كتاب بين يدي
محمد: خاتم النبيين!
للدكتور محمد ابراهيم خان
سوف نتناول معاً كتاب خاتم النبيين ونقف على المعنى الحقيقي لمعاني الكلمات التي وردت بالآيات الكريمة بالقرآن الكريم وحار فيها العلماء في الدين-فكونوا معي كي نقف على المعنى الصحيح وما يقبله العقل وبما آتت به الآيات الكريمة-سيكون لقاءنا من خلال مقالات اصدرها من هذا الكتاب الذي بين يدي.
خاتم النبيين
ماهو المعني الحقيقي لهذه العبارة؟
"وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى". (سورة النَّجم آية 39).
"وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ". (سورة العنكبوت آية 6).
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ".. (سورة العنكبوت آية 69).
المقدّمة
لا يمكننا الإنكار بأن البيئة التي نعيش فيها لها دورٌ كبير في التأثير على المعتقدات والتقاليد والعادات وتوجيهها. فلذلك نجد أن الأغلبية الساحقة من المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس يتبعون معتقدات أجدادهم.
فكل ما قيل لنا منذ الطفوله كان منطلقاً لتوجيه معتقداتنا وآمالنا – أي رؤيتنا للواقع. فلو وُلِد طفل لعائلة مسيحيّة متشدّدة وقيل له طوال حياته بأنَّ المسلمين ليس لهم "خلاص" وأن كل صلواتهم لله غير مقبوله لأن إلاههم ليس هو الرّب الحقيقي، فهل في مقدور هذا الشخص أن لا يصدّق والديه أو راعي الكنيسة!.
ولنتطرق الآن إلى موضوعنا الأساسي. ماذا سيكون رد فعل الشخص الذي عاش طوال حياته بفكره الموروث بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء ولن يأتي رسول آخر من بعده. ثم نقول له اليوم بأن القرآن الكريم يتنبّأ بمجئ رسول جديد بعد سيدنا محمد؟ فهل سيكون هذا الشخص أكثر تفهماً وتقبلاً لنبأ ظهور رسول جديد؟ هذا الكتاب سوف يُظهر لنا بوضوح بأن خطأ التفسير لمفهوم كلمة واحدة – خاتم – كان سببًا في جمود مُفرط وغير مرن للفكر فأصبح كالجبل الثابت. ولكن بقراءتك لهذا الكتاب سوف ترى بأن هذا الجبل يتوارى ويتلاشى تدريجيّا! وعند انهيار الجبل سوف تظهر لك جواهر نيّرة بديعة – كنوز ظلّت محتجبة عن المسلمين جميعاً والسبب هو فى أحرف قليلة لا تتعدى الأربعة والتى تتكون منها كلمة (خاتم) – خ ا ت م – جرفت بنا ونالت منا حتى هذا العصر!
من المؤكد أن بعض المسلمين يرفضون وجود هذه الجواهر، ذلك لأن الفكرة في وجود رسول بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تماماً بالنسبة لهم. كما نجد أن البعض الآخر منهم يرون البهجة والسرور في اكتشاف هذه الجواهر المخفيّة. فهكذا منذ البدء كان الاختلاف في المفاهيم موجود بين العباد وسيظل إلى الأبد، فهذه سُنة الله ولن تجد لسنته تبديلا ولا تحويلا.
لمعرفة المفهوم الحقيقي لعبارة أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو : خاتم النبيين, نجد بأن هذا السياق يرتكز على أساسين من الدلائل:
▪ حكم المنطق
▪ تعاليم القرآن الكريم
إن كلا الاتّجاهين مطلوبان لمعرفة المعنى الحقيقي لـ "خاتم النبيين"، فكما أن الصورة المقطّعة إلى أجزاء صغيرة، حينما يجتمع كل جزء منها مع الجزء المناسب له تظهر الصورة مكتملة الشكل فى النهاية وندرك ما فيها، كذلك حين نقوم بالتأمل في الآيات القرآنية ونقوم بنظرة شمولية فسوف تَكشِفُ لنا هذه الآيات عن المعنى الحقيقي والمراد من عبارة خاتم النبيين. فماذا يمكن أن تخسر إذا وصلتك رؤيا ومفهوم جديد فى الآيات القرآنية عن موضوع "خاتم النبيين" ؟ هل ستُضعِف هذه النظرة الجديدة إيمانك؟ لا! على العكس، ستقوى وتتّسع معرفتك وتقديرك وإيمانك بكتاب الله العظيم ألا وهو القرآن الكريم.
