عفواً يا أمة الإسلام قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما بعدكم وأنتم له كافرون وعنه معرضون –(10)
بماذا يميز بين الصادق والكاذب
من مدعى الرسالة
ع-كيف نميز بين الصادق والكاذب من مدعى الرسالة؟
س- فى القرآن الكريم طرق متعددة للتمييز بين الصادق والكاذب من مدعى الرسالة وأورد لك منها ثلاثة طرق :-
الطريق الأول-من ادعى ان الله سبحانه وتعالى ارسله لعباده بتشريع جديد فاستجاب الناس لدعوته وانتصر على من قاومه وكذّبه وناوأه وكوّن أمة جديدة فذاك هو الرسول الصادق فنصر الله له وتأيه إياه هو برهان صدقه فذاك هو المتقول على الله تعالى وخذلانه هو دليل تقوله على الله عز وجل وافترائه عليه وتلك سنة الله فى خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
الطريق الثانى-كتبه وصحفه المنزلة قال تعالى ( أو لم يكفهم أنا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) (العنكبوت:51).
الطريق الثالث-البشائر التى جاءت بها الكتب السماوية السابقة قال تعالى (وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أو لم تأتهم بينة ما فى الصحف الاولى)(طه:132) فهذه طرق ثلاث كل واحد منها دليل وبرهان قائم بنفسه.
ع-أليس من ادعى الرسالة أن يأتى بالمعجزة الحسية الظاهرة كقلب العصا حية وفلق البحر وخروج الناقة؟
س- هذه المعجزات لا تفيد تصديقاً ولا تدعو للإيمان وليست هى شرط فى صحة الدعوى قال تعالى (وما منعنا ان نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ولآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً) (بنى اسرائيل:59) وقال جل من قائل (وقالوا لولا اوتي مثل ما اوتى موسى أو لم يكفروا بما اوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا{قوله سحران تظاهرا يريدون موسى ومحمداً عليهما السلام}(القصص:48) ذلك لأنهم كانوا يعللون ما يرونه من تلك الآيات بالسحر كالشعوذة وأمثالها قال تعالى (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون*لقالوا إنما سكّرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون)(الحجر:14،15) وقال تعالى (ولو نزّلنا عليك كتاباً فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)(الانعام:7) وهذه المعجزات وامثالها لا تؤثر فى الأمم ولا تكسبهم شيئاً من التصديق برسلها ومع ذلك فقد اجاب بهاءالله طلب العلماء الذين اجتمعوا فى النجف وكربلاء فى الكاظمية-وأرسلوا أحدهم وهو الشيخ حسن عمو بطلب معجزة منه قطعاً لعذرهم وحجتهم وطلب منهم ان يكتبوا كتاباّ وان يتفقوا على شيئ واحد فيظهره لهم زعليهم حينئذ ان يؤمنزا به وان لم يظهره فباطل ما يدعى، فلم يتفقوا على شيئ فالبعض منهم قال لا نؤمن وان أظهر معجزة فماذا يدرينا لعلها سحر والآخرون كل واحد منهم اقترح اقتراحاً غير الاقتراح الذى اقترحه صاحبه وهؤلاء فعلوا كما فعلت قريش مع محمد(ص) حذو الفذة بالفذة كما أخبر الله سبحانه وتعالى بقوله (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة) (المدثر:52) وذلك أن قريشاً قالت للنبى(ص) لن نتبعك حتى تأتى كلاً منا بكتاب من السماء فيه من الله إلى فلان أن اتبع محمداً (1).
ولو فرضنا ان هذه المعجزات الظاهرة هى أعظم برهان على صدق الرسل لكانت حجة على شاهدها لا على من لم يشاهدها أما الرواية عنها ونقلها فى المدونات فلا يكفى لأنها تعارض بمثل ما ينقل عن الاصنام والذابين من مدعى الرسالة من خارق العادات فكيف لطالب الحق أن يميز بين الروايتين وكلاهما خبر يحتمل الصدق والكذب وكلاهما منقول بالالسنة فى الكتب وبماذا يرجح ما جاء عن موسى عليه السلام على ما جاء عن الحارث الكذاب الدمشقى مثلاً فلاجل ذلك لم تكن هذه المعجزات برهاناً يعتد به أما ذوى العقول الراجحة والافهام السليمة من أهل البصيرة فيعتبرون جميع ما يصدر من الرسول فى زمانه معجزات لأنها تمتاز عمّا سواها فما دامت ممتازة فهى خارقة للعادة لأن مرتبة الرسالة هى فوق مرتبة الانسان وحركات الرسل معجزة للانسان كما أن حركات الانسان معجزة للحيوان.
قال العلامة الشهرستانى فى كتابه(نهاية الاقدام) "من اصطفاه الله عز وجل لرسالته من عباده واجتباه لدعوته كساه ثوب جمال فى ألفاظه وأخلاقه وأحواله وما يعجز الخلائق عن معارضته بشيء من ذلك فتصير جميع حركاته معجزة للناس كما صارت حركات الناس معجزة لمن دونهم من الحيوانات ويكون مستتبعاً جميع نوع الانسان كما صار الانسان مستسخراً جميع أنواع الحيوانات.
(الله يصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس)(الحج:75)
(رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)(النساء:164).
فلذلك كان ما يصدر من رسل الله من أقوال وأفعال تؤثر فيمن سبقت له العناية من الله تعالى فينقادون لطاعتهم ويستجيبون لامرهم وأما الكاذبون المدعون الرسالة كذباً وتقولاً عليه تعالى فمهما بلغوا شأواً من العلم والدراية واوتوا من قدرة وذلاقة فى اللسان فحبوط مسعاهم وخذلانهم أمر محقق الوقوع.
ونتابع معاً فى المقال القادم-براهين الطريق الأول...فإلى لقاءنا القادم......
No comments:
Post a Comment