الحبّ و الوداد بين العباد بان تُحدِثَ بين أحبّائی ما يجعلهم متَّحدين فی کلّ الشّئون لِتظهرَ منهم آيات توحيدک بين بريّتک
و ظهورات التّفريد فی مملکتک * و انّک أنت المقتدر علی ما تشاء * لا إله إلّا أنت المهيمن القيّوم *
ومازلنا مع هذه السلسلة من مقالات –(عفواً يا أمة الإسلام..............)وإلى لقاء قادم...
No comments:
Post a Comment