سوف نجد أن بعض الآيات القرآنية، مع الأسف، لم يُفهَم معناها الحقيقي وأُسيء تفسيرها. ألم يكن هذا هو الوضع مع جميع الكتب السماويّة الأخرى؟ ألم يسيء اليهود تفسير التوراة؟ ألم يسيء المسيحييون تفسير الإنجيل؟ إذًا فماذا يمنع المسلمون من الوقوع في الخطأ نفسه؟ هل من المعقول أن نغلق أذهاننا عن أفكار وآراء جديدة تُعرَض علينا؟ هل من الممكن أن نتغاضى عن هذه الآية من القرآن الكريم:
فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ. " (سورة 39, الآية: 17-18).
لماذا لم يعترف المسيحييون بأن الإسلام رسالة سماويّة؟ إذا طبّقوا الآية السابقة واستمعوا إلى رسالة سيدنا محمد(ص) فسوف يعترفون بأنها رسالة سماوية.
لماذا ينقسم الإسلام إلى سنّة وشّيعة وفرق متعددة ؟ هل درسوا عقائد بعضهم البعض بعقل متفتّح؟ هل سيظلّون منقسمين إذا اتبعوا المعنى الصحيح الصائب لأحكام القرآن الكريم؟!
ما هي الديانة التي يتبّعها معظم الناس؟ ألم تكن هي ديانة آبائهم؟ إذا كنت مسلماً، فاسأل نفسك هذه الاسئلة: ما هي نسبة إمكانية أن أكون مسلماً إذا ولدتُ لأب حاخام يهودي في اسرائيل، أو لمبشّر مسيحي في تكساس، أو لأب شيوعي في روسيا، أو لملحد في الصين؟ وما هي نسبة إمكانية البابا أن يكون مسيحيّا إذا ولد لعائلة مسلمة في مكّة أو عائلة هندوسية في بنجلور؟
يعلمنا القرآن الكريم – أعظم كتاب للمعرفة والحكمة الإلهية – ألاّ نتّبع أي معتقدات ببساطة وذلك لأنها معتقدات أبائنا:
" وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ " (سورة 34, آية: 43).
"إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ". (سورة 37, آية:69،70).
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ " (سورة 2, آية 170).
تأمل أيضاً الآيات التالية:
سورة 43, آية: 22؛ سورة 5, آية: 104 ؛ سورة 11, آية: 62, 87 ؛ سورة 10, آية: 78.
"وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ " (سورة 26, آية: 5).
" وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى .....".(سورة 35, آية: 18).
تأمل أيضاً الآيات التالية:
سورة 7, آية: 39 ؛ سورة 53, آية: 38-39 ؛ سورة, 39 آية: 7-41.
ما هي العقبات التي تواجهك عند محاولتك إثبات أن الدين الإسلامي هو دين سماوي لشخص مسيحي ؟ ألا تكون إجابته لك حسب التعاليم الدينية والمعتقدات التي توارثها من آبائه وراعي الكنيسة؟ ألا يحمل كل شخص منا مثل هذا الموروث؟ هل في استطاعة أي شخص الادّعاء بأنه ليس مقيداً بموروثه؟
إن الآيات القرآنية التي استشهدنا بها، إضافة إلى معتقداتنا وتجاربنا في تبليغ ديننا إلى أتباع الأديان الاخرى، كل ذلك يعلمنا درساً نعرفه بإحساسنا الروحي، حتى لو حاولنا إنكاره أحياناً، وهو أنه لا يمكن إضافة نقطة واحدة لكوب ممتلىء بالماء أو طافح بما فيه. ولكي نكون منصفين في رأينا لهذا الموضوع الهام أي مفهوم عبارة "خاتم النبيين" – من الواجب علينا أن نضع جانباً كل ما تعلّمناه وتوارثناه من الماضي. وأن لا نسمح لآرائنا السابقة إجحاف عقولنا وقلوبنا بما سوف نقدّمه من وقائع وحقائق في هذا الكتاب. وعلينا أيضاً أن نبدأ بحثنا بقلوب صافيه مجردة ،كالقاضي أو هيئة المحلّفين،. فإذا بدأنا بحثنا بمخزوننا من التصورات والانطباعات السابقة فسوف يكون كل ما عرفناه في الماضي هو شيء مسلّم به، ومن المستحيل الوصول إلى الحقيقة.
إن الناس في جميع العصور كانوا يكرهون الحقيقة، فهل عصرنا هذا مستثنى من ذلك؟
"لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ". (سورة 43, آية: 78).
إن كل فصل من هذا الكتاب مثل قطعة من الصورة الكاملة(puzzle) ـــ المجزءة إلى قطعٍ أصغر والتي لا تكتمل دلالتها إلا عند اكتمالها ـــ ولكي ترى الصورة بأكملها يجب عليك إرجاء الرأي إلى أن تنتهي من قراءة كل الفصول، عندها ستشهد ظهور السر العظيم للقرآن الكريم فتستطيع حينها أن تقرر ما إذا كان هذا الكتاب يستند على وقائع متينة أم مبني على مجرد خيال.
وكونوا معي في أول مقال قادم من الكتاب كي نقف على المعنى الصحيح....................................
No comments:
Post a Comment